عودة الاشتباكات إلى طرابلس وتجدد مخاوف الليبيين من تصاعد العنف

«الجيش الوطني» يكشف مخططاً لنقل إرهابيين من سوريا

عودة الاشتباكات إلى طرابلس وتجدد مخاوف الليبيين من تصاعد العنف
TT

عودة الاشتباكات إلى طرابلس وتجدد مخاوف الليبيين من تصاعد العنف

عودة الاشتباكات إلى طرابلس وتجدد مخاوف الليبيين من تصاعد العنف

عاد القتال مجدداً بين الميليشيات المتناحرة على السلطة ومناطق النفوذ في العاصمة الليبية طرابلس، مساء أول من أمس، دون أن يتم الإعلان عن حصيلة الخسائر المادة والبشرية لهذه الاشتباكات. لكن لجنة شبه حكومية أعلنت، أمس، أنها توصلت إلى وقف مؤقت لإطلاق النار عقب الاشتباكات التي جرت في الضاحية الجنوبية للمدينة. وفي غضون ذلك، عبّر الجيش الوطني الليبي عن مخاوفه من تسلل محتمل لآلاف العناصر الإرهابية من روسيا إلى ليبيا.
وأعلن رمضان زرموح، رئيس اللجنة المشرفة على متابعة تنفيذ الترتيبات الأمنية التي أقرتها مؤخراً حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، وبعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، أن أطراف النزاع في طرابلس وافقت على وقف إطلاق النار وفتح الطريق أمام مساعي رجال المصالحة، مشيراً إلى أن قوة الأمن المركزي «أبو سليم» وافقت على وقف إطلاق النار بعد اجتماع مع اللجنة، التي قال إنها ستتوجه لاحقاً إلى ترهونة لعقد لقاء مع قادة اللواء السابع بهدف تثبيت التهدئة، وإعادة الوضع إلى طبيعته.
ويعد هذا هو أحدث خرق من نوعه لخطة حكومة السراج بشأن تثبيت وقف إطلاق النار في المدينة، التي شهدت خلال سبتمبر (أيلول) الماضي اشتباكات دامية، سقط فيها المئات ما بين قتيل وجريح، قبل أن تنجح بعثة الأمم المتحدة في إقناع الميليشيات المسلحة بإنشاء آلية لوقف إطلاق النار.
واندلعت المعارك بين قوة للأمن المركزي واللواء السابع في المنطقة المحصورة ما بين كوبري قصر بن غشير إلى جزيرة القصر، جنوبي العاصمة طرابلس، على مقربة من الطريق المؤدية إلى مطارها الدولي، وسط اتهامات لقوات الأمن اللواء السابع بخطف ثمانية من العناصر المكلفين حماية المطار.
وأعلن «اللواء 22»، التابع للواء السابع، أن منطقة المطار تعد بمثابة منطقة عسكرية إلى حين خروج التشكيلات المسلحة من منطقة المطار، مؤكداً منع دخول المطار من قبل الميليشيات مهما كان ولاؤها وتبعيتها.
وعلى الرغم من أن وسائل إعلام محلية أكدت تورط اللواء السابع في القتال، فإن متحدثاً رسمياً باسم اللواء السابع نفى لـ«الشرق الأوسط» صحة هذه المعلومات، وتساءل: «طالما أن اللواء السابع يتهم بكل شيء يحدث في جنوب طرابلس... أتساءل بالمنطق ذاته: أليست كل مشكلات طرابلس من ميليشياتها».
موضحاً أن المجموعة المتورطة في الاشتباكات هي «كتيبة البركي»، التي ترجع أصولها إلى ترهونة.
بدوره، أكد محمد عبد الله، عميد المجلس البلدي لقصر بن غشير، أن الهدوء ساد أمس في المنطقة، لافتاً إلى أن المؤسسات العامة والمدارس والمصارف تعمل بشكل طبيعي، حيث نقلت وكالة الأنباء الموالية لحكومة السراج عنه قوله: إن المدارس فتحت أبوابها لاستقبال الطلاب بشكل اعتيادي، بينما تسعى مصارف المدينة لانتظام عملها.
في غضون ذلك، قال العميد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني، أول من أمس: إن لدى الجيش ما وصفه بمعلومات قوية تؤكد أنه سيتم نقل الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا عن طريق السودان.
وحذر المسماري من تسلل محتمل للإرهابيين من سوريا تجاه ليبيا، بعد تضييق الخناق عليهم، موضحاً في مؤتمر صحافي عقده في بنغازي بشرق البلاد، أن «محافظة إدلب شمال سوريا تضم حالياً أكثر من 18 ألف إرهابي، منهم ليبيون وعدد آخر من جنسيات عربية مختلفة... والمعلومات تؤكد أنه في حال استمرار قوات الجيش السوري بالضغط عليهم، فإنه سيتم إخراجهم إلى السودان، ومنها نحو ليبيا ودول أخرى في أفريقيا»، مشيراً إلى أنه على الرغم من وجود حظر على توريد السلاح للجيش الليبي، فإن الأخير يملك قدرات استطلاعية جوية وبرية، تمكنه من الرد على أي تهديد محتمل.
واعتبر المسماري أن حضور وفدي تركيا وقطر إلى مؤتمر باليرمو حول ليبيا مؤخراً، جاء لحماية مصالح الجماعات الإرهابية التي يدعمونهما في ليبيا، لافتاً إلى أن المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش، أوضح خلال الاجتماع، أن «الحرب في ليبيا هي بين الليبيين والإرهاب، وليس بين الليبيين»، وطلب من مصر وتونس والجزائر بهذا الخصوص المشاركة والتنسيق في حماية الحدود. موضحاً أنه سيستمر في منصبه قائداً عاماً للجيش إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، كما دعا مصر إلى الاستمرار في متابعة المفاوضات، الرامية إلى توحيد المؤسسة العسكرية الليبية.
في سياق ذلك، تحدث المسماري عن انطلاق المحاكمة العسكرية لعدد من الإرهابيين للمرة الأولى، مشيراً إلى صدور أحكام براءة بحق 65 من المتهمين في قضايا إرهاب، في مقابل الحكم على أحد الإرهابيين بالإعدام. كما حكم على اثنين من الإرهابيين بالسجن 20 عاماً مع الأشغال الشاقة، وإرهابي واحد بالسجن 10 أعوام للمشاركة في تنفيذ أعمال إرهابية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».