تعزيزات لفصائل الشمال السوري استباقاً لتصعيد النظام

استئناف حركة العبور في معبر مورك بعد إغلاقه يومين

عامل في معمل بدائي للمحروقات في زردنة بريف إدلب لتصنيع الوقود المنزلي وغيره من مشتقات (إ.ف.ب)
عامل في معمل بدائي للمحروقات في زردنة بريف إدلب لتصنيع الوقود المنزلي وغيره من مشتقات (إ.ف.ب)
TT

تعزيزات لفصائل الشمال السوري استباقاً لتصعيد النظام

عامل في معمل بدائي للمحروقات في زردنة بريف إدلب لتصنيع الوقود المنزلي وغيره من مشتقات (إ.ف.ب)
عامل في معمل بدائي للمحروقات في زردنة بريف إدلب لتصنيع الوقود المنزلي وغيره من مشتقات (إ.ف.ب)

دفعت فصائل المعارضة السورية أمس، بتعزيزات إلى مناطق خطوط التماس مع قوات النظام في الشمال، استعداداً لتصعيد محتمل يقوم به النظام، بعد يومين من التوتر، أديا إلى تبادل القصف وتدهور الوضع الأمني، وإغلاق معبر مورك شمال حماة أمام حركة النقل والمسافرين، قبل أن يعاد افتتاح المعبر أمس.
وتواصلت الخروقات في مناطق الهدنة الروسية - التركية في محافظات حلب وحماة وإدلب واللاذقية، أمس، وسط تناقص قدرة الضامنين في الحد منها، بحسب ما قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي رصد استهداف قوات النظام بنيران رشاشاتها الثقيلة، لمناطق في محيط بلدة اللطامنة، الواقعة ضمن المنطقة منزوعة السلاح في ريف حماة الشمالي، بالتزامن مع استمرار قصف قوات النظام بعدة قذائف مدفعية لمناطق في قرية تل الصخر الواقعة في الريف ذاته. وبالموازاة، سُجّلت استهدافات متبادلة بالمدفعية بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة وهيئة تحرير الشام من جهة أخرى، في محيط منطقة تل السلطان في ريف إدلب الشرقي، ضمن المنطقة منزوعة السلاح.
وقالت مصادر المعارضة السورية في الشمال لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتفاق التركي - الروسي «يترنّح»، مشيرة إلى أن التصعيد الذي لجأ إليه النظام «قابله استنفار كبير في مناطق سيطرة الفصائل». وأوضحت أن الفصائل المعارضة، إضافة إلى تنظيمات متشددة في جنوب غربي إدلب «دفعت بتعزيزات إلى الجبهات ورفعت من مستوى الاستنفار في صفوفها، تحسباً لأي تصعيد قد يلجأ إليه النظام». وقالت إن التصعيد «متوقّع، وتجسّد ذلك في هجوم النظام المفاجئ على جيش العزة قبل يومين، وهو ما يمثل ضرورة للدفع بالتعزيزات إلى خارج المنطقة منزوعة السلاح»، بحسب ما قال المصدر.
ولم ينفِ مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن تلك المعلومات، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إن كل الأطراف «تحشد مقاتليها وتدفع بتعزيزات»، وذلك في أعقاب جولة جديدة من القتال العنيف بين الفصائل والنظام.
وكانت الاشتباكات العنيفة قد اندلعت مساء السبت، على محاور في المنطقة الممتدة من ريف حلب الجنوبي إلى ريف إدلب الشرقي، ضمن المنطقة منزوعة السلاح وفي محيطها، بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وهيئة تحرير الشام والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، وسط عمليات استهداف مكثفة ومتبادلة على محاور القتال بين الطرفين، نتيجة محاولة «انغماسيين» مهاجمة مواقع للقوات الإيرانية في ريف حلب الجنوبي ومواقع لقوات النظام في منطقة مطار أبو الضهور العسكري.
وتحدث ناشطون عن استهداف قوات النظام بالرشاشات الثقيلة أطراف بلدة جسر بيت الراس في سهل الغاب بالريف الشمالي الغربي لحماة، فيما استهدفت قوات النظام مناطق في ضاحية الراشدين وبلدة المنصورة في غرب مدينة حلب، كما قصفت قوات النظام مناطق في قريتي الجيسات والصخر بالقطاع الشمالي من الريف الحموي.
وفي المقابل، اتهم النظام السوري الفصائل بانتهاك اتفاق منطقة تخفيف التوتر في إدلب عبر التسلل باتجاه نقاط الجيش المتمركزة في ريف حماة الشمالي، بحسب ما ذكرت وكالة «سانا» الرسمية السورية للأنباء. وتحدثت عن «تحركات لمجموعات إرهابية يتبع أغلبها تنظيم جبهة النصرة و(الحزب التركستاني) حاولت التسلل من محاور محيط مدينة مورك وتل الصخر واللطامنة ومعركبة إلى النقاط العسكرية المتمركزة على هذا الاتجاه»، لافتة إلى «التصدي لها». وزادت تلك التطورات من التحذيرات حول انهيار الاتفاق التركي - الروسي في الشمال السوري، إذ أعلن القيادي في «فيلق الشام» عمر حذيفة لشبكة «عنب بلدي» أن الأمور المتعلقة بالمرحلة المقبلة في إدلب يكتنفها الغموض، قائلاً: «لا يمكن السكوت على الخروقات أو الحماقات التي يرتكبها الأسد وحلفاؤه، وسيتم الرد عليها بكل ما نستطيع».
ورغم التطورات الميدانية، أعيد ترميم الاتفاق الروسي - التركي عبر إعادة افتتاح معبر مورك الذي أغلق قبل يومين، نتيجة الاشتباكات. وأعيد فتح المعبر الواصل بين مناطق سيطرة قوات النظام ومناطق سيطرة الفصائل في ريف حماة الشمالي بحركة تجارية عقب إغلاقه قبل يومين، وسط معلومات عن العزم على إقامة كراج للسيارات المدنية.
وكان المعبر أغلق احترازياً عندما استهدفت قوات النظام مناطق في أطراف بلدتي مورك ومعركبة الواقعتين ضمن المنطقة منزوعة السلاح بريف حماة الشمالي، بالتزامن مع استهداف جيش العزة بصواريخ غراد منطقة محيط مطار حماة العسكري في ريف حماة الغربي.
في غضون ذلك، استؤنفت التفجيرات في داخل المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة، حيث شهدت محافظة إدلب والأرياف المحيطة بها، والخاضعة لسيطرة الفصائل الإسلامية والمقاتلة وهيئة تحرير الشام استمراراً للفلتان الأمني وفشل المنظومة الأمنية في الحد منها. ووقع تفجير منتصف ليل السبت - الأحد في بلدة الأتارب بريف حلب الغربي، فيما سجل إطلاق نار كثيف في بلدة سراقب بريف إدلب الشرقي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.