تولر: ندعم غريفيث والمرجعيات الثلاث... والحوثيون وسّعوا انتشار «القاعدة»

السفير الأميركي شدد في حوار مع «الشرق الأوسط» على ضرورة نضج الجماعة الانقلابية سياسياً

تولر: ندعم غريفيث والمرجعيات الثلاث... والحوثيون وسّعوا انتشار «القاعدة»
TT

تولر: ندعم غريفيث والمرجعيات الثلاث... والحوثيون وسّعوا انتشار «القاعدة»

تولر: ندعم غريفيث والمرجعيات الثلاث... والحوثيون وسّعوا انتشار «القاعدة»

يشعر السفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر «بارتباط كبير مع اليمنيين. الوضع الحالي يتسبب لي في كثير من الحزن. كسفير أميركي أنا ملزم بالعمل في داخل إطار مصالح الولايات المتحدة وتطويرها في اليمن. ومصالح الولايات المتحدة مرتبطة بيمن موحد ومستقر. ومصالحنا مرتبطة بوجود حكومة يمنية يمكننا معها تطوير مصالحنا المشتركة». ويقول تولر، إن «حكومة الولايات المتحدة من مصلحتها أن يكون اليمن حراً من لعنة المجموعات المتطرفة. نريد أن نرى يمناً يتمتع بالأمان براً وبحراً. وعلاقات متميزة مع جيرانه وقوية؛ مما يخدم مصالح المنطقة بأسرها. ونحن في الولايات المتحدة حكومة وشعباً نتطلع إلى العمل على رفع المعاناة عن اليمنيين وإيجاد حكومة حرة مستقلة تخدم تلك المصالح.
وفي حوار مع «الشرق الأوسط» جرى عبر الهاتف صباح الأربعاء، شدد السفير على أن بلاده لا تحمل أي خطط لتقسيم اليمن طائفياً أو غير، وأنها تدعم الحل بالمرجعيات الثلاث.
وأظهر تولر، الذي سيحزم حقائبه قريباً ليبدأ صفحة دبلوماسية جديدة سفيراً للولايات المتحدة لدى العراق، ثقة ودعماً كاملين للمبعوث الأممي مارتن غريفيث، الذي قال: إنه استطاع كسب ثقة جميع الأطراف، ويملك خبرة واسعة في التوسط.
كما استحضر المبعوث الفكرة التي لطالما تتردد في حواراته، وهي مسألة النضج السياسي، وأعطى هذه المرة مساحة أكبر في حديثه حولها، ليشرح كيفية الوصول إلى نتائج قريبة تصب في النهاية بمصلحة الشعب اليمني.

30 يوماً
«ماذا إذا لم يتم التوصل إلى ما دعت إليه واشنطن في مسألة بدء نهاية الأزمة خلال 30 يوماً؟». أجاب تولر: ستصيبنا خيبة أمل، لكننا سنعمل مع الشرعية على تلبية احتياجات اليمنيين وتطلعاتهم، وسنساعدهم على المضي قدماً في هذا الإطار. والحل السياسي يتطلب من الحوثيين أن يطوروا النضج السياسي. لا نستطيع أن نسمح للحوثيين بخطف الخطوات التي تحتاج المضي قدماً في البلاد بأسرها»، ويكمل: «اليمنيون يحتاجون إلى حكومة تثبّت صرف العملة الوطنية، وتقدم تسهيلات للواردات التجارية وتوفر فرص عمل وخدمات أساسية في المجال الصحي والكهرباء والمياه النقية ومنع انتشار الأمراض»، مشدداً: «سنعمل مع الحكومة اليمنية لتلبية هذه الاحتياجات، وبالتالي سيدرك أولئك الذين يدعمون الحوثيين أن مصالحهم تكمن مع تلك الحكومة».
وبالعودة إلى البيانات التي صدرت من وزيرَي الخارجية والدفاع (الأميركيين) اللذين دعيا إلى إنهاء الأزمة الأسبوع الماضي، فإن تولر يرى أن «العملية العسكرية لا تحقق الانتصارات، ولا تحقق مصالح لليمنيين؛ لأنه يجب الانخراط في العملية السياسية التي ستحقق تطلعات اليمنيين».

مخطط أميركي؟
«لا يوجد لدى الولايات المتحدة أي مخطط لتوفير أي مناطق حكم ذاتي مبني على أساس عرقي أو عقائدي. ندرك أن اليمنيين هم شعب واحد، في مؤتمر الحوار الوطني رأينا اليمنيين عبّروا عن رأييهم عن توفير منظومة حكم داخل البلاد، حيث تنتقل السلطة من المركزية إلى المستويات المحلية داخل البلاد. وهذا هو موقفنا الذي يتسق مع مخرجات الحوار الوطني». بهذا أجاب السفير عن سؤال حول الأنباء المتداولة بأن هناك مخططاً يقضي باحتفاظ الطرفين بالمساحة الجغرافية الموجودة حالياً، وأنه لن يكون هناك تسليم بالفعل للأسلحة.
لكن السفير توقف عند مسألة الأسلحة حين قال: إن «اليمن ليست الدولة الوحيدة التي تواجه تحدياً مع حرب، وعليها التعامل مع مسألة وجود أسلحة (...) داخل إطار الأمم المتحدة، وإذا أخذنا بالاعتبار المبعوث الأممي الجديد مارتن غريفيث الذي لديه خبرات كبيرة كوسيط في هذه الأمور، أنا واثق أن الأمم المتحدة سوف توجد آلية من خلالها تبني الثقة بين الأطراف ومن ثم تسحب الأسلحة من الأطراف المختلفة.
وبالتالي، لدينا ثقة مطلقة إذا ما انخرطت الأطراف بنية حسنة وبمساعدة المجتمع الدولي والأمم المتحدة، فإنه بالإمكان سحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة من الأطراف غير المخولة بامتلاك الأسلحة خارج إطار الدولة.

ما رأيك بغريفيث؟
فضّل تولر الرد على السؤال بديباجة، قال فيها: «كان لي شرف العمل مع 3 مبعوثين أممين لليمن. جميعهم كانوا ملتزمين وذوي مهارات عالية. وجميعهم كانوا يعملون بالتزام على مساعدة اليمن للخروج من الأزمة الناتجة من نقل السلطة من الرئيس صالح».
ثم أجاب: «المبعوث الحالي مارتن غريفيث أتى بثراء من المهارات والخبرة في هذا المجال، وأعتقد أنه أثبت بما لا يدع مجالاً للشك بطاقة ومهارات في التواصل مع مختلف الأطراف عبر رحلاته المكوكية، وأثبت أنه يستطيع العمل مع مختلف الأطراف».
ويذكّر السفير هنا بأن لديه قناعة مفادها أن تلك اللحظات «التي لا نرى فيها أي تقدم في الملف، فإنه ليس بالضرورة أن ينمّ ذلك عن قصور في أداء المبعوث، بقدر ما هو ناجم عن عدم رغبة أطراف معينة في الصراع في تقديم التزامات قوية للتوصل إلى حل يفضي بالخروج من الصراع.... أنا متفائل جداً بما يفعله مارتن غريفيث، وأدعمه بشكل كامل لجهوده كافة».

أتثق بالحوثيين؟
يقول السفير الأميركي: إن أنصار الله (الحوثيين) «جزء لا يتجزأ من اليمن. لا يوجد من يفهمهم أكثر من اليمنيين أنفسهم. هم جزء من اليمن وسيبقون كذلك. وبالتالي الحل سيبقى لدى اليمنيين على كيفية رؤيتهم لهذا الحل، ولدى الأطراف الأخرى التي ستشاركهم في هذه السلطة».
كما أنه يرى أن الترتيبات اليمنية المحلية يجب أن تقتصر على اليمنيين أنفسهم.
ثم يقول: أعلم أن هناك قدراً من عدم الثقة بالحوثيين والتزامهم بأي اتفاقيات على ضوء التجارب الماضية.

اختبار النضج السياسي
«هل لا تزال تصر على اختبار نضج الحوثيين سياسياً»؟ نعم؛ لأن هذه هي طبيعة أي مفاوضات، لأن كل طرف يختبر مدى نضج الطرف الآخر واستعداده لتقديم تنازلات والتوصل إلى تسويات، ومدى مقدرة الأطراف المختلفة بالالتزام بالاتفاقيات التي تم التوصل إليها.
يكمل تولر: عندما تحدثت في المقابلة السابقة عن النضج الحوثي السياسي، كان الحديث عن نتيجة سلوكياتهم التي تشارك مباشرة في تثبيت الانطباع لدى الطرف الآخر عنهم. النضج السياسي هو مقدرة طرف معين على رؤية كيفية تفكير الطرف الآخر، وبالتالي السعي وراء إيجاد أرضية مشتركة قد تجمع الطرفين معاً».
ويستفيض في الشرح قائلاً: «ليحقق الحوثيون هذا النضج السياسي والتوصل إلى اتفاقية ثابتة يجب عليهم أن يطوروا قابليتهم لإدراك أن هناك شرعية، وأنها يجب التعامل معها على هذا الأساس... كررت منذ بداية الأزمة أن الحكومة والأحزاب السياسية الأخرى ظلت تسعى وراء إيجاد سبل للتعامل عن المظالم التي يتحدث عنها الحوثيون، وكان هناك إدراك أن حوثيين كثراً قتلوا خلال الحروب في صعدة، وهناك الكثير من العائلات كانوا في حاجة إلى تلقي مساعدات اجتماعية من الدولة، وكان هناك انطباع بأن الحوثيين تم عزلهم من الاستفادة من الخدمات والمساعدات التي كانت تقدمها الدولة للمواطنين الآخرين.
ولكن ما نفتقده الآن أنه رغم العروض التي تم تقدميها فإننا لا نرى أي أيد حوثية تتلقف هذه العروض. مرة أخرى، أنا متفائل بما أن هناك مفاوضات مقبلة في الأفق، وربما هذه المفاوضات تستغرق أعواماً كثيرة.
وما أعنيه – وهنا عودة للنضج السياسي - كما يقول السفير: «آمل أن يدرك الحوثيون أنه داخل إطار دولة القانون والنظام والدستور؛ عليهم ألا يتوقعوا أن يتم التعامل معهم بطريقة مستثناة عن بقية المواطنين اليمنيين. وعندما يتحقق هذا النضج السياسي عند الحوثيين وأتباعهم فعندها يمكن تحقيق الحل طويل المدى والدائم لليمن».

انتشار «القاعدة»
كيف تقيّم وضع المجموعات الإرهابية في اليمن؟ يجيب تولر: «دعني أوضح هذه النقطة التي قد تغيب على كثير. لم يعانِ أحد في العالم من (القاعدة) و(داعش) كما عاناه اليمنيون. فهؤلاء المجموعات المتطرفة قتلت من اليمنيين أكثر ممن يسمونهم أعداء في الغرب. لذلك؛ فقد تسببوا في معاناة اليمنيين وجلبوا الفقر وزعزعوا الأمن في المناطق التي عملوا فيها».
ثم يرفع نبرة صوته قائلاً: «أتسألني عن مدى الانتشار الذي أراه منذ أتى الحوثيون إلى صنعاء... حسناً، أعتقد أن نتيجة ما فعله الحوثيون منحوا حرية كبيرة جداً لعناصر (القاعدة) والمجموعات المتطرفة أن يتحركوا داخل البلاد بحرية أكثر. عندما أتى الحوثيون إلى صنعاء وكنت هناك في ذلك الحين وبالتالي تمكنت من التواصل معهم، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. كانوا يحاولون إقناعي بأنهم أتوا إلى صنعاء فقط لمحاربة الفساد الإداري والمالي ومحاربة (القاعدة) و(داعش)».
يكمل السفير قصته مع الحوثيين بالقول: «قلت لهم إن ما تفعلونه سيكون هدية عظيمة لـ(القاعدة)، وأن سلوكياتهم سترفع الفساد المالي والإداري وتشتيت موارد الدولة الاقتصادية. وأنا بكل أسى أقول إن الوقائع على الأرض كنت على حق آنذاك». الطريقة التي يستخدمها الناس لمواجهة الفساد المالي والإداري و«القاعدة» وغيرها تتمثل في إيجاد دولة قوية وثابتة ومستقرة، ويضيف: «باختطاف مؤسسات الدولة وتدميرها فإن الحوثيين شاركوا بتعزيز مواقف القاعدة والجماعات المتطرفة، ورفع مستوى الفساد الإداري».

{المؤتمر الشعبي»
بسؤاله عن الانقسام الحاصل بين قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام، أوضح تولر أنه يرغب في رؤية إنهاء الجدل القائم داخل الحزب «لأن حزباً كالمؤتمر الشعبي العام بهذا الشكل لا يفيد، فهو يضم كثيرا من التيارات السياسية في البلاد. وما يمكن أن أقدمه كنصيحة لأصدقائي في المؤتمر الشعبي العام هو أنه كلما طال الأجل قبل لملمة صفوفهم لتوحيد الحزب، فإنهم سيجعلون أولئك الذين لا يريدون خيرا للبلاد يتمتعون براحة أكثر. وآمل في أن يتمكن (المؤتمر) من تجاوز الأزمة والخروج منها، لأنه ليس حزبا خاصا بفرد، بل هو لليمنيين بأسرهم. وأعتقد أن هذا ينطبق على بقية الأحزاب اليمنية التي ينبغي عليها تقديم نظرة بعيدة عن الطائفية أو المناطقية بل أحزاب تخدم اليمن بكل شرائحه الاجتماعية».

القضية الجنوبية
يؤكد السفير تولر أن الملف الجنوبي كان مهما جدا في إطار الحوار الوطني. «فاليمنيون بأسرهم وليس فقط أولئك القادمون من الجنوب أدركوا أن هناك قضايا سياسية معينة معنية بالجنوب وكذلك الخلافات الموجودة، خصوصا أثناء الهيمنة السياسية آنذاك»، لذلك يعتقد السفير أن «أصوات الجنوبيين يجب أن تكون مستمرة في إطار أي عملية سياسية مستقبلية، ولا أعتقد أن أي مجموعة تحتكر ادعاء تمثيل الجنوب، وأنا أعتقد أن هناك البعض في الجنوب يرون أن مصالحهم مرتبطة بالبنية السياسية القائمة حاليا. وهناك آخرون يرون إيجاد مجموعات سياسية للتعامل مع مظالم يرونها».
«ولأن هذا هو الواقع في الجنوب»، يقول تولر «فإني أعيد وجهة النظر للمبعوث لأنه قبل التعامل مع القضية الجنوبية يجب أن تكون هناك حكومة قوية تعنى بشؤون اليمنيين بأسرهم قبل التعامل مع القضية الجنوبية». مضيفا: «أعتقد أن أفضل السبل التي يتم التعامل خلالها مع القضية الجنوبية هي الحكومة اليمنية الأكثر شمولية». ويكمل: «أتفهم أن البعض يقول يجب أن نحل هذه القضية قبل القضية الجنوبية، وليس هذا ما أقوله وليست هذه رغبة المبعوث الأممي. جميعنا ندرك ونحترم القضية الجنوبية ومظالمها وجميعنا يرغب في التعامل مع هذا الأمر بأن تنتهي هذه المشكلة بشكل يضمن الديمومة والاستقرار».

ماثيو تولر («الشرق الأوسط»)



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.