«معرض الكتاب الفرنكفوني» يحتفي بـ25 سنة على انطلاقه في بيروت

قاعة باسم نادين لبكي... والطاهر بن جلون حاضر ليوم واحد

جانب من معرض الكتاب الفرنكفوني العام الماضي
جانب من معرض الكتاب الفرنكفوني العام الماضي
TT

«معرض الكتاب الفرنكفوني» يحتفي بـ25 سنة على انطلاقه في بيروت

جانب من معرض الكتاب الفرنكفوني العام الماضي
جانب من معرض الكتاب الفرنكفوني العام الماضي

ربع قرن على «معرض الكتاب الفرنكفوني» في بيروت، ولا يزال مصراً على شبابه وديناميكيته. هذه المرة خطوات كثيرة يتخذها المنظمون ليجعلوا المناسبة جذابة لكل الفئات، لا سيما الطلاب والمهتمين بالتكنولوجيا وتأثيراتها على مناحي الحياة المختلفة. وإذا كان الكتاب الورقي وحده لم يعد كافياً، فالمعرض يتخذ لنفسه عنواناً عريضاً هو «الثقافة الرقمية» مما يستجرّ برنامجاً منوعاً حول كل ما يمكن أن يغطي هذا المجال الذي يتسع للموسيقى، كما التعليم، والكتب، والأفلام، والألعاب وغيرها.
من الثالث وحتى الحادي عشر من نوفمبر (تشرين الثاني)، يفتح المعرض أبوابه في مكان جديد انتقل إليه في «فرن الشباك - التحويطة» بدلاً من وسط بيروت كما كان معتاداً. ويشارك فيه هذه السنة نحو 180 كاتباً من 60 بلداً. وإضافة إلى أجنحة المكتبات والناشرين والجامعات، يخصص جناح لدور نشر عربية تقوم بعمل ترجمات من الفرنسية وإليها للتعريف بالتبادل الحاصل بين اللغتين، وهذا كان قد اعتمد مؤخراً، ولا يزال العمل فيه مستمراً، لرغبة فرنسية في تشجيع الترجمة وتمويلها أحياناً.
المعرض ينظمه المعهد الفرنسي بالتعاون مع نقابة مستوردي الكتب وبدعم من وزارتي الثقافة والتربية، تشارك فيه بلجيكا وكذلك سويسرا باعتبارها دولة ينطق ربع سكانها بالفرنسية، وتوليه السفارة الفرنسية عناية خاصة.
هو الموعد الفرنكفوني الأهم والأضخم في بيروت، بالنسبة للفرنسيين الذين يعتبرون لبنان بوابتهم الثقافية إلى المنطقة، رافضين باستمرار فكرة أن الفرنسية تخبو في بلاد الأرز وأن الإنجليزية تكسب الساحة جولة بعد أخرى. ويستدلون على ذلك بأن نصف الطلاب اللبنانيين الذين يقدرون بمليون طالب، لا يزالون رغم هجمة الإنجليزية يتابعون دراستهم باللغة الفرنسية، وفرنسا تبذل جهداً لعدم خسارة ساحتها العربية الثقافية الرئيسية، إذ استقبل هذا المعرض العام الماضي نحو 80 ألف زائر، وينتظر أن يستقبل هذا العام نحو 22 ألف طالب من المدارس الخاصة والرسمية، حيث تم التواصل مع مؤسسات تعليمية مسبقاً لترتيب زيارتهم، وهو الترتيب الذي يعمل به سنوياً. لذلك ليست مصادفة أن يخصص المعرض أنشطة وافرة للأطفال وتلامذة المدارس من الرسم إلى حكاية القصص وتنمية المهارات الفنية، كما لقاءات وحوارات مع كتاب كبار.
وبمناسبة العنوان الرقمي الذي يحمله معرض هذه السنة، فإن مساحة 100 متر مربع خصصت لشركات تكنولوجية ناشئة، ومعاهد، وجمعيات معنية بالأمر، لا سيما الشق الثقافي والتعليمي منه. ويوجد مبتكرون ومطورون للقاء الطلاب والتحاور معهم حول الآفاق المتاحة.
ثمة أدباء باتوا جزءاً من البرنامج السنوي، وغالبيتهم من الفرنكفونيين اللبنانيين الذين وإن غابوا سنة عادوا التي تليها. هؤلاء من حواضر المعرض، يعرفهم الجمهور جيداً. وإذا لم تكن لهم كتب جديدة يوقعونها، جاءوا يديرون حواراً، أو يشاركون في ندوة، أو يلقون محاضرة، وهذا يخفف من أعباء دعوة كتاب بأعداد كبيرة من خارج لبنان وتحمل عبء استضافتهم. يبقى أن المنظمين يحرصون سنوياً على أن يكون الحضور لأسماء معروفة، وهذه السنة أعلن عن اسم الطاهر بن جلون، والروائية كاترين بانكول وكذلك فيرونيك أولمي صاحبة رواية «بخيتة»، الفتاة الزنجية الصغيرة التي اختطفت لتعيش حياة العبيد بالقاهرة وتنتهي بأن تصبح قديسة في دير فينيسي، حيث نذرت ما تبقى من حياتها لمساعدة الأطفال والبؤساء والمعذبين حتى وفاتها.
ومن الأسماء التي تشارك هذه السنة في المعرض الإعلامية النجمة كريستين أوكرانت، والكاتب المعروف في الشؤون السياسية جيل كيبيل الذي له كتب عن الحركات «الجهادية» والأصولية الإسلامية، وأدهم الديم المتخصص في الشؤون العثمانية، حيث سيقدم هذا الأخير محاضرة بعنوان «الدولة العثمانية وتركيا في مواجهة الغرب» ويشارك مع الإعلامية أوكرانت والأكاديمية جنى جبور في جلسة حوارية حول «تركيا جنون أو مرض التاريخ».
و«معرض الكتاب الفرنكفوني» مع ما طرأ عليه من تبدلات خلال ربع قرن من حياته، إن لجهة تغيير اسمه إلى مكان العرض أو طبيعة الأنشطة، أو لناحية التنظيم، حيث أصبحت نقابة مستوردي الكتب شريكة فيه، بقي حريصاً باستمرار على أن يكون راهنياً ومواكباً للحدث. ويشدد الفرنسيون على أن معرضهم يسعى إلى فتح أبواب الحوار على مصاريعها، مستفيداً من أجواء الحرية في لبنان.
وهذه السنة المواضيع بعضها تقليدي ومعتاد منها ما هو في التاريخ والآثار والفلسفة والأدب، ومنها ما هو أكثر سخونة حيث ستعقد جلسة مثلاً حول «الثورات العربية المصير المختلف والمؤتلف» يشارك فيها ماثيو راي، وليلى دخلي، ونيكولا دوت - بويلار، وفؤاد خوري الحلو. وندوة أخرى حول «الأخبار المزيفة، البروبغندا» من بين المشاركين فيها جورج قرم، وميشال كولون ووليد شقرا. المواضيع المطروحة للنقاش خلال المعرض إن في لقاءات أو ندوات أو محاضرات وطاولات مستديرة تتفاوت في مواضيعها، فهي تمتد من الأمراض النفسية والتعامل معها، ودور الإنترنت ومشكلاته، مروراً بالسياسة الداخلية اللبنانية، وتاريخ المنطقة ومشكلاتها وأزمات بعض دولها وصولاً إلى العلاقة بالغرب. وأفردت مساحة كبيرة للحوار حول الأزمات التي تمر بها المنطقة العربية وعلاقتها بجيرانها. ومن العناوين الأخرى مثلاً «هل يجب أن نتأورب كي نصبح علمانيين».
وكما كل سنة يمنح معرض الكتاب الفرنسي جوائزه ومن بينها «جائزة خيار غونكور الشرق» التي يتوج صاحبها بعد مسار طويل، إذ يقوم طلاب في بلدان مختلفة، بقراءة كتب محددة وهي الروايات التي فازت بالاختيار الثاني لأكاديمية غونكور ويتم تصنيفها من قبل لجان طلابية في جامعات الدول المشاركة. وبعد قراءة للكتب من قبل مئات الطلاب، وكتابتهم حولها، يصوت هؤلاء على كتابهم المفضل. وشاركت هذه السنة 30 جامعة من 12 دولة منها السعودية، وجيبوتي، ومصر، والإمارات، وإثيوبيا، والعراق، وإيران، والأردن، ولبنان وفلسطين وسوريا. العام الماضي أعلن عن الفائز بالجائزة بحضور الأديبة المغربية الأصول ليلى سليماني الفائزة هي نفسها بـ«غونكور» وعضو أكاديمية غونكور إيريك - إيمانويل شميت. وهذه السنة سيقوم الطاهر بن جلون والأديبة فيرونيك أولمي يوم التاسع من نوفمبر بهذه المهمة. وسيكون لبن جلون في المعرض خلال يوم واحد، إضافة إلى احتفالية الجائزة، لقاء مع الجمهور حيث تقدمه وتحاوره جورجيا مخلوف، ويوقع كتابه «العقاب» إلى جانب ذاك الكتاب الصغير الشهير الذي تحول إلى بيست سيلر «العنصرية كما شرحتها لابنتي».
عشرات اللقاءات والأمسيات والنشاطات في معرض واحد، مهرجان أرصفة زقاق حاضر بعروضه، أمسيات موسيقية للجامعة الأنطونية، الممثل ستانيسلاس نورداي يقرأ نصوصاً للكاتب إدوار لويس، وعروض أفلام، تكريم للكاتب اللبناني أنطوان صفير المقيم في فرنسا، ورحل عنا مؤخراً بتسمية قاعة باسمه، ولفتة جميلة باتجاه المخرجة اللبنانية نادين لبكي التي فازت بجائزة من مهرجان كان هذه السنة بإطلاق اسمها على قاعة أخرى للمحاضرات في المعرض. بعض اللفتات الصغيرة تنمّ عن دقة في التنظيم، وعناية بالتفاصيل التي غالباً ما تصنع نجاح الحدث.



ضجيج المدن يحجب فوائد الطبيعة في تهدئة الأعصاب

ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
TT

ضجيج المدن يحجب فوائد الطبيعة في تهدئة الأعصاب

ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)
ضوضاء المرور تؤثر سلباً على الصحة النفسية والجسدية (وكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة)

أثبتت دراسة بريطانية حديثة أن الضوضاء البشرية الناتجة عن حركة المرور يمكن أن تخفي التأثير الإيجابي لأصوات الطبيعة في تخفيف التوتر والقلق.

وأوضح الباحثون من جامعة غرب إنجلترا أن النتائج تؤكد أهمية أصوات الطبيعة، مثل زقزقة الطيور وأصوات البيئة الطبيعية، في تحسين الصحة النفسية؛ ما يوفر وسيلة فعّالة لتخفيف الضغط النفسي في البيئات الحضرية، وفق النتائج المنشورة، الخميس، في دورية «بلوس وان».

وتسهم أصوات الطبيعة في خفض ضغط الدم ومعدلات ضربات القلب والتنفس، فضلاً عن تقليل التوتر والقلق الذي يتم الإبلاغ عنه ذاتياً، وفق نتائج أبحاث سابقة.

وعلى النقيض، تؤثر الأصوات البشرية، مثل ضوضاء المرور والطائرات، سلباً على الصحة النفسية والجسدية، حيث ترتبط بزيادة مستويات التوتر والقلق، وقد تؤدي إلى تراجع جودة النوم والشعور العام بالراحة.

وخلال الدراسة الجديدة، طلب الباحثون من 68 شخصاً الاستماع إلى مشاهد صوتية لمدة 3 دقائق لكل منها. تضمنت مشهداً طبيعياً مسجلاً عند شروق الشمس في منطقة ويست ساسكس بالمملكة المتحدة، احتوى على أصوات طبيعية تماماً مثل زقزقة الطيور وأصوات البيئة المحيطة، دون تدخل أي أصوات بشرية أو صناعية، فيما تضمن المشهد الآخر أصواتاً طبيعية مصحوبة بضوضاء مرور.

وتم تقييم الحالة المزاجية ومستويات التوتر والقلق لدى المشاركين قبل الاستماع وبعده باستخدام مقاييس ذاتية.

وأظهرت النتائج أن الاستماع إلى الأصوات الطبيعية فقط أدى إلى انخفاض ملحوظ في مستويات التوتر والقلق، بالإضافة إلى تحسين المزاج.

بالمقابل، أدى إدخال ضوضاء المرور إلى تقليل الفوائد الإيجابية المرتبطة بالمشاهد الطبيعية، حيث ارتبط ذلك بارتفاع مستويات التوتر والقلق.

وبناءً على النتائج، أكد الباحثون أن تقليل حدود السرعة المرورية في المناطق الحضرية يمكن أن يعزز الصحة النفسية للإنسان من خلال تقليل الضوضاء؛ ما يسمح بتجربة أصوات الطبيعة بشكل أفضل.

كما أشارت الدراسة إلى أهمية تصميم المدن بشكل يقلل من الضوضاء البشرية، ما يوفر للسكان فرصاً أكبر للتفاعل مع الطبيعة.

ونوه الفريق بأن هذه النتائج تفتح المجال لإعادة التفكير في كيفية تخطيط المدن بما يعزز التوازن بين التطور الحضري والحفاظ على البيئة الطبيعية، لتحقيق فوائد صحية ونفسية ملموسة للسكان.