قانون كشف مصير مفقودي الحرب اللبنانية «انتصار معنوي» لعائلاتهم

أُقرّ بعد طول انتظار... وشكوك حول المحاسبة واعتراف النظام السوري بالمعتقلين لديه

صورة تناقلتها وسائل التواصل لتظاهرة تطالب بكشف عن مصير مفقودي الحرب أمام مجلس النواب أول من أمس
صورة تناقلتها وسائل التواصل لتظاهرة تطالب بكشف عن مصير مفقودي الحرب أمام مجلس النواب أول من أمس
TT

قانون كشف مصير مفقودي الحرب اللبنانية «انتصار معنوي» لعائلاتهم

صورة تناقلتها وسائل التواصل لتظاهرة تطالب بكشف عن مصير مفقودي الحرب أمام مجلس النواب أول من أمس
صورة تناقلتها وسائل التواصل لتظاهرة تطالب بكشف عن مصير مفقودي الحرب أمام مجلس النواب أول من أمس

بعد نحو ثلاثين سنة، خرج قانون المخفيين قسراً والمفقودين من أدراج لجان مجلس النواب، بإقراره حق كشف مصير الآلاف منهم في الحرب الأهلية، وملاحقة المسؤولين عن اختفائهم في الجلسة التشريعية، مساء أول من أمس.
هذا القانون الذي بات اليوم أمام امتحان التنفيذ في ظل الواقع السياسي في لبنان، شكّل بارقة أمل بالنسبة إلى أهالي المفقودين الذين فارق بعضهم الحياة، وتعهد من بقي منهم أن يستمر في قضيته إلى آخر يوم من عمرهم.
في الشكل، سلك القانون الذي لاقى ترحيباً من مختلف القوى السياسية والمنظمات الحقوقية، طريقه الصحيحة وإن متأخراً، أما في المضمون وفي الظروف التي يفترض أن تتأمّن لتنفيذه، فهنا الشكوك كثيرة وبخاصة لجهة المحاسبة وإمكانية العثور على كل المفقودين، أو اعتراف النظام السوري بالمئات الموجودين في سجونه؛ ما جعل وزير العدل السابق إبراهيم نجار يصفه بـ«الانتصار المعنوي الأكثر منه عملي، وبخاصة لجهة عملية الشروع بالملاحقات».
ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أي قانون كهذا ليس له أي معنى إذا لم يكن مقروناً بقاعدة عدم مرور الزمن على الأفعال الجرمية»، مثنياً في الوقت عينه على إقرار بند إنشاء الهيئة الوطنية.
وإضافة إلى أن التدقيق في مواد القانون، يظهر خلوها من هذه العبارة؛ ما يضع علامة استفهام حولها، يقول نجار: «وفق خبرتي وانطلاقاً من لقاءاتنا في سوريا خلال مرافقتي رئيس الحكومة سعد الحريري عام 2010 إلى دمشق، حيث طرحنا القضية ومعلوماتي والمعطيات المتوفّرة، يمكننا أن نكون متأكّدين أن النظام السوري سيكرّر ما سبق أن أعلنه بأنه لا يوجد لديه معتقلون».
ولا يختلف رأي علي أبو دهن، رئيس «لجنة المعتقلين السياسيين اللبنانيين المحررين من السجون السورية»، عن رأي الوزير نجار مع ترحيبه به وتمنّيه أن يكون مناسبة لطي صفحة الماضي، داعياً إلى إعلان هذا اليوم بـ«حداد وطني».
لكن في الوقت عينه، يتوقّف أبو دهن، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عند نقطة المحاسبة التي نص عليها، معتبراً «أنها صعبة التنفيذ في ظل وجود الأحزاب في السلطة، وهي في الوقت عينه، إذا نفّذت لن تكون إلا نوعاً من الفتنة وعودة الكراهية بين اللبنانيين الذين شارك معظمهم بالحرب».
ويعتبر «أن البنود المتعلقة بالدولة اللبنانية، وتحديداً حيال إنشاء الهيئة الوطنية والتحقيق من هوية الرفات وغيرها، كلّها أمور قابلة للتحقيق، بينما تبقى قضية المعتقلين في السجون السورية، القضية الأصعب». ويقول: «من بين نحو 17 ألف مفقود ومخفي هناك 627 شخصاً موثقون بالأسماء لدى السلطات اللبنانية ولم تعترف بهم السلطات السورية».
وتفيد تقديرات منظمات حقوقية والسجلات الرسمية اللبنانية باختفاء 17 ألف شخص بين عامي 1975 و1990، في حرب شاركت فيها مختلف الأحزاب اللبنانية المشاركة اليوم في السلطة، لكنه رقم لم يخضع للتدقيق الكافي.
وينص القانون على إنشاء «هيئة وطنية للمفقودين والمخفيين قسراً» تهدف إلى الكشف عن مصيرهم. ويعطي القانون عائلات المفقودين «الحق في معرفة مصير أفرادها وذويها المفقودين أو المخفيين قسراً وأمكنة وجودهم أو أماكن احتجازهم أو اختطافهم، وفي معرفة مكان وجود الرفات وتسلمها»، بحسب المادة الثانية منه.
وجاء في نص القانون: إن «كل من أقدم بصفته محرضاً أو فاعلاً أو شريكاً أو متدخلاً في جرم الإخفاء القسري يعاقب بالأشغال الشاقة من خمس سنوات إلى خمس عشرة سنة، وبالغرامة من خمسة عشر مليون ليرة لبنانية حتى عشرين مليون ليرة»، أي نحو 13 ألف دولار.
ورحّبت منظمات حقوقية كانت نظّمت حملات للمطالبة بإحقاق العدالة للضحايا وعائلاتهم بإقرار القانون. وكتبت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، رونا حلبي، على «تويتر»: «نرحّب بإقرار قانون المفقودين في مجلس النواب. هي خطوة أولى باتجاه إعطاء أهالي المفقودين حقّهم في معرفة مصير أحبائهم».
وأكدت المتحدثة استعداد اللجنة الدولية للصليب الأحمر «لمساندة السلطات اللبنانية في إنفاذ هذا القانون».
وأنشئت سابقاً لجان بقرارات وزارية في مطلع الألفية الثالثة، لكنها فشلت في كشف مصير المفقودين. وبحسب منظمة العفو الدولية، فقد حددت منظمات محلية ودولية مواقع مقابر جماعية، لكن السلطات رفضت سابقاً التعاون معها.
وعلى خط السياسيين، كتب وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، على «تويتر»، قائلاً: «بإقرار قانون المخفيين قسراً يدخل لبنان للمرة الأولى بعد الحرب في مرحلة مصالحة حقيقية بتضميض الجراح وإعطاء الأهالي حقهم بالمعرفة.»..
كذلك، قال رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل: «حزب الكتائب يؤيّد ويدعم بالكامل اقتراح قانون المفقودين قسراً لأننا نفهم معاناة الأهالي وجرحهم العميق، وهذه الخطوة تأخّرت 28 سنة، وكان يفترض عقد مصالحة ومصارحة بعد الحرب تعالج كل هذا الموضوع». وطالب «بعدم الخلط بين موضوع المفقودين قسراً وموضوع المعتقلين في السجون السورية، خصوصاً أن لدى بعض السياسيين علاقات قانونية مع الدولة السورية يستطيعون من خلالها أن يردوا المعتقلين، وعلى رأسهم عميد المعتقلين في حزب الكتائب القائد بطرس خوند».
بدورها باركت النائب في «تيار المستقبل» رلى الطبش لعائلات المفقودين بإقرار القانون، متمنية الكشف عن مصير أبنائهم قريباً.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.