جوبا تجري وساطة بين الخرطوم والمعارضة المسلحة لإنهاء الحروب في السودان

المتحدث باسم الحركة يرحب بوساطة الرئيس سلفا كير

TT

جوبا تجري وساطة بين الخرطوم والمعارضة المسلحة لإنهاء الحروب في السودان

أكد متحدث في مؤسسة الرئاسة في جنوب السودان أن الرئيس سلفا كير ميارديت سيتولى وساطة محادثات السلام بين الخرطوم والحركة الشعبية - شمال، وفصائل المعارضة المسلحة، التي تقاتل في دارفور غرب السودان، وقد وافق نظيره السوداني عمر البشير ومتمردو الحركة على المبادرة.
وقال المتحدث الرئاسي إتيني ويك إيتني للصحافيين في جوبا إن سلفا كير ميادريت سيتولى الوساطة في محادثات السلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية - شمال، مؤكدا أن الرئيس عمر البشير ساهم في التوصل إلى توقيع اتفاق تنشيط السلام بين أفرقاء جنوب السودان في 12 من سبتمبر (أيلول) الماضي، وكان أحد الضامنين للاتفاقية.
من جانبه، قال مستشار رئيس جنوب السودان للشؤون الأمنية توت قاتلواك منيامي في مؤتمر صحافي، أول من أمس، إن جوبا «ستستضيف المفاوضات بين الحكومة والمعارضة السودانية، وستقوم بدعوة كل أطراف المعارضة إلى مائدة الحوار في جوبا خلال الأسابيع القادمة»، مشيرا إلى أن اتفاق السلام في بلاده «ساهم في تعزيز الثقة بين الدولتين، وشكل دفعة قوية لكي تقوم حكومته بالتوسط بين الخرطوم ومعارضيها لضمان السلام الدائم ومصالح شعبي البلدين».
وكانت الحكومة السودانية قد استضافت مفاوضات بين أفرقاء جنوب السودان تحت مظلة الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا «إيقاد»، وتوّجت في سبتمبر الماضي بتوقيع اتفاق سلام نهائي.
بدوره، رحب مساعد الرئيس السوداني فيصل حسن إبراهيم بجهود رئيس جنوب السودان، الرامية إلى إعادة توحيد جناحي الحركة الشعبية - شمال، بزعامة مالك عقار وعبد العزيز آدم الحلو. كما أوضح أن الخرطوم لا تعارض مساعي كير لتوحيد الفصائل العسكرية والسياسية للحركة المنقسمة، معلناً موافقة حكومته على رؤية كير، لوجود جيش وطني واحد، وقناعته بأن السلام في المنطقتين سيسهم في استقرار البلدين.
وأجرى إبراهيم محادثات مع الرئيس سلفا كير في جوبا الجمعة الماضية، وناقش معه عملية السلام في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، التي تتوسط فيها الآلية الأفريقية رفيعة المستوى، وقال إن السلام والاستقرار في المنطقتين «هدف استراتيجي للخرطوم»، مشيراً إلى أن محادثات غير رسمية جرت بينه وبين رئيس الحركة الشعبية جناح عبد العزيز آدم الحلو في جنوب أفريقيا، بطلب من رئيس الآلية الأفريقية ثابو مبيكي.
ويعد هذا أول لقاء يجمع الطرفين، بعد انشقاق الحركة الشعبية بين قيادتي الحلو ومالك عقار، وقال إبراهيم إن وفد الحكومة وافق على نقاش المسار السياسي.
إلى ذلك، رحبت الحركة الشعبية، بقيادة مالك عقار في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، بمبادرة رئيس جنوب السودان لتوحيد الحركة الشعبية، وبالمساعي الرامية للتوصل إلى حل شامل للحروب في مناطق النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور، واعتبرت أن هذه المساعي تعزز جهود الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي.
وقال المتحدث باسم الحركة مبارك أردول في بيانه إن رئيس الحركة مالك عقار ونائبه ياسر عرمان وصلا إلى جوبا استجابة لمبادرة الرئيس سلفا كير، مشيرا إلى أن وفد قيادته شرع في إجراء المشاورات مع الجهات المختصة، ومؤكدا أن التوصل إلى حل شامل للنزاع في السودان سيسهم بشكل إيجابي في استقرار دولتي السودان شمالا وجنوباً، ولا سيما أن الحروب تدور على طول الحدود المشتركة بين الدولتين.
وأضاف أردول أن الحركة الشعبية والقوى الأخرى في السودان تربطها علاقات تاريخية مع شعب جنوب السودان، مبرزا أن الحركة ظلت تدعو على الدوام بترسيخ العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وخلق اتحاد سوداني بين الدولتين، مع احتفاظ كل منهما باستقلاله.
وختم أردول حديثه بالتشديد على أن أي اتفاق في السودان سيضع نهاية للحروب عبر حل شامل، وسيسهم إيجاباً في ترسيخ السلام في جنوب السودان، ويقوي أواصر العلاقات المشتركة، نافياً وجود أي لقاء جرى بين مساعد الرئيس السوداني فيصل حسن إبراهيم وقيادة حركته في جوبا.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.