ماذا وراء الدعوة الجديدة في البرلمان العراقي لسحب القوات الأميركية؟

الجماعات المؤيدة لإيران تسعى لتكرار سيناريو 2011 الذي أدّى إلى وقوع كارثة «داعش»

من جلسات البرلمان العراقي الجديد. («الشرق الأوسط»)
من جلسات البرلمان العراقي الجديد. («الشرق الأوسط»)
TT

ماذا وراء الدعوة الجديدة في البرلمان العراقي لسحب القوات الأميركية؟

من جلسات البرلمان العراقي الجديد. («الشرق الأوسط»)
من جلسات البرلمان العراقي الجديد. («الشرق الأوسط»)

ما كاد مجلس النواب العراقي الجديد أن يلتئم في جلسته الأولى منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي بعد طول انتظار، حتى سعى بعض أعضائه لجعل قضية وجود القوات الأجنبية (أميركية في الغالب) أولوية للمجلس الذي وُلد فيما يشبه العملية القيصرية وسط اتهامات بتزوير الانتخابات وحركة شعبية احتجاجية واسعة النطاق تدعو إلى الإصلاح السياسي ومكافحة الفساد الإداري والمالي وتوفير الخدمات الأساسية، وبخاصة الكهرباء والماء، في بلد يقلّ نظراؤه في عدد ما يملكون من حقول النفط والأنهار.
النواب هؤلاء طالبوا بمراجعة وضع القوات الأجنبية، وهي مطالبة لم تكن جديدة في الواقع لكنّها بدت خارج السياق، أقلّه من حيث التوقيت، فالحكومة العراقية الجديدة، وهي المعنيّة بشأن العلاقات العسكرية مع الدول الأخرى، لم تكن قد تشكّلت بعد، وإلى اليوم لم يكتمل تشكيلها. كما أن المطالبة جاءت فيما تنظيم داعش يستعيد نشاطه وعملياته الإرهابية في عدد من المناطق العراقية، بينما كان آلاف من عناصره يتجمّعون في مناطق بشرق سوريا محاذية للحدود مع العراق.
الدعوة الجديدة، كما السابقة، جاءت من قوى محسوبة على إيران، وهو ما جعل المراقبين ينظرون إليها بوصفها مطلباً إيرانياً في المقام الأول عشية البدء بتطبيق الحزمة الجديدة الأكثر فعّالية من العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.
في الأول من مارس (آذار) هذا العام مرّر مجلس النواب السابق قراراً يطلب من حكومة حيدر العبادي وضع جدول زمني لمغادرة القوات الأجنبية العراق، بيد أن الحكومة لم تُعر القرار اهتماماً لإدراكها أن الوقت ليس مناسباً بعد لوضع قرار كهذا موضع التنفيذ، ارتباطاً باستمرار الخطر الذي يمثّله داعش في ظل أوضاع سياسية داخلية غير مستقرة، وبعدم جاهزية القوات العراقية بمفردها لمواجهة التنظيم الإرهابي الذي استنزف الكثير من قدراتها على مدى ثلاث سنوات من المواجهة المباشرة معها، وما كان للقوات العراقية أن تخرج من هذه المواجهة منتصرة نسبياً من دون الدعم متعدد الأشكال الذي قدّمه التحالف الدولي المناهض لداعش المتكوّن من 74 دولة بقيادة الولايات المتحدة الملتزمة بموجب اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين، الموقعة في عام 2008 والمُجدّدة مطلع العام الحالي، بتقديم الدعم العسكري والأمني والسياسي والاقتصادي للعراق، وهو ما يشمل مكافحة داعش، والمساهمة في إعادة إعمار المناطق المتضرّرة في الحرب ضد داعش، وإحياء الاقتصاد الوطني المُرهق بتبعات الحروب وبعواقب الفساد الإداري والمالي الذي استنزف مئات مليارات الدولارات من الموازنات السنوية للدولة.
ليس للعراق أي مصلحة الآن في إجلاء القوات الأجنبية المتحدّد نشاطها بمكافحة الإرهاب وتدريب القوات العراقية لتكون جاهزة لمواجهة الخطر الإرهابي وضمان أمن الحدود.
وفي الأشهر الأخيرة عاود داعش نشاطه على نحو لافت برغم إعلان النصر عليه نهاية العام الماضي، فقد نجح في القيام بالعديد من العمليات الإرهابية التي استهدفت قوات الأمن والجيش العراقية، فضلاً عن المدنيين، في مناطق واسعة تمتدّ من محافظة ديالى في الشرق إلى الأنبار ونينوى في الغرب.
واشتدّ في الأسابيع الأخيرة تهديد داعش عند الحدود مع سوريا بعدما استولى على مناطق كانت تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، وقدّر خبراء أمنيون أنه في منطقة هجين السورية الحدودية وحدها يوجد ثلاثة آلاف عنصر مسلح من داعش، بينهم 800 عراقي، يستعدون لاستغلال أي فجوة للدخول منها إلى الأراضي العراقية.
وزارة الدفاع العراقية أكدت هذه المعلومات وقالت إن عناصر «داعش» يحاولون التسلّل من سوريا عقب سيطرتهم على بلدتين شرق دير الزور.
وفي الأيام الأخيرة استنفر المقاتلون الكرد السوريون قواهم في دير الزور السورية الواقعة عند الحدود مع العراق تحضيراً لهجوم مدعوم من التحالف الدولي ضد عناصر داعش المتجمّعين هناك.
وعدا عن الجانب العسكري، فإن الدولة العراقية لم تنجح بعد في التهيئة لمواجهة داعش اجتماعياً، فالتنظيم لم يزل يجد ملاذات له في المناطق الغربية ومناطق أخرى تمتدّ إلى الشمال من العاصمة بغداد، مستفيداً من تقصير الدولة في إعادة إعمار المناطق المتضررة في الحرب وتوفير المساكن والخدمات الأساسية لملايين النازحين، ولم يزل السكان في بعض المناطق المُحررة من داعش يشكَون من معاملة غير حسنة من جانب القوات الأمنية المرابطة في هذه المناطق. هذه الشكاوى أيّدت البعض منها المفوضية العليا لحقوق الإنسان، وهي هيئة مستقلة يشرف عليها البرلمان العراقي، فقد رصدت أخيراً العديد من الانتهاكات والمشاكل في مديرية الاستخبارات ومكافحة الإرهاب في محافظة نينوى والمواقف التابعة لها، بحسب بيان لنائب رئيس المفوضية، علي ميزر الشمري، الأسبوع الماضي.
المطالبة بسحب القوات الأجنبية (الأميركية) من العراق الآن تعيد إلى الأذهان ما فعلته حكومة نوري المالكي في 2011 عندما تعجّلت في إنهاء وجود عشرات الآلاف من القوات الأميركية بذريعة تأمين السيادة والاستقلال من دون مراجعة ما إذا كانت القوات العراقية قد جهزت لمواجهة الخطر الإرهابي أم لا. والواقع أنها لم تكن جاهزة، ففي أقل من سنتين ونصف السنة بعد انسحاب القوات الأميركية كان ثلث مساحة العراق، قد خرج عن السيادة والاستقلال العراقيين وسقط في أيدي داعش، واحتاج الأمر إلى حرب دامت ثلاث سنوات بتكلفة مادية وبشرية كبيرة لاستعادة هذا الجزء الذي لم تزل مناطق منه تواجه الخطر الإرهابي.
ربما فكّرت الجماعات الموالية لإيران في استخدام ورقة الانسحاب لإرغام واشنطن على التخفيف من العقوبات المفروضة على طهران، لكنّ إيران لن تستفيد كثيراً، ماديا، من انسحاب القوات الأميركية من العراق، وبالذات على صعيد العقوبات، والولايات المتحدة لن تخسر الكثير إذا ما وجدت نفسها مضطرّة لإعادة ترتيب وضع قواتها وسحب بعضها كما فعلت في 2011، لكنّ العراق سيكون الخاسر الكبير من انسحاب كهذا ستكون له عواقب وخيمة عليه.



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.