السودان يسمح بشراء وبيع العقارات عن طريق الدفع الإلكتروني

بعد ارتفاع أسعار المنازل وهروب رؤوس أموال للاستثمار خارجياً

وضع السيولة النقدية في البلاد دفعت إلى بروز اتجاه جديد حالياً في سوق العقارات السودانية («الشرق الأوسط»)
وضع السيولة النقدية في البلاد دفعت إلى بروز اتجاه جديد حالياً في سوق العقارات السودانية («الشرق الأوسط»)
TT

السودان يسمح بشراء وبيع العقارات عن طريق الدفع الإلكتروني

وضع السيولة النقدية في البلاد دفعت إلى بروز اتجاه جديد حالياً في سوق العقارات السودانية («الشرق الأوسط»)
وضع السيولة النقدية في البلاد دفعت إلى بروز اتجاه جديد حالياً في سوق العقارات السودانية («الشرق الأوسط»)

تترقب سوق العقارات في السودان صدور ضوابط حكومية جديدة لبيع وشراء العقارات والسيارات، تتيح استخدام وسائل الدفع الإلكتروني والشيكات المصرفية. وتأتي الخطوة، التي تشمل كذلك، فك التمويل العقاري من قبل بعض البنوك، المفروض منذ أربعة أعوام، بعد أزمة سيولة نقدية اجتاحت البلاد طيلة الأشهر الماضية، بسبب ضعف احتياطي السودان من العملات الأجنبية.
وكادت الأزمة أن تنفرج بعد تدخل بنك السودان المركزي الأسبوع قبل الماضي، وضخه أمولاً لنحو 38 بنكاً في البلاد، لتغذية صرافاتها الآلية، إلا أن الأزمة ما زالت تراوح مكانها في البنوك السودانية. ودفعت أزمة السيولة النقدية أسعار العقارات والمنازل إلى أعلى المستويات، وتجاوز سعر المتر في أحياء حديثة وشهيرة في العاصمة السودانية الخرطوم، 25 ألف جنيه (نحو 532 دولاراً).
كما تأتي الخطوة بالسماح باستخدام وسائل الدفع الإلكتروني في معاملات العقارات، التي أعلنها معتز موسى رئيس الوزراء السوداني ووزير المالية والتخطيط الاقتصادي، في تغريدة له على موقع «تويتر» الأسبوع الماضي، بعد أن كشفت تقارير عن أن أزمة السيولة النقدية في السودان، الممتدة منذ ستة أشهر، أنعشت خدمات الدفع الإلكتروني في البلاد. وارتفعت أعداد المتعاملين مع خدمات الدفع الإلكتروني عبر الهاتف الجوال إلى 6 ملايين شخص، وبلغ عدد نقاط البيع الإلكتروني أكثر من 10 آلاف نقطة، وزاد عدد أجهزة نقاط البيع من 3500 نقطة، لتصل لأكثر من 10.000 نقطة بيع حالياً.
كما دفعت أزمة السيولة والأوضاع الاقتصادية الأخيرة إلى اتجاه عدد من رجال الأعمال والمستثمرين السودانيين، إلى شراء عقارات خارج بلدانهم، في دول صديقة مثل الإمارات ومصر ودول أخرى. وقال لـ«الشرق الأوسط» الخبير في التسويق الدولي للعقارات أبو القاسم إبراهيم آدم، إن هناك نمواً بمعدل 20 في المائة سنوياً، في حركة أصحاب الأموال السودانيين لشراء عقارات ومنازل خارج البلاد، بسبب عدم استقرار العملة، ورغبتهم في تخزين أموالهم خارج البلاد في شكل عقارات بدلاً من السيولة.
وفيما اعتبر أبو القاسم أن نمو نسبة شراء السودانيين لعقارات في الخارج، مؤشر خطير على اقتصاد البلاد، بسبب هروب المواطنين إلى الاستثمار والاستقرار المالي في الخارج، كشف أن السلطات السودانية انتبهت أخيراً لهذه الظاهرة، التي أطلت برأسها من عامين، ومنعت الشركات الأجنبية من تنظيم معارض تسويقية للعقارات داخل السودان.
وأشار أبو القاسم خبير العقارات المحلية والدولية، إلى أن هناك شركات سودانية تعمل في هذا المجال، ونظمت معارض تسويقية عقارية للفرص العقارية السودانية في دبي وأبوظبي ومصر، كما توجد شركات أخرى تسوق للعقارات والفرص الاستثمارية العقارية في دول الخليج، وتم تنفيذ عقودات ومفاهمات عديدة في هذا الصدد.
ومع قلة التعاملات المالية والمعروض من النقود، اضطر أصحاب العقارات والوكالات والمكاتب العقارية في السودان، لرفع أسعار العقارات، مع التوقعات بأن يحدث قرار فك التمويل العقاري واستخدام الدفع الإلكتروني في شراء وبيع العقارات، ارتفاعاً ثانياً، حال تطبيق القرار المتوقع صدوره خلال الفترة المقبلة.
ويتوقع خبراء عقارات وعاملون في السوق، أن يؤدي تطبيق قرار فتح التمويل العقاري إلى ارتفاع أسعار العقارات، لزيادة الطلب عليها، كما يعتبرها كثير من السودانيين الملاذ الآمن لحفظ أموالهم ومدخراتهم، وأضحت التجارة والسمسرة العقارية في السودان من المهن الأولى في تحقيق دخل عالٍ للأفراد وتشكل استثمارات مهمة وأساسية للملاك والمستثمرين.
وقال صاحب إحدى الوكالات العقارية بالخرطوم لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن أسعار العقارات لم تتغير من حالة الارتفاع التي تلازمها منذ منع التمويل العقاري في العام 2004، مشيراً إلى أن سعر الأرض مساحة 300 متر في أحياء الدرجة الأول في الخرطوم بلغ أكثر من 6 ملايين جنيه سوداني (127 ألف دولار)، فيما يبلغ سعر الأرض ذاتها في حي آخر أكثر من 7 ملايين جنيه كأقل سعر، ويبلغ سعر المنزل الجاهز مساحة 400 متر، 15 مليون جنيه، و300 متر نحو 9 ملايين جنيه.
وأشار عاطف عبد الواحد قباني صاحب مكتب عقاري في الخرطوم، إلى عدم وجود أي تأثير حالياً على سوق العقارات جراء فتح التمويل العقاري، متوقعاً أن يكون هناك انخفاض في الأسعار حال تطبيق القرار، بسبب زيادة المعروض من العقارات، مؤكداً أن المشكلة حالياً تكمن في عدم توفر الأوراق النقدية للبيع والشراء للعقارات.
وأعلن قباني أن وضع السيولة النقدية في البلاد دفعت إلى بروز اتجاه جديد حالياً في سوق العقارات، بإنشاء نظام تكافلي للعقارات، حيث يتفق عدد من الأشخاص لشراء قطع أراضي وبنائها كشقق خاصة في المناطق الأقل سعراً في جنوب الخرطوم وشرق النيل وشمال بحري، والمناطق الأقل سعراً.
ويري خبراء مصرفيون أن فتح التمويل للعقارات لا يمثل حالياً أولوية، التي يجب أن تكون لاستيراد المواد الخام للمصانع والسلع الاستهلاكية، مشيرين إلى أنه في حال فتح التمويل للعقارات يجب أن يكون للمجمعات السكنية وليس للأفراد باعتباره ليس أولوية حالياً.
واعتبر الخبير المصرفي الدكتور محمد عبد الرحمن أبو شورة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أمس، خطوة فتح التمويل العقاري بالممتازة، حيث تعتبر التصاريح التي تمنح لإنشاء المباني من أهم مؤشرات نمو الاقتصاد على المستوي العالمي، باعتبار أنها تستوعب عدداً كبيراً من العاملين بما يؤدي لخلق فرص العمل وتحريك قطاع الخدمات والنقل.
وأضاف أن العقارات في السودان لديها فرص واسعة في النمو، حيث توجد في البلاد كافة المواد الخام لمدخلات البناء، كما أن المباني التي يتم إنشاؤها من الممكن أن تكون ضمانة ممتازة لمؤسسات التمويل والبنوك.
واعتبر محللون اقتصاديون أن خطوة بنك السودان المركزي لفك التمويل العقاري للمغتربين، التي أقرت العام، ولم تراوح مكانها لخلافات بين المغتربين والدولة، حول نوع العملة التي يسدد بها التمويل، حيث ترى الحكومة أن تسدد بالعملات الصعبة، خصوصاً الدولار، بينما يرى المغتربون أن تسدد بالعملة المحلية، باعتبارها صرفت لهم بالجنيه السوداني. واعتبروها خطوة ستجلب ملايين الدولارات إلى داخل البلاد، وهي خطوة إذا ما دعمتها الحكومة بالمزيد من الانفتاح على المغتربين، فإن ما تعانيه الأسواق الآن من شح في الدولار وارتفاع أسعار العقار، سينتهي وستنخفض أسعاره في السوق الموازية.
ووفقاً للخبراء، ستدفع خطوة فك التمويل العقاري بمئات الآلاف من المغتربين، خصوصاً الذين هاجروا خلال الخمس سنوات الأخيرة، والمقدر عددهم بنحو 20 ألف مغترب، للاستفادة من القرارات المرتقبة، خصوصاً أن الفترة الماضية توقف فيها التمويل البنكي للعقارات تقريباً، ما يعني أن ملايين الدولارات ستتدفق على الأسواق. وأضاف الخبراء أن الخطوة ستساهم في إنعاش سوق مواد البناء والأسواق المرتبطة به، وستكون البنوك هي الرابح الأكبر من التمويل العقاري، إذ ستدخل في تمويل مضمون بالأرض رهناً، والمنزل نفسه، وهو نوع الاستثمار الذي تحبذه المصارف، مبينين أن من شأن بناء 3 آلاف منزل تشغيل الآلاف من الأيدي العاملة، مما يؤدي لتخفيض نسب البطالة المتزايدة وإنعاش أسواق المواد الكهربائية والأثاث وغيرها.


مقالات ذات صلة

سوق الرهن العقاري بالسعودية... محرك رئيسي في النمو والتنويع المالي

الاقتصاد من معرض سيتي سكيب 2024 الأكبر عقارياً في العالم (واس)

سوق الرهن العقاري بالسعودية... محرك رئيسي في النمو والتنويع المالي

يأتي توجه السعودية نحو تطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من ضمن التطورات المتسارعة التي يشهدها التمويل العقاري في السعودية.

محمد المطيري
الاقتصاد لوحة وكيل عقارات معروضة خارج منزل في شارع سكني في بلاكبيرن (رويترز)

أسعار المساكن في بريطانيا تتجاوز التوقعات وتواصل الارتفاع

أعلنت شركة «نيشن وايد» للإقراض العقاري، يوم الخميس، أن أسعار المساكن البريطانية شهدت ارتفاعاً جديداً في ديسمبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مشروعات «الوطنية للإسكان» (واس)

الصفقات العقارية في السعودية تتجاوز 533 مليار دولار خلال 2024

تجاوزت قيمة الصفقات العقارية في السعودية 533 مليار دولار (2.5 تريليون ريال) لأكثر من 622 ألف صفقة في عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد جرى توقيع المذكرة بحضور وزير البلديات والإسكان ماجد الحقيل ووزير المالية محمد الجدعان وممثلي «السعودية لإعادة التمويل» وشركة «حصانة» (الشرق الأوسط)

«السعودية لإعادة التمويل العقاري» تُوقع مذكرة مع «حصانة» لتعزيز السيولة وتقديم فئة أصول جديدة

وقّعت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري مذكرة تفاهم مع شركة حصانة الاستثمارية تهدف إلى تعميق وتوسيع نطاق أسواق المال بالمملكة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة لمشروع العلياء السكني في المدينة المنورة (مدينة المعرفة الاقتصادية)

«جيزوبا الصينية» تنفّذ أبراجاً سكنية جديدة ضمن مشروع العلياء في المدينة المنورة

وقّعت شركة «مدينة المعرفة الاقتصادية» عقداً بقيمة 503 ملايين ريال (134 مليون دولار) مع «مجموعة جيزوبا الصينية» لتنفيذ 7 أبراج سكنية جديدة في المدينة المنورة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»