أنقرة تلوّح مجدداً بتدخل عسكري في منبج

بعد قصفها عين العرب للمرة الثانية

عربات عسكرية تحمل العلم التركي قرب منبج أمس (رويترز)
عربات عسكرية تحمل العلم التركي قرب منبج أمس (رويترز)
TT

أنقرة تلوّح مجدداً بتدخل عسكري في منبج

عربات عسكرية تحمل العلم التركي قرب منبج أمس (رويترز)
عربات عسكرية تحمل العلم التركي قرب منبج أمس (رويترز)

جدد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار التلويح بالتدخل العسكري في منبج بسبب استمرار وجود «وحدات حماية الشعب» الكردية فيها وقيامهم بحفر الخنادق حولها.
وقال أكار إنه رغم الوعود الأميركية المقدمة لتركيا بإخراج مسلحي «الوحدات» الكردية من منبج السورية، فإنهم يحفرون الخنادق في المنطقة كما فعلوا سابقاً في عفرين. وأضاف أكار، في كلمة أمام البرلمان التركي أمس (الخميس)، أنه على «(التنظيم الإرهابي)، (في إشارة إلى الوحدات الكردية)، أن يعلم جيداً أنه هو من سيدفن في الحفر التي حفرها عندما يأتي المكان والزمان المناسبان».
وجاءت هذه التصريحات بعد 3 أيام فقط من إعلان أكار انتهاء التدريبات العسكرية التركية - الأميركية تمهيداً لتسيير دوريات مشتركة في منبج بموجب اتفاق خريطة الطريق، الذي توصل إليه الجانبان في واشنطن في 4 يونيو (حزيران) الماضي، والذي يقضي بانسحاب مسلحي «الوحدات» الكردية، وتولي الجانبين الإشراف على تحقيق الاستقرار والأمن في منبج لحين تشكيل مجلس محلي لإدارتها وذلك في غضون 90 يوماً من تاريخ توقيع الاتفاق.
واتهمت أنقرة واشنطن بالتباطؤ في إخراج عناصر «الوحدات» الكردية من المدينة، وهددت بالتدخل لإخراجهم بنفسها إن لم تتول الولايات المتحدة الحليفة للميليشيات الكردية في سوريا إخراجهم.
في غضون ذلك، كانت المدفعية التركية قصفت موقعاً تابعاً لتحالف «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» الذي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية غالبية قوامه، في عين العرب غرب الفرات أول من أمس، ما أسفر عن مقتل 4 عناصر منهم وإصابة 6؛ بحسب مصادر عسكرية تركية.
وقالت المصادر إن بطاريات المدفعية التابعة للجيش التركي المنتشرة على الخط الحدودي مع سوريا في ولاية شانلي أورفا، قصفت مواقع «قسد» في منطقة عين العرب غرب نهر الفرات شمال سوريا. والأحد الماضي، قصفت المدفعية التركية مواقع للميليشيا الكردية في قرية «زور مغار» غرب مدينة عين العرب على الضفة الشرقية لنهر الفرات.
وفي الوقت الذي أكدت فيه وزارة الخارجية الأميركية التزامها بأمن حدود تركيا؛ الحليف في الناتو، تعليقا منها على القصف التركي، عبر نائب المتحدثة باسم الخارجية الأميركية روبرت بالادينو، عن القلق تجاه القيام بهجمات من قبل أي طرف على الشمال السوري، لاحتمال وجود جنود أميركيين في تلك المناطق وقت القصف، مشيرا إلى أنه «من الأفضل أن يكون هناك تشاور وتنسيق بين أنقرة وواشنطن بخصوص قلق الأولى الأمني». وذكر بالادينو أن الولايات المتحدة وتركيا تواصلان التنسيق المنتظم فيما بينهما، مستشهدا في ذلك بخريطة الطريق الخاصة بمدينة منبج السورية، مشيرا إلى استمرار الجانبين في التدريبات جنبا إلى جنب.
في السياق ذاته، عبرت فرنسا عن قلقها إزاء القصف التركي، وقالت الخارجية الفرنسية في بيان: «نعرب عن قلقنا إزاء عمليات القصف التي نفذتها تركيا... ونرى أنه لا مجال لحل النزاع السوري بالسبل العسكرية. ولا سبيل لإرساء الاستقرار الدائم إلا في إطار حل سياسي طبقاً للقرار (2254) الصادر عن مجلس الأمن».
وجاء القصف التركي بعد أيام من قمة إسطنبول الرباعية بمشاركة تركيا وروسيا وفرنسا وألمانيا يوم السبت الماضي لبحث الحل السياسي في سوريا إضافة إلى الوضع في إدلب.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن القيادي الكردي السوري صالح مسلم قوله إن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان غير قادر على تنفيذ تهديداته بشن عملية عسكرية واسعة شرق الفرات ضد المسلحين الأكراد فيها، عادّاً أن هذه التصريحات تصب في خانة دعم مسلحي تنظيم داعش الإرهابي وإرباك «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)».
وأضاف أنه على الرغم من أنه لا يقلل من شأن هذه التهديدات، فإن الأوضاع الدولية ليست في صالح إردوغان لينفذ تهديداته، مشيرا إلى أن تصريحات إردوغان ليست جديدة، «وعلى أي حال نحن جاهزون للمواجهة، ولكننا نرى أن الأوضاع الدولية ليست في صالحه، فضلا عن وجود التحالف الدولي في المناطق التي ستعتدي عليها تركيا».
ونفى مسلم، الرئيس السابق لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، تلقي الأكراد و«قسد» التي يشكل المسلحون الأكراد أبرز مكون فيها، أي رسائل طمأنة من أي طرف، وتحديدا من الجانب الأميركي، في ما يتعلق بالتصدي للتهديدات التركية.
وكان إردوغان أعلن الثلاثاء الماضي أن القوات التركية باتت مستعدة لتنفيذ عملية عسكرية واسعة في شرق الفرات.
وأعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار بدء تسيير الدوريات العسكرية المشتركة بين القوات التركية والأميركية في منبج.
وقال أكار في تصريح أمس: «بدأ اليوم (أمس) في تمام الساعة 15.53 بالتوقيت المحلي (12:53 تغ) تسيير الدورية الأولى المشتركة بين القوات التركية والأميركية في منبج بموجب اتفاق خريطة الطريق الموقّع بين البلدين في يونيو (حزيران) الماضي».
كان أكار جدد التهديد بالتدخل العسكري في منبج بسبب استمرار تواجد مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية فيها، وقيامهم بحفر الخنادق حولها.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.