عباس رفض اقتراحاً لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل

TT

عباس رفض اقتراحاً لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل

أكد مصدر فلسطيني رفيع ما أوردته «القناة الثانية» للتلفزيون الإسرائيلي، من أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، رفض عرضاً من رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإعادة فتح قنوات التواصل بين الطرفين، بغرض استئناف المفاوضات. وقال هذا المصدر، أمس الجمعة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «عروض نتنياهو ليست جدية، وما هي إلا محاولة للعودة إلى المفاوضات الشكلية. فإذا كان جاداً، يصارح شعبه بما يعرفه جيداً، وهو أن لا تسوية للصراع سوى على أساس حل الدولتين، الذي يضمن إقامة دولة فلسطينية ذات قدرات على العيش المستقل، وعاصمتها القدس الشرقية».
وكانت «القناة الثانية» قد نقلت على لسان مصدر إسرائيلي كبير قوله، إن نتنياهو أرسل رئيس جهاز الأمن الإسرائيلي العام «الشاباك»، نداف أرغمان، للاجتماع بعباس مرات عدة، خلال الأشهر القليلة الماضية، لإقناعه بالعمل على تهدئة الأوضاع، وإعادة التواصل، وتمهيد المناخ لاستئناف المفاوضات السلمية؛ لكن الرئيس الفلسطيني رفض العروض الإسرائيلية. ومن بين عروض نتنياهو، وفق القناة، إقامة سلسلة مشروعات اقتصادية كبيرة، بينها منطقة صناعية مشتركة، وزيادة عدد العمال الفلسطينيين العاملين في إسرائيل، من 80 ألفاً إلى 120 ألفاً، وإلغاء الحظر الإسرائيلي على تشغيل آبار الغاز الطبيعي الفلسطينية مقابل شواطئ غزة، وكل ذلك بغرض إحداث قفزة وتحسين الوضع الاقتصادي الفلسطيني.
وقالت تلك المصادر، إن رئيس «الشاباك» هو الذي بادر إلى هذه الخطوة بالتنسيق والتفاهم مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، اللذين أقنعا نتنياهو بأن استمرار الجمود الحالي من شأنه أن يفجر الأوضاع ويدهورها إلى حضيض جديد. وقد عرضا تقديرات الخبراء الأمنيين بهذا الشأن أمام القيادة السياسية، وبشكل خاص المجلس الوزاري الأمني المصغر للشؤون الأمنية والسياسية في الحكومة (الكابنيت)، التي أكدت بشكل واضح وصريح أن الوضع يحتاج إلى تغيير. كما حاول رئيس «الشاباك» إقناع الرئيس الفلسطيني وعدد من المسؤولين الفلسطينيين الآخرين، في عدة اجتماعات منفصلة، بأن سياستهم مقاطعة إسرائيل «لن تأتي بأي نتائج».
وقالت القناة إنها حاولت الحصول على تعقيب «الشاباك» على المعلومات التي حصلت عليها، وأكدت أن الجهاز الاستخباراتي رفض الإدلاء بأي معلومات. أما في الجانب الفلسطيني فأكد مقرب من عباس أن «قادة الأجهزة الأمنية في إسرائيل، الذين يلتقون المسؤولين الفلسطينيين، يعرفون تماماً أن الوضع متفجر بسبب السياسة الإسرائيلية، وأن المضي في سياسة الاستخفاف بالمصالح الفلسطينية وبمواقف القيادة الفلسطينية، يمكن أن يحظى بدعم أميركي، ولكنه لن يستطيع تغيير الواقع المأساوي على الأرض». وأضاف: «عندما نتحدث مع القيادات الأمنية الإسرائيلية نجد أنفسنا متفقين مع كثير من طروحاتهم. إنهم يعرفون أن رئيس حكومتهم لا يجرؤ على القيام بما يجب من خطوات لتسوية الصراع؛ لأن حساباته الوحيدة هي حسابات حزبية وشخصية، ولا تهمه مصلحة الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني ومستقبل أجيالهما القادمة».
يذكر أن المفاوضات بين السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل، توقفت قبل أكثر من أربع سنوات، وتحديداً في أبريل (نيسان) من سنة 2014، بعد رفض إسرائيل وقف الاستيطان والقبول بحل الدولتين على أساس حدود 1967، وتطبيق الالتزامات بالإفراج عن أسرى فلسطينيين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.