الجزائر: ملاحقة مسؤول كبير في قضية «قناطير الكوكايين»

بعد أيام من إطلاق سراح ضباط بارزين اتهموا بالفساد

TT

الجزائر: ملاحقة مسؤول كبير في قضية «قناطير الكوكايين»

تعرض مسؤول أمني كبير في الجزائر، أمس، إلى المتابعة القضائية بسبب وجود شبهة حول صلته بقضية أثارت اهتمام الرأي العام الجزائري، لارتباطها بالاتجار بالمخدرات الصلبة، و«استغلال الوظيفة بغرض التربح السريع»، ولاتصالها بأنشطة عقارية كبيرة مريبة. كما أن هذه القضية أسقطت عشرات من المسؤولين المدنيين العسكريين، وأدت إلى سجن ضباط سامين بالجيش، لكن أفرج عنهم قبل أيام قليلة، دون إلغاء التهم ضدهم.
وقال مصدر حكومي، رفض نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن نور الدين براشدي، مسؤول جهاز الشرطة بمحافظة الجزائر العاصمة سابقا، سيستدعى خلال الأيام المقبلة من طرف قاضي التحقيق بمحكمة العاصمة، لتوجه له أسئلة حول علاقته بكمال شيخي، الشهير بـ«البوشي»، والموجود حاليا في السجن، بحكم أنه المتهم الرئيسي في قضية مصادرة 701 كلغ من الكوكايين بميناء وهران (غرب)، نهاية مايو (أيار) الماضي.
وعزل العقيد مصطفى لهبيري، مدير عام الشرطة الجديد، براشدي مطلع يوليو (تموز) الماضي بمجرد أن بلغه أن شيخي كان صديقه. كما أصدرت النيابة الأسبوع الماضي أمرا بمنعه من السفر إلى الخارج في سياق استمرار التحقيق في الملف.
وأوضح المصدر القضائي أن براشدي متورط في تقديم تسهيلات لـ«البوشي»، تتعلق ببناء عقارات ضخمة وامتلاك أراض بأحياء راقية لبناء عمارات. وبالمقابل، تسلم مسؤول الأمن سابقا من شيخي شققا فاخرة وامتيازات كثيرة.
يشار إلى أن النشاط الرئيسي لشيخي هو استيراد لحوم حمراء من أميركا الجنوبية لصالح الجيش. وقد جاءت آخر شحنة من اللحوم محملة بالمخدرات على ظهر سفينة قادمة من البرازيل. أما بيع وشراء العقار فهو نشاط آخر لشيخي، وهو مهم بالنسبة إليه لأنه يدر عليه أموالا طائلة، وبفضله أقام شبكة علاقات قوية مع مسؤولين نافذين على كل المستويات لتسهيل أعماله. وقد صرح محاميه للصحافة بأنه لا دراية له بالمخدرات التي جاءت في السفينة داخل حاويات اللحم المجمد. ولمح إلى أن الكوكايين تم شحنه دون علم شيخي في الباخرة، عندما توقفت في إسبانيا، قبل أن تكمل رحلتها إلى وهران.
يشار إلى أن شقيق شيخي وشريكه في مؤسسة العقارات التي يملكها، و16 شخصا آخرين، ينتمون لأجهزة حكومية تابعة للبناء والعمران، يوجدون بالحبس الاحتياطي.
وأفاد المصدر القضائي بأن غرفة الاتهام بمحكمة الاستئناف بالعاصمة هي الجهة التي أمرت بمتابعة براشدي. مؤكدا أنها أصدرت أيضا أوامر باستدعاء نجل اللواء عبد الغني هامل، مدير عام الشرطة المعزول في مايو الماضي، لوجود صلة بينه وبين شيخي. علما بأنه تم عزل هامل بقرار من رئيس الجمهورية، بعد ساعتين فقط من تصريحات خطيرة للإعلام، جاء فيها أن التحقيقات الأولية في قضية المخدرات «شابتها تجاوزات كبيرة». وقال أيضا: «من يزعم أنه يحارب الفساد فعليه أن يكون نظيفا»، وكررها مرتين من دون أن يذكر من يقصد بالتحديد. لكن فهم من اتهاماته أن المعني بكلامه مسؤولون في جهاز الدرك، الذين أمسكوا بالملف قبل إحالته إلى القضاء لاستكمال التحقيق.
وكانت تصريحات هامل بمثابة ردة فعل غاضبة، بعد أن أتى التحقيق على ذكر نجله وسائقه الشخصي. وفي اليوم نفسه أبعدت الرئاسة قائد سلاح الدرك اللواء مناد نوبة ثم سجنته. وجرى حديث في أوساط التحقيق القضائي بأن نوبة كان على صلة بمعاملات صاحب كمية المخدرات المصادرة، وفي الأيام التي تلت ذلك، تم عزل ثم اعتقال أربعة جنرالات بارزين، وعقيد في الأمن، واتهمهم القضاء العسكري بـ«استغلال الوظيفة بغرض التربح غير المشروع». لكن أفرج عنهم الأسبوع الماضي، بعد أن احتفظت النيابة بالتهمة ضدهم، وسيحاكمون في وقت لاحق.
وتابع المصدر القضائي بأن المحققين يملكون فيديوهات أعدها شيخي، تتضمن صورا عن كل لقاءاته بالمسؤولين المعتقلين والمتابعين، داخل مكتبه بشركته في العاصمة. ومنهم من صوره وهو يتلقى رشوة، وغالبية هؤلاء موظفون بالهيئات الحكومية التابعة لقطاع البناء والتهيئة العمرانية.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.