غضب ليبي بعد تقارير تتهم بلجيكا بتمويل الميليشيات من الأرصدة المجمدة

TT

غضب ليبي بعد تقارير تتهم بلجيكا بتمويل الميليشيات من الأرصدة المجمدة

طالب سياسيون واقتصاديون ليبيون السلطات البلجيكية والنائب العام بالكشف عن مصير الأرصدة المجمدة لبلادهم في بروكسل، وذلك عقب تقارير تشير إلى أنها (بلجيكا) موّلت الميليشيات الليبية من فوائد الأموال، المُقدرة بـ15 مليار يورو.
ودعا الدكتور عبد السلام نصية، عضو لجنة الحوار بمجلس النواب الليبي، سلطات بلاده، أمس، إلى التحرك لإنقاذ تلك الأرصدة، وقال إن «المطلوب الآن من المؤسسة الليبية للاستثمار، والنائب العام، والرقابة الإدارية وديون المحاسبة، معرفة كيفية صرف هذه الأموال، ولمن ذهبت... وبأسرع وقت».
وأضاف نصية أن ليبيا «تغذّي أزمتها الأمنية من مواردها». لكن علي محمود حسن، رئيس المؤسسة الليبية للاستثمار، نفى تعرض الأموال الليبية المجمدة في المصارف البلجيكية للسحب، وقال إن بروكسل تطبّق فقط قرار مجلس الأمن.
وعقب إسقاط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً بتجميد أموال سيادية لمؤسسة الاستثمار الليبية، قدّرها بعض الجهات الاقتصادية حينها من 150 إلى 170 مليار دولار. لكن فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، قال في منتصف يوليو (تموز) الماضي، إن الأرقام المحجوز عليها للصندوق تقدّر بـ67 مليار دولار فقط.
وأمام تمسك قرر مجلس الأمن بقراره، أصبح الأمل المستهدف هو أن تشارك ليبيا في إدارة ثاني أكبر صندوق سيادي في أفريقيا، وسط تحذيرات أممية من «إذابة أمواله بمساعدة أطراف داخلية»، في وقت ألمحت فيه تقارير دولية إلى أن فوائد تلك الأصول في دولة أوروبية تذهب إلى «أرصدة سرية في بنوك» بعدد من الدول، وهو ما يراه كثير من السياسيين الليبيين «قد تحقق بالكشف عن مصير أموال الشعب المجمدة لدى بلجيكا».
من جهته، قال محسن الدريجة، الرئيس الأسبق للمؤسسة الليبية للاستثمار، إن الحديث عن الأرصدة الليبية في بلجيكا «تكرر أكثر من مرة، ولم نسمع رداً شافياً من المسؤولين عن المؤسسة الليبية للاستثمار، ابتداءً من رئيس المجلس الرئاسي، وأعضاء مجلس الأمناء، مروراً برئيس المؤسسة إلى الجهات التابعة».
وأضاف الدريجة في حديث إلى «الشرق الأوسط» أن الأموال الموجودة في بلجيكا تخص المؤسسة الليبية للاستثمار والمحفظة طويلة المدى، مشيراً إلى أن هذه «الأخيرة تعمل من الأردن، ولم تنفذ قرار تعيين إدارة جديدة، وتعد خارج سيطرة حكومة الوفاق». معتبراً أن أموال ليبيا «تُستنزف في هذه المرحلة وتواجه مخاطر كبيرة».
وانتهى الرئيس الأسبق للمؤسسة الليبية للاستثمار قائلاً: «على النائب العام البلجيكي أن يخبرنا ماذا حدث للأموال الليبية في (يوروكلير) ببلجيكا من طرف السلطات الليبية التي تسعى لرفع قرار التجميد؟».
من جهتها، أوردت صحيفة «المرصد» الليبية دراسة قالت إن مؤسسة شبكة «RTBF» الإعلامية العالمية أجرتها بشأن الأصول الليبية، وقالت إن «الحكومة الفيدرالية البلجيكية موّلت الميليشيات الليبية، بما فيها تلك المسؤولة عن الاتجار بالبشر». ونقلت «المرصد» عن موقع «سفن شور سفن» البلجيكي الاستقصائي أن هذه الأموال تقدّر من 3 إلى 5 مليارات يورو من الفوائد الناتجة عن الأموال الليبية المجمدة في بلجيكا. كما نقلت الإذاعة البلجيكية عن وزير المالية ستيفن فاناكير أنه أُذن لمصرف «يوروكلير» بالإفراج عن الأموال الليبية في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2012، بموجب خطاب من نائب رئيس الخزانة.
من جهته، قال فوزي عمار اللولكي، أمين عام المنظمة الليبية للتنافسية الاقتصادية، إن «الأصول الليبية محظور التعامل عليها، لكن إيراداتها غير مجمدة»، مشيراً إلى أن هذه الإيرادات «تُحوّل لحساب الجهة صاحبة الاستثمار، وهي مؤسسة الاستثمار، وما يتبعها من مؤسسات».
وأضاف اللولكي لـ«الشرق الأوسط» مستدركاً «غير أنه في ظل الانقسام السياسي والمؤسسي قامت هذه الجهات المنقسمة بالصرف على الجهة التي عيّنتها ودعمتها... وأعتقد أنه لا بد من تبنّي حملة للمطالبة بمراجعة دولية عن حجم هذه الإيرادات، وكيف تم التصرف فيها».
وذهب اللولكي إلى القول: «هناك من يرى أن المسألة لا تتعلق بفوائد هذه الأموال المجمدة، لأن الرقم المعلن وصل إلى 5 مليارات يورو، وبالتالي لا يمكن أن تكون أرباح هذه الأموال منذ التجميد قد وصلت لهذا الرقم». موضحاً أن أصول الأموال الليبية أيضاً تم التصرف فيها في عملية، وصفها بـ«النهب والنصب»، واتهم فيها شخصيات بلجيكية بالتواطؤ مع مديري بنوك، لم يحددها.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.