السودان يسمح بشراء وبيع العقارات عن طريق الدفع الإلكتروني

بعد ارتفاع أسعار المنازل وهروب رؤوس أموال للاستثمار خارجياً

وضع السيولة النقدية في البلاد دفعت إلى بروز اتجاه جديد حالياً في سوق العقارات السودانية («الشرق الأوسط»)
وضع السيولة النقدية في البلاد دفعت إلى بروز اتجاه جديد حالياً في سوق العقارات السودانية («الشرق الأوسط»)
TT

السودان يسمح بشراء وبيع العقارات عن طريق الدفع الإلكتروني

وضع السيولة النقدية في البلاد دفعت إلى بروز اتجاه جديد حالياً في سوق العقارات السودانية («الشرق الأوسط»)
وضع السيولة النقدية في البلاد دفعت إلى بروز اتجاه جديد حالياً في سوق العقارات السودانية («الشرق الأوسط»)

تترقب سوق العقارات في السودان صدور ضوابط حكومية جديدة لبيع وشراء العقارات والسيارات، تتيح استخدام وسائل الدفع الإلكتروني والشيكات المصرفية. وتأتي الخطوة، التي تشمل كذلك، فك التمويل العقاري من قبل بعض البنوك، المفروض منذ أربعة أعوام، بعد أزمة سيولة نقدية اجتاحت البلاد طيلة الأشهر الماضية، بسبب ضعف احتياطي السودان من العملات الأجنبية.
وكادت الأزمة أن تنفرج بعد تدخل بنك السودان المركزي الأسبوع قبل الماضي، وضخه أمولاً لنحو 38 بنكاً في البلاد، لتغذية صرافاتها الآلية، إلا أن الأزمة ما زالت تراوح مكانها في البنوك السودانية. ودفعت أزمة السيولة النقدية أسعار العقارات والمنازل إلى أعلى المستويات، وتجاوز سعر المتر في أحياء حديثة وشهيرة في العاصمة السودانية الخرطوم، 25 ألف جنيه (نحو 532 دولاراً).
كما تأتي الخطوة بالسماح باستخدام وسائل الدفع الإلكتروني في معاملات العقارات، التي أعلنها معتز موسى رئيس الوزراء السوداني ووزير المالية والتخطيط الاقتصادي، في تغريدة له على موقع «تويتر» الأسبوع الماضي، بعد أن كشفت تقارير عن أن أزمة السيولة النقدية في السودان، الممتدة منذ ستة أشهر، أنعشت خدمات الدفع الإلكتروني في البلاد. وارتفعت أعداد المتعاملين مع خدمات الدفع الإلكتروني عبر الهاتف الجوال إلى 6 ملايين شخص، وبلغ عدد نقاط البيع الإلكتروني أكثر من 10 آلاف نقطة، وزاد عدد أجهزة نقاط البيع من 3500 نقطة، لتصل لأكثر من 10.000 نقطة بيع حالياً.
كما دفعت أزمة السيولة والأوضاع الاقتصادية الأخيرة إلى اتجاه عدد من رجال الأعمال والمستثمرين السودانيين، إلى شراء عقارات خارج بلدانهم، في دول صديقة مثل الإمارات ومصر ودول أخرى. وقال لـ«الشرق الأوسط» الخبير في التسويق الدولي للعقارات أبو القاسم إبراهيم آدم، إن هناك نمواً بمعدل 20 في المائة سنوياً، في حركة أصحاب الأموال السودانيين لشراء عقارات ومنازل خارج البلاد، بسبب عدم استقرار العملة، ورغبتهم في تخزين أموالهم خارج البلاد في شكل عقارات بدلاً من السيولة.
وفيما اعتبر أبو القاسم أن نمو نسبة شراء السودانيين لعقارات في الخارج، مؤشر خطير على اقتصاد البلاد، بسبب هروب المواطنين إلى الاستثمار والاستقرار المالي في الخارج، كشف أن السلطات السودانية انتبهت أخيراً لهذه الظاهرة، التي أطلت برأسها من عامين، ومنعت الشركات الأجنبية من تنظيم معارض تسويقية للعقارات داخل السودان.
وأشار أبو القاسم خبير العقارات المحلية والدولية، إلى أن هناك شركات سودانية تعمل في هذا المجال، ونظمت معارض تسويقية عقارية للفرص العقارية السودانية في دبي وأبوظبي ومصر، كما توجد شركات أخرى تسوق للعقارات والفرص الاستثمارية العقارية في دول الخليج، وتم تنفيذ عقودات ومفاهمات عديدة في هذا الصدد.
ومع قلة التعاملات المالية والمعروض من النقود، اضطر أصحاب العقارات والوكالات والمكاتب العقارية في السودان، لرفع أسعار العقارات، مع التوقعات بأن يحدث قرار فك التمويل العقاري واستخدام الدفع الإلكتروني في شراء وبيع العقارات، ارتفاعاً ثانياً، حال تطبيق القرار المتوقع صدوره خلال الفترة المقبلة.
ويتوقع خبراء عقارات وعاملون في السوق، أن يؤدي تطبيق قرار فتح التمويل العقاري إلى ارتفاع أسعار العقارات، لزيادة الطلب عليها، كما يعتبرها كثير من السودانيين الملاذ الآمن لحفظ أموالهم ومدخراتهم، وأضحت التجارة والسمسرة العقارية في السودان من المهن الأولى في تحقيق دخل عالٍ للأفراد وتشكل استثمارات مهمة وأساسية للملاك والمستثمرين.
وقال صاحب إحدى الوكالات العقارية بالخرطوم لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن أسعار العقارات لم تتغير من حالة الارتفاع التي تلازمها منذ منع التمويل العقاري في العام 2004، مشيراً إلى أن سعر الأرض مساحة 300 متر في أحياء الدرجة الأول في الخرطوم بلغ أكثر من 6 ملايين جنيه سوداني (127 ألف دولار)، فيما يبلغ سعر الأرض ذاتها في حي آخر أكثر من 7 ملايين جنيه كأقل سعر، ويبلغ سعر المنزل الجاهز مساحة 400 متر، 15 مليون جنيه، و300 متر نحو 9 ملايين جنيه.
وأشار عاطف عبد الواحد قباني صاحب مكتب عقاري في الخرطوم، إلى عدم وجود أي تأثير حالياً على سوق العقارات جراء فتح التمويل العقاري، متوقعاً أن يكون هناك انخفاض في الأسعار حال تطبيق القرار، بسبب زيادة المعروض من العقارات، مؤكداً أن المشكلة حالياً تكمن في عدم توفر الأوراق النقدية للبيع والشراء للعقارات.
وأعلن قباني أن وضع السيولة النقدية في البلاد دفعت إلى بروز اتجاه جديد حالياً في سوق العقارات، بإنشاء نظام تكافلي للعقارات، حيث يتفق عدد من الأشخاص لشراء قطع أراضي وبنائها كشقق خاصة في المناطق الأقل سعراً في جنوب الخرطوم وشرق النيل وشمال بحري، والمناطق الأقل سعراً.
ويري خبراء مصرفيون أن فتح التمويل للعقارات لا يمثل حالياً أولوية، التي يجب أن تكون لاستيراد المواد الخام للمصانع والسلع الاستهلاكية، مشيرين إلى أنه في حال فتح التمويل للعقارات يجب أن يكون للمجمعات السكنية وليس للأفراد باعتباره ليس أولوية حالياً.
واعتبر الخبير المصرفي الدكتور محمد عبد الرحمن أبو شورة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أمس، خطوة فتح التمويل العقاري بالممتازة، حيث تعتبر التصاريح التي تمنح لإنشاء المباني من أهم مؤشرات نمو الاقتصاد على المستوي العالمي، باعتبار أنها تستوعب عدداً كبيراً من العاملين بما يؤدي لخلق فرص العمل وتحريك قطاع الخدمات والنقل.
وأضاف أن العقارات في السودان لديها فرص واسعة في النمو، حيث توجد في البلاد كافة المواد الخام لمدخلات البناء، كما أن المباني التي يتم إنشاؤها من الممكن أن تكون ضمانة ممتازة لمؤسسات التمويل والبنوك.
واعتبر محللون اقتصاديون أن خطوة بنك السودان المركزي لفك التمويل العقاري للمغتربين، التي أقرت العام، ولم تراوح مكانها لخلافات بين المغتربين والدولة، حول نوع العملة التي يسدد بها التمويل، حيث ترى الحكومة أن تسدد بالعملات الصعبة، خصوصاً الدولار، بينما يرى المغتربون أن تسدد بالعملة المحلية، باعتبارها صرفت لهم بالجنيه السوداني. واعتبروها خطوة ستجلب ملايين الدولارات إلى داخل البلاد، وهي خطوة إذا ما دعمتها الحكومة بالمزيد من الانفتاح على المغتربين، فإن ما تعانيه الأسواق الآن من شح في الدولار وارتفاع أسعار العقار، سينتهي وستنخفض أسعاره في السوق الموازية.
ووفقاً للخبراء، ستدفع خطوة فك التمويل العقاري بمئات الآلاف من المغتربين، خصوصاً الذين هاجروا خلال الخمس سنوات الأخيرة، والمقدر عددهم بنحو 20 ألف مغترب، للاستفادة من القرارات المرتقبة، خصوصاً أن الفترة الماضية توقف فيها التمويل البنكي للعقارات تقريباً، ما يعني أن ملايين الدولارات ستتدفق على الأسواق. وأضاف الخبراء أن الخطوة ستساهم في إنعاش سوق مواد البناء والأسواق المرتبطة به، وستكون البنوك هي الرابح الأكبر من التمويل العقاري، إذ ستدخل في تمويل مضمون بالأرض رهناً، والمنزل نفسه، وهو نوع الاستثمار الذي تحبذه المصارف، مبينين أن من شأن بناء 3 آلاف منزل تشغيل الآلاف من الأيدي العاملة، مما يؤدي لتخفيض نسب البطالة المتزايدة وإنعاش أسواق المواد الكهربائية والأثاث وغيرها.


مقالات ذات صلة

السعودية: 20 % نمو العقود التمويلية للدعم السكني في 2024

الاقتصاد جناح صندوق التنمية العقارية في «منتدى مستقبل العقار 2023» بالرياض (موقع الصندوق الإلكتروني)

السعودية: 20 % نمو العقود التمويلية للدعم السكني في 2024

ارتفعت العقود التمويلية في السعودية لبرامج الدعم السكني من قبل صندوق التنمية العقارية بنسبة 20 في المائة خلال عام 2024، وذلك نتيجة تنوّع الحلول التمويلية وإتاحة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

شهدت عمليات الإقراض العقارية التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الرابع من عام 2024 إلى 28 مليار ريال.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد من معرض سيتي سكيب 2024 الأكبر عقارياً في العالم (واس)

سوق الرهن العقاري بالسعودية... محرك رئيسي في النمو والتنويع المالي

يأتي توجه السعودية نحو تطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من ضمن التطورات المتسارعة التي يشهدها التمويل العقاري في السعودية.

محمد المطيري
الاقتصاد لوحة وكيل عقارات معروضة خارج منزل في شارع سكني في بلاكبيرن (رويترز)

أسعار المساكن في بريطانيا تتجاوز التوقعات وتواصل الارتفاع

أعلنت شركة «نيشن وايد» للإقراض العقاري، يوم الخميس، أن أسعار المساكن البريطانية شهدت ارتفاعاً جديداً في ديسمبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مشروعات «الوطنية للإسكان» (واس)

الصفقات العقارية في السعودية تتجاوز 533 مليار دولار خلال 2024

تجاوزت قيمة الصفقات العقارية في السعودية 533 مليار دولار (2.5 تريليون ريال) لأكثر من 622 ألف صفقة في عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
TT

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)

تبرز المنازل الذكية خياراً جديداً في أسلوب الحياة مع التسارع الذي تشهده التقنيات المنزلية؛ مما يعتقد أنها تجعل الحياة أسهل من خلال التحكم في مرافق المنازل عبر الهاتف المحمول، الأمر الذي يضم هذا الاستخدام ضمن استخدامات كثيرة عبر تلك الأجهزة المحمولة.
ويمكن الآن التحكم بكل شيء في المنزل وفق طرق سهلة، سواء كان ذلك تشغيل الإضاءة أو فتح الستائر، أو تشغيل الواي فاي، أو تعديل درجة الحرارة، وفتح وإغلاق قفل الباب الأمامي، وحتى إشعال وإطفاء الموقد، حيث يقضي معظم الأفراد أغلب أوقاته في المنزل أكثر من أي مكان آخر، ومع ذلك التفكير بالتكنولوجيا عندما التواجد في المنزل يكون أقل مقارنة بالخارج فيما عدا تقنية الواي فاي.
غدت الصورة عن المنزل التي تتمثل بأنه مكان خالٍ من التكنولوجيا على وشك التغيير، فحان وقت النظر إلى الأجهزة الكثيرة المتناثرة في أنحاء المنزل، سواء كان التلفزيون في غرفة المعيشة، أو الثلاجة في المطبخ، أو المكيّف في غرف النوم، أو حتى جهاز تسخين المياه في الحمامات. وأصبح الأفراد محاطين بالإلكترونيات التي يتم وصفها بالأجهزة الذكية بشكل متزايد كل يوم، فهي تملك أجهزة استشعار تمكّنها من تسجيل البيانات ومشاركتها عبر الإنترنت. ويوجد اليوم نحو 31 مليار جهاز متصل بالإنترنت، ومن المفترض أن يرتفع هذا العدد إلى 75.4 مليار بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات وكالة الأبحاث «ستسيتا».
ولا شك بأن السؤال الذي يسيطر في الوقت الحالي هو، متى ستصبح المنازل أكثر ذكاءً عبر وصل جميع هذه الأجهزة بمركز واحد، ليتم التمكن من القياس والتحكم بكل شيء داخل المنازل. وتتجاوز رؤية المنزل الذكي مفهوم الراحة، حيث ستكون التقنيات الجديدة ذات تأثير عميق وإيجابي على الصحة من خلال مراقبة النظام الغذائي وظروف البيئة المحيطة في الأشخاص ورفاهيتهم بشكل عام. وسيتمكن الأطباء بفضل التكنولوجيا من معرفة حالة الأشخاص بالوقت الفعلي كما سيكون تاريخهم الطبي في متناول اليد قبل حتى إخبار الأطباء به. وعلاوة على ذلك، ستمكن المنازل الذكية العاملين في الرعاية الصحية من علاج الأمراض بشكل استباقي.
وسيمتد تأثير التكنولوجيا أيضاً إلى طريقة التعليم والتعلُّم عند وصل أجهزة التعلم الخاصة بالأطفال بأجهزة معلميهم، لتعزيز التفاعل والتعليم المخصص، وسيزداد التركيز على التدريس عبر الوسائط المتعددة، حيث سنتمكن من تحقيق فكرة غرف الدراسة الافتراضية على أرض الواقع، وسيتمكن البالغون أيضاً من إكمال دراستهم من النقطة التي توقفوا عندها، وذلك عبر الدورات التي تم تطويرها للتعلّم المنزلي والتي يمكن بثها على شاشات الأجهزة.
وتعد البيئة المحرك الأهم لتقنيات المنزل الذكي، وخاصة بما يتعلق بتأثير الأشخاص عليها، حيث تستطيع الأتمتة المنزلية الذكية أن تخفّض استهلاك الطاقة والمياه في المباني إلى حد كبير. وصحيح بأن المستهلك سيستخدم المزيد من الأجهزة التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلا أن حلول المنزل الذكي المدعمة بالذكاء الصناعي تستطيع أن تتعرف على سلوك من يعيشون في المنزل وتشغيل الأجهزة أو إيقافها استناداً إلى الروتين اليومي للمستخدم. وسنتمكن مع هذه الحلول الذكية عبر نظرة واحدة على الهواتف المحمولة من معرفة مقدار الطاقة والمياه المستهلكة وتكلفتها. وبالنظر إلى ارتفاع تكلفتهما بشكل مستمر، سيضطر أصحاب المنازل والمرافق والحكومات إلى البحث عن طرق أفضل وأكثر فاعلية للحد من التلوث البيئي، وجعل الحياة أكثر استدامة.
وقد تبدو هذه الأفكار التقنية بعيدة التحقيق، إلا أنها حالياً في مراحل التصميم في مشاريع مثل «نيوم»، المبادرة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تعد حجر الأساس في «رؤية السعودية 2030»، كما أنها وصفت كأضخم مشروع حضري في العالم اليوم. وستعيد هذه المبادرة تعريف طريقة العيش وستركز في جزء كبير منها على المنازل.
وقال نجيب النعيم، رئيس مجلس إدارة العمليات في «شنايدر إلكتريك» السعودية: «سيكون لمبادرة (نيوم) تأثير غير مباشر على المنطقة بشكل عام، وينبغي أن تصبح المنازل الذكية القاعدة السائدة في الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ويبدو لنا أن المنازل الذكية ستستمر في النمو مستقبلاً؛ مما يعني أن طريقة عيشنا اليومية ستتغير بشكل كبير». وبدأت الشركة الاستثمار في أتمتة المنزل الذكي منذ عقود من الزمن، ويعتقد النعيم بأن طريقة عيشنا «ستكون مختلفة بشكل جذري في المستقبل».

التطورات في تقنيات المنزل الذكي
تتطور التكنولوجيا اليوم بوتيرة متسارعة وتقنيات المنزل الذكي ليست استثناءً، والتساؤل يتمحور في معنى هذا التطور من حيث الأداء العملي، وكيف يمكن أن تؤثر البيوت الذكية على الحياة.
الذكاء الصناعي: سيكون الذكاء الصناعي في صميم التقنيات في المنازل المستقبلية، وستتمكن المنازل الذكية من تتبع موقع الأشخاص داخل المنزل، إما عن طريق جهاز استشعار إلكتروني يتم تركيبه على الملابس أو أجهزة استشعار إلكترونية داخل المنزل. وسيمتلك المنزل القدرة على تحديد هوية الأشخاص وأماكنهم، وسيستخدم هذه المعلومات لتلبية الاحتياجات وتوقعها أيضاً. وسيكون المنزل قادراً على ضبط كل شيء بدءاً من التدفئة والتبريد إلى الموسيقى والإضاءة، وكل ذلك حسب احتياجات الشخص الذي سيدخل من باب المنزل.
الإضاءة الذكية: ستُحدث الإضاءة الذكية ثورة في طريقة إضاءة المنازل، فهي تعمل على ضبط نفسها تلقائياً من خلال الكشف عن وجود الأشخاص في الغرفة، وحال خروجهم من هناك، تصبح الأنوار خافتة أو يتم إطفاؤها تماماً. كما يمكن أن تطبق الإضاءة الذكية على نشاطات الأشخاص؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لأجهزة استشعار الضغط إطفاء الأنوار عند الاستلقاء في السرير بعد وقت معين، وستكتشف المستشعرات استيقاظ الأفراد لاستخدام الحمام وتقوم بتشغيل الإنارة. وتضبط الإضاءة درجة سطوعها تلقائياً وفقاً لفترات اليوم، وسيتذكر المنزل الذكي الروتين الخاص بالمستخدم ليتمكن من تخصيص كل جهاز في منزلك حسب الرغبة.
الأقفال الذكية: يمكن أيضاً برمجة الأقفال الذكية وفقاً لاحتياجات الأفراد، فيمكن السماح للزوار بالدخول أو منعهم بناءً على سمات تعريفية محددة. كما يمكنك السماح بالدخول لشخص ما، مثل حامل البريد عن بُعد. ويمكن إرسال رموز فتح الأقفال الافتراضية عبر تطبيق إلكتروني وفتح الباب عبر استخدام الهاتف المحمول.
مراقبة المنزل: تستطيع الأنظمة الأمنية الذكية مراقبة المنزل بشكل مستقل، والإبلاغ عن أي حوادث غير مسبوقة لمالك المنزل، وإبلاغ خدمات الطوارئ إذا لزم الأمر. وتستطيع المنازل الذكية أيضاً مراقبة كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، فتقدم لهم يد المساعدة كتذكيرهم بتناول أدويتهم وضمان إتمامهم للمهام اليومية بنجاح وأمان. وفي حالات الطوارئ كالسقوط أو الحوادث، سيتمكن نظام المنزل الذكي من إخطار خدمات الطوارئ والسماح لهم بالدخول تلقائياً.
نظام التكييف: يعد التكييف من الضروريات الأساسية في دول الخليج، وعلى الرغم من ذلك لن يتغير قريباً، فإن الحلول المنزلية الذكية يمكن أن تقلل استهلاك الطاقة التي نستخدمها لتشغيل أنظمة التبريد لدينا في الصيف وأنظمة التدفئة في الشتاء بشكل كبير. فمن خلال التعلم الذاتي لسلوك واحتياجات الأسرة بالنسبة لتدفئة وتبريد المنزل مع مرور الوقت وإقران تلك المعلومات مع درجة الحرارة داخل المنزل وخارجه، يستطيع منظم الحرارة الذكي تقليص قيمة فواتير استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة أو أكثر؛ مما سيختصر على الوالدين تأنيب الأطفال للتوقف عن العبث بمفتاح الطاقة.
طريقة دمج الأجهزة الذكية بنظام المنزل الذكي: يملك كل واحد منا الكثير من الأجهزة الذكية في المنزل والتي يمكن وصلها بشبكة الإنترنت. وما يحتاج إليه معظم الأشخاص هو وسيلة بسيطة بأسعار معقولة لإيصال جميع هذه الأجهزة بنظام واحد. ويؤمن نجيب النعيم من شركة «شنايدر إلكتريك» بأن تطبيق ويزر الذي أطلقته الشركة ومفهوم المنزل المتصل المتطور (سكوير دي) ربما يكون الحل المثالي لمن يبحثون عن تقنية المنزل الذكي الرائدة اليوم.
وقال النعيم «سيتطلب تحقيق ذلك شركة ذات خبرة بالطاقة والكهرباء والخدمات الرقمية والأجهزة والبرامج لتنشئ جهاز تحكم المنزل الذكي الذي نحتاج إليه جميعاً. ويعمل تطبيق (ويزر) من جهاز واحد نحمله بيدنا دائماً هو الهاتف المتحرك. ومن خلال وصل كل جهاز لدينا في المنزل بالإنترنت والتحكم به عبر (ويزر) سنتمكن من مراقبة كافة أجهزتنا والتحكم بها بطريقة آمنة ومن جهاز واحد».
وتهدف «شنايدر» على المدى الطويل إلى إضافة مستشعرات في جميع المعدات الكهربائية في المنزل لتتيح قياس استهلاك الطاقة والتحكم بالأجهزة، إما مباشرة أو من خلال الذكاء الصناعي، ومساعدة أصحاب المنازل والمباني على إنشاء «شبكات كهربائية صغيرة» من خلال دمج البطاريات وأجهزة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية. وبهذا قد تصبح الأسلاك الكهربائية والمقابس والقواطع الخاصة بك العمود الفقري الذكي لمنزلك المستقبلي.
«شنايدر» هي من المشاركين في مبادرة «موطن الابتكار» التابعة لشركة «سابك»، وهي مشروع يهدف إلى إنشاء منزل تجريبي متكامل بأثاثه لتوفير تجربة عيش حديثة ومريحة ومستدامة، وإلى رفد السعودية بالمشاريع المستدامة. ويعرض مشروع «موطن الابتكار» ما يمكن تحقيقه عندما تتعاون الشركات العالمية مع رواد الأبحاث مثل «سابك» لابتكار أفكار جديدة من شأنها أن تثير اهتمام السعوديين وتُطلعهم على ما ستبدو عليه منازلهم في المستقبل.
وقال النعيم: «لم تتغير منازلنا كثيراً على الرغم من كمية التقنيات المحيطة بنا. وأصبح ذلك على وشك التغيير، فسنستذكر مستقبلاً الماضي بعد عقد من الزمن، ونتساءل لماذا لم نختر مفهوم المنزل الذكي في وقت أبكر. وسيحدث ذلك ثورة في طريقة راحتنا وعملنا ولعبنا. وأعتقد أن السعودية ستقود مسيرة التطور التقني في المنازل الذكية بفضل مشاريعها الرائدة مثل (نيوم)».