«كارفن» الفرنسية في أيادٍ صينية

من عرض المصمم الفرنسي غيوم هنري لربيع وصيف 2014
من عرض المصمم الفرنسي غيوم هنري لربيع وصيف 2014
TT

«كارفن» الفرنسية في أيادٍ صينية

من عرض المصمم الفرنسي غيوم هنري لربيع وصيف 2014
من عرض المصمم الفرنسي غيوم هنري لربيع وصيف 2014

محاولات إنقاذ كثيرة لم تنجح في إعادة البريق إلى دار «كارفن» الفرنسية، الأمر الذي أدى إلى إعلانها الإفلاس. وبعد مزايدات وعروض تمكنت مجموعة «أيسيكل فاشون غروب» الصينية من شرائها وسط آمال كبيرة أن تضخ فيها دما جديدا.
ويبدو واضحا أن مجموعة «أيسيكل» الصينية تطمح إلى التوسع على مستوى العالم، بالاعتماد على بيت أزياء أوروبي له مصداقية تاريخية ومكانة مهمة. وتمثل «كارفن» ثالث أكبر استثمار دولي لها لحد الآن، حيث كانت البداية في عام 2013 بافتتاح «أيسيكل» مركزا للتصميم في باريس، على أساس أن تفتتح أول متجر عالمي أيضا في عاصمة النور، خلال خريف عام 2019.
ويرى بعض المراقبين في الصين أن نتائج هذه الصفقة ستكون إيجابية لكلا الطرفين، خصوصا وأن تفاصيل عملية الاستحواذ على «كارفن» مختلفة وواعدة. إضافة إلى هذا فإن «أيسيكل» تفهم سوق الصين جيدا من نواحي التصنيع والتشغيل فيه، الأمر الذي سيفيد «كارفن» على المدى البعيد.
الجدير بالذكر أن علامة «أيسيكل»، التي لا تتمتع بشهرة كبيرة خارج الصين، وتُعرف داخل الصين باسم «زي هي»، قد تأسست على أيدي كل من شوزينغ يي وشاونا تاو عام 1997، وكانت داعمة رائدة للأزياء المستدامة في البلاد لأكثر من عقدين. وتحقق عائدات تفوق 1.6 مليار رنمينبي، أي ما يعادل نحو 231 مليون دولار سنوياً، من خلال شبكة متاجرها البالغ عددها مائتين في الصين، وعمليات التجارة الإلكترونية. لكن يبقى السؤال بالنسبة لبعض المتابعين هو مدى استعداد شركة صينية، أو بالأحرى قدرتها على إدارة دار أزياء فرنسية، وهو ما ستجيب عليه الأشهر والأعوام المقبلة.
والملاحظ أن هناك تقليداً في الصين حاليا لإبرام صفقات مماثلة. فالشركات الصينية تحاول زيادة إنتاجها ومبيعاتها من خلال تنفيذ عمليات استحواذ في الخارج، حيث اشترت مجموعة «فوسون» الحصة الأكبر من دار «لانفان»، بينما تمتلك مجموعة شركات النسيج «روي غروب» كلاً من «بالي»، و«أكواسكوتوم» و«جيفز أند هوكز». قوتهم تكمن في عدد المستهلكين الصينيين، الذين يُمثلون، بحسب تقديرات مجموعة «بوسطن كونسالتينغ غروب»، 32 في المائة من حجم السوق العالمية للسلع الفاخرة، ومن المتوقع أن تزداد تلك النسبة وتصل إلى 40 في المائة بحلول 2024. وتوضح بيانات من «ماكنزي أند كامبني» أن يتراوح نمو العائدات في قطاع السلع الفاخرة في الصين بين 15 و20 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي.
هناك عامل كبير آخر مؤثر في الأمر هو حثّ الحكومة الصينية لرؤساء الشركات على دفع الاقتصاد الصيني باتجاه نموذج استهلاكي بعيداً عن قاعدة التصنيع التقليدية. فهذه تواصل تراجعها وتزداد ضعفاً بسبب المنافسين الآخرين في آسيا، الذين يصنعون بتكلفة أقل مع ارتفاع الأجور. كما لا ننسى الضغط الناتج عن الصراع التجاري بين الصين والولايات المتحدة الأميركية
- إضاءة على «كارفن»:
تأسست على يد كارمن دو تومازو، التي اشتهرت كمدام كارفن، انطلقت من فكرة بسيطة هي تقديم أزياء أنيقة ومعقولة تخاطب كل النساء، خصوصا ذوات القامات القصيرة والأحجام الناعمة، كونها كانت بطول لا يتعدى الخمسة أقدام وإنش واحد وتعاني في الوصول إلى أزياء أنيقة. في بداية شبابها، انتبهت أنها لم تكن المرأة الصغيرة الحجم الوحيدة وبأن مثيلاتها كثيرات، وهذا يعني أن هناك ثغرة في السوق، يمكنها أن تملأها بسهولة. وهكذا بدأت في أواخر الأربعينات تضيف تفاصيل مبتكرة على تصاميم ناعمة بنكهة باريسية قوية. وفي الخمسينات بدأت تعرض ضمن البرنامج الرسمي للـ«هوت كوتير» في باريس. عيبها أنها لم تخترق السوق الأميركية التي كانت أهم سوق للموضة في تلك الفترة، وأنها ظلت وفية لأسلوبها غير عابئة بتغير الزمن. كان من البديهي أن تتراجع، الأمر الذي استدعى الاستعانة بالمصمم إدوارد عاشور، الذي نجح في إعادة البريق إليها كدار متخصصة في الترف والـ«هوت كوتير»، باستعماله أقمشة مثل الأورغنزا، صوف الخرفان والحرير في تشكيلته المبهرة، في عام 2000. كانت جريئة بالمقارنة مع الأسلوب القديم. فقد نجح في استقطاب شرائح جديدة وشابة لم تكن تعرف الدار من قبل. وتوالى على الدار مصممون آخرون،


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.