نتنياهو لا يريد «تفكيك» الائتلاف الحكومي

موقفه يضع حداً للجدل حول إجراء انتخابات مبكرة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (غيتي)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (غيتي)
TT

نتنياهو لا يريد «تفكيك» الائتلاف الحكومي

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (غيتي)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (غيتي)

قال مصدر كبير في أوساط رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن الأخير يرغب في استكمال الإجراءات التشريعية الخاصة بقانون التجنيد خلال دورة الكنيست الحالية، في مسعى يهدف إلى عدم تفكيك الحكومة. وأضاف «أن لا حاجة إلى ذرائع وتبريرات من أجل التوجه إلى انتخابات (مبكرة). رئيس الوزراء يريد سن قانون التجنيد». وأكد أن «نتانياهو أبلغ شركاءه في الائتلاف (الحكومي) بأن عليهم أن يقرروا في شأن الاستمرار سوية» في إطار الائتلاف الحالي.
وجاء هذا التصريح ليضع حداً للجدل حول إمكانية إقامة انتخابات مبكرة بسبب خلافات حول قانون التجنيد.
وكان نتنياهو نفسه قال قبل نحو شهرين إنه لا يستبعد إقامة انتخابات مبكرة في إسرائيل إذا ما أصر حزب «أغودات يسرائيل» على إدخال تعديلات على قانون التجنيد. ويثير القانون منذ سنوات خلافات بين العلمانيين والمتدينين في إسرائيل بسبب تهرّب الطلاب الحريديم (وهم المتشددون دينياً) من أداء قانون الخدمة العسكرية.
ويصر وزراء، بينهم وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، على تجنيد الطلاب المتدينين، فيما ألغت المحكمة العليا قوانين تسمح باستثنائهم من الخدمة كونها «تميّز بين دم ودم».
واقترحت لجنة خاصة أن يتم رفع نسبة المتدينين بشكل تلقائي عبر السنوات مع إبداء مرونة حول الوقت الذي ينضم فيه الطالب للجيش، لكن مقابل فرض عقوبات على المتهربين.
وفيما قالت أحزاب دينية إنه يمكن إجراء تعديلات طفيفة على المقترح، رفض حزب «أغودات يسرائيل» ذلك قطعياً بسبب العقوبات التي يفرضها مشروع القانون على من يتهرب من أداء الخدمة العسكرية الإلزامية المفروضة على كل إسرائيلي يبلغ 18 سنة.
وجاء تراجع نتنياهو بعد سلسلة تقارير تفيد بأنه حسم أمره وقرر حل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) وإجراء انتخابات مبكرة في غضون بضعة شهور بسبب التحقيقات الجارية ضده في 4 ملفات. وأنهت الشرطة الإسرائيلية التحقيق في ملفين هما 1000 و2000. وأوصت المستشار القضائي للحكومة أبيحاي مندلبليت والنيابة العامة بتقديمه إلى المحاكمة فيهما لوجود أدلة دامغة ضده. ويشتبه في الملف 1000 أن نتنياهو حصل على منافع وهدايا من رجال أعمال في مقدمتهم رجلا الأعمال أرنون ميلتشين وجيمس باكر، بضمنها سيجار فاخر وشمبانيا وبدلات فاخرة ومجوهرات، قدرت قيمتها بنحو مليون شيكل (300 ألف دولار)، دفع منها ميلتشين نحو 750 ألف شيكل، فيما دفع باكر نحو 250 ألفاً. أما في الملف 2000، فتوجد أدلة على أن نتنياهو عرض على ناشر صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أرنون موزيس، صفقة يحصل بموجبها رئيس الوزراء على تغطية إعلامية إيجابية مقابل التضييق على صحيفة «يسرائيل هيوم» المنافسة.
ولم يستجب المستشار القضائي، مندلبليت، لطلب الشرطة، وقال إنه يوجد نقص في المعلومات المطلوبة من الشرطة.
وهناك ملف تحقيق آخر مفتوح ضد نتنياهو هو الملف 4000 الذي يركّز على شبهة تلقي رئيس الوزراء رشوة من رجل الأعمال شاؤول ألوفيتش، مالك شركتي «بيزك» (للاتصالات) و«واللا» (موقع إخباري). وتدور الشبهات حول قيام نتنياهو، بوصفه أيضاً وزيراً للاتصالات، بتقديم تسهيلات كبيرة لألوفيتش تقدر قيمتها بمئات ملايين الدولارات، مقابل تخصيص موقع «واللا» للكتابة الإيجابية عن نتنياهو وحكومته. وفي هذا الملف شبهات قوية بمخالفات رشى واحتيال وخيانة الأمانة.
وكان نتنياهو يسعى إلى تقديم موعد الانتخابات، على أمل أن تُظهر نتيجة الاقتراع أنه يتمتع بشعبية كبيرة من ناخبي اليمين تؤهله للبقاء في منصبه وتضعف معارضيه ومناوئيه في إسرائيل. لكن يبدو أنه عدل عن مسعاه هذا، لأسباب لم تتضح بعد.
وثارت زوبعة حول الأمر الأسبوع الماضي، بعدما أوردت صحيفة «يسرائيل هيوم» أن نتنياهو يتجنب تبكير الانتخابات البرلمانية خشية ألا يكلّفه رئيس الدولة بعد الانتخابات بتشكيل الحكومة القادمة.
وكتبت الصحيفة أن نتنياهو تراجع في اللحظة الأخيرة عن تبكير موعد الانتخابات العامة خوفاً من عدم تكليفه بمهمة تشكيل الحكومة حتى ولو حصل «الليكود» على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان المقبل. ويرتبط التخوف من امتناع رئيس الدولة عن تكليف نتنياهو بهذه المهمة بالتحقيقات الجنائية التي يخضع لها في أربعة ملفات فساد تثير اهتمام الشارع الإسرائيلي منذ أكثر من عامين. لكن الرئاسة الإسرائيلية قالت تعقيباً على ذلك إن «ما نشر في الصحيفة ليس إلا من قبيل الأوهام غير المعقولة، وإنه ناجم عن جنون الارتياب».
ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، فقد أعلن مصدر مقرب من نتنياهو أن من بادر إلى هذا النشر في الصحيفة هو أحد أقطاب حزب «الليكود» في الماضي، في تلميح واضح إلى الوزير السابق جدعون ساعر، مضيفاً «أن هذه المبادرة لم تصدر عن ديوان رئيس الدولة إلى صحيفة يسرائيل هيوم، وإنما جاءت من أحد كبار الشخصيات السابقة في حزب الليكود، الذي تحدث بذات الموضوع مع عدد من المشاركين في الائتلاف الحكومي».
ولم يتأخر رد الوزير السابق جدعون ساعر، فقد كتب في تغريدة له صباح أمس نافياً ما يُنسب إليه. وقال: «من طابعي ألا أتطرق إلى ادعاءات هلوسة، لا سيما أن ما من شخص يقف خلفها وليقولها بصوته. ولكن وبما أن اسمي ارتبط بهذه التصريحات فإنني أعلن بما لا يدع مجالاً للشك: لا يوجد أي أساس لما نُسب إلي في الصحافة من أقوال. ولكن ما يقلقني أن ثمة من يهمس في أذن رئيس الحكومة بمثل هذه السخافات».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.