نفوق مفاجئ لمئات الآلاف من الأسماك في نهر الفرات

مبررات متعددة لوزارتي الزراعة والصحة... وانتقادات واسعة

نفوق مفاجئ لمئات الآلاف من الأسماك في نهر الفرات
TT

نفوق مفاجئ لمئات الآلاف من الأسماك في نهر الفرات

نفوق مفاجئ لمئات الآلاف من الأسماك في نهر الفرات

في وقت أعلنت فيه وزارة الزراعة العراقية عن بلوغ العراق الاكتفاء الذاتي من الثروة السمكية، فوجئ العراقيون بمشاهد نفوق مئات الآلاف من الأسماك على نهر الفرات بالقرب من محافظة بابل.
الظاهرة كانت تكررت في ديالى وبغداد الواقعتين على نهر دجلة لكن بكميات أقل. ومع أن نظرية المؤامرة أخذت مجراها على صعيد كيل الاتهامات لجهات سياسية أو حزبية لا تريد للعراق أن يكتفي ذاتيا من هذه الثروة، نظرا لتأثر هذه الجهات تجاريا، فإن السلطات المعنية، لا سيما وزارتي الزراعة والصحة، عدتا الأمر يتعلق صحيا بمرض قديم كان يصيب الأسماك منذ الثمانينات، وزراعيا بسبب قلة المياه الآتية من تركيا التي أدت إلى استفحال هذا المرض.
وزارة الزراعة أكدت في بيان أن «القطاع الزراعي في العراق كثيرا ما يواجه مخاطر إنتاجية، تتمثل بانتشار الأوبئة والأمراض والتغيرات والبيئية والمناخية، وأن ما حصل في محافظة بابل وقبل مدة في بغداد وديالى من نفوق كميات كبيرة للأسماك بعد ما وصلنا للاكتفاء الذاتي وسد حاجة السوق من الأسماك له الأثر الكبير على الثروة الحيوانية حاليا».
البيان أضاف أن «من أهم الأسباب انخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات وقلة الإيرادات المائية من تركيا، وبالتالي ركود وتوقف جريان المياه في بعض مناطق تربية الأسماك بالأقفاص العائمة، إضافة إلى ما يلقى في نهري دجلة والفرات من ملوثات صناعية ومنزلية من دون عمليات معالجة وتدوير للمياه». وأشار البيان أيضا إلى عدم الالتزام بالضوابط والمحددات البيئية من خلال وجود أعداد كبيرة من المتجاوزين من مربي الأسماك بالأقفاص العائمة، وكذلك لكثافة التربية في وحدة المساحة (25 سمكة للمتر المكعب الواحد)، أدت إلى نقص الأوكسجين وتحفيز الإصابات الفطرية والبكتيرية نتيجة تخمر مخلفات الأعلاف، وفضلات الأسماك في قاع النهر الراكد، وانبعاث غاز الأمونيا نتيجة التحلل، ما أدى إلى تعفن أو تلف أعلاف الأسماك، وبالتالي نفوقها».
وأوضح البيان أن «الوزارة شكلت لجنة لمتابعة الموضوع وأوصت اللجنة الوزارية بإزالة جميع المتجاوزين من مربي الأسماك بالأقفاص العائمة غير المجازين، وإزالة الأسماك النافقة في الأنهار بالتعاون مع وزارة الصحة والبيئة والمحافظات، وكذلك إلزام المربين بالالتزام بالضوابط والمحددات البيئية ونظام التربية الصحيح».
أما وزارة الصحة التي شملتها الانتقادات من مختلف الجهات وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي، فأعلنت من جانبها أن «فرق الرقابة الصحية التابعة لها تتابع حالة نفوق الأسماك في محافظة بابل، كما تتابع بدقة باعة الأسماك في الأسواق المحلية، وكل من يثبت بيعه للسمك النافق سوف يحاسب وفق القانون».
وأضافت الوزارة في بيان لها أنه «لم تظهر أي حالة مرضية بسبب أكل السمك حتى الوقت الحاضر، وأنه لا يوجد مرض مشترك بين الأسماك والإنسان»، مشيرة إلى أن «الرقابة الصحية قامت بأخذ عيّنات متعددة من مياه النهر وشبكات الإسالة ومن الأسماك، ولم تظهر وجود حالة سمية أو جرثومية - لحد الوقت الحاضر - ولزيادة التأكيد أرسلت عيّنات مختلفة إلى مختبر الصحة العامة المركزي في بغداد وإلى مختبرات منظمة الصحة العالمية في الإقليم».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم