منظمات روسية ترفع قضية «المرتزقة الروس» إلى محكمة الجنايات الدولية

TT

منظمات روسية ترفع قضية «المرتزقة الروس» إلى محكمة الجنايات الدولية

أثارت جمعيات معنية بشؤون المحاربين الروس القدامى قضية الشركات العسكرية الروسية الخاصة، التي ترسل «متعاقدين» للقتال في سوريا إلى جانب النظام السوري، وإلى مناطق ساخنة أخرى، مثل أوكرانيا، فضلاً عن مهام متنوعة في بعض دول أفريقيا. وقالت وكالات أنباء إن جماعات تمثل المحاربين القدامى في الجيش الروسي تعتزم التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية، ومطالبتها بالتحقيق في قضية إرسال روسيا متعاقدين مدنيين سراً، للمشاركة في العمليات القتالية في سوريا وأوكرانيا وأفريقيا. ورغم عشرات التقارير والتحقيقات الإعلامية التي أعدتها، بما في ذلك صحف روسية رصينة تؤكد وجود شركات عسكرية روسية خاصة ترسل جنوداً للقتال في سوريا، فإن وزارة الدفاع الروسية والكرملين ينفيان علمها بذلك. ونقلت «رويترز» عن يفغيني شاباييف، قائد مجموعة «القوزاق» شبه العسكرية، قوله إن ما يربو على 12 منظمة روسية لقدامى المحاربين تنوي التوجه بخطاب إلى فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية (مقرها لاهاي)، للتحقيق في جرائم الحرب، وبصورة خاصة في قضية إرسال روسيا جنوداً متعاقدين للقتال في أكثر من منطقة في العالم. وأضاف شاباييف، الذي عمل في الماضي ممثلاً لواحدة من الجمهوريات الانفصالية الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا: «الروس يقاتلون في الخارج كمتطوعين دون اعتراف رسمي من الحكومة الروسية». ويعبر قدامى المحاربين في الرسالة عن استيائهم من عدم توفر ظروف قانونية لعمل هؤلاء المقاتلين، ويشيرون إلى أن المتعاقدين الخاصين يعملون بشكل غير قانوني، ولا يتمتعون بأي منافع اجتماعية أو حماية بعد ذلك، وأضافوا: «في الواقع، يتم إرسال المدنيين الروس إلى خارج بلد إقامتهم لاستغلالهم بشكل غير قانوني في أغراض عسكرية». ولم يوضح شاباييف حجم المنظمات المشار إليها، وقد لا تمثل أغلبية كبيرة من المحاربين القدامى، الذين يوجد منهم في روسيا مئات الآلاف، بعضهم من المحاريين القدامى السوفيات الذين شاركوا في الحرب الأفغانية، والبعض الآخر ممن شاركوا في حروب الشيشان.
وظهر اسم بعض الشركات الروسية الخاصة التي تقاتل في سوريا منذ العام الثاني من الأزمة هناك، وذلك رغم وجود فقرة خاصة في القوانين الروسية حول «المرتزقة» تنص على حظر نشاط المؤسسات العسكرية الخاصة، وحصر النشاط العسكري بوزارة الدفاع فقط. بينما تنص الفقرة (359) من قانون الجنايات الروسي على عقوبة تصل حتى السجن 15 عاماً بحق كل من يشارك في عمليات قتالية خارج روسيا. إلا أن هذا لم يمنع «مرتزقة» روسيين من القتال إلى جانب النظام في سوريا. وتحدثت تقارير إعلامية عن مشاركة مجموعة تُعرف باسم «الفرقة السلافية» في القتال إلى جانب النظام السوري في سوريا منذ عام 2013. وكان مقاتلون من تلك المجموعة قد تعرضوا لكمين، وأصيب عدد منهم، وقرروا العودة إلى روسيا. وتؤكد التقارير أن الأمن الروسي اعتقل بعض قادة تلك المجموعة، وأصدرت المحكمة بحقهم أحكاماً بالسجن. وقبل التدخل الرسمي في سوريا، خريف عام 2015، تحدثت وسائل إعلام روسية عن شركة عسكرية روسية خاصة اسمها «فاغنير»، أكدت أنها ترسل متعاقدين للقتال في سوريا.
وقال موقع «فونتانكا» الروسي إن الجنود من مؤسسة «فاغنير» الروسية قاموا بتحرير، ومن ثم حماية، الآبار النفطية في منطقة تدمر، بموجب اتفاق أبرمته شركة مرتبطة برجل الأعمال يفغيني بريغوجين، المقرب من الكرملين، المعروف بلقب «طاهي الكرملين»، مع النظام السوري الذي التزم بتمويل نفقات المجموعة مقابل تلك المهمة، وأن يحصل الجانب الروسي على ربع الإنتاج من تلك الحقول النفطية. وحينها، نفى بريغوجين تلك المعلومات، وأي علاقة له بـ«فاغنير».
وخلال السنوات الماضية، قتل عدد كبير من المتعاقدين الروس في سوريا. وفي تعليقها على أنباء نشرتها وسائل إعلام روسية حول «مقتل عسكريين روس»، كانت وزارة الدفاع الروسية تنفي تلك المعلومات، وذلك لأنها لا تعترف رسمياً بالمقاتلين «المتعاقدين». إلا أن وزارة الخارجية الروسية اعترفت بصيغة غير مباشرة بوجودهم مطلع العام الجاري، وذلك إثر سقوط عدد كبير من القتلى بين صفوف مجموعة من «فاغنير» استهدفتهم المقاتلات الأميركية، خلال محاولتهم السيطرة على حقل نفطي تسيطر عليه المجموعات الكردية بالقرب من دير الزور. حينها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية: «ربما يكون نحو 5 مواطنين روس قد قتلوا بالقرب من دير الزور».
عدم اعتراف السلطات الروسية بهؤلاء المقاتلين «المتعاقدين» يعني حرمانهم من الحقوق التي يفترض أن يحصل عليها أي عسكري، وفق ما يرى ضباط من مجموعات المحاربين القدامى الذين نشروا في مطلع يوليو (تموز) الماضي «رسالة مفتوحة من اجتماع ضباط عموم روسيا»، طالبوا فيه السلطات بتشريع عمل المؤسسات العسكرية الخاصة، والاعتراف بوجود جنود منها يقاتلون في سوريا، ومنحهم حقوقاً كالتي يحصل عليها أي عسكري في قوات وزارة الدفاع. ومن الموقعين على الرسالة حينها شاباييف، والجنرال الروسي المتقاعد ليونيد إيفاشوف، وعدد آخر من الضباط المتقاعدين.


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية المحامية والناشطة الإيرانية نسرين ستوده وزوجها رضا خندان (أرشيفية - أ.ف.ب)

إيران توقف زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده

أوقفت السلطات الإيرانية، اليوم الجمعة، رضا خندان زوج المحامية والناشطة نسرين ستوده التي اعتُقلت عدة مرات في السنوات الأخيرة، بحسب ابنته ومحاميه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي صورة ملتقطة في 4 ديسمبر 2020 في جنيف بسويسرا تظهر غير بيدرسن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

مبعوث الأمم المتحدة يندد ﺑ«وحشية لا يمكن تصورها» في سجون نظام الأسد

قال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا إن الفظاعات التي شهدها سجن «صيدنايا» ومراكز الاحتجاز الأخرى في سوريا، تعكس «الوحشية التي لا يمكن تصورها» التي عاناها السوريون.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
خاص «مهرّب» أرشيف التعذيب السوري يكشف هويته لـ«الشرق الأوسط» play-circle 01:34

خاص «مهرّب» أرشيف التعذيب السوري يكشف هويته لـ«الشرق الأوسط»

«سامي» الذي ارتبط اسمه كالتوأم مع قريبه «قيصر» في تهريب عشرات آلاف صور ضحايا التعذيب في سجون الأسد، يكشف هويته لـ«الشرق الأوسط»، ويوجه رسالة إلى السلطة الجديدة.

كميل الطويل (باريس)
أوروبا نساء أيزيديات يرفعن لافتات خلال مظاهرة تطالب بحقوقهن والإفراج عن المختطفين لدى تنظيم «داعش» المتطرف في الموصل بالعراق... 3 يونيو 2024 (رويترز)

السجن 10 سنوات لهولندية استعبدت امرأة أيزيدية في سوريا

قضت محكمة هولندية بالسجن عشر سنوات بحق امرأة هولندية أدينت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بإبقائها امرأة أيزيدية عبدة في سوريا.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.