أنقرة ترفض «أي مماطلة أميركية» في منبج

TT

أنقرة ترفض «أي مماطلة أميركية» في منبج

وسط أنباء عن حشدها قوات من جماعات المعارضة المسلحة الموالية لها في شرق الفرات، أعلنت تركيا أنها لن تتسامح مع أي مماطلة جديد من جانب الولايات المتحدة، في ما يتعلق بتطبيق اتفاق خريطة الطريق في منبج، الذي تم التوصل إليه بين البلدين في 4 يونيو (حزيران) الماضي.
وقال نائب الرئيس التركي فؤاد أوكطاي، إن «الولايات المتحدة تعهدت بسحب عناصر وحدات حماية الشعب الكردية من منبج، لكنها ماطلت في تطبيق الاتفاق وكانت تؤجل تنفيذ تعهداتها كل شهر... تركيا لم تعد تحتمل الصبر لتأجيل حل هذه المشكلات ولن تتسامح مع أي مماطلة جديدة».
وبعد نحو 5 أشهر من توقيع اتفاق خريطة الطريق في منبج بين وزيري الخارجية التركي والأميركي، والذي يقضي بسحب الوحدات الكردية والإشراف المشترك على تحقيق الأمن والاستقرار في منبج لحين تشكيل مجلس محلي لإدارتها على أن ينفَّذ في غضون 90 يوماً، بدأت القوات التركية والأميركية دوريات مشتركة للمرة الأولى في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، بمشاركة عناصر من تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الذي تشكِّل الوحدات الكردية عموده الفقري، وعناصر من جماعات مسلحة موالية لتركيا، في مسعى لتخفيض التوتر بين تركيا و«قسد».
وقبل ذلك سيّرت القوات التركية أكثر من 60 دورية منفصلة بالتنسيق مع الجانب الأميركي، لكنّ أنقرة اتهمت الولايات المتحدة بالمماطلة في تنفيذ اتفاق خريطة الطريق وهددت بالتدخل العسكري في منبج.
وشهد الأسبوع الماضي تصعيداً للتوتر على خلفية القصف المتبادل بين مسلحي «قسد» في شرق الفرات والقوات التركية بعد تصريحات للرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن انتهاء استعدادات تركيا لعملية عسكرية واسعة في شرق الفرات، ما دفع واشنطن، الداعمة للميليشيات الكردية في إطار الحرب على «داعش»، إلى الإسراع بخطوات لخفض التصعيد بين الجانبين.
وجدد نائب الرئيس التركي، في مقابلة مع وكالة الأناضول الرسمية أمس (الاثنين)، التأكيد أن بلاده لن تسمح لأي خطر إرهابي يهددها على طول الحدود مع سوريا.
وقال أوكطاي إن «الهدف الرئيسي لتركيا واضح جداً، وهو عدم السماح لأي خطر إرهابي يهددها على طول حدودها البالغ 911 كم مع سوريا، وإنها عبّرت عن عزمها على عدم السماح لأي كيان بتهديدها في أي مكان، واتخذت التدابير اللازمة لذلك».
وعن الدوريات المشتركة التي بدأ الجيشان التركي والأميركي تسييرها في منبج، قال أوكطاي إن «الموقف التركي واضح دائماً، ويتلخص في عدم ارتياح تركيا للكيان و«الممر الإرهابي» الذي يجاور الحدود الجنوبية لتركيا».
وأضاف أن ما سماه «الكيان الإرهابي» الموجود بالقرب من الحدود (في إشارة إلى الوحدات الكردية)، هو امتداد لحزب العمال الكردستاني، مهما اختلفت مسمياته سواء «حزب الاتحاد الديمقراطي» أو «الوحدات الكردية» أو «قسد» قائلاً: «من البداية صرحنا بأننا لن نسمح بوجود مثل هذا الكيان».
ولفت أوكطاي إلى أن تركيا غيّرت سياستها الأمنية و«لم يعد هناك مَن يستطيع تهديدها»، قائلاً إن «هناك تطهيراً عرقياً للمكون العربي في شمال سوريا، نفّذته الوحدات الكردية».
وأضاف أن «العرب يشكّلون غالبية سكان تل أبيض، وقد أُفرغت الرقة بين يوم وليلة من سكانها، وأُجبر العرب على النزوح باتجاه الأراضي التركية... ليس بوسعنا أن نبقى متفرجين على ما يجري في سوريا، لسنا كالولايات المتحدة أو أي دولة في الاتحاد الأوروبي تراقب الوضع عن بُعد لأنهم بعيدون عن خريطة المنطقة فضلاً عن وجود 3 ملايين ونصف المليون سوري في تركيا».
في غضون ذلك، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن القوات التركية تنقل نحو 1200 مقاتل من الفصائل السورية المسلحة الموالية لها إلى مناطق مواجهة لمنطقة سيطرة «قسد» في شرق نهر الفرات، أو في الضفاف الغربية لنهر الفرات ضمن مناطق سيطرة قوات عملية «درع الفرات» في شمال سوريا.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».