روسيا والصين تسارعان لاعتماد التجارة بالعملات الوطنية بديلاً عن الدولار

أكدت الحكومة الروسية الانتهاء من صياغة اتفاقية حول اعتماد العملات الوطنية في التبادل التجاري مع الصين، وقالت إن النص تم عرضه على حكومتي البلدين، ورجحت أن يتم توقيعها قبل نهاية العام الحالي.
وجاء الإعلان عن هذه الاتفاقية في ختام زيارة أجراها رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف إلى الصين، حيث أجرى محادثات مع كبار المسؤولين هناك، ركزت بصورة خاصة على تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين. وعبر الجانبان عن موقف مشترك ضد السياسات الأميركية، لا سيما التدابير الاقتصادية التي تبنتها إدارة الرئيس دونالد ترمب ضد الصين، والعقوبات ضد قطاعات حساسة من الاقتصاد الروسي.
وكان لافتا في المحادثات سعي روسيا للتعويض عن نقص بعض المنتجات بالسوق الصينية بسبب السياسات الأميركية، مثل حبوب الصويا.
وعلى وقع طبول الحرب التجارية بين بكين وواشنطن، وفي الوقت الذي تترقب فيه موسكو حزمة جديدة من العقوبات الأميركية قد تشمل سندات الدين العام الروسي، وجه رئيس الوزراء الروسي ونظيره الصيني انتقادات حادة اللهجة للسياسات الأميركية. وخلال محادثاته في بكين مع رئيس مجلس الدولة الصيني لي كيه تشيانغ، أشار ميدفيديف إلى أن روسيا والصين حققتا نتائج مهمة في التعاون التجاري -الاقتصادي، على الرغم من الضغط الخارجي ومحاولات تقويض أسس نظام التجاري العالمي، في إشارة منه إلى السياسات الاقتصادية التي تبنتها إدارة ترمب.
ضمن هذا المشهد، يرى رئيس الوزراء الروسي إنه «في واقع الأمر يجب علينا (روسيا والصين) توحيد الجهود للحفاظ على تنظيم العلاقات التجارية في العالم، وأن تتحسن وتتطور». من جانبه قال لي كيه تشيانغ إن «الحمائية والأسلوب أحادي الجانب يقوضان منظومات العلاقات التجارية، التي تشكل نواة منظمة التجارة العالمية»، ونوه إلى أن هذا يترافق مع انتهاك حقوق دول محددة، بما في ذلك روسيا والصين، مؤكداً استعداد البلدين لمواجهة هذا الوضع. وقال: «باسم بلدينا، نؤكد الاستعداد للمساهمة في تسهيل التجارة والاستثمارات، وتقديم الدعم لعمليات التكامل الاقتصادي الإقليمية».
لم يقتصر الأمر على التصريحات، وفيما يبدو أنها خطوة عملية روسية - صينية أولى، ترمي إلى وضع آليات لضمان استمرار التبادل التجاري في ظل العقوبات، والتخفيف من تأثير الدولار على الوضع الاقتصادي في البلدين، أعلن إيغر شوفالوف، مدير بنك التجارة الخارجية الروسي بدء محادثات بين الحكومتين الروسية والصينية حول اتفاقية اعتماد العملات الوطنية في تبادلهما التجاري.
وقال شوفالوف، الذي كان ضمن الوفد المرافق لرئيس الوزراء في بكين، إن الرئيس الصيني شي جينبينغ، أشار خلال المحادثات مع ميدفيديف إلى ضرورة توقيع اتفاقية بهذا الصدد في أقرب وقت. وأكد المسؤول الروسي أن نص الاتفاقية جاهز، وتم الاتفاق على مشاورات حوله بين الجانبين خلال الأسابيع «القريبة» القادمة، وعبر عن أمله في أن يتمكن الجانبان من توقيعها قبل نهاية العام الحالي.
وأكد سيرغي بريخودكو، مدير مكتب رئيس الوزراء الروسي، المحادثات بين روسيا والصين حول نص الاتفاقية، وقال إنها «مسألة ملحة. وعلى ضوء العقوبات الأميركية، من الضروري أن تكون هناك آليات بديلة للحسابات بين البلدين»، معبرا عن قناعته بأن التعامل بالعملات الوطنية «سيخفف بشكل كبير» من المخاطر المتصلة بالعقوبات، وكذلك من ارتباط العلاقات التجارية بين البلدين بالدولار الأميركي.
في سياق متصل، وعلى ضوء تدهور العلاقات الاقتصادية بين بكين وواشنطن، وقع الوفد الروسي خلال زيارته إلى بكين مطلع الأسبوع الحالي أكثر من 10 اتفاقيات تجارية، عكست بعضها رغبة روسيا بتعزيز حضور منتجاتها في السوق الصينية، بما في ذلك اتفاقية حول زيادة حجم منتجات القطاع الزراعي الروسي إلى الصين.
وأكد ميدفيديف التوصل إلى تفاهم ثنائي حول إلغاء ما تبقى من قيود تجارية صينية بوجه المنتجات الروسية، وقال إن المنتجين الروس بوسعهم الآن تصدير لحوم الطيور والحليب ومشتقاته إلى الصين.
فضلا عن ذلك، بحث الجانبان إمكانية تصدير حبوب الصويا من روسيا إلى الصين، بعد العقوبات الأميركية. وأشار رئيس الوزراء الروسي إلى أن الصين تستورد سنويا 95 مليون طن من هذه الحبوب، منها 30 مليون طن من الولايات المتحدة. وبعد تذكيره بأن المشكلات التجارية بين البلدين أدت إلى نقص الصويا في السوق الصينية، أكد أن روسيا يمكنها ضمن هذا الظرف زيادة صادرات هذه المادة، وبصورة خاصة من منطقة أقصى الشرق، بالقرب من الحدود الروسية مع الصين.
وعلى الجانب الآخر أكد المسؤولون في بكين اهتمامهم بتعزيز التعاون في شتى المجالات التجارية مع روسيا، بما في ذلك المجالات العلمية والابتكارات الحديثة، إلا أنهم ركزوا بصورة خاصة على النفط والغاز، وهو ما أكده رئيس مجلس الدولة الصيني، وقال إن الشركات الصينية مستعدة للمشاركة في مشاريع إنتاج النفط الخام في روسيا، ومعالجته، ونقله.