تدابير حكومية لإصلاح الاقتصاد ودعم العملة في اليمن

تشكيل لجنة للموازنة ووقف التعيينات خارج الهياكل الرسمية

TT

تدابير حكومية لإصلاح الاقتصاد ودعم العملة في اليمن

أقرت الحكومة اليمنية، أمس، في العاصمة المؤقتة عدن جملة من التدابير الرامية إلى تحسين الأداء الحكومي وإصلاح الأوضاع الاقتصادية وإسناد العملة الوطنية (الريال)، بما في ذلك إقرارها تشكيل لجنة لإعداد الموازنة العامة للدولة، ووقف التعيين في المناصب الحكومية خارج إطار الهياكل الرسمية. وذكرت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء اليمني عقد اجتماعاً أمس، برئاسة الدكتور معين عبد الملك، لبحث الأوضاع الأمنية والمستجدات العسكرية، والإجراءات المتعلقة بالموازنة العامة للدولة والتعافي الاقتصادي، وتحسين وضع العملة المحلية أمام النقد الأجنبي.
وخلال الاجتماع أقر مجلس الوزراء حزمة من القرارات التي من شأنها تعافي الاقتصاد بما يسهم في استقرار الأوضاع المعيشية للمواطنين بناءً على توجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وحسب وكالة «سبأ»، أقرّت الحكومة تشكيل اللجنة العليا للموازنة العامة للدولة واللجنة الفنية، كما كلّفت وزارة الشؤون القانونية بإعداد القرار وفقاً للقانون، على أن تقوم اللجنة العليا للموازنة واللجنة الفنية بإعداد إطار الموازنة لعام 2019، وفقاً للمعطيات والمؤشرات المتاحة خصوصاً في جانبي الموارد المتاحة والإنفاق الحتمي ومقدار العجز ومصادر تمويله. كما أقر اجتماع الحكومة اليمنية العمل بالقرار المتعلق بتعزيز تحصيل الموارد الضريبية والجمركية، الذي يُلزم بتحصيل جميع الرسوم الجمركية والضريبية على جميع المشتقات النفطية المستوردة وفقاً لأحكام الفانون، ولا يُسمح بخروجها من المنافذ إلا بعد دفع الضرائب والرسوم القرارية وبموجب بيانات جمركية صادرة من المنافذ الجمركية التي دخلت منها.
وشددت الحكومة على تحصيل الضرائب القرارية على المشتقات النفطية المنتجة من مصفاة مأرب بالإضافة إلى إقرار تحصيل ضريبة القيمة المضافة بإجمالي 10% (5% مبيعات + 5% قيمة مضافة) على جميع الواردات الخاضعة للضريبة العامة في جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية في المناطق المحررة. ووجه الاجتماع بأن يتضمن البيان الجمركي كل الرسوم الجمركية والضريبية ولا يسمح بخروج أي بضائع من المنافذ إلا بموجب ذلك البيان، وشدد على أن أي بضائع منقولة بالجملة بين المحافظات دون بيان جمركي تُعد في حكم البضائع المهربة وتُعامل طبقاً لذلك.
وشدد القرار الحكومي على أن يُمنع منعاً باتاً ترسيم أي سجائر لا تحمل طابع «البندرول» في جميع المنافذ، ويُمنع دخولها إلى أراضي الجمهورية، وعلى أن أي سجائر توجد في أراضي الجمهورية تعد بضائع مهرَّبة وتتم مصادرتها، وعلى جميع الجهات المعنية تنفيذ القرار كلٌّ في ما يخصه.
ووافقت الحكومة اليمنية في اجتماعها، أمس، على قرار تعزيز إجراء التحصيل للموارد، الذي يلزم جميع الجهات الحكومية بتفعيل نظام الضريبة تحت الحساب على جميع المعاملات المالية الخاصة وفقاً لأحكام القانون. وقضى القرار باستقطاع ضرائب الدخل على جميع المعاملات، كما ألزم الجهاز المركزي للرقابة وهيئة مكافحة الفساد ومسؤولي وزارة المالية، بتنفيذ القرار بالوسائل الإدارية المناسبة، واتخاذ ما يلزم من إجراءات.
واتخذ مجلس الوزراء اليمني قرارات تتعلق بالموازنة العامة للدولة وتدعم تعافي الاقتصاد وتحسين قيمة العملة المحلية أمام النقد الأجنبي، على ضوء التقرير المقدم من اللجنة الاقتصادية حول المالية العامة في اجتماعها السابق. كما أقر وقف جميع التعيينات خارج إطار الهيكل المعتمد للجهات، وخارج إطار الموازنة العامة للدولة، وتكليف وزارة الخارجية بتقديم التصور الخاص بالعودة للعمل في التعيين وفقاً لقانون السلك الدبلوماسي.
واستمع الاجتماع إلى تقرير مقدم من نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية المهندس أحمد الميسري، حول الأوضاع الأمنية في العاصمة المؤقتة عدن، والمحافظات المحررة، وعن جهود الوزارة بالتعاون مع التحالف الداعم للشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، في توحيد عمل الأجهزة الأمنية. كما أطلع وزير الداخلية اليمني مجلس الوزراء على المستجدات في عملية الدعم العملياتي والفني المقدم من التحالف للأجهزة الأمنية إضافةً إلى ترميم عدد من المقرات الأمنية ومراكز الشرطة في عدد من المدن والمحافظات المحررة.
وحول مستجدات الأوضاع العسكرية، قدم نائب رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش اليمني اللواء صالح الزنداني، تقريراً حول الأوضاع العسكرية، والانتصارات المحرزة ضد ميليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران.
وذكر التقرير أن قوات الجيش حققت انتصارات كبيرة بدعم من التحالف، مؤكداً أن القوات في مدينة الحديدة على وشك تطويق المدينة بالكامل لإجبار مسلحي الميليشيات على الاستسلام. ولفت التقرير إلى أن المعارك في محافظة البيضاء حققت انتصارات كبيرة وتقدماً في مديرية الملاجم شرقي المحافظة، إضافة إلى التقدم النوعي في الضالع والسيطرة على جبل ناصة الاستراتيجي، والتقدم نحو مدينة دمت، التي باتت السيطرة عليها مسألة وقت.
إلى ذلك، أقر مجلس الوزراء اليمني تشكيل اللجنة الفنية الحكومية والأممية المشتركة لإنهاء ظاهرة تجنيد الأطفال، وإعادة تفعيل العمل بالخطة بالشراكة بين وزارة حقوق الإنسان ووزارة الخارجية ومنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة «يونيسيف». وتسعى الحكومة اليمنية بقيادة رئيسها الجديد معين عبد الملك إلى مجابهة كل الملفات الاقتصادية والإدارية بما يحقق عودة الاستقرار إلى سعر العملة الوطنية الريال، ويسهم في تحسين الخدمات في المناطق المحررة من قبضة الميليشيات الحوثية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.