الجزائر: غموض يلف أسباب استقالة زعيم حزب الأغلبية

الرواية الرسمية عزتها إلى «أسباب صحية»... ومراقبون اعتبروها نتيجة صراع مع وزير العدل

TT

الجزائر: غموض يلف أسباب استقالة زعيم حزب الأغلبية

أعلن، أمس، في الجزائر عن تنحي جمال ولد عباس من الأمانة العامة لحزب الأغلبية (جبهة التحرير الوطني) «لأسباب صحية». لكن المتتبعين لتطورات الأحداث السياسية يرجحون عزله من هذا المنصب بسبب ملاسنة حادة مع وزير العدل الطيب لوح، سببها رئيس الوزراء أحمد أويحيى.
وأبلغ قياديون في الحزب صحافيين، تنقلوا أمس إلى مقره بالعاصمة، أن ولد عباس «أصيب في الصباح بأزمة قلبية تستدعي خلوده للراحة لمدة طويلة»، ويفهم من ذلك أنه لن يعود إلى قيادة الحزب. وبحسب القياديين أنفسهم سيتولى المنصب «مؤقتاً» رئيس البرلمان معاذ بوشارب، الذي ينتمي إلى الحزب. غير أن مقربين من ولد عباس نقلوا عنه أن «قراراً بعزله صدر من أعلى جهة في الدولة»، من دون توضيح الأسباب.
واللافت أن ولد عباس كان كثير النشاط والتنقل بين المحافظات خلال الأيام الأخيرة، وذلك في سياق الترويج لترشح الرئيس عبد العزيز لولاية خامسة. كما يعدّ ولد عباس أكثر قيادات الأحزاب الموالية لبوتفليقة حماساً لفكرة التمديد له في الحكم بمناسبة رئاسية 2019.
وجرى تنحي (أو عزل) ولد عباس (84 سنة) بعد ساعات قليلة من تصريحات نارية أطلقها على أعمدة صحيفة محلية ضد الطيب لوح، وزير العدل وقيادي «جبهة التحرير»، حيث تبرأ منه ورفع عنه الغطاء السياسي، الذي كان يوفره له الحزب بقوله إن هجوماته ضد رئيس الوزراء «تلزمه وحده»، مشيراً إلى أن لوح «تحدث كوزير وليس كعضو في اللجنة المركزية للحزب... والحزب لا يشاطر ما قاله بخصوص السيد أويحيى».
وقبل أسبوع نظم لوح في مدينة وهران (غرب) تجمعاً كبيراً لتنظيمات وجمعيات، تدعم ما يعرف بـ«برنامج رئيس الجمهورية». وأثناء حديثه عن «الإصلاحات التي أدخلها الرئيس في جهاز القضاء، ونتائجها على صعيد تعزيز دولة القانون»، هاجم أويحيى مستعيداً بعض أحداث تسعينات القرن الماضي حينما كان رئيساً للحكومة، حيث أطلق أويحيى في تلك الفترة حملة لـ«أخلقة الحياة العامة»، كان من نتائجها سجن مئات الكوادر التي سيرت شركات عمومية بتهم فساد. وبعد فترة سجن قصيرة برأتهم المحكمة، وأشيع يومها أنهم كانوا ضحايا تصفية حسابات بين عصب في النظام. وحمّل لوح القيادي أويحيى، دون ذكره بالاسم، تلك الأحداث، واتهمه بـ«التعسف»، وقال إن «ظلم الكوادر لن يتكرر في عهد الرئيس بوتفليقة».
أكثر من هذا، ذكر لوح أن بوتفليقة ألغى رسوماً على وثائق بيومترية اقترحتها الحكومة في قانون المالية 2018. وكان يقصد بكلامه أن أويحيى «ضد مصلحة المواطن البسيط»، وأن الرئيس «أوقفه عند حده». ونتيجة لذلك؛ غضب رئيس الوزراء بعد هذه التصريحات، وأصدر الحزب الذي يقوده (التجمع الوطني الديمقراطي) بياناً، اتهم فيه لوح بـ«التطاول» و«الافتراء» على رئيس الوزراء.
ويبدو أن وقوف ولد عباس في صف أويحيى ضد وزير العدل لم يعجب رئاسة الجمهورية، فقررت عزله، حسب بعض المراقبين. علماً بأن رئيس «جبهة التحرير» هو بوتفليقة الذي عيّن ولد عباس أميناً عام سنة 2016، خلفاً لعمار سعداني، الذي غادر المنصب لـ«أسباب صحية». لكن حتى اليوم لا تعرف الأسباب الحقيقية لإبعاده.
وتحمل تنحية ولد عباس دلالة بأن لوح يحظى بثقة الرئاسة، وبالتالي ما كان سيهاجم أويحيى لولا إيعاز منها. لكن ما الذي ارتكبه أويحيى حتى يستحق ذلك الكلام الحاد من أحد وزرائه؟ هل طموحه المفترض في الرئاسة هو من جلب عليه السخط؟
أسئلة كثيرة يطرحها المتتبعون، تعكس الغموض الذي يلف هذه القضية تماماً، مثل الضبابية التي تحيط بانتخابات الرئاسة المرتقبة بعد 5 أشهر؛ إذ لا أحد يعرف على وجه التحديد إن كان بوتفليقة يريد الاستمرار في الحكم.
ويستغرب مراقبون أن يكون الرئيس غاضباً من رئيس وزرائه، فقد أوفده قبل 48 ساعة لتمثيله في «قمة باليرمو» حول الأزمة الليبية. وقبل ثلاثة أيام حضر نيابة عنه احتفالات نهاية الحرب العالمية الأولى في باريس، وهو مؤشر ثقة بين الرجلين. كما أن أويحيى لا يفوت أي فرصة إلا ويشيد فيها ببوتفليقة وسياساته. وقد صرح في مناسبات كثيرة بأنه «يتمنى من الرئيس أن يكمل مسيرته بالترشح لولاية خامسة».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.