المغرب وإسبانيا يعززان تعاونهما لمواجهة الاتجار في البشر

وزيرة العدل الإسبانية نوّهت بالتعاون القضائي بين البلدين

TT

المغرب وإسبانيا يعززان تعاونهما لمواجهة الاتجار في البشر

قالت دولوريس ديلغادو، وزيرة العدل الإسبانية، إن إسبانيا والمغرب يواجهان تحديات مشتركة ضد الإرهاب الدولي، والجريمة المنظمة، والاتجار في البشر، والدفاع عن حقوق الإنسان.
ودعت ديلغادو بعد سلسلة لقاءات أجرتها مع المسؤولين المغاربة خلال زيارتها المغرب، إلى تعزيز الحوار وتكثيف التنسيق، ومواصلة التعاون الثنائي لتحقيق الأهداف المرجوة، بما يخدم مصالحهما المشتركة. معربة عن أملها في أن تساهم هذه الزيارة المهمة في تعزيز جسور الثقة وتوطيد علاقات الشراكة الاستراتيجية القائمة بين البلدين.
كما أكدت المسؤولة الإسبانية، أن إسبانيا، بصفتها عضواً في الاتحاد الأوروبي، ترافع من أجل علاقات متوازنة مع المغرب، تراعي مصالح الطرفين.
وأجرت الوزير الإسبانية مباحثات، مساء أول من أمس، في الرباط مع كل من محمد أوجار، وزير العدل، ومحمد حجوي، الأمين العام للحكومة، والحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، وعبد الإله الحلوطي، نائب رئيس مجلس المستشارين (الغرفة الثانية). وعقب لقائها وزير العدل المغربي، قالت ديلغادو، إن التعاون القضائي بين المغرب وإسبانيا يقوم على علاقة من الثقة المتبادلة، تستند إلى إطار وطيد من الأدوات والآليات، مشيرة إلى أن التعاون الثنائي في مجال العدالة ينبغي أن يوضع في إطار العلاقات «الوثيقة للغاية» بين المغرب وإسبانيا؛ لكونهما بلدين جارين، وشريكين استراتيجيين حقيقيين.
في غضون ذلك، أعربت الوزيرة الإسبانية عن ارتياحها للتقدم الكبير الذي تمت مراكمته منذ اعتماد دستور 2011، والقوانين الأساسية المتعلقة بفصل السلطات وتحديث الإدارة القضائية، مشيرة إلى أن هذا الإطار القانوني مكّن من تعزيز المؤسسات القضائية، المتمثلة في المجلس الأعلى للسلطة القضائية والنيابة العامة. كما أبرزت أن الأمر يتعلق بنماذج حقيقية للمنطقة، وشددت على أن «تكريس استقلال القضاء هو ركيزة أساسية في بناء الديمقراطية ودولة القانون».
من جانبه، نوّه أوجار بالحصيلة المُرضية للتعاون بين وزارتي العدل بالبلدين، مرحباً في هذا الصدد بدينامية قاضيي الاتصال، اللذين يحرصان على تسهيل وتبسيط وتعزيز التعاون القضائي والتقني بين البلدين.
كما أشار أوجار إلى التوجهات الرئيسية لإصلاح النظام القضائي المغربي، المتمثلة في تعزيز استقلال القضاء، وتخليق منظومة العدالة، وتعزيز الحماية القضائية للحقوق والحريات، وزيادة نجاعة وفاعلية العدالة، وتطوير القدرات المؤسساتية للنظام القضائي وتحديث الإدارة القضائية.
في سياق ذلك، ذكّر الوزير المغربي بمذكرة التفاهم الأخيرة، التي تم توقيعها في الخامس من يونيو (حزيران) 2017 بين وزارتي العدل المغربية والإسبانية، بالإضافة إلى مخطط العمل الموقع في 2 من أبريل (نيسان) الماضي، مؤكداً التزامه بالمضي قُدماً من أجل تكثيف العلاقات والتبادلات بين البلدين.
من جانبهما، نوّه كل من المالكي والحلوطي بأوجه التعاون المثمر المتميز الذي يجمع بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات، وبخاصة الجانب الأمني، ومحاربة الإرهاب والتطرف، وحفظ الأمن والاستقرار، والتصدي للهجرة غير الشرعية، ومحاربة الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر. وأشارا في هذا الصدد إلى وجود «تطابق في وجهات النظر بين البلدين حول هذه القضايا»، كما لفتا إلى أهمية التشاور المستمر بين المؤسستين التشريعيتين بالبلدين، وذكّرا بانتظام انعقاد المنتدى البرلماني المغربي - الإسباني وتناوله موضوعات مهمة وذات راهنية.
وتمحورت المباحثات التي أجراها محمد حجوي، الأمين العام للحكومة، مع وزيرة العدل الإسبانية حول سبل تعزيز التعاون بين الأمانة العامة للحكومة، والمؤسسات الموازية لها بإسبانيا، ولا سيما وزارة رئاسة الحكومة بمدريد، ووكالة الدولة للجريدة الرسمية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».