بان كي مون يدعو الى حكومة وحدة وطنية في وجه مخاطر تهدد وجود العراق

التقى المرجع الشيعي السيستاني في النجف

المرجع الشيعي علي السيستاني خلال استقباله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في منزله بالنجف أمس (الصورة من موقع الأمم المتحدة)
المرجع الشيعي علي السيستاني خلال استقباله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في منزله بالنجف أمس (الصورة من موقع الأمم المتحدة)
TT

بان كي مون يدعو الى حكومة وحدة وطنية في وجه مخاطر تهدد وجود العراق

المرجع الشيعي علي السيستاني خلال استقباله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في منزله بالنجف أمس (الصورة من موقع الأمم المتحدة)
المرجع الشيعي علي السيستاني خلال استقباله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في منزله بالنجف أمس (الصورة من موقع الأمم المتحدة)

دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الخميس الماضي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية للتغلب على «الخطر الذي يهدد وجود» العراق في مواجهة أزمة تهدد بتقسيم البلاد على أسس طائفية وعرقية.
وقال بان خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال زيارته لبغداد، إن «العراق يواجه خطرا يهدد وجوده، لكن يمكن التغلب عليه من خلال تشكيل حكومة وحدة». وأضاف: «يجب أن تكون حكومة يشعر جميع العراقيين بأنهم ممثلون فيها».
وتابع: «زياتي إلى بغداد تأتي ضمن جهود دعم الحكومة العراقية لتعزيز الديمقراطية». وحث القيادات السياسية في العراق على «الالتزام بالتوقيتات الدستورية لتشكيل حكومة شاملة تعالج جميع المشاكل السائدة في العراق، خاصة الأمنية منها»، مشددا على «ضرورة تشكيل حكومة شاملة تمثل كل العراقيين بغض النظر عن خلفياتهم، وأن تشعر جميع المكونات بأنها ممثلة في هذه الحكومة».
من جانبه قال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إن «المباحثات شملت أزمة النازحين بسبب الأعمال الإرهابية ومنهم الأقليات من المسيحيين والشبك والتركمان وغيرهم، وأكدنا للأمين العام جهود الحكومة العراقية في إغاثتهم وتخصيصها مبالغ مالية لمساعدتهم، وسيجري قريبا توزيع 1.5 مليون دينار دفعة عاجلة لهم، بالإضافة إلى تخصيص مبالغ أخرى بالمستقبل القريب لهم».
وسعى الأمين العام للأمم المتحدة أمس للاسترشاد برأي أعلى مرجعية شيعية في العراق في الوقت الذي حث فيه الساسة العراقيين على تشكيل حكومة تضم جميع الأطياف قادرة على مواجهة المتشددين السنة.
ويسلط اجتماع بان مع المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني (83 سنة) الضوء على التأثير الواسع الذي يحظى به السيستاني في العراق، في حين يرى رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي شخصية غذت المشاعر الطائفية في البلاد وينقسم حولها العراقيون.
وقال المتحدث باسم بان لرويترز إن بان التقى السيستاني في مدينة النجف ليسترشد برأيه حول التطورات في العراق.
ويلعب السيستاني دورا فاعلا على الساحة السياسية العراقية منذ نحو عقد؛ إذ تسلم زمام القيادة في الشأن العام وطالب السياسيين بتشكيل حكومة جديدة دون تأخير.
من جهة أخرى تظاهر مئات من أهالي بلدة عينكاوة الخميس في أربيل، وبينهم مسيحيون نازحون بمشاركة رجال دين مسيحيين ومسلمين للمطالبة بحماية دولية ووقف تهجير المسيحيين من الموصل.
وتوجه المتظاهرون إلى مكتب الأمم المتحدة في مدينة أربيل (350 كلم شمال بغداد)، ورفعوا لافتات قالت إحداها: «نناشد المجتمع الدولي حماية شعبنا في العراق» و«ندين صمت المجتمع الدولي على الإبادة الجماعية».
وقدموا مذكرة إلى الأمم المتحدة تلاها أحد المتظاهرين على وسائل الإعلام جاء في إحدى فقراتها: «نطالب المجتمع الدولي والجهات المحلية بتوفير الحماية اللازمة للمسيحيين في العراق». كما طالبت «الحكومة الاتحادية بتحمل المسؤولية القانونية والإنسانية في إغاثة وتعويض جميع المتضررين من أحداث الموصل».
وناشدت الحكومة الاتحادية إصدار قرار يمنع منعا باتا التصرف بممتلكات وعقارات المهجرين من أبناء الأقليات. وأكدت في الوقت نفسه أن على «المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة والمنظمات المحلية إغاثة المتضررين وتلبية احتياجاتهم الإنسانية».
وتعرض مسيحيو الموصل، ثاني المدن العراقية، للتهجير بعد تهديد بالقتل أو الدخول في الإسلام على يد الجماعات المسلحة التي تسيطر منذ العاشر من يونيو (حزيران) الماضي على مدينتهم، ما دفع مئات العائلات إلى النزوح إلى إقليم كردستان ومناطق أخرى بحثا عن الأمان.
وقال دلشاد محمود، إمام وخطيب جامع عمر بن الخطاب في مدينة أربيل، المشارك في المظاهرة: «ندين هذه الأعمال التي تقوم بها (داعش) باسم الإسلام والتي أدت إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين». بدوره، قال أحد المتظاهرين ديفيد دنحو (25 سنة) وهو يضع صليبا على صدره: «نطالب الأمم المتحدة بحماية المسيحيين الموجودين في الموصل والعمل على إيجاد حل طويل الأمد وليس مؤقتا».
وحملت أم ربيع التي فرت من الموصل الخميس الماضي، لافتة تقول: «نستنكر استهداف داعش للمسيحيين في الموصل». وخاطبت المسؤولين الحكوميين والمجتمع الدولي قائلة: «نطالب بحل دولي وجذري.. نحن أهل البلد الأصليون».
وكان بطريرك الكلدان في العراق والعالم لويس ساكو قال لوكالة الصحافة الفرنسية مساء الجمعة: «لأول مرة في تاريخ العراق، تفرغ الموصل الآن من المسيحيين»، مضيفا أن «العائلات المسيحية تنزح باتجاه دهوك وأربيل» في إقليم كردستان العراق.
وقال ساكو إن مغادرة المسيحيين وعددهم نحو 25 ألف شخص لثاني أكبر مدن العراق التي تضم نحو 30 كنيسة يعود تاريخ بعضها إلى نحو 1500 سنة، جاءت بعدما وزع تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على المدينة منذ أكثر من شهر بيانا يطالبهم بتركها.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.