شجارات دامية في انتخابات البلدات العربية داخل إسرائيل

أيمن عودة: لا نتهرب من مسؤوليتنا... لكن السلطات تتحمل قسطاً من الأسباب

TT

شجارات دامية في انتخابات البلدات العربية داخل إسرائيل

شهدت البلدات العربية في إسرائيل (فلسطينيو 48)، موجة عارمة من الشجارات العائلية والحمائلية والسياسية الحزبية، وذلك على خلفية الانتخابات المحلية فيها، والصراعات على مقاعد رؤساء المجالس البلدية وأعضائها. وقد تحولت بعض الشجارات إلى ما يشبه الحروب الدامية في نحو 20 بلدة، من مجموع 80 بلدة تجري فيها الانتخابات، واستخدمت فيها أسلحة نارية (مسدسات ورشاشات وبنادق «إم 16» وقنابل)، وألعاب نارية (وهي أسلحة تتسبب في الحرائق للبشر وللممتلكات)، فضلا عن العصي والحجارة. وبسببها، تقتحم قوات كبيرة من الشرطة هذه البلدات وتجري الاعتقالات، وتدخل في صدامات مع المعترضين، وتستخدم بنفسها أدوات قمع الشغب.
وقد تمكن بعض المرشحين من منع الصدامات، عن طريق التوقيع على معاهدات بين المتنافسين الأساسيين في سبع بلدات، بحيث تم التنازل عن الحسم الديمقراطي وإلغاء الانتخابات وتقاسم الرئاسة والوظائف بين الطرفين، حقنا للدماء.\
وتعتبر الانتخابات البلدية لدى المواطنين العرب في إسرائيل: «معركة مصيرية»، للسيطرة والنفوذ، أكثر بكثير من الانتخابات البرلمانية. ففيها تصل نسبة التصويت إلى 80 – 85 في المائة، بينما لا تتجاوز نسبة التصويت للكنيست (البرلمان الإسرائيلي) نسبة 60 في المائة. ويختلف هذا الوضع عنه في البلدات اليهودية؛ حيث لا تتعدى نسبة التصويت للانتخابات البلدية 60 في المائة، بينما الانتخابات البرلمانية تصل هناك إلى 75 في المائة.
ويقول الدكتور علي حريب، الباحث في الشؤون الاجتماعية، إن سبب هذا الواقع يعود إلى الفهم الخاطئ للديمقراطية، والواقع الأليم الذي تسببه سياسة التمييز العنصري الحكومية. فبسبب سياسة التمييز، لا يشعر المواطن العربي بالانتماء إلى الدولة، لذلك لا يتوجه إلى الانتخابات القطرية؛ لأنه لا يجد نفسه فيها. وعلى الرغم من توحيد صفوف الأحزاب العربية الوطنية في إطار «القائمة المشتركة»، التي حظيت بـ84 في المائة من أصوات العرب، وتمثلت في 13 نائبا بالكنيست، فإن نسبة التصويت لم ترتفع سوى 6 في المائة (من 54 في المائة إلى 60 في المائة). وأما في الانتخابات البلدية فهم ينتخبون أناسا يعرفونهم جيدا عن قرب، ويقومون بمعالجة شؤونهم الحياتية اليومية. ولكنهم لا يتقنون العمل وفق الأدوات الديمقراطية كما يجب. فمن مجموع 80 بلدة، نجحت الأحزاب في حسمها لصالح مرشحين حزبيين في 11 مجلسا فقط، بينما البقية انتخبوا مرشحين لعائلات أو حمائل. ولذلك سادت العصبية القبلية أكثر من التنافس الديمقراطي.
ويقول النائب أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة»، إنه يشعر بالأسى والحزن، وحتى الخجل، من جراء هذه الشجارات. ولكنه يضيف: «من دون أن نساير أنفسنا، ومن دون التهرب من مسؤوليتنا المحلية عنها، لا بد من الإشارة إلى أن السلطات الإسرائيلية تتحمل قسطا وافرا من المسؤولية عنها. فقد كشفنا أخيرا، عن أرشيف الشاباك (المخابرات الإسرائيلية)، ووجدنا كثيرا من الوثائق التي تبين الخطط لشق صفوفنا والتفريق بيننا، وإشعال نار الفتنة والحرب بيننا، حتى نفقد عنصر الوحدة الوطنية. منذ رئيس الحكومة الأول، ديفيد بن غوريون، وهم يديرون سياسة (فرق تسد) بوعي وتعمد. عندما وجدونا موحدين خافوا من وحدتنا، فقال بن غوريون: (اجروا لهم انتخابات). ولا يمكن أن نتجاهل هذا. ومع ذلك نحن نتوجه إلى جماهيرنا وننبهها إلى هذا الخطر».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.