يوميات مراسل من غزة: القصف يشتعل.. وعيون الأهالي على الخليج والقاهرة ورام الله

يوميات مراسل من غزة: القصف يشتعل.. وعيون الأهالي على الخليج والقاهرة ورام الله
TT

يوميات مراسل من غزة: القصف يشتعل.. وعيون الأهالي على الخليج والقاهرة ورام الله

يوميات مراسل من غزة: القصف يشتعل.. وعيون الأهالي على الخليج والقاهرة ورام الله

16 يوما مرت على العدوان الإسرائيلي الذي ما زال متواصلا على قطاع غزة، عشت فيها، كالذين يقطنون في هذه البقعة الجغرافية الصغيرة المسماة «غزة»، حيّا أنتظر الموت الذي قد يداهمنا في أي لحظة، حتى مللنا من الصواريخ الإسرائيلية والخوف والقلق.
ليلة عصيبة مرت تحت قذف البوارج البحرية حمم نيران قذائفها وصواريخها على مخيم الشاطئ.. لم تهدأ للحظة واحدة تلك القذائف وهي تدك المخيم، حتى روعت أطفالنا ونساءنا وأجبرتهم على النوم وقوفا على أقدامهم وهم يتكئون على جدران وسلالم بيوتنا على اعتبار أنها أكثر المناطق أمنا في المنازل.
وعلى الرغم من تلك الليلة الجهنمية، فإنني استطعت، كما سكان هذا المخيم الصغير، أن آخذ قسطا من الراحة، غفوت طويلا وأنا آمل ألا توقظني غارات جديدة على المخيم أو الأحياء القريبة منه.. حتى استيقظت من تلقاء نفسي بعد ساعات من النوم العميق، ثم جهزت نفسي وخرجت للجلوس على باب المنزل بعد أن حُرمنا من الكهرباء التي تجبرنا في مثل هذه الظروف على متابعة الأخبار عبر التلفاز.
كل الظروف المحيطة بنا، أجبرتني، وكذلك جارنا أبو معين، على الجلوس في الشارع المقابل لمنزلينا قبل أن يأتي بعض شبان الحارة ويجلسوا ونحن نترقب الأخبار عبر الراديو الذي يعمل بالبطاريات، وكل منا يدلي بدلوه في الأحداث، ويتوقع ما يجري، وعيوننا تترقب خارج الحدود؛ من الخليج، إلى القاهرة، إلى قلبنا النابض وشطر وطننا الآخر رام الله، آملا في الإعلان عن تهدئة توقف نزف دم أطفالنا ونسائنا وأهالينا.
انتصر السكان لأنفسهم وكسروا الحواجز، اعتادوا في الأيام الثلاثة الأخيرة، وإن كان بشكل قسري وقليل جدا، على مغادرة منازلهم والتحرك نحو المحال التي تفتح أبوابها لبضع ساعات، انتصروا لأنفسهم يتفقد بعضهم أحوال بعض، ويسألون عن فلان وعلان، وذاك يبلغ فلانا باستشهاد شقيق صديقه، وعلان يبلغه باستشهاد أحد أقربائه.
تجولت قليلا في المخيم وأطرافه الخارجية، ورافقني جاري أبو هاشم الذي لم يصمت طوال تجولنا معا وهو يشتكي همه ويبكي على فراقه ثلاثة من أقربائه في حي الزيتون، وأنه لم يستطع المشاركة في تشييعهم أو مواساة أهلهم سوى عبر الهاتف. يخاطبني مهزوزا من داخل قلبه: «متى ستنتهي هذه الغمة ونعود لحياتنا.. نتفقد أهالينا وأقربائنا.. رحماك بنا يا ربي».
صمت طويلا وأنا أسمع كلماته، لكن أنظاري تحولت نحو المواطنين الذين كانوا يتجولون بكثافة لم أعتد على رؤيتها منذ العدوان الذي أجبرني، كما أجبر الآخرين على البقاء في منازلهم والاحتماء بها على الرغم من أنها لم تكن آمنة في ظل الاستهداف المتعمد لها.
كسر الفلسطينيون خوفهم وارتعادهم من تلك الطائرات التي تحلق في سمائهم، ومن تلك الصواريخ التي تطالهم أينما حلوا، وعلموا بثقة وإيمان أنه لا يوجد مكان آمن تحت أزيز الطائرات ودوي القذائف والصواريخ، فبدأوا يخرجون.. ينتصرون لأنفسهم.. يبحثون عن أمل يحيي في نفوسهم الحياة من وسط القتل والدمار.
كان يوما مغايرا في حياتي، لم أعهد منذ العدوان أن أرى الناس يتسوقون ويتنقلون من مكان لآخر على الرغم من الغارات الإسرائيلية التي تكاد تقتلهم في أي لحظة، حتى إنني عجبت من الأطفال وهم يسابقون ويزاحمون الكبار إلى الشوارع يبحثون عن طفولة ضاعت في خضم أنين الجراح.. يلهون ويلعبون ولا يبالون بجبروت الاحتلال.
نظرت لهؤلاء الأطفال وأنا أحاول أن أتعلم منهم معنى الانتصار على الخوف والقلق والترقب الذي يلازمني دائما على مصير عائلتي وأقربائي وأصدقائي.



لبنان يكثف الاتصالات الدبلوماسية لوقف «خروقات» إسرائيل لاتفاق وقف النار

TT

لبنان يكثف الاتصالات الدبلوماسية لوقف «خروقات» إسرائيل لاتفاق وقف النار

بيروت سجلت ما لا يقل عن 54 خرقاً من جانب إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)
بيروت سجلت ما لا يقل عن 54 خرقاً من جانب إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الثلاثاء، إن حكومته كثفت الاتصالات الدبلوماسية أمس لوقف «خروقات» إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار وانسحابها من البلدات اللبنانية الحدودية.

ونقل بيان لرئاسة الوزراء عن ميقاتي قوله «شددنا في خلال هذه الاتصالات على أولوية استتباب الأوضاع لعودة النازحين إلى بلداتهم ومناطقهم وتوسعة انتشار الجيش في الجنوب».

وأوضح أن إعلان قيادة الجيش اليوم عن الحاجة إلى جنود متطوعين للالتحاق بالوحدات المقاتلة "يندرج في سياق تنفيذ قرار مجلس الوزراء بزيادة أفراد الجيش لتعزيز انتشاره في مختلف مناطق الجنوب".

وفي الأسبوع الماضي، قال الجيش اللبناني إنه يعمل على استكمال انتشاره في جنوب البلاد مع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة حزب الله حيز التنفيذ فجر الأربعاء الماضي.

واجتمع ميقاتي أمس الاثنين في بيروت مع الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، الذي سيرأس لجنة المراقبة، ودعا إلى ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية في أسرع وقت.

وقال مصدران مطلعان لـ«رويترز» إن الجنرال جيوم بونشين ممثل فرنسا في اللجنة سيصل إلى بيروت غداً الأربعاء، وإن اللجنة ستعقد أول اجتماع لها يوم الخميس.

وذكر أحد المصدرين: «هناك حاجة ملحة لبدء عمل اللجنة قبل فوات الأوان»، مشيراً إلى تكثيف إسرائيل التدريجي لهجماتها رغم الهدنة.

وقال ميلر إن لجنة المراقبة ستبدأ عملها «في الأيام المقبلة».

وقالت السلطات اللبنانية إن ما لا يقل عن 12 شخصاً لاقوا حتفهم في هجمات إسرائيلية أمس الاثنين، وهو اليوم الأشد دموية منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

وذكرت وزارة الصحة اللبنانية أن من بين القتلى ستة أشخاص في بلدة حاريص الجنوبية وأربعة في بلدة طلوسة بالجنوب.

وقال مصدران سياسيان لبنانيان لـ«رويترز»، في وقت سابق اليوم، إن اثنين من كبار المسؤولين اللبنانيين طالبا واشنطن وباريس بالضغط على إسرائيل للالتزام بوقف إطلاق النار، بعدما شنت عشرات العمليات العسكرية على الأراضي اللبنانية.

وزادت هشاشة وضع وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين الطرفين بعد أقل من أسبوع على دخوله حيز التنفيذ نتيجة هجمات إسرائيلية على جنوب لبنان أسفرت عن سقوط قتلى، وإطلاق جماعة «حزب الله» صواريخ على موقع عسكري إسرائيلي أمس الاثنين.

وقال المصدران إن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الحليف الوثيق لـ«حزب الله» الذي تفاوض باسم لبنان من أجل التوصل للاتفاق، تحدثا إلى مسؤولين في البيت الأبيض والرئاسة الفرنسية في وقت متأخر أمس، وعبرا عن قلقهما بشأن وضع وقف إطلاق النار.

ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من الرئاسة أو وزارة الخارجية في فرنسا. وتحدث وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى نظيره الإسرائيلي جدعون ساعر، أمس، وأكد ضرورة التزام الطرفين بوقف إطلاق النار.

وقال ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، للصحافيين أمس الاثنين، إن اتفاق وقف إطلاق النار لا يزال «سارياً»، مضيفاً أن الولايات المتحدة «كانت تتوقع حدوث انتهاكات».

ويلزم اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ يوم 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، إسرائيل بوقف عمليتها العسكرية الهجومية في لبنان، في حين يفرض على لبنان منع الجماعات المسلحة مثل «حزب الله» من شن هجمات على إسرائيل. كما ينص الاتفاق على أن تنسحب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان خلال 60 يوماً.

وتتولى لجنة مراقبة، برئاسة الولايات المتحدة، مسؤولية متابعة الهدنة والتحقق من التزام الطرفين بها والمساعدة في تطبيقها، لكنها لم تبدأ العمل بعد.

وحث برى أمس الاثنين اللجنة المكلفة بمراقبة الهدنة على بدء عملها «بشكل عاجل»، قائلاً إن بيروت سجلت حتى الآن ما لا يقل عن 54 خرقاً من جانب إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار.

وتقول إسرائيل إن أنشطتها العسكرية المستمرة في لبنان تهدف إلى تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار وإنها لا تنتهك التزامها بالهدنة.