الغارات الجوية تقتل ستة أطفال من عائلة واحدة بحلب.. واشتباكات عنيفة عند مدخل حي جوبر

دمشق تطالب دي ميستورا بالموضوعية والنزاهة

الغارات الجوية تقتل ستة أطفال من عائلة واحدة بحلب.. واشتباكات عنيفة عند مدخل حي جوبر
TT

الغارات الجوية تقتل ستة أطفال من عائلة واحدة بحلب.. واشتباكات عنيفة عند مدخل حي جوبر

الغارات الجوية تقتل ستة أطفال من عائلة واحدة بحلب.. واشتباكات عنيفة عند مدخل حي جوبر

تتصاعد حدة المواجهات العسكرية بين القوات النظامية والكتائب المقاتلة في أنحاء عدة في سوريا، لا سيما في مدينة حلب وريف حماة وأنحاء من العاصمة السورية. وفي حين أدى القصف الجوي إلى مقتل ستة أطفال من عائلة واحدة في مدينة حلب، وأسفر عن حركة نزوح واسعة بريف حماة، تتواصل الاشتباكات العنيفة في محيط حي جوبر الدمشقي، تزامنا مع مقتل ثلاثة أشخاص في سقوط قذائف على دمشق مصدرها مواقع مقاتلي المعارضة. وبعد نحو أسبوعين على تعيينه موفدا أمميا إلى دمشق، خلفا للأخضر الإبراهيمي، رحبت السلطات السورية أمس بتعيين الأمم المتحدة الدبلوماسي السويدي ستيفان دي ميستورا موفدا لحل النزاع السوري، داعية إياه إلى التزام الموضوعية والنزاهة خلال أدائه لمهمته.
وقالت وزارة الخارجية السورية في رسالة وجهتها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إنها ترحب بتعيين دي ميستورا «انطلاقا من قناعتها بالحل السياسي للأزمة في سوريا من خلال الحوار بين السوريين وبقيادة سوريا»، وفق ما أوردته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أمس. وأملت أن «يستند نهج دي ميستورا إلى الموضوعية والنزاهة وإلى قواعد القانون الدولي ومبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة، وفي مقدمتها احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام إرادة الشعب السوري وخياراته».
وكان الإبراهيمي الذي استقال في شهر مايو (أيار) الماضي، عجز خلال عامين تقريبا عن خرق جدار الحل السياسي للأزمة السورية، وتعرض لانتقادات لاذعة من مسؤولين سوريين ومن الإعلام السوري وصلت إلى حد اتهامه بالانحياز والتآمر.
ميدانيا، قتل ستة أطفال (ثلاث إناث وثلاثة ذكور) من عائلة واحدة ليل الثلاثاء الأربعاء، في قصف جوي للقوات النظامية على قرية الوحشية شمال مدينة حلب، كبرى مدن الشمال التي تشهد معارك يومية منذ صيف عام 2012، ويتقاسم النظام والمعارضة السيطرة على أحيائها.
وتتعرض مناطق المعارضة في حلب وريفها لقصف مكثف من طيران النظام منذ نهاية العام الماضي، مما أدى إلى مقتل أكثر من ألفي مدني منذ مطلع العام الحالي، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وكثف الطيران النظامي، في الآونة الأخيرة، من غاراته الجوية، شمال مدينة حلب. وقال مدير المرصد السوري إن «تكثيف الغارات يأتي في محاولة لتشتيت المقاتلين المعارضين واستعادة المناطق التي يسيطرون عليها، لا سيما بلدة مارع».
كما أدت الغارات الجوية، وفق المرصد السوري، إلى مقتل طفلة في السادسة من عمرها في قرية الكشكية بدير الزور وفتى في الخامسة عشرة من عمره في بلدة اللطامنة بريف حماه، حيث أدت الغارات الجوية المتلاحقة إلى نزوح عدد كبير من أهالي بلدة خطاب، بالتزامن مع استمرار الاشتباكات في محيط المنطقة.
وأفاد مركز حماة الإعلامي أمس بأن النظام السوري أرسل تعزيزات لقواته في ريف حماة بعد احتدام المعارك مع الجيش الحر وتكبد الجانبين خسائر بشرية. وقال ناشطون إن ثلاثة أرتال من القوات النظامية وصلت إلى جسر الجمارك أمس، قبل توجهها إلى محيط بلدة خطاب لدعم القوات النظامية.
من ناحيتها، أعلنت لجان التنسيق المحلية قتل القوات النظامية 16 شخصا في قرية معر شحور بريف حماة، كانوا في طريقهم لتلقي العلاج في شمال سوريا. وفي دمشق، سلم 75 مقاتلا من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) أنفسهم لكتائب إسلامية مقاتلة جنوب دمشق، بعد تنفيذ «جيش الإسلام»، بالتعاون مع «حركة أحرار الشام»، و«جبهة النصرة»، و«لواء الحبيب المصطفى»، و«اللواء الأول»، عملية عسكرية مشتركة ضد «داعش» في بلدة يلدا جنوب دمشق، في حين رفض نحو 300 مسلح من التنظيم الاستسلام، ولجأوا إلى مدينة الحجر الأسود، جنوب العاصمة.
وكان ثلاثة أشخاص قتلوا أمس نتيجة سقوط قذائف على دمشق مصدرها مواقع لمقاتلي المعارضة، تزامنا مع تواصل المعارك بين القوات النظامية والمقاتلين في شرق العاصمة، بحسب مصادر رسمية سوريا.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) إن «قذيفتي هاون أطلقهما إرهابيون وسقطتا على سوق الهال في الزبلطاني (وسط) دمشق أسفرتا عن استشهاد ثلاثة مواطنين وإصابة ستة آخرين»، في حين أدت قذيفة ثالثة سقطت على حي برزة (شمال شرق) إلى جرح أربعة أشخاص.
وتزامن سقوط القذائف على دمشق منذ يومين مع معارك هي «الأعنف» منذ أشهر عند مدخل حي جوبر الذي يسيطر مقاتلو المعارضة على غالبيته. وأشار المرصد السوري أمس إلى اشتباكات مستمرة «بين مقاتلي جبهة النصرة (ذراع القاعدة في سوريا) والكتائب الإسلامية من جهة، وقوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني من جهة أخرى، في محيط حاجز عارفة الواقع في المنطقة الفاصلة بين (ساحة) العباسيين وجوبر»، في شرق العاصمة.
نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني سوري قوله إن «العمليات مستمرة في جوبر والجيش يحرز نجاحات في بعض الاتجاهات، ولكن وجود المدنيين يعيق أحيانا التقدم»، مشيرا إلى أن الجيش النظامي استعاد بعض المواقع وكتلا من الأبنية كان المقاتلون استولوا عليها.
وتصاعدت حدة المعارك على أطراف جوبر خلال الأيام الماضية، لا سيما بعد تقدم المقاتلين منتصف الأسبوع الماضي وسيطرتهم على حاجز للجيش السوري يقع على الطريق المؤدية إلى ساحة العباسيين التي تعد بمثابة المدخل المؤدي نحو قلب دمشق من جهة الشرق. وشنت القوات النظامية هجوما مضادا على الحي واستقدمت تعزيزات، شملت نشر دبابات تقوم بقصف مواقع المعارضة، علما أن حي جوبر يعد استراتيجيا بالنسبة للمعارضة، نظرا لاتصاله شرقا بمعاقل مقاتلي المعارضة قرب العاصمة. وكانت القوات النظامية قصفت أمس مدينة دوما (شمال شرق دمشق) بقذائف الهاون، مما أدى إلى سقوط جرحى.
في موازاة ذلك، دعا المرصد السوري لحقوق الإنسان الشباب السوري إلى عدم الالتحاق بخدمة الاحتياط في قوات النظام بعد مقتل ألف عنصر منها خلال الأسبوع الماضي، في أكبر معدل خسائر بشرية خلال أسبوع في صفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها، منذ انطلاقة الثورة السورية.
وأشار المرصد إلى أن النظام السوري، ونتيجة للخسائر الفادحة في صفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها، وارتفاعها الحاد في الأسبوع الماضي، يقوم عبر أجهزته باستدعاء آلاف الشبان، من خلال تبليغهم بوجوب الالتحاق بالثكنات العسكرية التي أدوا فيها خدمتهم الإلزامية، أو مراجعة شعب التجنيد في مناطقهم. وتابع أننا «في المرصد السوري لحقوق الإنسان، وحرصا منا على عدم إراقة المزيد من دماء أبناء الشعب السوري، ندعو جميع الشبان المبلغين إلى الالتحاق بخدمة الاحتياط، لرفض الالتحاق بصفوف قوات النظام، كي لا يساهموا في قتل المزيد من أبناء شعبهم، الذي استشهد وجرح منه مئات الآلاف، وشرد الملايين، خلال الأربعين شهرا الفائتة، بسبب قرارات النظام العنجهية، والذي استخدم القوة العسكرية مع أبناء الشعب السوري، بدلا من الاستماع إلى مطالبه في الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة، التي خرج من أجلها».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.