يجمع «خام»، المعرض الجماعي الافتتاحي، بين 17 فناناً إلى جانب معارض جماعية على نطاق إقليمي وعالمي، ويهدف إلى سبر أغوار النفط الذي يعد عنصراً فاعلاً في التحولات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويتناول «خام»، الذي يشرف عليه القيّم مرتضى فالي، المقيم في الشارقة وفي نيويورك، الجوانب التاريخية المركبة للنفط، باعتباره بشير الحداثة في الشرق الأوسط وما حولها. يمزج المعرض بين أعمال حديثة وأخرى تعود إلى الخمسينات والستينات، وبعضها تكليفات جديدة.
يقول القيم مرتضى فالي «كنت مهتماً أن أقدم رؤية مختلفة حول النفط في هذا المعرض، تعبر عن الآثار الاجتماعية والسياسية والثقافية. هناك الكثير من (التيمات) أو الموضوعات التي تطرح هنا، النفط كمادة مغرية وجذابة بصرياً، وأيضاً بشكل موازٍ، فهي مادة سوداء لا متناهية العمق، ما أردت فعله هو أن أتجنب الجانب البصري الجذاب للنفط، ولهذا السبب لا يوجد وجود فعلي للنفط، ولكن الأعمال تدور حوله»، وتتخذ المعروضات ألواناً مختلفة غير اللون الأسود، وهناك أيضاً منتجات البترول مثل النايلون والبلاستيك. ويضيف: «أيضاً أجد أن النفط بطبعه غير قابل للعرض والتمثل، ولهذا اخترت أن أعرضه للزائر من خلال التاريخ، فهنا أكثر من عمل يدور حول ذلك التاريخ مثل عرض عن تاريخ (أرامكو) وأعمال أخرى حول تاريخ النفط في العراق وفي إيران في السبعينات».
لطيف العاني والعراق الذي كان
يجلس المصور العراقي لطيف العاني في أحد الأركان وإلى جانبه مجموعة من الصور الفوتوغرافية التي التقطها في بغداد. ويعتبر العاني «أبا التصوير الفوتوغرافي في العراق»، وتسجل صوره ملفاً فريداً يرصد حياة العراقيين في منتصف القرن العشرين.
أتحدث مع العاني حول أعماله المعروضة، ويقول لي إنه توقف عن التصوير في عام 1979، رغم الكثير من المطالبات له بالعودة مرة أخرى ليرسم بعدسته صوراً جديدة للعراق. ولكن المصور الشهير يرفض ذلك معلناً: «لا يوجد جمال الآن، فقد ذهب، ماذا يمكنني أن أصور الآن، الخراب؟»، كما يقول: «إن الحافز للتصوير هو وجود الأشياء الجميلة».
يتخذ الحديث مساره الطبيعي لأتساءل معه عن بغداد والعراق التي عاشت في صور العاني: «صورك تعبر أيضاً عن تأثير النفط وهو ما زال موجوداً في العراق»، يشير بأسى واضح: «كان هناك تطور مستمر، ولكن الآن هناك تراجع مستمر مع الأسف. كل هذا الأعمال صورت في العراق حين كان سعر برميل النفط 60 سنتاً، الآن السعر وصل لـ70 دولاراً ولا نرى شيئاً... هي مأساة».
يستكمل حديثه: «هذه الصور تعبر عن فترات زمنية من الستينات والخمسينات، إذا زرت هذا المكان نفسه اليوم ترين أكوام قاذورات، (يشير إلى صورة جوية لحديقة خضراء): «كانت هناك طيور ونباتات، الآن أصبحت مكب نفايات... الصور ترجعني لوقت حلو وأيضاً مؤلم مقارنة بالوقت الحالي لأن الزمن الحلو انتهى».
منيرة قادري ما بين اللؤلؤ والنفط
في عرض الفنانة الكويتية منيرة قادري، نجد أشكالاً عملاقة تشبه الزهور الخيالية معلقة أعلى الحائط تشهد في صمت على تفاعلات الجمهور مع أعمال أخرى تدور كلها حول النفط. تلفت تلك التشكيلات الضخمة الأنظار ولكنها أيضاً تبعث على الوجل، فهي مثل الأشكال الفضائية لا نعرف ما هي ولا ماذا تفعل في ذلك المكان البعيد. تشرح لي قادري أن تلك الأشكال ما هي إلا أجزاء من ماكينات التنقيب. تقول: «قبل النفط كان المورد الوحيد لسكان الكويت هو الغوص واستخراج اللؤلؤ، وكان جدي يعمل فيه، ولكن تلك المهنة اختفت الآن بشكلها الأصيل، ورغم أني لم أقابله إلا أني أشعر بأن حياته كانت قصة خيالية. ولهذا أحاول أن أجد طريقة لربط نفسي مع العالم قبل النفط، واكتشفت أن اللآلئ والنفط متشابهان في ألوان كثيرة، وقررت استكشاف ذلك. واكتشفت أيضاً أن آلات التنقيب، خصوصاً الحفارات، هي آلات جميلة الشكل وتشبه الورود أو الإخطبوط. ونحن كخليجيين لا نعرف شيئاً عنها. ولهذا قررت أن ألون هذه القطع بألوان هي مزيج بين ألوان اللؤلؤ وألوان البترول. أردت أن أتناول الموضوع من جانب شخصي يرتبط بحياتي».