«لا بالما» الإسبانية تستقطب عشاق مراقبة النجوم وعلماء الفلك

بسمائها الصافية وتلسكوباتها الحديثة

«لا بالما» الإسبانية تستقطب عشاق مراقبة النجوم وعلماء الفلك
TT

«لا بالما» الإسبانية تستقطب عشاق مراقبة النجوم وعلماء الفلك

«لا بالما» الإسبانية تستقطب عشاق مراقبة النجوم وعلماء الفلك

طفل صغير في جزيرة تنيريف حيث التلسكوبات في كل مكان يصعد الطريق بحدة مرتقيا إلى أعلى، بينما تشق السيارة طريقها عبر التضاريس الجبلية لمنطقة مرتفعات روك دي لوس موشاشوس. كل هذا لا يهم السائح المتوجه إلى مكان فوق السحب تبدأ فيه أشكال غريبة في التكون والظهور، على شكل دوائر بيضاء وفضية، جنبا إلى جنب مع منشآت مشيدة من الصلب لها أسطح عملاقة مغطاة بالمرايا. قد يدفعك هذا الوصف أن تتساءل عما إذا كانت هذه الأشكال من فعل كائنات فضائية هبطت على المكان. والرد ببساطة غير ذلك تماما، فأنت هنا في جزيرة لا بالما، إحدى جزر الكناري الإسبانية التي تستقطب عشاق مراقبة النجوم والسهر على ضوء القمر. هواؤها صافٍ كالبلور بينما تكتسي السماء باللون الأزرق المتلألئ، بينما يعطي ارتفاعها السائح الإحساس بأنه يقوم برحلة إلى القمر. ولا يختلف اثنان أنه لا توجد أي بقعة أخرى بهذا الجمال والمواصفات التي تثير اهتمام علماء الفلك.
وتقول عالمة الفلك إلينا نورديو إن طبقات السحب هنا تكونت على ارتفاع يتراوح بين 700 و1500 متر، نتيجة الرياح السائدة القادمة من اتجاه الشمال الشرقي.
وهذا يعني أن السحب لا تغطي كامل سلسلة جبال كمبرفيجا البركانية الضخمة، التي تمتد من جانب الجزيرة حتى جانبها الآخر. وفي أعلى نقطة في هذه الجبال وهي قمة روك دي لوس موشاشوس التي يبلغ ارتفاعها 2426 مترا، تقع السحب أسفل المكان إلى حد كبير وتبدو مثل حقل مغطى بالجليد. ودرجة الصفاء في السماء هنا نادرة بحيث لا يمكن مقارنتها بأي مكان في العالم باستثناء شيلي وهاواي، وبالإضافة إلى ذلك لا تكاد يكون هناك أي نوع من الصناعات يمكن التحدث عنه في المنطقة، وهذا يعني عدم وجود مدن كبيرة أو تلوث. ومن هنا فإنه ليس من الغريب أن يتم اختيار روك دي لوس موشاشوس كموقع «لإحدى أكثر مجموعات التلسكوبات شمولا في العالم بأكمله»، وذلك وفقا لما يقوله الموقع الإلكتروني للمرصد.
وتصطف التلسكوبات الضخمة الواحد تلو الآخر، يشرف هليخت خبراء من دول كثيرة، وهم خبراء متخصصون في إجراء أبحاث حول الكواكب البعيدة والثقوب السوداء وانفجارات النجوم والظواهر الفلكية. ومن بين الأدوات المستخدمة تلسكوبات تعمل بأشعة جاما تشبه أطباقا عملاقة لالتقاط إرسال القنوات التلفزيونية الفضائية، وإحدى هذه الأدوات جزء من مشروع بناء أحدث مرصد أرضي يعمل بأشعة جاما.
وهناك معلم آخر للجذب السياحي وهو «تلسكوب الكناري العظيم»، الذي يصل قطره إلى 4.‏10 متر، ويعد أكبر تلسكوب بصري يعمل بالأشعة تحت الحمراء في العالم. يعمل هذا التلسكوب لجمع البيانات كل ليلة، وعندما يحل الظلام تنفتح القبة الفضية أعلاه مثل مدخل عملاق لواد ضيق ضخم، ويقول أحد الزوار إنه «يبدو كما لو كانت نافذة تنفتح على الكون».
لهذا ليس غريبا أن يفد إلى المكان الكثير من السياح للاستمتاع بهذا الصفاء، إلى حد أن السماء في الليل أصبحت بالنسبة لهم رمزا، كما صارت سياحة الفلك تلقى إقبالا بشكل متزايدا.
وأصدرت جزر الكناري عام 1988 قانونا يسمى «لي ديل سيلو» أي قانون السماء، لكفالة خلو السماء من التلوث الضوئي، وهو يعد الأول من نوعه في العالم، ومن بين الإجراءات الأخرى تبديل مصابيح الشوارع التي تشع بالضوء الأبيض ووضع محلها مصابيح خاصة، ينبعث منها ضوء برتقالي اللون تعمل ببخار الصوديوم وذات مستويات منخفضة من الإضاءة، كما تم فرض قواعد رقابية صارمة على لوحات الإعلانات المضيئة بالشوارع. وتم الاعتراف بجزيرة لا بالما في أبريل (نيسان) 2012 كأول «محمية لضوء النجوم» على ظهر كوكب الأرض، وهذه المحمية تغطي الجزيرة بأكملها وأيضا أجزاء من المحيط حول الجزيرة.
ومن المؤكد أن معالم الجذب المتعلقة بالسماء موجودة في كل مكان ينظر إليه الزائر، وتم إقامة أكثر من عشر نقاط لمراقبة النجوم والأجرام السماوية خلال الأعوام الأخيرة، ويمكن الوصول إليها بالطرق وممرات المشي.
فما اكتشفه المسؤولون في الجزيرة أن الكثير من السياح يأتون إلى هنا بحثا عن ذلك الرابط الذي يربطهم بالكون، وفهم الكون بشكل أفضل.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

«ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)
«ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)
TT

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

«ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)
«ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد وتذوق الأطباق الخاصة بكل مدينة.

البعض يفضِّل تمضية عطلة الأعياد في أماكن دافئة مثل أستراليا ونيوزيلندا وجزر المالديف وتايلاند والبرازيل، إنما الغالبية الكبرى تفضِّل عيش تجربة العيد في مدن باردة تستمد الدفء من أنوار العيد وزينته التي تتحول إلى مشروع تتنافس عليه البلدان والمدن حول العالم؛ لتقديم الأفضل واستقطاب أكبر عدد ممكن من الزوار والسياح لرؤية التصاميم التي لا يمكن وصفها إلا بالروعة والإبداع.

عندما نذكر زينة أعياد الميلاد تخطر بعض المدن على أذهاننا؛ مثل نيويورك ولندن وباريس، وقد يكون السبب هو انتشار الأفلام السينمائية الكثيرة التي تصور الزينة، وتكون قصصها الخيالية مرتبطةً بالعيد.

وزينة العيد لا تقتصر فقط على الشوارع والأماكن العامة، إنما تتبناها المحلات التجارية لتصبح شريكاً مهماً في لعبة المنافسة العالمية للفوز بلقب «المتجر صاحب أجمل واجهة» في موسم الأعياد، وهذا ما نجحت فيه متاجر «هارودز»، و«سيلفردجز»، و«هارفي نيكولز»، ومحلات تجارية كثيرة في شارع بوند ستريت بلندن، أما في باريس فمتجر «غاليري لا فايت» أصبح أيقونة حقيقية لزينة العيد.

«ونتر وندرلاند» في لندن (غيتي)

إليكم جولة على أجمل الأماكن التي تتألق بأضواء وزينة العيد:

نيويورك، وتحديداً في «روكفيلير سنتر»؛ حيث تجد شجرة عيد الميلاد العملاقة بطول يزيد على 77 قدماً، ومزينة بشريط من الأضواء يزيد طوله على 5 أميال و45 ألف لمبة. الشجرة تُزرَع في النرويج. وبدأ هذا التقليد السنوي منذ عام 1933، وحينها أُضيئت أول شجرة، وبعد نحو قرن من الزمن لا يزال محبو الأعياد يتهافتون إلى هذا المكان لرؤية الشجرة وزينة العيد. ويُقدَّر عدد الزوار الذين يطوفون بالمكان يومياً بنحو نصف مليون شخص.

فيينا، تشتهر بأسواق عيد الميلاد التي تقام في ساحة «راثاوسبلاتز» التي تلبس زي العيد، وتنتصب الأكواخ الخشبية التي تبيع الهدايا والمأكولات الخاصة بالعيد.

باريس، شهيرة جداً بزينة العيد، لا سيما في شارعها الأهم، الشانزليزيه، المضاء بملايين الأضواء، إلى جانب واجهات المحلات التجارية التي تخلق أجواء ساحرة.

شجرة متجر «غاليري لا فاييت» في باريس هذا العام (أ.ف.ب)

ولكن يبقى متجر «غاليري لا فاييت» العنوان الأجمل لرؤية الزينة الخارجية والداخلية، ففي كل عام يتبدَّل شكل الشجرة في الداخل، وهذا العام تم اختيار تصميم عصري جداً وإضاءة «نيون» بيضاء، من الممكن رؤيتها عن قرب من الطابق السادس، فهناك جسر معلق يساعدك على الاقتراب من الشجرة التي تتوسط المبنى والتقاط أجمل الصور التذكارية. الحجز المسبق ليس إلزامياً، ولكنه يختصر عليك مدة الانتظار.

أما بالنسبة لمتجر «برينتان» فهو مميز بزينة واجهاته الخارجية، ويبقى برج إيفل الرابح الأكبر، ويزداد سحراً مع عروض الأضواء التي يتباهى بها في هذه المناسبة.

«ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

كوبنهاغن، من أجمل مدن الدنمارك، وهناك شبه إجماع على أنها مدينة نابضة بالحيوية ولقبها «مدينة أعياد الميلاد»، وفي هذه الفترة من العام يزداد سحرها وتتحول «حدائق تيفولي» في وسطها إلى عالم خيالي من الأضواء والأكواخ الجميلة.

افتُتحت هذه الحدائق عام 1843 ومنذ ذلك الحين أصبحت ملاذاً للزوار والسياح القادمين إلى العاصمة الدنماركية.

تقام فيها عروض جميلة للأضواء تلقي بإنارتها على «بحيرة تيفولي»، إلى جانب الألعاب النارية التي تقام في الأسبوع الفاصل بين عيدَي الميلاد ورأس السنة.

زينة العيد في طوكيو (أدوبي ستوك)

طوكيو، في موسم الأعياد تنسيك هذه المدينة اليابانية موسمَ أزهار الكرز في الربيع، فتكون خلال شهرَي نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) مزينةً بأنوار العيد وتُقام في شوارع أوموتيساندو وهاراجوكو عروض جميلة عدة، وتنتشر في تلك المنطقة أشجار العيد بتصاميم ثلاثية الأبعاد. ومن بين العروض الشهيرة أيضاً إضاءة أبكبوكوريو المذهلة.

موناكو، قد تكون شهيرة بسباق السيارات «Monaco Grand Prix»، ونادي اليخوت، ولكن هذا لا يعني أن تلك الإمارة الراقية لا تتفنن في موسم الأعياد والزينة المرافقة لها.

فابتداءً من شهر نوفمبر تزدان ساحة قصر مونتي كارلو بأضواء العيد، وتقام عروض خاصة يومياً، كما تتزين ساحة كازينو مونتي كارلو المقابلة لفندق «أوتيل دو باري (Hotel De Paris)» بأجمل زينة تتناغم مع روعة معمار المباني المحيطة. وتنتشر الأكواخ التي تبيع الهدايا على طول الريفييرا.

أسواق العيد في برلين (أدوبي ستوك)

برلين، من بين المدن الألمانية الشهيرة بأسواق عيد الميلاد، ومن أهمها سوق «جندار ماركت» وسوق «شارلوتنبورغ» وهما تجمعان بين التقاليد الأوروبية والأضواء الساحرة. من دون أن ننسى «بوابة براندنبور»، التي تضيف رونقاً خاصاً بأضوائها وزينتها.

لندن، قد تكون من أجمل المدن التي تعرف كيف تتأنق في موسم الأعياد، فشارعا أكسفورد وريجنت ستريت مشهوران بعروض الإضاءة الفريدة. إضافة إلى ساحة «كوفنت غاردن» التي تشتهر بشجرة عيد الميلاد العملاقة.

«ونتر وندرلاند» في لندن (الشرق الأوسط)

«ونتر وندرلاند» في هايد بارك، هي الحديقة ومدينة الملاهي التي يقصدها الملايين خلال فترة الأعياد لتذوق ألذ الأطباق، واللعب في كثير من الألعاب التي تناسب الصغار والكبار. فهي واحدة من أشهر الفعاليات الشتوية التي تقام سنوياً في قلب هايد بارك، وتعدّ وجهةً مثاليةً للعائلات والأصدقاء الباحثين عن أجواء احتفالية مليئة بالإثارة والتسلي.

ينتشر فيها أكثر من 100 كشك خشبي لبيع الهدايا اليدوية، والديكورات، والحلويات التقليدية. بالإضافة إلى ساحة تزلج مفتوحة في الهواء الطلق وعروض السيرك و«مغارة سانتا كلوز»؛ حيث يلتقي الأطفال تلك الشخصية الشهيرة ويلتقطون الصور. الحجز المسبق ضروري، وننصح أيضاً بارتداء أحذية مريحة وملابس دافئة.

العيد في البرازيل (أدوبي ستوك)

ريو دي جانيرو، من المدن الجميلة أيضاً خلال فترة الأعياد، ففيها شجرة عيد الميلاد العائمة في «بحيرة رودريغو دي فريتاس»، وهي من الأكبر في العالم. ومن الضروري زيارة شاطئ كوباكابانا، التي تضفي أجواء استوائية مميزة.

ستراسبورغ، تُعرف بـ«عاصمة عيد الميلاد»، مع أسواقها الشهيرة وشوارعها التي تكتسي بالأضواء الدافئة.

زيوريخ، من أجمل مدن سويسرا خلال موسم الأعياد، لا سيما شارع باهنهوف المزين بأضواء العيد الساحرة، والاحتفالات على البحيرة التي تتضمّن عروض أضواء وموسيقى مميزة.

دبي، تُقدَّم في «مول الإمارات» و«دبي مول» زينة فخمة وعروضٌ ضوئية في الداخل والخارج، وتُقام الألعاب النارية عند برج خليفة في ليلة رأس السنة، وهي من الأضخم عالمياً.

مدينة كيبيك، وتحديداً البلدة القديمة، تبدو فيها فترة الأعياد وكأنها لوحة شتوية مع زينة العيد والثلوج المتراكمة. سوق عيد الميلاد تضفي أجواء أوروبية تقليدية وسط طبيعة كندية خلابة.