مصر: تزايد حالات «منتحلي الصفات السيادية» رغم الملاحقات الرقابية

توقيف شخصين زعما تخصيص أراضٍ خلافاً للقانون

TT

مصر: تزايد حالات «منتحلي الصفات السيادية» رغم الملاحقات الرقابية

توقف الجهات الرقابية والقضائية في مصر بين الحين والآخر متهمين بانتحال شخصيات موظفين في مؤسسات سيادية نافذة، لكن رغم ذلك فإن محاولات جديدة ومتكررة تجري لمحاولة استغلال رغبة البعض في تجاوز القوانين المعمول بها في البلاد، وتحقيق مكاسب غير مشروعة.
وأعلنت هيئة الرقابة الإدارية، أمس، ضبط شخصين أقدما على انتحال صفة مسؤولين بـ«جهات سيادية بالدولة بغرض الاحتيال على مواطنين، وادعاء قدرة المتهَمين على تخصيص أراضٍ لهم بالمخالفة للقانون».
ووفق «هيئة الرقابة الإدارية» المعنية بكشف وملاحقة وقائع الفساد في مصر، فإن تحرياتها أثبتت أن «أحد المتهمين، وهو عاطل عن العمل، انتحل صفة مسؤول كبير بإحدى الجهات السيادية، وزور بالاشتراك مع المتهم الثاني مستندات منسوبة لكثير من الجهات، منها وزارتا الاستثمار، والزراعة وهيئة الرقابة الإدارية».
كما نسبت الرقابة الإدارية للمتهمين «عمل أختام مزورة بأسماء أعضاء هيئة الرقابة الإدارية، وادعاء قدرتهما على تخصيص أراض لكثير من المواطنين بمشروع الـ70 ألف فدان بمدينة السادات (85 كيلومترا شمال غربي القاهرة) في محافظة المنوفية، والحصول منهم على مبالغ مالية نظير ذلك».
ولم يكن الإعلان الأخير هو الأول من نوعه في حالات انتحال صفات المسؤولين الكبار، إذ تمكنت «الرقابة الإدارية» في يونيو (حزيران) الماضي من اعتقال محامٍ انتحل صفة مستشار بإحدى الجهات الرقابية، بغرض «الاحتيال على رجال الأعمال من أصحاب الشركات العاملة بتصنيع ودرفلة حديد التسليح، وعمل على إيهامهم بوجود مخالفات كبرى بشركاتهم، نتيجة علمه ببعض البيانات الضريبية الخاصة بتعاملات الشركات، ويتولى الحصول على مقابل مادي نظير التغاضي عن المخالفات المزعومة».
وهناك واقعة لافتة أخرى، رصدتها الأجهزة الرقابية بإلقاء القبض على صحافي تولى النصب على مواطن وإيهامه بالتوسط لقبول نجل الضحية، وإلحاقه بإحدى الكليات التي تتبع جهة أمنية، وحصل مقابل ذلك على خمسة ملايين جنيه مصري (280 ألف دولار أميركي).
ووصلت جرائم انتحال الصفة إلى مؤسسة الرئاسة المصرية، التي اضطر المتحدث باسمها السفير بسام راضي في مارس (آذار) الماضي، إلى إصدار بيان رسمي ينفي فيه تبعية سيدة أجرت حواراً مع إحدى الصحف، وادعت خلاله أنها تنتمي لمكتب الشكاوى برئاسة الجمهورية، وشدد راضي على أن هذه الصفة «ليس لها أي أساس من الصحة».
وألقت الأجهزة الأمنية القبض على السيدة المتهمة بانتحال صفة موظفة في الرئاسة المصرية، وأمرت النيابة العامة بحبسها على ذمة التحقيقات، قبل أن يتم إخلاء سبيلها بكفالة مالية على ذمة التحقيقات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.