السبسي يؤكد أن الإرهاب ما زال قائماً في قلب العاصمة التونسية

إدانة من الجامعة العربية... ومصادر أمنية لا تستبعد تورط «داعش»

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي - أرشيف (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي - أرشيف (أ.ف.ب)
TT

السبسي يؤكد أن الإرهاب ما زال قائماً في قلب العاصمة التونسية

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي - أرشيف (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي - أرشيف (أ.ف.ب)

علق الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي على التفجير الإرهابي الذي وقع أمس (الاثنين) بوسط العاصمة التونسية مستهدفاً قوة أمنية، مما أسفر عن وقوع عدد من الإصابات كانت أغلبها للعناصر الأمنية، حيث وصف التفجير بـ«الفاجعة»، معتبراً أنه «موجه ضد هيبة الدولة».
وأضاف الرئيس التونسي: «كنا نعتقد أننا قضينا على الإرهاب في المدن، لكن الإرهاب ما زال قائماً في قلب العاصمة».
وتابع الرئيس التونسي في بيان صدر من برلين حيث يقوم بزيارة: «هي فاجعة في الحقيقة»، مضيفاً: «الذي وقع مؤلم»، و«قوات الأمن هي التي تدفع ضريبة الدم دائماً».
واعتبر أن الاعتداء «موجه للدولة وللسلطة ولهيبة الدولة».
وأصيب 20 شخصاً على الأقل بجروح بينهم 15 شرطيا، أمس (الاثنين) في اعتداء نفذته انتحارية من «الخلايا النائمة» وسط العاصمة التونسية، هو الأول منذ 2015 فيها.
وقال الرئيس قائد السبسي: «الإرهاب ما زال قائماً في قلب العاصمة. ظننا أننا انتهينا من مكافحة الإرهاب في المدن وما زال قائما في الجبال، لكن ظهر من جديد»، ودعا إلى «استخلاص العبر» و«فهم الأسباب».
وأضاف قائد السبسي أن هذا الاعتداء يذكرنا بأنه «لدينا مشاكل أخرى في تونس»، مبدياً أسفه للمناخ السياسي السيئ في تونس.
وقال المتحدث الأمني وليد بن حكيمة مساء أمس (الاثنين) إنه ليست هناك إصابات خطرة، وإن معظم الجرحى تم علاجهم من جروح طفيفة وغادروا المستشفى.
وقال بيان لوزارة الداخلية التونسية إن منفذة العملية «غير معروفة لدى المصالح الأمنية بالتطرف».
وأفادت مصادر أمنية في تونس بأنها لا تستبعد تورط تنظيم داعش في التفجير الإرهابي. ونقلت صحيفة «لابراس» الناطقة بالفرنسية اليوم (الثلاثاء) عن مصادر قريبة من التحقيق الجاري بشأن التفجير بأن «فرضية أن تكون للتنظيم المتطرف بصمته في التفجير ليست مستبعدة».
وأوضحت المصادر أن هذه الفرضية «يدعمها محققون من القوات الخاصة لمكافحة الإرهاب ومن الحرس الوطني».
وأوضحت الصحيفة نقلاً عن مصادرها، أن التفجير يعود للتنظيم المتطرف بناء على أسلوبه في شن العمليات، وأن التنظيم وعلى عكس ما يعتقد الكثيرون، لا يزال يحظى بدعم من خلايا نائمة ومتواطئة داخل تونس.
وفي سياق متصل، أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بأقوى العبارات التفجير الانتحاري.
وقال السفير محمود عفيفي، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، إن أبو الغيط حرص على أن يؤكد في هذا الصدد على مساندته الكاملة لتونس في مواجهة الخطر.
وأعرب أبو الغيط عن تمنياته بسرعة الشفاء للمصابين، مشيراً إلى الخطر الكبير والمستمر الذي يمثله الإرهاب على بنية ومستقبل المجتمعات العربية، وعلى الجهود التي تبذلها الدول من أجل إحلال الأمن والاستقرار.
ويعد هذا الاعتداء هو الأول الذي يهز تونس منذ 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، عندما فجر انتحاري نفسه في وسط المدينة قرب حافلة للحرس الرئاسي، والذي تبناه تنظيم داعش الإرهابي حينها.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.