القضاء العسكري شرق ليبيا يبدأ محاكمة عشرات الإرهابيين بينهم عشماوي

المتحدث باسم الجيش الوطني لـ «الشرق الأوسط» : معظمهم شديدو الخطورة

TT

القضاء العسكري شرق ليبيا يبدأ محاكمة عشرات الإرهابيين بينهم عشماوي

كشف المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، العميد أحمد المسماري، عن بدء القضاء العسكري في شرق ليبيا، محاكمة أكثر من 200 متهم بالإرهاب. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن معظمهم شديدو الخطورة، وبينهم الضابط المصري المفصول، هشام عشماوي، مشيراً إلى انتهاء العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية التي كانت تحارب الجيش بالأسلحة الثقيلة انطلاقاً من مدينتي بنغازي ودرنة.
وأضاف المسماري: «في الوقت الحالي نلاحق الخلايا النائمة والذئاب المنفردة، من خلال العمليات الأمنية التي تتمثل في التحري، والبحث، والقبض».
ويخوض الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، انطلاقاً من قاعدته بمنطقة الرجمة في شرق البلاد، حرباً صعبة منذ أواخر 2014، تمكن خلالها من دحر جماعات كانت مدججة بالأسلحة والآليات العسكرية، في بنغازي التي تعد ثانية كبرى المدن الليبية.
وتمكن الجيش قبل شهر من اقتحام معاقل المتطرفين في مدينة درنة، التي تبعد نحو 250 كيلومتراً عن الحدود مع مصر، وألقى فيها القبض على قادة لجماعات إرهابية؛ من بينهم عشماوي زعيم تنظيم «المرابطون».
وقال المسماري: «في الحقيقة أصبح لدينا اليوم سجون تعج بالإرهابيين... بل من أخطر الإرهابيين. هناك إرهابيون، حتى هذه الساعة، ما زالوا متمسكين بالفكر الإرهابي، بما فيه الخاص بتنظيم (داعش)». وأضاف: «لدينا أكثر من 200 أو 300 إرهابي. لقد تم التحقيق معهم في النيابة في قضاياهم، وجرت إحالتهم الآن للقضاء».
وعما إذا كان لديه رقم محدد عن أعداد المحالين إلى القضاء، قال إن «الأعداد كبيرة جدا، في (سجون) الكويفية، وقرنادة، وغيرها... سجون تعج بالإرهابيين».
وعن تصنيف هؤلاء «الإرهابيين»، أوضح المسماري أن من بينهم «إرهابيين ذوي مستوى عقائدي خطير جدا... وتكفيريين خطيرين للغاية. هناك عناصر مساعدة لهم. وهناك عناصر استخدمت استخداماً دون أن تدري... لكن لا أستطيع الحديث أكثر، لأن هذا الأمر قضائي. القضاء سوف يقول كلمته. يبرئ من يبرئ، ويدين من يدين».
وأشار إلى أن عشماوي متهم بارتكاب جرائم كبيرة، خصوصا في ليبيا... «حيث جرى اغتيال مئات من العسكريين، وسقطوا في المواجهات. هو كان يقود المعارك ويضع الخطط العامة لهذه العمليات في درنة، وغيرها».
وبالإضافة إلى ليبيا، تتهم مصر عشماوي بالتخطيط لعمليات إرهابية في سيناء وشمال القاهرة ومنطقة الواحات في جنوب غربي العاصمة، خلال السنوات الخمس الأخيرة، ما أدى إلى مقتل العشرات من رجال الجيش والشرطة والمدنيين.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، قبل أسبوعين، إن بلاده تريد محاسبة عشماوي. وتقول مصادر مصرية وليبية مسؤولة إنه يوجد تعاون بين البلدين في ملف مكافحة الإرهاب، وإنه «يوجد، بالطبع، تنسيق حول قضية عشماوي».
وجرى القبض على عشماوي بشكل مباغت في إحدى ضواحي درنة. وقال المسماري إن عشماوي عقب توقيفه، كان قليل الكلام؛ و«أعتقد أنه استفاد كثيراً مما حصل عليه من تدريب حين كان ضابطاً في القوات الخاصة المصرية، ولهذا كان نشاطه مزعجاً. الصاعقة تعلّم الصبر، وهو كان صبورا. الآن هو أسطورة وانتهت. لقد تمت إحالته للتحقيق بشكل مباشر. إنه مخزن معلومات، وصندوق أسود كبير».
وعما إذا كانت توجد خشية من أن يتم استهداف عشماوي للتخلص منه من جانب الإرهابيين، نظرا لما يعتقد بأنه لديه من أسرار عن نشاطات الجماعات المتطرفة عبر الحدود، قال العميد المسماري: «كل الاحتمالات نضعها في الاعتبار». وأضاف: «كل الاحتمالات تكون مدروسة، وتكون موضوعة على الطاولة. الانتحار احتمال قائم... تتم التصفية احتمال قائم... الهروب احتمال قائم، وبالتالي نحن وضعنا تدابير كاملة لمنع أي خروقات من هذا القبيل».
وعن السبب وراء التأخر في إحالة كل هذا العدد من المتهمين بالإرهاب إلى القضاء، بمن فيهم أولئك الذين جرى القبض عليهم أثناء معارك بنغازي في الأعوام الأخيرة، قال المسماري إن ذلك يرجع إلى ترتيبات تشريعية كان ينبغي على البرلمان أن يصدرها. وزاد: «لقد صدرت أخيرا، وبالتالي بدأنا في اتخاذ الإجراءات».
وأوضح هذه النقطة بقوله: «لقد كانت العقبة أمام القضاء تكمن في غياب بعض التشريعات التي كان يجب أن تصدر من البرلمان. والآن، الحمد لله، صدرت التشريعات، وبدأنا في إعادة تنظيم المحاكم العسكرية؛ المحكمة العسكرية الدائمة، والمحكمة العسكرية العليا. وبإذن الله في خلال الأيام المقبلة ستكون هناك محاكمات للجماعات الإرهابية».
وعما إذا كانت منطقة شرق ليبيا أصبحت بالكامل خالية من أي جماعات إرهابية، أم إنه ما زالت هناك خشية من خلايا نائمة، قال المسماري إن الجيش الوطني تمكن من القضاء على التشكيلات القتالية الكبيرة للإرهابيين، مثل الكتائب والسرايا ومعسكرات التدريب الخاصة بهم، في المساحة الممتدة من مدينة مساعد على الحدود المصرية، إلى مدينة سرت في الشمال الأوسط من ليبيا. لكنه شدد على أنه لا يمكن لأي أحد أن يقول إنه «تم القضاء على الإرهاب، لأن الإرهاب عبارة عن فكر ومنهج منتشر، خصوصاً في درنة».
وقال إن هناك جيلاً كاملاً كان عمره في 2011 (عام إطاحة القذافي)، 10 سنوات، وأصبح عمره اليوم نحو 18 سنة. وأضاف أن عناصر من هذا الجيل تربت في مدارس الإرهابيين، و«بالتالي الفكر سيبقى، وكذلك هناك بعض الهاربين أو المندسّين، ربما كانوا خلايا نائمة، أو ذئاباً منفردة... قد تكون هناك قطعان صغيرة من هذه الذئاب، ولكن الآن عملية الجيش تحولت، بفضل الله، من عملية عسكرية، تواجه فيها أسلحة الإرهابيين الثقيلة، إلى عملية أمنية، وهي عملية التحري، والبحث، والقبض».



مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
TT

مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)

عقب «موافقة مبدئية»، يواصل مجلس النواب المصري (البرلمان)، مناقشة مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي»، الذي قدَّمته الحكومة، بهدف «توسيع مظلة الدعم النقدي» للفئات الفقيرة.

وأقرَّ «النواب»، مبدئياً مشروع القانون، الأحد الماضي، في حين واصل أعضاؤه مناقشة نصوصه، على مدار يومَي الاثنين والثلاثاء. وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، مايا مرسي، إن «القانون يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، ويستهدف مأسسة منظومة الدعم النقدي، بتحويل المنظومة من مجرد برنامج ومبادرات مثل (تكافل وكرامة) إلى حق ينظمه القانون»، وفق بيان لوزارة التضامن.

وأقرَّت الحكومة المصرية عام 2015، برنامجاً للحماية الاجتماعية باسم «تكافل وكرامة» لتقديم دعم نقدي بشكل شهري للفئات الأكثر فقراً. ويصل عدد المستفيدين منه 21 مليوناً، جرى تخصيص 41 مليار جنيه مصري لهم، في موازنة العام المالي، وفق وزارة التضامن المصرية (الدولار يوازي 49.6 جنيه مصري).

ووفق البيان، عدَّدت وزيرة التضامن، أهداف التشريع الجديد، ومنها «استدامة دعم الفئات الأكثر احتياجاً، وحوكمة الدعم، والتحقق من المستفيدين سنوياً»، إلى جانب «ضمان أن يكون الدعم مقدماً من موازنة الدولة، وليس من خلال قروض ومنح مؤقتة».

وأشارت إلى أن «التشريع الجديد، يلتزم بمعايير حقوق الإنسان، بتوفير الحماية الاجتماعية والتكافل الاجتماعي لكل شخص بالمجتمع».

ومن المواد التي أقرَّها مجلس النواب، الثلاثاء، أن «لكل مواطن تحت خط الفقر القومي، ولا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي، الحق في التقدم للحصول على دعم نقدي»، كما أقرَّ نصّاً بشأن «درجة الفقر للأفراد والأسر بناء على خريطة الفقر والمؤشرات الدالة عليه»، على أن تحدد اللائحة التنفيذية للقانون درجات الفقر، والإجراءات المتبعة لمَن يستحق الدعم النقدي.

ووفق تقرير للبنك الدولي، في مايو (أيار) الماضي، ارتفع معدل الفقر في مصر، من 29.7 في المائة في العام المالي 2019 - 2020، إلى 32.5 في المائة عام 2022.

ويمثل مشروع القانون، «استحقاقاً دستورياً»، وفق وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي بمصر، المستشار محمود فوزي، الذي أشار إلى أن «التشريع يستهدف مدَّ مظلة الضمان الاجتماعي، واستكمال الاستحقاقات الدستورية المتعلقة بشبكة الأمان الاجتماعي، والتوسع في مفهوم الفئات الأولى بالرعاية والحماية، باستحداث وضم وشمول فئات جديدة، لم تكن مستفيدة»، وفق إفادة لوزارة الشؤون النيابية.

وكانت الحكومة المصرية، أحالت التشريع الجديد، إلى البرلمان، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

وحسب تقرير لجنة التضامن بالبرلمان المصري، فإن القانون يستهدف «حماية الأسر الأفقر، والأقل دخلاً»، إلى جانب «كفالة حقوق ذوي الإعاقة، وكبار السن، والأيتام»، بجانب «إلزام الأسر المستفيدة من الدعم، بالاستثمار في صحة الأطفال، وانتظامهم في التعليم»، ولا يتوقف القانون عند تقديم الدعم، ولكنه يهدف إلى «التمكين الاقتصادي لهذه الفئات، للخروج تدريجياً من الفقر».

بدوره، يرى عضو البرلمان المصري ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أيمن محسب، أن «التشريع الجديد سيسهم في تحسين شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع مظلته، لتشمل جميع الفئات الأولى بالدعم، وكفالة حقوقهم»، مشيراً إلى أن «القانون يتسق مع خطوات الإصلاح الاجتماعي التي تسعى لها الحكومة المصرية حالياً».

وينصُّ مشروع القانون على نوعين من المساعدات النقدية: الأول، يشمل دعماً نقدياً مشروطاً (تكافل)، ويُقدَّم للأسر الفقيرة، بما فيها الأسر التي لديها أبناء، أما الدعم الثاني فهو غير مشروط (كرامة)، ويُقدَّم للأفراد الفقراء من ذوي الإعاقة والمرضى وقدامى الفنانين والرياضيين والأدباء، وأسند القانون، لرئيس الوزراء، قرار تحديد قيمة الدعم النقدي، على أن تتم مراجعة القيمة كل 3 سنوات.

وقال محسب لـ«الشرق الأوسط»، إن «التشريع الجديد، يمهِّد الطريق أمام الحكومة المصرية، للتحول إلى نظام الدعم النقدي بدلاً من العيني». وأعاد ذلك إلى أن «القانون ينص على حوكمة برامج الدعم المُقدَّمة للحماية الاجتماعية، ويعتمد على قواعد بيانات دقيقة يتم تحديثها بشكل دوري، وسيتم ربطها بالمتغيرات الاقتصادية مثل معدلات التضخم»، عادّاً أن تلك الإجراءات، «من بين خطوات تطبيق الدعم النقدي».

وتتزامن مناقشات التشريع الجديد، مع مناقشات أخرى أعلنتها الحكومة المصرية، داخل «الحوار الوطني» (الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين)، مع خبراء ومتخصصين، لبحث التحول من نظام الدعم العيني إلى نظام الدعم النقدي للفئات الأولى بالرعاية.

وتتطلع الحكومة المصرية لبدء تطبيق منظومة الدعم النقدي، مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو (تموز) 2025. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده قد تبدأ في التحول من دعم السلع الأولية الأساسية، إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة، للفئات الأولى بالرعاية»، وربط البدء في التطبيق «بالتوصل إلى توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في الحوار الوطني».

وتُطبِّق الحكومة المصرية منظومةً لدعم السلع الضرورية منذ عقود طويلة، بهدف خفض نفقات المعيشة للفئات الأولى بالرعاية، ويحصل المواطن على السلع المدعمة من خلال منظومة البطاقات التموينية، لكن الحكومات المتعاقبة تشكو من الأعباء الاقتصادية لمنظومة الدعم على الموازنة العامة، في ظل التوسع في عدد السلع المدعمة خلال السنوات الماضية.

من جهته، ينظر مدير «مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية»، عبد المنعم السيد، إلى مشروع القانون بوصفه «منظماً لسياسات الحماية الاجتماعية في مصر»، مشيراً إلى أن «القانون يختلف في نصوصه عن تشريعات مماثلة في دول أخرى، وفق الأولويات الاقتصادية والاجتماعية في مصر».

ويرى السيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن التشريع «يحقق مرونة أمام الحكومة المصرية في تقديم الدعم النقدي خلال الأزمات والكوارث الطبيعية والأوبئة، كما حدث في جائحة (كورونا)»، مضيفاً أنه «يشمل تحت مظلته، فئات تتضرر بشكل مفاجئ مثل العاملين في القطاعات غير الرسمية، والذين يفقدون وظائفهم».