كيري يكثف لقاءاته «السرية» في القاهرة

بريطانيا: التعاطف الغربي مع إسرائيل «يتآكل»

وزير الخارجية الأميركي جون كيري
وزير الخارجية الأميركي جون كيري
TT

كيري يكثف لقاءاته «السرية» في القاهرة

وزير الخارجية الأميركي جون كيري
وزير الخارجية الأميركي جون كيري

عقب وصوله إلى القاهرة ليلة أول من أمس، غاب وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، عن الأنظار والمتابعة الإعلامية تماما طوال نهار أمس، وسط معلومات تؤكد أنه كثف لقاءاته السرية بعدد من الأطراف، دون تسميتها، من أجل الوصول إلى حل فوري للأزمة المتصاعدة في قطاع غزة، بينما أكد وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، من القاهرة أنه ينبغي على حركة حماس قبول هدنة إنسانية «من دون شروط»، موضحا أن «الشعور بالتعاطف مع إسرائيل، من قبل الدول الغربية، يتآكل بسرعة مع تصاعد أعداد الضحايا في غزة».
وبينما نقلت مصادر إخبارية عن مسؤول أميركي أن كيري تحدث أمس مع نظيريه القطري والتركي، من أجل بذل مزيد من الجهد في الضغط على حركة حماس، أشارت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كيري كثف لقاءاته في القاهرة أمس بعدد من الأطراف القادرة على حلحلة الأزمة، من دون أن تسمي هذه الأطراف، وذلك بعيدا عن أعين المتابعة الإعلامية.
ورفضت الجهات المعنية المصرية أمس الإفصاح عن مكان أو طبيعة اللقاءات التي يجريها كيري في القاهرة «بشكل رسمي»، لكن مصادر خاصة أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن «الوزير الأميركي يسعى إلى استغلال الوقت في القاهرة للتشاور مع الجميع، محاولا الابتعاد قدر الإمكان عن شوشرة الإعلام على لقاءاته أو اتصالاته».
وأوضحت المصادر، التي تنوعت بين الجانب المصري والجانب الأميركي، أن كيري يريد إنهاء الأزمة بأي شكل ممكن، مضيفة أن «تركيز الإعلام ونقله لكل المحادثات والمشاورات التي تجري في المنطقة خلال الأيام الماضية ربما أسهم بشكل عكسي في وصول الأزمة إلى وضعية أكثر سوءا»، وأن الحاجة حاليا إلى «السرية» ربما هي الأفضل، «لتجنب مزيد من الحرج والضغوط».
وعلى مدار الأسبوع الماضي، كثفت وسائل الإعلام من متابعة التحركات المكوكية للمسؤولين الغربيين والإقليمين لحلحلة الأزمة، إلا أن مسؤول دبلوماسي أوضح أن «نقل الاتفاقات بين بعض الأطراف على الهواء تسبب في رفض متعجل لأطراف أخرى للمطروح، ربما قبل دراسته بدقة؛ وهو ما أدى إلى تفضيل كثير من المسؤولين التكتم على تحركاتهم وفحوى اتصالاتهم لحين عرضها بشكل مباشر ومفصل على الأطراف جميعها، ومناقشتها جيدا، قبل طرحها على وسائل الإعلام».
في غضون ذلك، وصل إلى القاهرة أمس فيليب هاموند، وزير الخارجية البريطاني، في زيارة هي الأولى منذ تعيينه في منصبه قبل أيام، وذلك من أجل التباحث حول الوضع المتصاعد في المنطقة. والتقى هاموند نظيره المصري سامح شكري، وقال في تصريحات صحافية قبيل مغادرة لندن إن «بريطانيا عازمة على القيام بكل جهد لوضع نهاية سريعة للنزاع الحالي في الشرق الأوسط».
وأكد هاموند أن «هناك قلقا عاما ضخما بشأن تساقط المدنيين نتيجة هذا الصراع في غزة، إننا نقر بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وحقها في الرد على الصواريخ التي يجري إطلاقها عليها، بالطبع أعداد القتلى مختلفة، وأن المناقشات مستمرة للتوصل إلى وقف إطلاق النار»، معربا عن أمله في التوصل لاتفاق وشيك.
لكن هاموند طالب، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع شكري عقب لقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، حماس بقبول «وقف إطلاق نار إنساني من دون شروط» لإنهاء الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، بعد أن خلف أكثر من 750 قتيلا، مشددا بقوله: «نحن نريد أن نرى اتفاقا لوقف إطلاق النار بسرعة».
وأشار هاموند إلى أنه «من المهم أن يستمر المجتمع الدولي في العمل وتحقيق عمل متكامل لكسر دائرة العنف»، موضحا أن «الشعور بالتعاطف مع إسرائيل، التي كانت تحت هجوم صواريخ حماس منذ عشرة أيام، يتآكل بسرعة مع تصاعد أعداد الضحايا في غزة»، وتابع أنه «من المهم أن يفهم صانعو القرار في إسرائيل ما الذي يحدث لدى الرأي العام في الدول الغربية»، وأعلن عن مساعدات بقيمة خمسة ملايين جنيه إسترليني تقدمها بريطانيا إلى غزة.
من جهته، قال شكري إن «المبادرة المصرية ما زالت هي المبادرة المطروحة على الساحة لوقف إطلاق النار»، وأنه «نظرا لتزايد أعداد الضحايا من المدنيين لا بد من وقف إطلاق النار لحماية المدنيين لإتاحة الفرصة لمفاوضات تؤدي إلى مناخ مناسب للشعب الفلسطيني في غزة وفي الأراضي الفلسطينية بصفة عامة».
وبدوره، تلقى الأمين العام لجامعة الدول العربية، الدكتور نبيل العربي، أمس اتصالا هاتفيا من وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ عبد الله بن زايد؛ حيث استعرضا السبل الكفيلة بوقف العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وأكد بن زايد خلال الاتصال دعم بلاده للجهود المصرية المبذولة لوقف إطلاق النار حقنا للدماء في القطاع.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.