مقهى «إيميلي»... يتنفس النغمات الباريسية في مونمارتر السياحية

فيه تم تصوير أحد أكثر الأفلام الفرنسية رومانسية

يحتل المقهى موقعاً مثالياً عند إحدى زوايا منطقة مونمارتر الشهيرة
يحتل المقهى موقعاً مثالياً عند إحدى زوايا منطقة مونمارتر الشهيرة
TT

مقهى «إيميلي»... يتنفس النغمات الباريسية في مونمارتر السياحية

يحتل المقهى موقعاً مثالياً عند إحدى زوايا منطقة مونمارتر الشهيرة
يحتل المقهى موقعاً مثالياً عند إحدى زوايا منطقة مونمارتر الشهيرة

لا يحتاج المرء سوى إلى دقيقتين في مقهى «كافيه دي دو مولان» Cafe Des Deux Moulins في قلب حي مونمارتر الرائع بباريس حتى يدرك كم هو مكان مميز. إنه مقهى باريسي تقليدي، حيث توجد الطاولات في الشرفة، تتخلله أشعة الشمس الساحرة، حيث المقاعد الوثيرة المريحة، والطاولات الصغيرة، لكنه يشتهر أيضاً بتصوير فيلم «المصير المذهل لإيميلي بولا»، أحد أكثر الأفلام الفرنسية رومانسية والذي تم إنتاجه عام 2001 والحائز الجوائز، به. يروي ذلك الفيلم الذي تقوم ببطولته أودري توتو، قصة حب جميلة مثل باريس.
منذ عرض الفيلم وحصوله على جوائز والتقدير في فرنسا والمهرجانات الدولية أصبح مقهى «كافيه دي مولا» بمثابة متحف للفيلم، حيث يمكنك العثور على الكثير من الأشياء الأصلية التي ظهرت في الفيلم، مثل المصباح المضحك الذي كان على المنضدة الجانبية في غرفة إيميلي، والصور التي ظهر بها القزم المملوك لوالد إيميلي في أماكن مختلفة من العالم، إضافة إلى الكثير من الأشياء الأخرى التي يقول فريق العمل بالمقهى إنها ظهرت في الفيلم أيضاً.
تمنح توتو الحياة إلى نادل فرنسي شاب يكبر وهو يحلم بتحقيق بعض الأحلام، ثم تقرر أن تجعل جميع من حولها سعداء، وخلال هذه الرحلة تجد معنى لحياتها تمنحه لها يد الحب. إنها قصة حب جميلة لا بد أنها قد حدثت بالفعل في الواقع في واحد من أحياء باريس. يذكّر كل شيء في هذا المقهى المرء بإيميلي، حيث لم يطرأ تغيير يذكر على المكان منذ تصوير الفيلم، فقط تمت إزالة لوح القائمة الزجاجي الذي كتبت عليه النادلة إيميلي قائمة اليوم، لكن ما زالت الخلفية المكونة من المرايا في مكانها، وعليها الملصق الترويجي للفيلم إلى جانب بعض الصور التي تم التقطاها أثناء تصوير الفيلم.
يزور السائحون من مختلف الجنسيات المقهى يومياً ليشعروا بأنهم يعيشون داخل الفيلم، ويبحث رواد المكان عن آثار إيميلي. حين ذهبت إلى المقهى كانت هناك ثلاث مجموعات على الأقل يصورون بحماس التصميم الداخلي والجدران الخارجية للمقهى، حيث توجد آثار دقيقة تشير إلى الفيلم.
تزخر قائمة الطعام بطبيعة الحال بإحالات إلى الفيلم، وتتضمن مجموعة متنوعة من الأطباق الحادقة، وحلوى المعجنات الفرنسية التي تحمل الطابع الفرنسي الخاص المميز. كذلك يتم تقديم مجموعة متنوعة من الفطائر المحلاة، منها فطيرة النوتيلا التقليدية. ويمكنك في هذا المقهى تناول الإفطار الكلاسيكي المكون من الكرواسون، وعصير البرتقال، أو أي عصير فاكهة آخر، ومشروب ساخن، وكذلك يمكنك تناول الغداء أو العشاء، أو ربما الاكتفاء بتناول مشروب ساخن مع الحلوى.
توجد أنواع من السلطة مثل «وعاء إيميلي» الذي يتكون من حبوب الكينوا والسلمون مع نفحة من النكهات الحلوة مثل البطيخ، إنها رائعة. يحتفظ كل صنف باللمسة الفريدة للمطبخ الفرنسي، لكن مع ذلك يمكنك العثور على جبن «بوراتينا» (أو «بوراتا») الإيطالي التقليدي اللذيذ دوماً. قائمة الطعام فرنسية بالأساس، لكنها تحتوي أيضاً على بعض الأطباق العالمية.
الحلوى المفضلة لإيميلي هي الـ«كريم بروليه»، وهو طبق مميز هنا، ويُطلق عليه «كريم بروليه إيميلي» الذي يجسد التوازن المثالي الذي تتسم به الحلوى الفرنسية المثالية.
إلى جانب زيارة «كافيه دي تو مولا»، لا ينبغي عليك تفويت زيارة أماكن أخرى ظهرت في الفيلم؛ فكل شيء قريب مثل كنيسة «الساكري كور» الذي يمكن من خلالها رؤية إطلالة من أجمل الإطلالات على المدينة. يمكنك من هنا تقدير مدى جمال وروعة باريس إلى حد تنحبس معه الأنفاس، وتعجز الكلمات عن وصفه. إنها خطة مذهلة أيضاً لاستكشاف ذلك الحي الذي يقع على تل مونمارتر الكبير.
مما لا شك فيه أن «إيميلي» فيلم يعبر عن سحر وجمال العاصمة الفرنسية، ويبدو أنه قد تم تصويره لجعل المشاهدين يحبون باريس بقدر أكبر، ويواصلون الوقوع في حب ألوانها، وشوارعها، ومقاهيها، ومطاعمها ومتاجر الأعمال اليدوية الفنية بها، ومصممي الأزياء المميزين بها، وفنونها، وموسيقاها الحاضرة بقوة في حي مونمارتر، ومتاجر الخضراوات والفواكه ذات الألوان الزاهية، والرائحة الطازجة.
قصة حب إيميلي جميلة، لكن لا شيء يفوق الحب السحري الكبير الذي توقظه باريس، عاصمة الحب، في القلوب. وكما قال الكاتب الأميركي إرنست همنغواي «إن باريس حفل».


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.