مصر تعلن اكتشاف 7 مقابر بجبانة الحيوانات في سقارة

العثور على مومياء جعران للمرة الأولى... ومومياوات لتماسيح

مصر تعلن اكتشاف 7 مقابر بجبانة الحيوانات في سقارة
TT

مصر تعلن اكتشاف 7 مقابر بجبانة الحيوانات في سقارة

مصر تعلن اكتشاف 7 مقابر بجبانة الحيوانات في سقارة

أعلنت وزارة الآثار المصرية، أمس، عن اكتشاف 7 مقابر جديدة بجبانة الحيوانات بمنطقة آثار سقارة، بالجيزة، تضم مومياء جعران، ومومياوات لتماسيح، بجانب العثور على 7 مقابر من الدولتين القديمة والحديثة.
ويُعدّ هذا الكشف الأول ضمن 3 آخرين كانت الوزارة وعدت بالإعلان عنها قبل نهاية العام الحالي، وسيكون الاكتشافان الآخران في محافظتين بصعيد مصر.
وقال الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصرية، في مؤتمر صحافي أمس، بمنطقة آثار سقارة، إن البعثة الأثرية برئاسة الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، اكتشفت خلال عملها بالمنطقة 3 مقابر تعود للدولة الحديثة، و4 مقابر من الدولة القديمة، وداخلها مجموعة من تماثيل ومومياوات القطط المعبودة باستت، مشيراً إلى أن هذه هي «بداية الكشف فيما زالت أعمال الحفائر مستمرة».
من جانبه، قال وزيري إن «البعثة بدأت أعمال الحفائر في 10 أبريل (نيسان) الماضي، ثم توقفت بعد شهرين بسبب الميزانية وارتفاع درجات الحرارة، واستأنفت عملها من جديد في أغسطس (آب) الماضي»، وأضاف: «البعثة عثرت داخل هذه المقابر للمرة الأولى على مومياوين محنطتين لجعارين كبيرة، داخل تابوت من الحجر الجيري مستطيل الشكل ذي غطاء مقبى، رسمت عليه ثلاثة جعارين بالمداد الأسود، إضافة إلى عدد كبير من مومياوات الجعارين الصغيرة».
وأشار إلى أنه اتصل بكل متاحف العالم، وتأكد من عدم وجود مومياوات لجعارين، وكل الموجود هو تماثيل لها، متابعا: «هذا من أندر الاكتشافات في مصر والعالم»، و«المومياء الكبيرة بحالة جيدة من الحفظ، وملفوفة بلفائف كتانية».
ولفت إلى أن «البعثة عثرت على تابوت من الحجر الجيري مربع الشكل عليه جعران واحد بالمداد الأسود وبداخله مومياوات لجعارين».
ويقع الكشف الجديد في المنطقة الواقعة عند الحافة الصخرية حول الطريق الصاعد للملك أوسر كاف بجبانة سقارة الأثرية، وتم اختيار الموقع نظرا لاحتمال وجود مقابر لأفراد من عصر الدولة القديمة حول الطريق الصاعد للملك أوسر كاف. وسبق أن بدأت البعثة الأثرية الفرنسية أعمالها في بداية الحافة الصخرية من الناحية الشرقية، وتم الكشف عن كثير من المقابر التي ترجع إلى عصر الدولتين القديمة والحديثة، التي أعيد استخدامها في العصر المتأخر كجبانة للقطط، ثم توقفت أعمال حفائر البعثة الفرنسية بالموقع منذ عام 2008. وركزت البعثات أعمالها حول دراسة وتوثيق وترميم بعض المقابر المكتشفة، ثم توقف العمل تماما بالمنطقة عام 2013.
وقال وزير الآثار إن مقابر الدولة الحديثة غير منقوشة، وأعيد استخدامها في العصر المتأخر جبانة للقطط، أما مقابر الدولة القديمة، فهي 4، منها مقبرة «خوفو إم حات» المشرف على المنشآت الملكية بالقصر الملكي، أثناء أواخر الأسرة الخامسة وبداية الأسرة السادسة.
في السياق ذاته، قال الدكتور صبري فرج، مدير عام منطقة آثار سقارة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه لأول مرة يتم الكشف عن مومياوات لتماسيح داخل توابيت حجرية على شكل تمساح، مشيراً إلى أن «البعثة عثرت على تمائم للآلهة إيزيس وتاورت وحورس وجحوتي وأنوبيس وبتاح بتك، وبس، وتمائم للتاج الأبيض والتاج الأحمر، إضافة إلى خاتم من الفيانس». وأكد وزيري أنه «تم الكشف عن ألف تميمة من الفيانس من بينها مومياوات للعجل أبيس، وصور عليها عمود الوادج وعين الأوجات، و5 تمائم برونزية لآلهة مختلفة و8 رؤوس و3 أجزاء من الأواني الكانوبية من الألباستر وبعض الأدوات الكتابية التي كان يستخدمها المصري القديم، منها محبرتان بحالة جيدة من الحفظ بهما أقلام».
وأضاف: «تم العثور على عدد كبير من مومياوات القطط، (الآلهة باستت)، ونحو 100 تمثال خشبي لقطط مغطاة بطبقة من الذهب، وتمثال من البرونز للإلهة القطة باستت، في حالة جيدة من الحفظ وأربعة رؤوس لتماثيل من البرونز لها، وكثير من التماثيل الخشبية لحيوانات أخرى مثل الأسد والبقرة والصقر ومنها المغطى بطبقة من الذهب».
وتضمن الكشف العثور على توابيت خشبية ملونة لأفعى الكوبرا، بداخلها مومياوات للكوبرا، وبقايا توابيت خشبية لحيوانات أخرى «في حالة سيئة»، على حد تعبير الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار.
وداخل المقابر بدأ الأثريون أعمال الترميم الأولى للمومياوات والقطع الأثرية المكتشفة لحمايتها من العوامل البيئية، قبل أن يتم نقلها إلى معامل الترميم لتنفيذ أعمال الترميم الدقيق.
وأعلن العناني أنه «سيتم عرض القطع المكتشفة في متحف أمنحتب بمنطقة آثار سقارة لمدة شهر، فلن تدخل أي آثار مكتشفة المخازن بل سيتم عرضها للجمهور».
وتضمن الكشف كثيرا من أوراق البردي المكتوب عليها بالخط الهيراطيقي والخط الديموطيقي، وقال فرج إن «هذا الكشف مهم حيث نقش على ورق البردي نصوص كتاب الموتى، كما ظهر ولأول مرة أسماء لأفراد من خلال الكشف عن باب وهمي لسيدتين، إحداهما تسمى (سوبك سخت) والأخرى (مفي)».
وأضاف فرج أنه «تم العثور على كثير من السلال والحبال المصنوعة من نبات البردي ودفنات آدمية عثر بداخل أحدها على مسند رأس من خشب الزان وأوان من الألباستر والبرونز داخل تابوت خشبي، إضافة إلى العثور على كثير من الكتل الحجرية المنقوشة وأجزاء من أبواب وهمية، منها كتلتان كبيرتان تمثلان جزءا من عتبة مقبرة بسقارة لأحد وزراء الدولة القديمة يدعى (عنخ ماحور)، وهي مقبرة معاد استخدامها».
ولفت إلى أن منطقة آثار سقارة تخفي كثيرا من الأسرار، فهناك 23 بعثة أثرية تعمل في المنطقة بينها 3 بعثات مصرية، ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن اكتشافات أخرى في المنطقة.
وقال وزيري إن «هذه المنطقة واعدة، وقبل يومين اكتشفنا مقبرة ثامنة في الموقع سنبدأ في الحفائر داخلها لمعرفة ما تتضمنه».
وقال العناني إن «الوزارة ستعلن عن اكتشافين آخرين قبل نهاية العام في صعيد مصر»، مشيدا بحضور السفراء للأحداث الأثرية، حيث حضر نحو 80 سفيرا لأنشطة أثرية في أسوان والوادي الجديد وسيوة وسانت كاترين، على مدار الفترة الماضية، وقال: «هذا يدل على مدى اهتمام العالم وتقديره للحضارة المصرية».


مقالات ذات صلة

اكتشاف رأس تمثال لأحد كبار الشخصيات بالعصر البطلمي في الإسكندرية

يوميات الشرق الرأس المكتشف في الإسكندرية من العصر البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

اكتشاف رأس تمثال لأحد كبار الشخصيات بالعصر البطلمي في الإسكندرية

يصل ارتفاع الرأس المكتشف إلى 38 سنتيمتراً، وهو أكبر من الحجم الطبيعي لرأس الإنسان، ما يشير إلى أنه كان جزءاً من تمثال ضخم قائم في مبني ضخم ذي أهمية سياسية عامة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق قصر البارون إمبان بمصر الجديدة (وزارة السياحة والآثار)

قصور مصر التاريخية لاستعادة طابعها الحضاري

تسعى مصر لترميم وإعادة تأهيل القصور التاريخية لتستعيد تلك «التحف المعمارية» طابعها الحضاري وتدخل ضمن خطط السياحة الثقافية بالقاهرة التاريخية ذات السمات المميزة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق الدكتور محمد الكحلاوي يتسلم نجمة الاستحقاق الفلسطينية من السفير دياب اللوح (اتحاد الآثاريين العرب)

«وسام فلسطين» لرئيس «الآثاريين العرب»

منح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الثلاثاء، نجمة الاستحقاق ووسام دولة فلسطين للدكتور محمد الكحلاوي، رئيس المجلس العربي للآثاريين العرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من الكشف الأثري في جبَّانة أسوان بجوار ضريح الأغاخان (وزارة السياحة والآثار)

جبَّانة أسوان ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية عالمياً في 2024

جاءت جبَّانة أسوان الأثرية المكتشفة بمحيط ضريح الأغاخان في مدينة أسوان (جنوب مصر) ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية على مستوى العالم خلال عام 2024.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق واجه الآثاريون مشاقَّ في الوصول إليها والتنقيب في أسرارها وفك رموزها (واس)

مدوَّنة سعودية لحفظ تراث 14 قرناً من نقوش الجزيرة العربية

بعد أن بقيت النقوش القديمة محفوظة على الصخور وبطون الأودية في الجزيرة العربية أضحت تلك الكنوز التاريخية متاحة من خلال مدونة لغوية أطلقتها السعودية للوصول إليها.

عمر البدوي (الرياض)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».