منظمات لبنانية تعترض على تبرئة متهم بقتل زوجته

جدل يفتح باب المطالبة بتعديل القانون

اعتصام للمطالبة بتعديل قانون حماية الأسرة بلبنان في فبراير الماضي (صفحة جمعية «كَفَى»)
اعتصام للمطالبة بتعديل قانون حماية الأسرة بلبنان في فبراير الماضي (صفحة جمعية «كَفَى»)
TT

منظمات لبنانية تعترض على تبرئة متهم بقتل زوجته

اعتصام للمطالبة بتعديل قانون حماية الأسرة بلبنان في فبراير الماضي (صفحة جمعية «كَفَى»)
اعتصام للمطالبة بتعديل قانون حماية الأسرة بلبنان في فبراير الماضي (صفحة جمعية «كَفَى»)

بعد 5 سنوات على مقتل اللبنانية رلى يعقوب في جريمة اتُّهم زوجها بارتكابها، أصدر القضاء اللبناني حكمه ببراءته بأصوات أكثرية المستشارين رغم اعتراض رئيس المحكمة على القرار. الحكم على الزوج كرم البازي الذي جاء بعد أكثر من 4 سنوات على إقرار قانون الحماية من العنف الأسري، لاقى رفضاً من المنظمات المعنية، وفتح الباب مجدداً أمام المطالبة بالتشدّد في الأحكام وإجراء تعديلات إضافية على القانون الأخير الذي سبق للجمعيات الحقوقية أن أبدت تحفظها عليه، علما بأن حدوث الجريمة سبق إقرار القانون؛ وبالتالي لا ينطبق على الحكم فيها.
وأكدت «منظمة كفى عنف واستغلال» أن قضية رلى يعقوب لم تنته بصدور هذا الحكم، وأنها ستلجأ إلى التمييز، آملة في أن يكون الحكم منصفاً وعادلاً. وأوضحت مديرتها، زويا روحانا، لـ«الشرق الأوسط»، أن ثغرات كثيرة رافقت مسار التحقيق في قضية رلى يعقوب؛ أهمّها عدم الأخذ بعين الاعتبار أدلة في غاية الأهمية، إضافة إلى عدم توقيف زوجها طوال السنوات الخمس إلى أن تم توقيفه في 8 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ليصدر حكم البراءة في 30 من الشهر نفسه.
وفي بيان لها، قالت «كفى» إنه «بعد مرور 5 سنوات على مقتل رلى يعقوب بسبب ضرب زوجها كرم البازي لها، أصدرت محكمة الجنايات في لبنان الشمالي حكماً يبرّئ المتّهم بأكثرية مستشارين؛ هما القاضيان خالد عكاري وزياد الدواليبي، بينما خالف رئيس المحكمة القاضي داني شبلي حكم الأكثرية، واعتبر أن الأدلة ترتقي لمستوى الإدانة، وأن كرم البازي أقدم على التسبب بوفاة زوجته، وفعله هذا يعتبر من نوع الجناية».
وأوضحت أن «ما ارتكز إليه حكم الأكثرية هو أقوال ابنتي رولا يعقوب الصغيرتين، الخاضعتين لوصاية الأب، والتي كانت ترافقهما إلى التحقيق عمّتهما، مما جعل البنت التي كانت أخبرت الشاهدة الأولى عن ضرب والدها لها ولأمها ليلة الوفاة، تغيّر أقوالها في ما بعد».
وكما هي المنظمات، كذلك كانت لأوساط الرأي العام اللبناني مواقف رافضة للحكم في مجتمع يشهد بشكل دائم تسجيل حالات عنف ضدّ المرأة تصل في أحيان كثيرة إلى حد القتل. وهو ما لفتت إليه أيضا المسؤولة الإعلامية في «كفى»، ريان ماجد، بالتأكيد على أن الاتصالات التي تتلقاها الجمعية بشكل يومي للتبليغ عن حالات عنف ضد النساء تسجّل ازدياداً. وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «باتت النساء اليوم أكثر جرأة على التبليغ والحديث عما يتعرضن له بعد سنوات عدّة من العمل وصولا إلى إقرار القانون الذي لا نزال نخوض معركة إضافة تعديلات عليه، بحيث أصبحت المرأة قادرة، في الأقل، على اللجوء إلى القضاء المدني وطلب الحماية بعدما بتن على ثقة بأنّ هناك من يقف إلى جانبهن ويتحدث عن معاناتهن، ليس إدانة لهن؛ بل إدانة للمسؤول عن مرتكب هذا العنف».
وأوضحت ماجد أن الجمعية وبالتنسيق مع قوى الأمن الداخلي، تقوم، بعد تلقي الاتصال من المرأة المعنّفة، على متابعة وضعها نفسيا واجتماعيا من قبل مختصين ومحامين.
وكان البرلمان اللبناني قد أقرّ في أبريل (نيسان) عام 2014، قانون حماية النساء من العنف الأسري بعد سنوات من التظاهر والاعتصام، وهو ما رأت فيه منظمة «هيومان رايتس ووتش» خطوة تاريخية وإيجابية للبنان، مشيرة في الوقت عينه إلى أن الصيغة الحالية للقانون تضمنت تعبيرات لم تكن حاسمة في تخصيص النساء بالحماية، وهو ما لم يُرضِ جمعية «كفى» التي تقدمت بمشروع القانون، علما بأنهن يشكلن الفئة الأكثر تعرضا للعنف الأسري في لبنان.
وأقر القانون الأخير تحت عنوان «حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري». وشكل العنوان بحد ذاته أحد أسباب الاعتراض الرئيسية بالنسبة إلى «كفى».
وأبرز ما تطالب به «كفى» هو تعديل «المادة 252» من قانون العقوبات التي تعطي عذراً مخففاً لمرتكبي الجرائم الذين أقدموا عليها «بثورة غضب»، وذلك عبر استثناء جرائم قتل النساء، وهو اقتراح القانون الذي تقدّم به أيضا النائب في «القوات اللبنانية» إيلي كيروز وطالبت به النائب ستريدا جعجع أخيرا. وقبل ذلك القانون لم يكن هناك قانون للعنف الأسري في لبنان، بل كان هذا النوع من العنف يخضع للقانون المتعلق بأعمال العنف بشكل عام التي ينص عليها قانون العقوبات.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».