التجريب في القصة القصيرة العمانية

اكتسحت المشهد الأدبي وأصبحت المتصدّر الأول للحركة الإبداعية الأدبية

TT

التجريب في القصة القصيرة العمانية

اكتسحت القصة القصيرة العمانية في الآونة الأخيرة، المشهد الأدبي العماني، وأصبحت المتصدّر الأول للحركة الإبداعية الأدبية. يذكر يوسف الشاروني في كتابه في الأدب العماني الحديث، أن أول مجموعة قصصية عمانية بالمعنى الحديث هي «المغلغل» للمرحوم عبد الله بن محمد الطائي (1927 – 1973)، ومن خلال الكثير من أعماله القصصية الأخرى، مثل «دوار جامع الحسين» و«اختفاء امرأة»، وقد اختار ابنه الأستاذ مازن الطائي بطل إحدى قصصه، أن يسميها «مأساة صبحية» وهو اسم بطلتها كذلك.
شكّل الكاتب عبد الله الطائي بأعماله، القاعدة في انطلاقة القصة القصيرة العمانية، حيث تتالت الأقلام التي نشد أصحابها التميّز والتفرّد. ونشرت أول مجموعة قصصية بعد وفاة عبد الله الطائي بعشر سنوات، تعود المجموعة للكاتب والشاعر محمود الخصيبي عنوانها «قلب للبيع».
أحمد بلال له مجموعة قصصية «سور المنايا»، ويُقرّ النقد بأنه رائد القصة القصيرة البوليسية العمانية. ونشر علي بن عبد الله الكلباني مجموعته القصصية: «صراع مع الأمواج» سنة 1978، بينما صدر لسيف الرحبي كتاب «الجبل الأخضر»، سنة 1983. وأصدر محمد القرمطي مجموعته القصصية الأولى «ساعة الرحيل الملتهبة» سنة 1988.
وقد مثّلت هذه المرحلة الأرضية الأولى للجيل الثاني من كتاب القصة القصيرة العمانية؛ حيث تعدّدت توجّهاتهم، وظهرت للواجهة الكتابة القصصية النسوية مع: الكاتبة والقاصة بدرية بنت إبراهيم الشحي، بُشرى خلفان ولها مجموعة قصصية عنوانها «رفرفة» 2004. وجوخة الحارثي، ولها المجموعة القصصية «صبي على السطح»، 2004. وزوينة خلفان، ونشرت مجموعتها القصصية «المرأة الواقفة»، 2001. وطاهرة اللواتي، ولها مجموعة قصصية قصيرة عنوانها «نوار»، سنة 2005. ومريم النحوي، وأصدرت مجموعة قصص قصيرة «نوح الغياب»، نُشرت سنة 2006. وهدى الجهوري، لها مجموعة قصصية «نميمة مالحة» نُشرت سنة 2006.
وأسهمت هذه المنجزات في تطوّر الحركة الإبداعية السردية في سلطنة عمان، وأصبح المشهد منوّعاً يصنعه الكاتب العماني مثلما تصنعه الكاتبة العمانية.
أمّا المرحلة المعاصرة من مسار القصة العمانية القصيرة، فعرفت تطوراً ملحوظاً، بفضل إسهام الحراك الثقافي كأسرة كُتّاب القصة، والنادي الثقافي، وإسهامات الجمعية العمانية للكتاب والأدباء في نشر أعمال الكثير من كتاب القصة القصيرة الجدد. ومن الأقلام التي لمعت في الآونة الأخيرة سليمان المعمري الذي فاز بجائزة يوسف إدريس العربية في دورتها الأولى عام 2007 عن مجموعته القصصية: «أقرب مما تبدو في المرآة»، والكاتب محمود الرحبي الفائز بجائزة دبي الثقافية في دورتها السادسة عام 2009 عن مجموعته القصصية «أرجوحة فوق زمنين».
وسهّلت الكتابة في فن القصة القصيرة عملية الانتقال المرن للكاتب العماني إلى عالم الرواية؛ فهي مرحلة أولى، للعبور إلى فضاء أطول وأوسع حرية؛ لذلك نجد أغلب من يخوض المجال الأدبي قاصاً، يتحوّل إلى عالم الرواية رويداً رويداً. فعوالم التجريب بالنسبة للكاتب العماني في أغلبها تبدأ من فن القصة القصيرة، ليتعدّى الأمر إلى عالم الرواية والأشكال السردية الأخرى.
ويرتبط مفهوم التجريب ارتباطاً وثيقاً بالأعمال السردية، فمنذ بدء الكلمة والتجريب عنوان تطورها، يبدأ من عالم القصة القصيرة، وتتعدّى مظاهره إلى الرواية والأشكال السردية الأخرى.
وميزة التجريب الانفتاحية تجعله يتبنّى الكثير من الأسئلة الجوهرية، وبخاصة في مجال القصة القصيرة العمانية التي تنشد التفرّد والتميّز عبر مسيرة ارتحالها.
ومن الأسئلة المطروحة: أين تكمن ملامح التجريب القصصي العماني الجديد؟ وما خصوصيته؟ وما مدى تمثّل البنية السردية في المدوّنات المختارة في هذه الدراسة ؟ وهل يُعدّ مجرّد التمرّد على أساليب السرد في القصة القصيرة تجريباً؟ وما هي منطلقات التجريب القصصي العماني: التمسك بالتراث أم الانفتاح على الوافد الجديد؟ وهل التجريب في القصة القصيرة العمانية إبداع أم تخريب للأصل؟ وهل هو قفز على السائد أم هو تجريب استعراضي؟ هل هو إبداع داخل الكتابة الإبداعية، وإلى أين سيصل بالقصة القصيرة العمانية؟

قاصات وقاصون
القاصّة والكاتبة العمانية ليلى البلوشي لها الكثير من الإصدارات في مجال أدب الطفل، وهي دراسات نقدية، وفي الجانب الإبداعي أصدرت مجموعات قصصية، منها: «صمت كالعبث»، و«قلبها التاسع». وهي الكاتبة العمانية الباحثة عن القارئ المستكشف، فهو في رأيها: «القادر على رفع الركود الذي تعاني منه القراءات في عالمنا العربي، ولا سيّما في غياب نُقّاد حقيقيين... لم يبق للكُتّاب والكاتب سوى القارئ المكتشف الذي يقرأ بوعي ويقتنص الكتاب الجيّد بذكاء»، وقد فازت الكاتبة ليلى البلوشي بجائزة الإبداع الثقافي لأفضل الإصدارات لعام 2017 في مجال القصة القصيرة.
استوعبت القاصة البلوشي جيداً مقولة رولان بارت: «إن السرد مثل الحياة علم متطوّر من التاريخ والثقافة»، فراحت عبر منجزها السردي «كائناتي السردية» تحيك عالماً قصصياً متخيّلاً قوامه الواقع المُعاش من زاوية رؤية الكاتبة.
ويتأسّس مفهوم التجريب عند القاصة ليلى البلوشي على قاعدة المضمون أولاً، فهي تكتب لأهداف اجتماعية وثقافية وفكرية، تحوّل اليومي المُعاش إلى رؤية إنسانية هادفة في قالب شكلي جديد يُخرج الرتيب والمبتذل إلى إبداع وتميّز؛ حيث نلمح مظاهر التجريب في مجموعتها القصصية: «كائناتي السردية» وفي أنسنة الأشياء، وتوظيف الكوميديا الساخرة، واعتماد أساليب التحليل النفسي والتداعي الحر. واستحضرت القاصة تفاصيل الحياة اليومية العادية، وهندست بنيتها السردية وفق قوالب تتماشى والتغيرات الاجتماعية والفكرية والثقافية للمجتمع.
قاص آخر، هو القاص العماني وليد النبهاني الذي يبدو أن ميوله إلى الموسيقى والإبحار في عوالمها وألحانها، قد أثمر في مجال كتاباته القصصية؛ فالرجل مبحر في البحث عن تاريخ الموسيقى، وبخاصة العمانية منها، وهو بذلك يكسّر الحدود بين الفنون ويمزجها معاً ليشكل سيمفونية رائعة التشكيل، بعيدة الرؤى، شعارها الوحيد البحث عن التميّز بتفريغ مكنونات الذات أو ما يُعرف بالبوح.
وقد انطلق وليد النبهاني من الكتابة التجريبية التي لا تخط مسبقاً لشكل النص، ولا تختار موضوعه، وإنما هي العفوية التي يُراد بها «تجاوز كثير من الثوابت واقتحام المجهول لتأسيس كتابة روائية مختلفة...».
إنّ عودة القاص وليد النبهاني إلى التراث وعالم الحكايات الخرافية والتركيز على الفضاء الأسطوري كوّن له تجربة قصصية واعية، عرف كيف يحاكي هذه المادة ويتجاوزها، بالإتيان بالمغاير والمختلف، وتطعيم هذا المنبع بكل أنواع الإضافات الإبداعية. وأدرك وليد النبهاني أهمية هذا الجانب في تشكيل البناء اللغوي للمجموعة القصصية «المنسأة والناي»؛ فقوة التجريب في المدونة تكمن في مزج الواقعي بالأسطوري الخيالي، لعرض مجموعة من القضايا الاجتماعية والثقافية والإنسانية بالدرجة الأولى.

(*) مقتطفات من محاضرة ألقتها الباحثة الجزائرية من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم بقسنطينة مساء 5 نوفمبر (تشرين الثاني) في «الجمعية العمانية للكتاب والأدباء».



حنان مطاوع: المنصات الرقمية خطفت الأضواء من السينما

تقمص الشخصية واستدعاء ملامحها في أدوار مختلفة (صفحة الفنانة حنان مطاوع على فيسبوك)
تقمص الشخصية واستدعاء ملامحها في أدوار مختلفة (صفحة الفنانة حنان مطاوع على فيسبوك)
TT

حنان مطاوع: المنصات الرقمية خطفت الأضواء من السينما

تقمص الشخصية واستدعاء ملامحها في أدوار مختلفة (صفحة الفنانة حنان مطاوع على فيسبوك)
تقمص الشخصية واستدعاء ملامحها في أدوار مختلفة (صفحة الفنانة حنان مطاوع على فيسبوك)

أبدت الفنانة المصرية حنان مطاوع رغبتها في تجسيد شخصية فرعونية، وأكدت أنها لم تتوقع أن يكون مشهدها ضيفة شرف في مسلسل «رقم سري» سيثير ضجة كبيرة على «السوشيال ميديا» كما حدث، وعَدّت المنصات الرقمية جاذبة للجماهير وتخطف الأضواء من السينما.

وقالت حنان في حوارها لـ«الشرق الأوسط»: «عشت إحساساً رائعاً لاكتشافي أن الشخصية التي قدمتها في مسلسل (صوت وصورة) ما زالت تعيش في وجدان الجمهور، وعندما طلب مني المخرج محمود عبد التواب الظهور لمدة دقائق في مسلسل (رقم سري) بشخصية رضوى التي قدمتها من قبل في (صوت وصورة) لم أتردد، ووافقت على الفور، ولم أتوقع عدد المكالمات التي وصلتني لتشيد بظهوري في العمل».

وكان مسلسل «صوت وصورة» قد عرض العام الماضي وحقق نجاحاً لافتاً، رغم عرضه في فترة حرجة جداً، في اليوم السابع من أحداث غزة، بحسب ما تتذكر حنان.

حنان مطاوع ظهرت ضيفة شرف في مسلسل «رقم سري» (صفحتها على فيسبوك)

وتعترف مطاوع بأنها «فاشلة جداً في التعامل مع (السوشيال ميديا)»، ورغم ذلك تجد صدى جيداً على وسائل التواصل الاجتماعي لأي عمل تقدمه، وتوضح: «أتذكر أن مسلسل (وعود سخية) الذي أعتز به كثيراً عرض من دون أي دعاية إلا أنني كنت (تريند) على (إكس) لمدة 4 أيام متواصلة».

وحول الأعمال التي ظهرت فيها ضيفة شرف قالت إنها قليلة جداً، وأضافت: «كان أحدثها مسلسل (جولة أخيرة) مع أحمد السقا وأشرف عبد الباقي، وجسدت فيه شخصية نهى زوجة السقا التي انفصل عنها في مرحلة من حياته رغم الحب الذي يجمعهما، كما ظهرت ضيفة شرف في مسلسل (طلعت روحي) بناء على طلب المنتج محمد مشيش».

وحول حرصها على تقديم شخصيات متنوعة، قالت إن «الفنان مثل الكاميرا... وإذا كانت الكاميرا تصور الوجوه، فوجدان الفنان وعقله يصوران الآلام والأحاسيس والمشاعر والنجاحات والإخفاقات للبشر حولنا، وعندما تعرض علي شخصية أنسج ملامحي بما يتفق مع الدور، مستدعية مخزون المشاعر الذي يناسب طبيعة الشخصية».

وتحدثت عن أحدث عمل انتهت من تصويره وهو بعنوان «صفحة بيضا»، وكان يحمل في البداية اسم «تقاطع طرق»، وأعربت عن سعادتها بالمشاركة فيه. وتجسد مطاوع في العمل شخصية «ضي»، وهي شخصية جديدة عليها. المسلسل من تأليف حاتم حافظ، الذي كتب السيناريو والحوار «بحرفية شديدة»، وفق قولها، وإخراج أحمد حسن، وإنتاج شركة أروما للمنتج تامر مرتضى، وتشارك في بطولته مها نصار وأحمد الرافعي وأحمد مجدي وحنان يوسف وحسن العدل وميمي جمال.

حنان مطاوع مع ميمي جمال في أحدث أعمالها الدرامية «صفحة بيضا» (فيسبوك)

وتصور حنان مطاوع مسلسلاً بعنوان «حياة أو موت»، وهو مكون من 15 حلقة، ومن المتوقع أن يعرض على إحدى المنصات الرقمية في شهر رمضان القادم، وهو من تأليف أحمد عبد الفتاح، وإخراج هاني حمدي، وتشارك في بطولته رنا رئيس، وأحمد الرافعي، ومحمد علي رزق، وسلوى عثمان، وعدد كبير من الوجوه الشابة الجديدة.

تقول عن دورها في «حياة أو موت»: «أجسد شخصية (حياة)، وهي شخصية ثرية في مشاعرها، وتعاني العديد من الصراعات الداخلية والمشاكل النفسية التي تؤثر على علاقاتها وقراراتها».

الفنانة حنان مطاوع قدمت أدواراً متنوعة في السينما والتلفزيون (صفحتها على فيسبوك)

وحول قدرتها على الجمع بين شخصيتين في عملين مختلفين في وقت واحد، أكدت أن «هذا مرهق جداً لأي ممثل، وقد خضت هذه التجربة القاسية في عملين هما (هذا المساء) مع المخرج تامر محسن، و(طاقة نور) مع المخرج رؤوف عبد العزيز، والعملان عرضا في رمضان».

أما بخصوص السينما، فأشارت مطاوع إلى أنها انتهت مؤخراً من تصوير دورها في فيلم بعنوان «هابي بيرث داي» مع المخرجة سارة جوهر، التي تراهن على نجاحها في أولى تجاربها الإخراجية، كما أعربت عن سعادتها بهذا العمل الذي كتبه محمد دياب بالمشاركة مع سارة، موضحة أنها تقدم فيه شخصية لم يتم تقديمها من قبل سواء في السينما أو الدراما التلفزيونية لطبقة موجودة في المجتمع لم يسلط عليها الضوء من قبل.

وتحدثت عن المعاناة التي عاشتها أثناء تصوير عدد كبير من مشاهد الفيلم الذي تشارك في بطولته مع نيللي كريم وشريف سلامة، وقالت: «كنا نصوّر في القناطر الخيرية أواخر شهر فبراير (شباط) الماضي، حيث كان الطقس شديد البرودة في الليل بعد تصوير استمر ست ساعات قبل شروق الشمس، وكدنا أن نتجمد من شدة البرودة».

أدوار متنوعة قدمتها حنان في الدراما (فيسبوك)

وكان أحدث أفلامها «قابل للكسر» من تأليف وإخراج أحمد رشوان، وجسدت فيه شخصية نانسي التي تستعد للهجرة لتلحق بأسرتها في كندا، ويستعرض الفيلم علاقتها بعدد من الشخصيات قبل سفرها، وتصف حنان شخصية نانسي التي جسدتها في الفيلم بأنها «صعبة في بساطتها»، مضيفة أن «الفيلم حقق نجاحات كثيرة في عدة مهرجانات، رغم أنه لم يعرض جماهيرياً».

جدير بالذكر أن حنان حصدت جائزة أفضل ممثلة عن دورها في هذا الفيلم من 5 مهرجانات، منها المهرجان المصري الأميركي للسينما والفنون بنيويورك، ومهرجان الأمل الدولي بالسويد، ومهرجان الداخلة السينمائي بالمغرب.

أما أكثر فيلم تعتز به في مشوارها، فتقول: «فيلم (قص ولصق) مع حنان ترك وشريف منير وسوسن بدر وفتحي عبد الوهاب وهو تأليف وإخراج هالة خليل».

وعما إذا كانت السينما ما زالت تمثل هاجساً للفنان، أكدت أن «المعادلة اختلفت في ظل وجود المنصات الرقمية والحلقات الدرامية القصيرة التي يتم تصويرها بالتكنيك السينمائي؛ مما جعل المنصات تخطف الأضواء نسبياً من السينما».

وعن الشخصية التي ما زالت تنتظرها في عمل فني، قالت: «لدي حنين كبير للتاريخ المصري القديم، وأحلم بتجسيد إحدى الشخصيات الفرعونية».

وبسؤالها عما إذا أتيحت لها الفرصة لتعيد أحد أعمال والدتها الفنانة القديرة سهير المرشدي، أكدت أنه من الاستحالة أن تصل لأدائها العبقري في أي عمل من أعمالها، وأنها ستضع نفسها في مقارنة لن تكون في صالحها، مضيفة أنها تعشق أدوار والدتها في فيلم «عودة الابن الضال» ومسلسلي «ليالي الحلمية» و«أرابيسك»، أما على خشبة المسرح فهي تعشق دورها في مسرحية «إيزيس»، التي تعتبرها علامة مهمة في تاريخ المسرح العربي.