توافق مصري ـ سوداني على تفعيل جميع مجالات التعاون المشترك

الرئيسان السيسي والبشير خلال لقائهما في شرم الشيخ أمس (أ.ف.ب)
الرئيسان السيسي والبشير خلال لقائهما في شرم الشيخ أمس (أ.ف.ب)
TT

توافق مصري ـ سوداني على تفعيل جميع مجالات التعاون المشترك

الرئيسان السيسي والبشير خلال لقائهما في شرم الشيخ أمس (أ.ف.ب)
الرئيسان السيسي والبشير خلال لقائهما في شرم الشيخ أمس (أ.ف.ب)

اتفق الرئيسان، المصري عبد الفتاح السيسي، والسوداني عمر البشير، على «تفعيل جميع أطر التعاون المشترك بين البلدين، واستثمار الإمكانات لتحقيق نموذج يلبي طموحات الشعبين، ويعكس العلاقات التاريخية الممتدة بينهما»، خلال قمة جمعتهما بمدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء، أمس، على هامش فعاليات منتدى شباب العالم.
وحل البشير ضيفاً على جلسة المنتدى الختامية، تلبية لدعوة من الرئيس المصري. ودخل الرئيسان معاً إلى مقر انعقاد الجلسة، مساء أمس، كما شهدا إعلان التوصيات الختامية للمنتدى.
وأوضح السفير بسام راضي، المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن السيسي أكد للبشير على «روح التعاون البناء بين مصر والسودان، والرغبة الصادقة والقوية المتبادلة لتعزيز العلاقات الثنائية على مختلف المستويات على نحو يرسخ الروابط التاريخية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين».
ونوه السيسي بحرص «مصر على تنسيق المواقف مع السودان الشقيق، إيماناً بوحدة المسار والمصير التي تربط شعبي وادي النيل، ومشيداً في هذا الصدد بالنتائج الإيجابية للجنة الرئاسية المصرية السودانية المشتركة التي عقدت أخيراً بالخرطوم».
ومن جهته؛ أعرب الرئيس السوداني عن «تقدير السودان العميق لمصر قيادة وشعباً»، ومؤكداً «حرص السودان الكامل على استمرار التشاور المكثف، وتفعيل جميع أطر التعاون المشترك بين البلدين، وكذا استثمار إمكانات البلدين لتحقيق نموذج للتعاون المشترك يلبي طموحات الشعبين الشقيقين، ويعكس العلاقات التاريخية الممتدة بينهما».
وذكر راضي أن «اللقاء بين الرئيسين تناول كذلك سبل تعزيز مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وبخاصة على صعيد مشروعات الربط الكهربائي والسكك الحديدية، فضلاً عن دعم التعاون الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري، كما تم تبادل وجهات النظر بشأن آخر المستجدات الخاصة بعدد من الملفات الإقليمية». كما اتفق الرئيسان على «استمرار وتعزيز التشاور والتنسيق المشترك لمواجهة التحديات الإقليمية الراهنة التي تمر بها المنطقة العربية والقارة الأفريقية».
من جهته، قال السفير عبد المحمود عبد الحليم سفير السودان لدى مصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية لـ«الشرق الأوسط» إن منتدى شباب العالم «اهتم بالعديد من القضايا المعاصرة والملحة؛ وعلى رأسها بناء قادة المستقبل، ودور قادة العالم في بناء السلام، وقضايا ما بعد الحروب والنزاعات، واستدامة السلام، وأجندة أفريقيا التنموية، وموضوع المساعدات الإنسانية في مواجهة التحديات».
ونوه عبد الحليم، على وجه خاص، بجلسات «الأمن المائي في أعقاب التغييرات المناخية، وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة نحو عالم متكامل، والعوالم الافتراضية والواقعية ووسائل التواصل الاجتماعي كمنقذ أم مستعبد لمستخدميها، وفرص العمل في عصر الذكاء الاصطناعي، ودور الأعمال والشركات الناشئة في النمو الاقتصادي، والألعاب والرياضة الإلكترونية، وقضايا الثقافة والفنون».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.