هضبة الجولان... خاتمة المعارك؟

في ضوء المقاطعة الصريحة للانتخابات المحلية الإسرائيلية

هضبة الجولان... خاتمة المعارك؟
TT

هضبة الجولان... خاتمة المعارك؟

هضبة الجولان... خاتمة المعارك؟

في الوقت الذي تحولت سوريا الأم مرتعا لحروب النفوذ بين مراكز القوى المحلية والإقليمية والعالمية، وبات يبدو فيه أن المنقضين على ما تبقى من الشام يزيدون على تعداد أهل الشام، ويتوه فيه المشرّدون السوريون ما بين عطشهم للوطن وخوفهم من الوطن، وصار فيه الركام الهائل رمزا لنفسية الإحباط القاتل، انطلقت صرخة شامية أصيلة من تلك المرتفعات الجنوبية الغربية، المعروفة بهضبة الجولان.
سوريون من المهد إلى اللحد، الوالد والولد، الجدة والجد، صغاراً وشباباً ومسنين، نساءً ورجالاً، هبوا جميعاً منتفضين يقولون «لا» كبيرة للاحتلال، الذي قرّر اختبار مدى انتمائهم... فندم على هذا الاختبار.

المحاولة التي أقدم عليها وزير الداخلية الإسرائيلي آريه درعي، لإجراء انتخابات بلدية في أربع قرى في الجولان السوري المحتل، هي مجدل شمس ومسعدة وعين قنيا وبقعاثا، سوية مع الانتخابات البلدية الإسرائيلية، لم تكن بمثابة «هدية ديمقراطية» للسكان يراد بها «منحهم الحق في إدارة شؤونهم لوحدهم»، كما زعم.
وحتى الاعتقاد بأن هذه الانتخابات هي محاولة لتثبيت الاحتلال الإسرائيلي على هذه الأرض، يكون مجرد حساب تقليدي أقرب إلى الشعار. فإسرائيل عملت وتعمل بشكل حثيث طيلة 51 سنة لجعل الجولان «منطقة إسرائيلية»، كما هو حال مساعيها في القدس الشرقية المحتلة.
الحقيقة أن هذه الانتخابات، جاءت لتكون واحدة من عشرات «بالونات الاختبار» التي أطلقتها إسرائيل نحو القصور في دمشق وموسكو وطهران وأنقرة، في السنوات الثلاث الأخيرة، طلبا لحصة لها في الكعكة السورية. إذ ثمة اعتقاد في تل أبيب بأن الحرب السورية قد انتهت وجاء وقت تقاسم الغنائم. وبما أن تركيا تطلب «حصة» لها في الشمال الغربي، وروسيا تفرض وجوداً راسخاً على الأرض السورية، وإيران تغرس مخالبها عميقاً في الجسد السوري، يحق لإسرائيل – حسب منطق قادتها – أن تحظى بهذه «البقعة الصغيرة». فهي لا تساوي أكثر من 1 في المائة (1800 كيلومتر مربع من مجموع 185 ألفا و180 كيلومترا مربعا) من مساحة سوريا الأصلية.

- حلم «الضم» الإسرائيلي
لقد حاولت الحكومة الإسرائيلية الفوز بهذه البقعة طيلة سنوات الاحتلال، لتجعل منها جزءاً لا يتجزأ من الدولة العبرية، وفشلت.
استهلت هذه المحاولات بالاستيطان اليهودي فيها. صرفت على ذلك أموالا طائلة تقدر بالمليارات. وفي عام 1981. سنّ في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) قانونا يقضي بضم الجولان إلى السيادة الإسرائيلية. وعرضت بيوت السكن بنصف الأسعار الرسمية في إسرائيل. وخفضت الضرائب بنسبة 12 في المائة. وأقامت الحكومة الإسرائيلية المناطق الصناعية والمزارع الحيوانية والمرافق السياحية، بما في ذلك التزلج على الجليد. كذلك أنشأت مدينة «كتسرين» الاستيطانية و32 مستوطنة قروية. وخصّص الجيش الإسرائيلي 60 في المائة من أراضي الجولان قواعد عسكرية توفر الحماية والأمان للسكان. لكن عدد المستوطنين اليهود هناك لم يزد عن 22 ألفاً، ومقابلهم صار عدد العرب في القرى الأربع (مع قرية غجر في رأس منخفض الحولة غرباً) 27 ألفاً.
وفي عام 1992 أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي، إسحاق رابين، استعداده للتنازل عن الجولان مقابل سلام كامل مع سوريا، بشرط أن يتم الانسحاب بالتدريج خلال خمس عشرة سنة. لكن القيادة السورية أضاعت تلك الفرصة، فعاد الإسرائيليون إلى صيغة استئجار الجولان لسنين طويلة (25 سنة قابلة للتجديد 25 سنة أخرى). وتقدّمت المفاوضات خطوات كبيرة بين تل أبيب ودمشق حول هذه الصيغة، خصوصا في فترة حكم إيهود أولمرت، عام 2008. غير أن الإدارة الأميركية أفشلت الاتفاق، يومذاك، بسبب خلافاتها الشديدة مع دمشق.
بعدها تغيرت الظروف. وأحدثت الانتفاضة السورية عام 2011 انعطافاً حاداً في الموقف الإسرائيلي. إذ اختار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزراؤه ومخابراته التفرّج على السوريين، وهم يهشمون بعضهم بعضاً ويستنزفون مقدرات الدولة، والتساؤل علناً «إذا كان النظام السوري يبيد وطنه وبلده وأهله، فهل من المنطق أن تعيد إسرائيل الجولان إليه؟ فلو كانت إسرائيل قد انسحبت من الجولان، لكانت الحرب قد وصلت إلى طبريا وأعالي الجليل، كما كان الوضع عليه قبيل حرب 1967».
وهكذا، راحت إسرائيل تناور ما بين أطراف الصراع، فترضي النظام تارة والمعارضة طوراً. والتقت مع بضعة أوساط معارضة ودخلت في مساومات معها، أسفرت عن الإعلان عن بلورة «تفاهمات» حول استئجار الجولان لفترة طويلة وتحويله إلى «حديقة سلام إقليمية».
وكلما تغوّل السوريون في «حربهم» المدوّلة أكثر، رأت إسرائيل بوضوح أكبر كيف يجري التخطيط لتقسيم سوريا إلى عدة دويلات طائفية، وكيف يطمع جيران سوريا بأجزاء من أراضيها. وبالتالي، بدأت تطالب بالاعتراف الدولي في قرارها ضم الجولان إليها.

- مؤشرات لصفقة إيرانية؟
لقد طرقت حكومة بنيامين نتنياهو، بالفعل، كل الأبواب الممكنة للوصول إلى هذا الهدف، عبر القنوات السرية، بداية، ثم العلنية. وبعدما اعترف الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها من تل أبيب، أعلن نتنياهو صراحة، في مطلع السنة الجارية، أن «إسرائيل ما زالت تأمل أن تعترف الولايات المتحدة بأحقيتها في السيادة على هضبة الجولان».
وفي شهر مايو (أيار) الماضي، قال مسؤول إسرائيلي كبير إن «الاعتراف الأميركي ربما يأتي في غضون شهور، بينما أبدى عدد من المسؤولين الأميركيين تأييدهم لهذه الخطوة بذريعة أن الاعتراف الأميركي بسيادة إسرائيلية على الجولان يساعد على كبح ومواجهة النفوذ الإيراني في سوريا».
الظاهر أن واشنطن لا ترفض الفكرة بالمطلق. فمع أن مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، قال في مقابلة مع الصحافة الإسرائيلية، أثناء زيارته تل أبيب يوم 20 أغسطس (آب) 2018، إنه «لا يجري بحث أمر الاعتراف بضم إسرائيل للجولان، ولم يُتخذ قرار (بهذا الشأن) داخل الحكومة الأميركية»، فإن ديفيد فريدمان، السفير الأميركي لدى إسرائيل، قال خلال مقابلة مع صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، يوم 7 سبتمبر (أيلول) 2018 إن «هضبة الجولان ستبقى دائماً تحت السيادة الإسرائيلية ولن تعاد إلى سوريا». وتابع «لا يمكنني تخيّل وضع لا تشكِّل فيه هضبة الجولان جزءاً من إسرائيل إلى الأبد. فالتخلّي عن الجولان كفيل بأن يضع إسرائيل في دوامة أمنيّة كبيرة. لذلك أتوقّع للوضع الراهن أن يبقى».
وحسب مسؤول رفيع في تل أبيب فإن بنيامين نتنياهو، لم يفوّت فرصة في لقاءاته الكثيرة مع المسؤولين في الغرب، إلا وطرح مطلبه حول الاعتراف بضم الجولان. بل، وطرحه مع الروس أيضاً، ضمن صفقة شاملة لتقاسم النفوذ في سوريا. ومن ثم، لم يستبعد خبراء إسرائيليون احتمال أن تكون حكومة نتنياهو في وارد أن تدخل إيران في هذه التفاهمات، على أساس من القبول بوجود إيراني رمزي في سوريا مقابل الموافقة على ضم الجولان لإسرائيل.
ويرى هؤلاء أن نظام طهران بات اليوم أضعف بعدما بدأت العقوبات الأميركية تترك أثرها على الاقتصاد الإيراني المنهار أصلاً. يضاف إلى ذلك التهديدات الحربية الإسرائيلية المتواصلة والضربات الإسرائيلية المباشرة وغير المباشرة للإيرانيين داخل سوريا، والعمليات الاستخبارية الإسرائيلية في إيران نفسها، حيث اغتيل الكثير من علماء الذرّة الإيرانيين، وجرى تدمير برامج الحواسيب في المفاعل النووي، ونجح «كوماندوز» جهاز الاستخبارات الإسرائيلي «الموساد» بالدخول إلى قلب طهران وتحميل أرشيف المشروع النووي الإيراني على حافلة ونقله من هناك إلى إسرائيل من دون أن يُكتشف. كل هذه النشاطات مهينة لطهران ومسيئة لهيبتها في الداخل والخارج، وهي تريد أن لا تتكرّر بالتأكيد.
وحقاً، نشرت تلميحات في الأسابيع الأخيرة بأن نتنياهو شخصياً طرح المسألة في لقاءاته مع عدة شخصيات عربية التقاها أخيراً، بما فيه اللقاءات في سلطنة عُمان، وكذلك فعل يوسي كوهين رئيس جهاز «الموساد» الذي يدير الاتصالات السرية بين إسرائيل وعدة دول أخرى لا تقيم معها علاقات دبلوماسية. وحسب المتخصصين في الشؤون الأمنية في الصحافة الإسرائيلية، فإن الرسائل الموجهة من تل أبيب عبر مختلف الوسطاء إلى إيران أيضاً، طرحت هذا المطلب وتضمنت أحاديث عن «صفقة تفاهمات». وزيارة نتنياهو إلى مسقط لم تقتصر على الموضوع الفلسطيني، بل تطرّقت بالتفصيل إلى الموضوع الإيراني، من خلال إدراك تل أبيب أن سلطنة عُمان تقيم علاقات رتيبة مع إيران، وكانت قد استضافت المحادثات الأولية بين الدول الكبرى الست وإيران حول الاتفاق النووي في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
وهنا يذكر الدكتور يوسي ميلمان، أحد أبرز خبراء الشؤون الأمنية في الصحافة العبرية، أن «إسرائيل كانت قد أجرت اتصالات مع حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني بوساطة جهاز مخابرات غربي في العام 2015، من أجل بحث مصير الطيار الإسرائيلي المفقود، رون أراد». وتابع ميلمان أن «الرقابة العسكرية الإسرائيلية سمحت بنشر بعض تفاصيل الاتصالات (بين إسرائيل وأعدائها في المنطقة)، وبضمنها أن حزب الله أبدى (تفاؤله) بنجاح جهوده لمعرفة مصير أراد، في أعقاب ورود معلومات استخباراتيّة جديدة جمعها الحزب في الفترة الأخيرة عن الطيار، الذي سقطت طائرته فوق لبنان قبل نحو 30 سنة، ولا يعرف مصيره حتى اليوم. ولكن، في نهاية الاتصالات، أعرب حزب الله عن فشله في التوصل لنهاية لغز الاختفاء حالياً على الأقل، وادّعى بأن التربة التي دُفِنَ فيها أراد تغيّرت عدّة مرات منذ الفترة التي توفي فيها. كذلك نقل عن الحزب ثقته بأنه يستطيع العثور على مكان دفن أراد». ولفت ميلمان إلى معلومات نشرت عام 2016 عن لقاء إسرائيلي - إيراني مباشر عقد في قبرص في شهر مايو (أيار) من العام 2016 بمشاركة مساعد الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني.
الانتخابات البلدية الأخيرة
عودة إلى الانتخابات المحلية (البلدية) الأخيرة، يجب القول إن إسرائيل اختبرت أهالي الجولان – وجلّهم من المحدين الدروز – مرّات كثيرة في الماضي، وفشلت في زحزحتهم عن موقفهم المتمسك بالانتماء لوطنهم الأم سوريا. لقد جرّبت «العصا»... وجرّبت «الجزرة».
حاولت إغراءهم بإنشاء دولة درزية، تضم أبناء الطائفة المعروفة اللبنانيين والسوريين سوية مع بعض القرى الدرزية في الجليل. وفتحت لهم الطريق لتصدير منتوجهم من التفاح إلى سوريا والأردن. كذلك حاولت قمع القوى الوطنية فيهم واعتقلت المئات منهم بتهمة الإرهاب. ثم حاولت شق صفوفهم وتأليبهم ضد بعضهم البعض... إلا أنها لم تفلح. ولكنها، مع تحوّل انتفاضة 2011 في سوريا إلى حرب لمست لديهم نقطة ضعف.
إذ انقسم سوريو الجولان أيضا ما بين مؤيدين للنظام ومؤيدين للمعارضة. وعلى الأثر، فتحت الطريق أمامهم لتعميق الخلافات وترجمتها إلى صراعات عقائدية وتنظيمية، إلا أن الجولانيين حافظوا على حد أدنى من وحدة الصف، معتبرين «الاحتلال خطا أحمر لا يُسمح بتجاوزه». تناقشوا وتحاورا واختلفوا وتصارعوا حول كل ما يجري في سوريا من نكبات، لكنهم أبقوا على علاقاتهم الاجتماعية الودّية بشكل مثير للإعجاب.
طبعاً، لم تيأس السلطات الإسرائيلية. وجنباً إلى جنب مع تقدمها في رؤية «الحرب السورية فرصة للتقدم في عملية الضم وفرض السيادة»، قرّرت أن تدفع أهالي الجولان إلى «خاتمة المعارك»، فقررت إجراء الانتخابات البلدية فيها سوية مع البلديات الإسرائيلية. وحسب وزير الداخلية آريه درعي، فإن حكومة نتنياهو «قررت إظهار صورة جديدة: مقابل المذابح التي يرتكبها النظام السوري بحق الشعب السوري، فإن إسرائيل تتيح للسوريين في الجولان أن يمارسوا الديمقراطية بمنتهى الحرية. فاقترحت عليهم الترشح لرئاسة المجالس المحلية في القرى الخمس وعضوية هذه المجالس».
الخطة نجحت في البداية بإثارة نقاشات حادة حول الموضوع بين الأهالي، إلا أن القوى الوطنية – المختلفة فيما بينها حول الوضع في سوريا – اتحدت في الموقف الوطني ضد الاحتلال، واختارت رفض هذه الانتخابات. ورغم التصدّعات الناشئة بين العلمانيين ورجال الدين، تمكن الجولانيون من إعادة اللحمة واتخذوا موقفاً موحداً، يقضي ليس فقط برفض الانتخابات بل فرضوا حرماناً دينياً واجتماعياً وسياسيا على كل من يقبل على نفسه أن يترشح أو ينتخب في هذه الانتخابات. وما أن جاء يوم الانتخابات 30 أكتوبر (تشرين الأول)، حتى كان جميع المرشحين في بلدتي مسعدة وبقعاثا قد انسحبوا، ما يعني إلغاء الانتخابات. وبقيت الانتخابات في بلدتي مجدل شمس وعين قنيا، ولكن في الأولى صوّت فقط 2 في المائة من أصحاب حق الاقتراع وفي الثانية صوّت 1 في المائة فقط. وخرج مئات الأهالي في مظاهرة جماهيرية... أطلقوا خلالها هتافات تؤكد على رفض انتخابات السلطات المحلية التي حاولت سلطات الاحتلال فرضها على قرى الجولان المحتل بالقوة، وتعتبر «التعاون مع الاحتلال» في هذا الشأن مساساً بالقضية الوطنية.
لم يتأخر انتقام السلطات الإسرائيلية من أهالي البلدات الأربع، إذ هاجمتهم قوات كبيرة من الشرطة، مستخدمة مختلف أدوات القمع. واندلعت مواجهات واشتباكات عنيفة بين قوات الاحتلال والأهالي، وانتهت بإصابة واعتقال عدد منهم. لكن المتظاهرين قرروا رفض الرضوخ للقمع، ومواصلة الحراك حتى إغلاق صناديق الاقتراع. وفعلاً، شارك في الحراك الشعبي مجموعات من الشباب والكبار والرجال والنساء والفعاليات الشعبية والوطنية، ومعهم مجموعة كبيرة من مشايخ الدين، مؤكدين جميعاً على رفض ومقاطعة الانتخابات الإسرائيلية والتمسك بالهوية العربية السورية.
وفي نهاية المطاف، اعترفت الحكومة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية بفشل مخططها على أهالي الجولان. واعتبرت نتيجة التجربة الانتخابية ليس فشلاً وحسب، بل «نتيجة مخزية وصفعة مهينة»، كما قال مراسل التلفزيون الإسرائيلي. وهكذا، فمن الناحية الشعبية، أغلق باب «الضم» الاحتلالي، ليعود نتنياهو ورفاقه إلى البحث عن ملاعب أخرى يجرّب فيها تحقيق أحلامه التوسعية.

- قصة الجولان منذ 1967
إسرائيل احتلت هضبة الجولان في أقصى جنوب غربي سوريا عام 1967. في عملية حربية مخططة جيدا. إذ قصفت المنطقة بالمدافع والطائرات طيلة ثلاثة أيام، وفي التاسع من يونيو (حزيران)، اجتاحت المنطقة بقواتها البرّية. وبعد قتال طاحن طال 30 ساعة، انسحب الجيش السوري وهرب معه غالبية السكان، الذين كان يُقدّر عددهم بـ145 ألف نسمة في ذلك الوقت.
رئيس القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي، رحبعام زئيفي - الذي أصبح وزيرا في حكومة آرييل شارون عام 2001 واغتالته خلية تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-، «أوضح» أنه يجب أن تكون الهضبة نظيفة من السكان. وتبين أن نحو 25 ألفا بقوا فيها، فعملوا على ترحيلهم بالقوة أو بالترهيب. وحسب الأوامر، عليهم أن يتركوا فقط الدروز والشركس ويطردوا الباقين.
لكن لم يبق سوى 10 آلاف شخص، وبشكل منهجي هدمت قوات الجيش لا أقل من 110 قرى. وبقيت في حينه خمس بلدات، هي: مجدل شمس وبقعاتا وعين قنيا ومسعدة (كل سكانها من الدروز) وغجر (سكانها علويون). إلا أن الحلم الإسرائيلي بأن يروا في الدروز موالين لها، تبدّد منذ الأيام الأولى للاحتلال، إذ بدأت عمليات فدائية متواصلة ضد الجنود الإسرائيليين.
عام 1981 سنّت إسرائيل قانوناً يضم الجولان إلى حدود إسرائيل، فقاومه أهالي الجولان بقوة، بداية بالإضراب العام طيلة ستة شهور، ثم برفض الجنسية الإسرائيلية وبفرض حرمان ديني واجتماعي على كل من يقبل بها. ومنذ ذلك الحين، تحاول الحكومات الإسرائيلية التعاطي مع الجولان كمنطقة إسرائيلية، وبضمن ذلك إجراء انتخابات بلدية في الهضبة المحتلة. بيد أن المواطنين رفضوا وتصدّوا لكل مشروع ضم. ولم يستجب لإغراءات الاحتلال في الحصول على الهوية الإسرائيلية سوى 13 في المائة من السكان... الذين حافظوا على وحدة صف وطنية كفاحية مدهشة.



شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
TT

شرق السودان... نار تحت الرماد

الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)
الشرق السودان دخل دوامة الحروب السودانية المتمددة (رويترز)

لا يبعد إقليم شرق السودان كثيراً عن تماسّات صراع إقليمي معلن، فالجارة الشرقية إريتريا، عينها على خصمها «اللدود» إثيوبيا، وتتربص كل منهما بالأخرى. كذلك، شرق السودان هو «الجسر» الذي يمكن أن تعبره قوات أي منهما نحو أرض الجانب الآخر. ومع تأثر الإقليم أيضاً بالصراعات الداخلية الإثيوبية، وبأطماع الدولتين بموارد السودان، يظل الصراع على «مثلث حلايب» هو الآخر لغماً قد ينفجر يوماً ما.

حدود ملتهبة

تحدّ إقليم «شرق السودان» ثلاث دول، هي مصر شمالاً، وإريتريا شرقاً، وإثيوبيا في الجنوب الشرقي، ويفصله البحر الأحمر عن المملكة العربية السعودية. وهو يتمتع بشاطئ طوله أكثر من 700 كيلومتر؛ ما يجعل منه جزءاً مهماً من ممر التجارة الدولية المهم، البحر الأحمر، وساحة تنافس أجندات إقليمية ودولية.

وفئوياً، تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة من نواحي البلاد الأخرى، وبينها تناقضات وصراعات تاريخية، وارتباطات وقبائل مشتركة مع دول الجوار الثلاث. كذلك يتأثر الإقليم بالصراعات المحتدمة في الإقليم، وبخاصة بين إريتريا وإثيوبيا، وهو إلى جانب سكانه يعج باللاجئين من الدولتين المتشاكستين على الدوام؛ ما يجعل منه ساحة خلفية لأي حرب قد تنشأ بينهما.

وحقاً، ظل شرق السودان لفترة طويلة ساحة حروب داخلية وخارجية. وظلت إريتريا وإثيوبيا تستضيفان الحركات المسلحة السودانية، وتنطلق منهما عملياتها الحربية، ومنها حركات مسلحة من الإقليم وحركات مسلحة معارضة منذ أيام الحرب بين جنوب السودان وجنوب السودان، وقوات حزبية التي كانت تقاتل حكومة الخرطوم من شرق السودان.

لكن بعد توقيع السودان و«الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق ما عُرف بـ«اتفاقية نيفاشا»، وقّعت الحركات المسلحة في شرق السودان هي الأخرى ما عُرف بـ«اتفاقية سلام شرق السودان» في أسمرا عاصمة إريتريا، وبرعاية الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، يوم 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2006. ونصّت تلك الاتفاقية على تقاسم السلطة والثروة وإدماج الحركات المسلحة في القوات النظامية وفقاً لترتيبات «أمنية»، لكن الحكومة «الإسلامية» في الخرطوم لم تف بتعهداتها.

عبدالفتاح البرهان (رويترز)

12 ميليشيا مسلحة

من جهة ثانية، اندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، فانتقلت الحكومة السودانية إلى بورتسودان «حاضرة الشرق» وميناء السودان على البحر الأحمر، واتخذت منها عاصمة مؤقتة، ووظّفت الحركات المسلحة التي أعلنت انحيازها للجيش، في حربها ضد «الدعم السريع».

وإبّان هذه الحرب، على امتداد 18 شهراً، تناسلت الحركات المسلحة في شرق السودان ليصل عددها إلى 8 ميليشيات مسلحة، كلها أعلنت الانحياز إلى الجيش رغم انتماءاتها «الإثنية» المتنافرة. وسعت كل واحدة منها للاستئثار بأكبر «قسمة حربية» والحصول على التمويل والتسليح من الجيش والحركة الإسلامية التي تخوض الحرب بجانب الجيش من أجل العودة للسلطة.

ميليشيات بثياب قبلية

«الحركة الوطنية للعدالة والتنمية» بقيادة محمد سليمان بيتاي، وهو من أعضاء حزب «المؤتمر الوطني» المحلول البارزين - وترأس المجلس التشريعي لولاية كَسَلا إبان حكم الرئيس عمر البشير -، دشّنت عملها المسلح في يونيو (حزيران) 2024، وغالبية قاعدتها تنتمي إلى فرع الجميلاب من قبيلة الهدندوة، وهو مناوئ لفرع الهدندوة الذي يتزعمه الناظر محمد الأمين ترك.

أما قوات «الأورطة الشرقية» التابعة لـ«الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة» بقيادة الأمين داؤود، فتكوّنت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وسمّت «اتفاقية سلام السودان»، في جوبا، داؤود المحسوب على قبيلة البني عامر رئيساً لـ«مسار شرق السودان». لكن بسبب التنافس بين البني عامر والهدندوة على السيادة في شرق السودان، واجه تنصيب داؤود رئيساً لـ«تيار الشرق» رفضاً كبيراً من ناظر قبائل الهدندوة محمد الأمين ترك.

بالتوازي، عقدت «حركة تحرير شرق السودان» بقيادة إبراهيم دنيا، أول مؤتمر لها في مايو (أيار) 2024 برعاية إريترية كاملة فوق التراب الإريتري، بعد أيام من اشتعال الحرب في السودان. وتدرّبت عناصرها في معسكر قريب من قرية تمرات الحدودية الإريترية، ويقدّر عدد مقاتليها اليوم بنحو ألفي مقاتل من قبيلتي البني عامر والحباب، تحت ذريعة «حماية» شرق السودان.

كذلك، نشطت قوات «تجمّع أحزاب وقوات شرق السودان» بقيادة شيبة ضرار، وهو محسوب على قبيلة الأمرار (من قبائل البجا) بعد الحرب. وقاد شيبة، الذي نصّب نفسه ضابطاً برتبة «فريق»، ومقرّه مدينة بورتسودان - العاصمة المؤقتة - وهو ويتجوّل بحريّة محاطاً بعدد من المسلحين.

ثم، على الرغم من أن صوت فصيل «الأسود الحرة»، الذي يقوده مبروك مبارك سليم المنتمي إلى قبيلة الرشايدة العربية، قد خفت أثناء الحرب (وهو يصنَّف موالياً لـ«الدعم السريع»)، يظل هذا الفصيل قوة كامنة قد تكون طرفاً في الصراعات المستقبلية داخل الإقليم.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أسّست قوات «درع شرق السودان»، ويقودها مبارك حميد بركي، نجل ناظر قبيلة الرشايدة، وهو رجل معروف بعلاقته بالحركة الإسلامية وحزب «المؤتمر الوطني» المحلول، بل كان قيادياً في الحزب قبل سقوط نظام البشير.

أما أقدم أحزاب شرق السودان، «حزب مؤتمر البجا»، بقيادة مساعد الرئيس البشير السابق موسى محمد أحمد، فهو حزب تاريخي أُسّس في خمسينات القرن الماضي. وبعيد انقلاب 30 يونيو 1989 بقيادة عمر البشير، شارك الحزب في تأسيس ما عُرف بـ«التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي كان يقود العمل المسلح ضد حكومة البشير من داخل إريتريا، وقاتل إلى جانب قوات «الحركة الشعبية لتحرير السودان» بقيادة الراحل جون قرنق على طول الحدود بين البلدين، وفي 2006 وقّع مع بقية قوى شرق السودان اتفاقية سلام قضت بتنصيب رئيسه مساعداً للبشير.

ونصل إلى تنظيم «المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة» بقيادة الناظر محمد الأمين ترك. لهذا التنظيم دور رئيس في إسقاط الحكومة المدنية بقيادة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، بإغلاقه الميناء وشرق البلاد. ورغم زعمه أنه تنظيم «سياسي»، فإنه موجود في الميليشيات المسلحة بشكل أو بآخر.

وهكذا، باستثناء «مؤتمر البجا» و«المجلس الأعلى للعموديات المستقلة»، فإن تاريخ تأسيس هذه الميليشيات القبلية وجغرافيا تأسيسها في إريتريا، ونشرها في الإقليم تحت راية الجيش وتحت مزاعم إسناده – على رغم «تبعيتها» لدولة أجنبية مرتبطة بالحرب - يعتبر مراقبون أن وجودها يهدّد استقرار الإقليم ويعزّز الدور الإريتري في شرق السودان، وبخاصة أن البناء الاجتماعي للإقليم في «غاية الهشاشة» وتتفشى وسط تباينات المجموعات القبلية والثقافية المكوّنة له.

أسياس أفورقي (رويترز)

مقاتلون من الغرب يحاربون في الشرق

إلى جانب الميليشيات المحلية، تقاتل اليوم أكثر من أربع حركات مسلحة دارفورية بجانب الجيش ضد «الدعم السريع»، ناقلةً عملياتها العسكرية إلى شرق السودان. الأكبر والأبرز هي: «حركة تحرير السودان» بقيادة مني أركو مناوي (حاكم إقليم دارفور)، و«حركة العدل والمساواة السودانية» بقيادة (وزير المالية) جبريل إبراهيم، و«حركة تحرير السودان - فصيل مصطفى طمبور»، ومعها حركات أخرى صغيرة كلها وقّعت «اتفاقية سلام السودان» في جوبا، وبعد سبعة أشهر من بدء الحرب انحازت إلى الجيش في قتاله ضد «الدعم السريع».

الحركات المسلحة الدارفورية التي تتخذ من الشرق نقطة انطلاق لها، أسسها بعد اندلاع الحرب مواطنون سودانيون ترجع أصولهم إلى إقليم دارفور، إلا أنهم يقيمون في شرق السودان. أما قادتها فهم قادة الحركات المسلحة الدارفورية التي كانت تقاتل الجيش السوداني في إقليم دارفور منذ عام 2003، وحين اشتعلت حرب 15 أبريل، اختارت الانحياز للجيش ضد «الدعم السريع». ولأن الأخير سيطر على معظم دارفور؛ فإنها نقلت عملياتها الحربية إلى شرق السودان أسوة بالجيش والحكومة، فجندت ذوي الأصول الدارفورية في الإقليم، ودرّبتهم في إريتريا.

استقطاب قبلي

حسام حيدر، الصحافي المتخصّص بشؤون شرق السودان، يرى أن الحركات المسلحة في الإقليم، «نشأت على أسس قبلية متنافرة ومتنافسة على السلطة واقتسام الثروة والموارد، وبرزت أول مرة عقب اتفاق سلام شرق السودان في أسمرا 2006، ثم اتفاق جوبا لسلام السودان».

ويرجع حيدر التنافس بين الميليشيات المسلحة القبلية في الإقليم إلى «غياب المجتمع المدني»، مضيفاً: «زعماء القبائل يتحكّمون في الحياة العامة هناك، وهذا هو تفسير وجود هذه الميليشيات... ثم أن الإقليم تأثر بالنزاعات والحروب بين إريتريا وإثيوبيا؛ ما أثمر حالة استقطاب وتصفية حسابات إقليمية أو ساحة خلفية تنعكس فيها هذه الصراعات».

تتساكن في الإقليم مجموعات ثقافية وإثنية «أصيلة» وأخرى وافدة

من نواحي البلاد الأخرى وبينها تناقضات وصراعات تاريخية

الدكتورعبدالله حمدوك (رويترز)

المسؤولية على «العسكر»

حيدر يحمّل «العسكر» المسؤولية عن نشاط الحركات المسلحة في الشرق، ويتهمهم بخلق حالة استقطاب قبلي واستخدامها لتحقيق مكاسب سياسية، ازدادت حدتها بعد حرب 15 أبريل. ويشرح: «الحركات المسلحة لا تهدد الشرق وحده، بل تهدد السودان كله؛ لأن انخراطها في الحرب خلق انقسامات ونزاعات وصراعات بين مكوّنات الإقليم، تفاقمت مع نزوح ملايين الباحثين عن الأمان من مناطق الحرب».

وفقاً لحيدر، فإن نشاط أربع حركات دارفورية في شرق السودان، وسّع دائرة التنافس على الموارد وعلى السلطة مع أبناء الإقليم؛ ما أنتج المزيد من الحركات القبلية، ويوضح: «شاهدنا في فترات سابقة احتكاكات بين المجموعات المسلحة في شرق السودان مع مجموعات مسلحة في دارفور، وهي مع انتشار المسلحين والسلاح، قضايا تضع الإقليم على حافة الانفجار... وإذا انفجر الشرق ستمتد تأثيراته هذا الانفجار لآجال طويلة».

ويرجع حيدر جذور الحركات التي تدرّبت وتسلحت في إريتريا إلى نظام الرئيس السابق عمر البشير، قائلاً: «معظمها نشأت نتيجة ارتباطها بالنظام السابق، فمحمد سليمان بيتاي، قائد (الحركة الوطنية للبناء والتنمية)، كان رئيس المجلس التشريعي في زمن الإنقاذ، ومعسكراته داخل إريتريا، وكلها تتلقى التمويل والتسليح من إريتريا».

وهنا يبدي حيدر دهشته لصمت الاستخبارات العسكرية وقيادة الجيش السوداني، على تمويل هذه الحركات وتدريبها وتسليحها من قِبل إريتريا على مرأى ومسمع منها، بل وتحت إشرافها، ويتابع: «الفوضى الشاملة وانهيار الدولة، يجعلان من السودان مطمعاً لأي دولة، وبالتأكيد لإريتريا أهداف ومصالح في السودان». ويعتبر أن تهديد الرئيس (الإريتري) أفورقي بالتدخل في الحرب، نقل الحرب من حرب داخلية إلى صراع إقليمي ودولي، مضيفاً: «هناك دول عينها على موارد السودان، وفي سبيل ذلك تستغل الجماعات والمشتركة للتمدد داخله لتحقق مصالحها الاقتصادية».

الدور الإقليمي

في أي حال، خلال أكتوبر الماضي، نقل صحافيون سودانيون التقوا الرئيس أفورقي بدعوة منه، أنه سيتدخّل إذا دخلت الحرب ولايات الشرق الثلاث، إضافة إلى ولاية النيل الأزرق. وهو تصريح دشّن بزيارة مفاجئة قام بها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان لإريتريا 26 نوفمبر الماضي، بحثت بشكل أساسي - وفقاً لتقارير صحافية - قضية الحركات المسلحة التي تستضيفها إريتريا داخل حدودها ومشاركتها في الحرب إلى جانب الجيش، إلى جانب إبرام اتفاقات أمنية وعسكرية.

للعلم، الحركات الشرقية الثماني تدرّبت داخل إريتريا وتحت إشراف الجيش الإريتري وداخل معسكراته، وبعضها عاد إلى السودان للقتال مع جانب الجيش، وبعضها لا يزال في إريتريا. وعلى الرغم من النفي الإريتري الرسمي المتكرر، فإن كثيرين، وبخاصة من شرق السودان، يرون أن لإريتريا أطماعاً في الإقليم.

أما إثيوبيا، فهي الأخرى تخوض صراعاً حدودياً مع السودان وترفض ترسيم الحدود عند منطقة «الفشقة» السودانية الخصيبة بولاية القضارف. وإلى جانب تأثر الإقليم بالصراعات الداخلية الإثيوبية، فهو يضم الآلاف من مقاتلي «جبهة تحرير التيغراي» لجأوا إلى السودان فراراً من القتال مع الجيش الفيدرالي الإثيوبي في عام 2020، ولم يعودوا إلى بلادهم رغم نهاية الحرب هناك. ويتردد على نطاق واسع أنهم يقاتلون مع الجيش السوداني، أما «الدعم السريع» فتتبنى التهمة صراحةً.

أخيراً، عند الحدود الشمالية حيث مثلث «حلايب» السوداني، الذي تتنازع عليه مصر مع السودان ويسيطر عليه الجيش المصري، فإن قبائل البشارية والعبابدة القاطنة على جانبي الحدود بين البلدين، تتحرك داخل الإقليم. وهي جزء من التوترات الكامنة التي يمكن أن تتفجر في أي وقت.

وبالتالي، ليس مبالغة القول إن شرق السودان يعيش على شفا حفرة من نار. وتحت الرماد جمرات قد تحرق الإقليم ولا تنطفئ أبداً.