«إطلاق الإشاعات»... حروب خفيّة تستهدف المؤسسات الحكومية في ليبيا

صفحات التواصل الاجتماعي تستغل الفوضى المنتشرة للإساءة إلى أجهزة الدولة وحتى الأشخاص

TT

«إطلاق الإشاعات»... حروب خفيّة تستهدف المؤسسات الحكومية في ليبيا

في أثناء قيامه بالإعداد لبرنامجه التلفزيوني، وجد الإعلامي الليبي رجب بن غزي خبراً انتشر بقوة على صفحات التواصل الاجتماعي حول تعرض فتاة تُدعى خلود للاغتصاب، ثم التعذيب والقتل على يد إحدى الميليشيات في طرابلس. لكن بعد ذلك بفترة قصيرة ظهرت خلود في مقطع فيديو لتنفي ما نُسب إليها، وتصرح بأنها لا تزال على قيد الحياة.
إنها واحدة من قصص كثيرة تظهر كل يوم على مواقع التواصل لتجد طريقها إلى بعض وسائل الإعلام، ويتابعها ملايين المستخدمين، ثم يتبين في ما بعد أنها لم تكن صحيحة على الإطلاق.
وفي بلد بات يعاني من الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي، ظهرت في ليبيا جهات تقوم بدس أخبار وبيانات مزورة بين طيات «فيسبوك»، و«تويتر»، و«يوتيوب»، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، في محاولة لاستهداف مؤسسات حكومية وعسكرية وشخصيات عامة، ضمن حرب مستعرة بين الخصوم، تعتمد على برامج كومبيوترية تُسهل تركيب الفيديو والصور، وتزوير البيانات الرسمية.
يقول بن غزي: «بينما فرغت من شرب القهوة، كانت مواقع إخبارية، يُفترض أنها رصينة، قد نشرت نبأ مقتل خلود كما هو... رأيت عدد المتابعين للقصة المثيرة يتزايد بمئات الألوف وبشكل لافت للنظر... وبعد أن أمضيت معظم الساعات في التحري، دون أن أعثر على مصدر لديه خلفية، قررت عدم تضمين الموضوع في الحلقة التلفزيونية لهذا اليوم».
بعد ذلك تبين أن القصة مختلقة من الأساس، ولذلك يعتقد بن غزي أنّ مَن بث الشائعات عن مقتل خلود في البداية، هم مجموعة من النشطاء على مواقع التواصل «كانوا يريدون توجيه الدفة إلى اتجاه معين لصالح بعض السياسيين»، حسب تعبيره.
واقترن بث قصة خلود باتهام إحدى ميليشيات طرابلس الكبيرة بأنها وراء الحادثة، وأنه لا بد من القصاص من قياداتها. كما ظهرت موجة من التحريض على الانتقام، يقودها خصومٌ مدججون بالأسلحة الثقيلة. وقد أثار هذا الموضوع فزعاً داخل الدوائر العليا في العاصمة، حيث طلب فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، من جهاز الاستخبارات ووزارة الداخلية تقريراً حول الواقعة، وفقاً لأحد المسؤولين الأمنيين، الذي أوضح أن البحث استمر طيلة يومي 30 و31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما أربك قادة الأجهزة، التي أنفقت وقتاً وجهداً كبيرين لتقصّي الحقائق.
وعلى الجانب الآخر، تعرضت قيادات في الجيش الوطني، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، لتشويش مماثل كان سببه أيضاً مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك عندما جرى قبل أيام تسريب نص اتفاق بين العسكريين الليبيين على توحيد مؤسستهم خلال اجتماعات القاهرة، لكن اتضح في ما بعد أنه خبر ملفق.
يقول الإعلامي والناشط الليبي محمود بوعيسى بهذا الخصوص: «ظهر نص بيان توحيد المؤسسة العسكرية على صفحات فيسبوكية، من مصدر مجهول. ومع ذلك فقد انتشر كالنار في الهشيم. الكل صدق القصة، إلى أن اضطر العميد أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش، إلى نفيها... لقد كنت شاهداً بنفسي على هذا الأمر».
وحول نفس الموضوع، يعلق الأديب والمؤرخ الليبي حسين نصيب المالكي، الذي نجا من محاولة ابتزاز من صفحة مزيفة على «فيسبوك»، بقوله إن الظاهرة المنتشرة على مواقع التواصل «أصبحت خطيرة جداً... هذا استغلال. هذا نصب ينبغي أن يحذر منه الجميع»، خصوصاً أن بعض مزيّفي البيانات أصبحوا يقومون بالتلاعب من خلال تفريغ محتوى البيان الأصلي، ووضع المحتوى المفبرك مكانه، مع تعديل التاريخ، وترك الأختام والتوقيعات الرسمية كما هي.
وبالإضافة إلى المؤسسات الحكومية والعسكرية، شوَّهت قصص على مواقع التواصل الاجتماعي شخصيات من مشارب مختلفة، بالنظر إلى زيادة عدد الليبيين الذين أصبحوا يعتمدون على «فيسبوك» كمصدر رئيسي للأخبار. وفي هذا السياق يوضح مسؤول في وزارة الاتصالات والمعلومات الليبية، أن عدد رواد الإنترنت ارتفع من نحو مائتي ألف أيام الانتفاضة ضد القذافي، إلى أكثر من مليوني مستخدم في الوقت الراهن، و«هو رقم كبير»، في بلد لا يزيد عدد سكانه على نحو 6.5 مليون نسمة.
ومنذ انتفاضة 2011، ورغم التجارب القاسية الناجمة عن أخبار مفبركة، لا يبدو أن كثيراً من مستخدمي صفحات التواصل في ليبيا، يريد أن يأخذ عبرة من الماضي. فعلى سبيل المثال تحرك أسطول يضم 20 شاحنة لجلب مواد البناء من مصر، وفي طبرق التي تبعد نحو 150 كيلومتراً عن الحدود، انتشر على «فيسبوك» خبر يقول إنه تم منع دخول أي شاحنات ليبية.
يقول جمعة العبيدي، وهو مستورد رخام وسيراميك، معقباً على هذه القصة: «اكتشفنا أن الخبر غير صحيح، بعد أن توقفت الشاحنات في طبرق خمسة أيام. وبسبب ذلك خسرنا مبالغ كبيرة. أعتقد أن من أشاع ذلك كانت لديه أهداف ضدنا كمستوردين».
ويبلغ عدد المشتركين في صفحة واحدة من الصفحات، التي تنشر أخباراً زائفة مثل قصة خلود، وقصة شاحنات مواد البناء، ما لا يقل عن نصف مليون زائر. وبهذا الخصوص يقول بن غزي: «للأسف الشديد... بين 50% و60% من الأخبار كاذبة. نحن في ليبيا نعاني... هذا كابوس مرعب».
وبخصوص الطريقة التي يعتمد عليها للتفريق بين البيانات المزورة والصحيحة على مواقع التواصل، يوضح بن غزي أنه «لا بد من إرساء علاقة مع مصادر رسمية ومسؤولة، حتى لو لم ترغب في ذكر اسمها في الموضوع. هذا الأمر أصبح مهماً للغاية».
يتذكر بن غزي أنه في أحد أيام الاقتتال في طرابلس أشاعت مثل هذه الصفحات خبراً مفاده أن السراج ترك الحرب وغادر البلاد. وقبل أن يسير على هذه الموجة في برنامجه التلفزيوني، تحدث مع مستشاره، فتبين أنه كان يجلس بجوار السراج في مكتبه، يتابع معه التطورات في العاصمة. ولهذا السبب يشدد على أن «الانسياق وراء ما يُبث على مواقع التواصل يمكن أن يؤدي إلى مقتل إنسان، أو إلى مشكلة للدولة ككل».
في الوقت الراهن تحاول نصوص قانونية جديدة داخل بلدان عدة في منطقة الشرق الأوسط ضبط الانفلات على صفحات التواصل وعلى مواقع الإنترنت، خصوصاً مع ارتفاع عدد المستخدمين، مقارنةً بما كان عليه الحال في 2011. لكن الفوضى المنتشرة في ليبيا لا تزال تؤخِّر صدور تشريعات مماثلة، ولهذا، كما تذكر عائلة خلود، لن يكون في إمكانها حالياً تَتَبُّع مَن زيّفوا ونشروا قصة مقتلها، بينما هي تجلس بجوار والدتها على قيد الحياة.



الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)
عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)
TT

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)
عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي الرياض إلى حشد الجهود لإحلال السلام وتحقيق الاستقرار في بلاده.

تصريحات الزبيدي جاءت خلال استقباله في الرياض، الأربعاء، محمد آل جابر، سفير السعودية لدى اليمن، المشرف العام على البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن.

اللقاء جاء لبحث مستجدات الأوضاع السياسية والاقتصادية والإنسانية، والجهود المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار في اليمن، وسُبل تحسين الأوضاع المعيشية والخدمية للمواطنين، وفق ما أورده الإعلام الرسمي اليمني.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

وبحسب، وكالة «سبأ»، ثمّن الزُبيدي الدور الذي تضطلع به السعودية في حشد الجهود الإقليمية لإحلال السلام وتحقيق الأمن والاستقرار في بلاده، وقال إن ذلك يعكس التزام قيادة المملكة بمبادئ وقيم الأخوة التاريخية الراسخة التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين.

كما ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، المشاريع التنموية والإنسانية التي ينفذها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن في مختلف المحافظات، وأشاد بالدور الكبير الذي يضطلع به مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في تقديم الدعم الإنساني والإغاثي للتخفيف من معاناة الشعب اليمني، مؤكداً أن هذه الجهود تمثل ركيزة أساسية لدعم الاستقرار وتحسين حياة المواطنين.

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن السفير السعودي، محمد آل جابر، أنه جدد تأكيد دعم المملكة لجهود مجلس القيادة الرئاسي، وتعزيز الشراكة مع مختلف الأطراف اليمنية لتحقيق الاستقرار والتنمية.

كما أكد آل جابر الالتزام بمواصلة تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لمختلف المناطق اليمنية، تماشياً مع توجيهات القيادة السعودية، وحرصها على التخفيف من معاناة الشعب اليمني.

لقاء يمني - كوري

في سياق الاجتماعات التي يجريها الزبيدي، بحث عضو مجلس القيادة الرئاسي، في الرياض، الأربعاء، مع السفير الكوري لدى اليمن، بونغ كاي دو، أوجه التعاون المشترك، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين الصديقين.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه تم خلال اللقاء استعراض مستجدات الوضع الإنساني في اليمن في ظل المعاناة التي يعيشها الشعب جراء استمرار الميليشيات الحوثية في تصعيدها ضد خطوط الملاحة البحرية، واستهدافها لمواني تصدير النفط، والجهود المبذولة، إلى جانب التطرق إلى جهود إنهاء الحرب وتحقيق السلام وإرساء الاستقرار.

نقاش يمني - كوري في الرياض أملاً في المزيد من المساندة والدعم للحكومة اليمنية (سبأ)

وفي حين أشاد الزبيدي بالدور الإيجابي الذي تضطلع به كوريا لدعم اليمن في مختلف المجالات، فإنه أعرب عن تطلعه لدور كوري أكبر في دعم مسار التنمية في اليمن خلال المستقبل القريب.

ونسب الإعلام الرسمي إلى السفير الكوري أنه أكد دعم بلاده لجهود تحقيق السلام في اليمن، واستعدادها لمواصلة تقديم المساعدات التنموية والإنسانية، ودعم برامج التدريب والتأهيل للقدرات والكفاءات الشابة في المعاهد الفنية والتقنية، بما يمكّن من مواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة في مختلف المجالات.