«الدولة الإسلامية» يشن معارك لطرد قوات النظام من ثلاثة مواقع بشمال سوريا

مدير المرصد السوري لـ {الشرق الأوسط}: تغيير في استراتيجيتها لتوسيع حدود دولتها

«الدولة الإسلامية» يشن معارك لطرد قوات النظام من ثلاثة مواقع بشمال سوريا
TT

«الدولة الإسلامية» يشن معارك لطرد قوات النظام من ثلاثة مواقع بشمال سوريا

«الدولة الإسلامية» يشن معارك لطرد قوات النظام من ثلاثة مواقع بشمال سوريا

صعّد تنظيم «الدولة الإسلامية» هجماته العسكرية المتزامنة ضد مواقع نظامية شمال سوريا، حيث شن للمرة الأولى منذ توسع نفوذه الميداني هجوما منسقا على 3 جبهات في كل من الحسكة والرقة وحلب، تزامنا مع تكثيف النظام السوري لغاراته الجوية التي استهدفت مناطق عدة في ريف دمشق.
ووصف المرصد السوري لحقوق الإنسان معارك مقاتلي «الدولة» مع القوات النظامية المتحصنة في 3 مواقع عسكرية بأنها «الأعنف» بين الطرفين. واستهدف الهجوم مقر «الفرقة 17» في ريف الرقة ومقرا لحزب البعث الحاكم وفوج «الميلبية» العسكري في الحسكة ومطار كويرس العسكري في ريف حلب.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إنه «للمرة الأولى هناك هجمات متزامنة للدولة الإسلامية ضد مواقع النظام في الحسكة وحلب والرقة»، علما أن التنظيم الذي أعلن أخيرا إقامة «الخلافة الإسلامية» انطلاقا من مناطق تفرد بالسيطرة عليها في شمال العراق وغربه وشمال سوريا وشرقها، متهم من فصائل المعارضة السورية المسلحة بـ«التواطؤ» مع النظام، وهو يخوض معارك دامية ضد هذه الفصائل منذ مطلع العام الحالي.
وفي سياق متصل، أبدى عبد الرحمن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، استغرابه «لخوض مقاتلي الدولة معارك في تلك الجبهات دفعة واحدة، خصوصا أنها لم تكن تقاتل النظام، بل كانت تقاتل معارضين وتضع تفجيرات لقتل مدنيين علويين في مناطق علوية». وقال: «نعتقد أنهم يريدون توجيه رسالة بأنهم يقاتلون النظام أيضا، بعد فترات هدنة طويلة، بدأت تنهار بعد تقدم (داعش) في العراق».
ولم يستبعد عبد الرحمن أن تكون «الدولة» في الوقت الراهن «بصدد تغيير استراتيجيتها بعد تثبيت حكمها، وأن يكون هدفها تحول من إسقاط النظام إلى توسيع حدود دولتها»، واضعا «هذا التغيير في الاستراتيجية في إطار خدمة نفوذها، خصوصا أن الجبهات النظامية الثلاث تقع في مناطق سيطرتها». وبدأت الهجمات بعد منتصف ليل أمس على مقر الفرقة 17 في الرقة، بعد إقدام عنصرين من التنظيم على «تفجير نفسيهما بعربتين مفخختين، إحداهما في كتيبة الكيمياء داخل الفرقة 17 المحاصرة شمال مدينة الرقة، والأخرى في محيط الفرقة»، بحسب المرصد السوري. واندلعت على الأثر اشتباكات عنيفة وسط قصف متبادل بالمدفعية والهاون «ترافق مع إلقاء الطيران النظامي براميل متفجرة على محيط الفرقة». وأدت المعارك، بحسب المرصد، إلى مقتل وجرح العشرات من الطرفين.
وأكدت «الدولة الإسلامية» في تغريدات على الحساب الرسمي لـ«ولاية الرقة» على موقع «تويتر»، أنها بدأت «عمليات مباركة على الفرقة 17»، إثر تنفيذ عنصريها أبو صهيب الجزراوي وخطاب الجزراوي، عمليتين «استشهاديتين» ضد الفرقة. وعرض الحساب صورا لست جثث ورؤوس مقطوعة، قائلا إنها «جثث جنود الجيش النصيري بعد أن قطف رؤوسها جنود الدولة الإسلامية».
وفي الحسكة، قتل 11 عنصرا نظاميا بينهم ضابط إثر هجوم مقاتلي «الدولة» على «فوج الميلبية»، في حين خاضوا معارك عنيفة ضد عناصر حماية فرع حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في مدينة الحسكة، إثر اقتحام مقاتلين من «الدولة» مبنى فرع الحزب. ونقل المرصد السوري عن شهود قولهم إنه أمكن «رؤية راية الدولة الإسلامية منصوبة على المبنى». لكن عبد الرحمن أفاد مساء بأن القوات النظامية تمكنت من استعادة الموقع وطرد مقاتلي «الدولة».
وأكد حساب «ولاية البركة» التابع للتنظيم الجهادي على تويتر، أنه يشن «أكبر عملية عسكرية له في الحسكة، من خلال الهجوم على فوج الميلبية وجبل كوكب وحواجز مدينة البركة»، مشيرا إلى «اقتحام فرع حزب البعث، مقر اللجنة الأمنية وقيادة الجيش الوثني» الذي يعد، بحسب التنظيم، «من أحصن مواقع النظام في المدينة».
وفي ريف حلب، تزامنت المعارك بين «الدولة الإسلامية» والقوات النظامية في محيط مطار كويرس العسكري، مع قصف الطيران السوري لليوم الرابع مدينة الباب التي تسيطر عليها «الدولة الإسلامية» شمال المطار. وأفاد المرصد السوري بمقتل 11 شخصا وإصابة ثمانية آخرين بجروح في قصف صاروخي استهدف حي التليفون الهوائي في محافظة حلب.
وفي حماه، استهدفت الكتائب الإسلامية بقذائف الهاون تمركزات لقوات النظام على الجهة الجنوبية من بلدة مورك، فيما قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مناطق في بلدتي اللطامنة وكفرزيتا بريف حماه الشمالي. ونفذت القوات النظامية حملة دهم واعتقال في حي الأربعين بمدينة حماه طالت عددا من المواطنين.
أما في ريف دمشق، فقد نفذ الطيران الحربي غارة على أطراف بلدة جسرين بالغوطة الشرقية، في حين دارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية مدعمة بقوات الدفاع الوطني من جهة ومقاتلي الكتائب الإسلامية ومقاتلي جبهة النصرة من جهة أخرى في بلدة المليحة ومحيطها ترافق مع قصف قوات النظام لمناطق في البلدة. وأحصى المرصد السوري سبع غارات استهدفت مناطق في الجهة الشرقية والشمالية الشرقية للبلدة، فيما ألقى الطيران المروحي المزيد من البراميل المتفجرة على مناطق في مزارع مخيم خان الشيح، ومناطق في مزارع العباسية والقصور بالغوطة الغربية. ونفذ 4 غارات على مناطق في الجهة الغربية لبلدة زبدين بالغوطة الشرقية.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.