عرائس من قماش تنقذ ولاية هندية ضربتها الفيضانات

نحو 600 ناسج في القرية يستعدّون لمهرجان «أونام» للحصاد

«العروسة» بوميكا ظهرت بعد أسابيع من ظهور تشيكوتي
«العروسة» بوميكا ظهرت بعد أسابيع من ظهور تشيكوتي
TT

عرائس من قماش تنقذ ولاية هندية ضربتها الفيضانات

«العروسة» بوميكا ظهرت بعد أسابيع من ظهور تشيكوتي
«العروسة» بوميكا ظهرت بعد أسابيع من ظهور تشيكوتي

أريد أن أعرفكم بكل من تشيكوتي وبوميكا، العروستين الرائعتين اللتين صُنعتا يدوياً من قطع ساري قديمة مهترئة ومن المخلفات الصناعية، لتصبحا مثل تميمتين تعبران عن الصمود والمرونة والأمل في ولاية كيرالا، التي شهدت واحدة من أعنف الفيضانات مؤخراً.
«العروسة» تشيكوتي صغيرة مصنوعة من قطع قديمة من ساري منسوج بأداة نسيج يدوي في بلدة تشيندامانغلام، التي تشتهر منذ قرون بالغزل اليدوي وصناعة النسيج، وبخاصة الذي يُصنع الساري منه.
كان ما يقرب من 600 ناسج في القرية منشغلين في الاستعداد لمهرجان «أونام» للحصاد، عندما حدثت الفيضانات ودمرت منازلهم، والأدوات المستخدمة في النسيج، والمواد الخام، ومخزون يقدّر ثمنه بالملايين. خلّف الفيضان وراءه أكواماً من القماش الممزق المبتل عديم القيمة. وحاول النساجون تنظيفه، لكنّهم فشلوا وكانوا على وشك إحراقه باستثناء اثنين من أصحاب المشروعات الرائدة، هما لاكشمي مينون وغوبيناث باراييل اللذان حوّلا قطع الساري المهترئة إلى مشروع مربح.
حين تحرّكت مشاعرهما بسبب مشهد النسيج الممزق، وقطع الساري المهترئة، قرّرا إعادة تصنيع المنتجات لمساعدة النسّاجين في استعادة ثقتهم بأنفسهم. وقامت لاكشمي بجمع قطع السّاري الممزقة من النساجين، وتدريب متطوعين، وأخذت الكثير من قطع السّاري إلى منزلها وأضافت إليها الكلور وقامت بغليها لتطهيرها. وتقول: «حتى بعد إضافة الكلور والغلي ظلّت رائحة الملابس كريهة بسبب مياه الفيضان العكرة. لذا؛ كان علينا غسيل القماش كثيراً حتى يصبح من الآمن استخدامه».
جمال مبادرة تشيكوتي هو أنها قائمة على الناس، فقد تحوّلت المبادرة حالياً إلى برنامج قائم على المتطوعين. وتطوع الناس للمشاركة في تلك المبادرة بكتابة المحتوى، وإنشاء موقع إلكتروني، وتصنيع العرائس. حتى بيناراي فيجايان، رئيس وزراء ولاية كيرالا، شارك في دعم المبادرة، وكتب في منشور له على موقع «فيسبوك»: «تشيكوتي هي الطفلة التي تغلّبت على الفيضانات. لقد أصبحت تلك (العروسة) رمزاً لكيرالا التي تجاوزت الأزمة وكانت أكبر منها».
يصنع متطوعون كل عرائس تشيكوتي، وتشرح مينون تقنيات صناعة «العروسة» للمتاجر وصنّاع الملابس وكل من يرغب في تقديم المساعدة، وتخبرنا بأن العملية لا تستغرق أكثر من خمس دقائق. وتوضح قائلة «إن الأمر لا يقتصر على شخص واحد أو مؤسسة واحدة، فلا تشبه أي (عروسة) من عرائس تشيكوتي الأخرى. باستثناء الخطوات الأساسية للتصنيع يعود أمر الألوان واللمسات والزينة لصنّاع العرائس أنفسهم».
يمكن استخدام «العروسة» اللينة يدوية الصنع التي تباع مقابل 25 روبية، ميدالية مفاتيح، أو ديكوراً يزين الحائط، أو تُربط في حقيبة، لكن في كل الأحوال ستظلّ ذكرى لتضحيات وصمود ولاية ضربها فيضان مدمر.
على الجانب الآخر، يقول المصنعون، إن تشيكوتي بها بقع وآثار جروح، لكن كل عروسة تمثل أحد النّاجين من الفيضانات. وتقول مينون، إن المشروع مربح للغاية بالنسبة إلى النسّاجين الذين تمكنوا من صناعة ما يقرب من 360 «عروسة» باستخدام ست ياردات من قماش السّاري الذي كان سيمكنهم بيعه من جني 1500 روبية، في حين أنّهم نجحوا بجني 9 آلاف روبية من مبيعات «العروسة»، وستُحوّل تلك الأموال مباشرة إلى حساب نسّاجي بلدة تشيندامانغلام.
كذلك، تبنّى مركز «إنفوبارك» لتكنولوجيا المعلومات في مدينة كوتشي، حركة عرائس تشيكوتي من خلال دعم المبيعات، حيث دُشّن تطبيق على الهاتف المحمول في سيليكون فالي لتعريف قطاع أكبر من العملاء على مستوى العالم بتلك «العروسة». وبدأ الناس في شراء «العروسة» عبر الموقع الإلكتروني، و«فيسبوك»، و«واتساب»، متخطين بذلك كل الحدود والحواجز الجغرافية.
جدير بالذكر، أن إطلاق اسم تشيكوتي على «العروسة» يحمل معنى عميقاً، فكلمة تشي تعني الطّين، وكوتي تعني طفل في اللغة الماليالامية. وتقول لاكشمي: «توجد آثار جروح وبقع على تشيكوتي، لكنّها تمثّل كل واحد من الذين نجوا من الفيضانات. أشعر بسعادة وأنا أشاهد (عروستنا) قد أصبحت رمزاً لكيرالا التي صمدت أمام الفيضانات المدمرة». من المرجح أن يوفّر المخزون المتوافر فرصة تصنيع المزيد من تلك العرائس القماش من خلال هذه المبادرة، وهو أمر يُسعد النساجين. كذلك يبعث ذلك الأمر على الشّعور بالارتياح في نفوس النسّاجين إذ لم تذهب أشهر من العمل سدى.
وقال أجيث كومار، أمين جمعية «تشيندامانغلام كاريبادام» التعاونية للنساجين اليدويين، إن المبادرة قد أنقذت تلك الصناعة، حيث ستساعد النساجين اليدويين في إعادة ترتيب حياتهم، وجني رزقهم. وأضاف قائلاً «لقد أصبحت تشيكوتي الآن أيقونة عالمية».
«العروسة» بوميكا
ظهرت بعد أسابيع من ظهور تشيكوتي، ومثل شقيقتها الكبرى كان الهدف من تصنيعها هو إنقاذ ومساعدة البلدة التي ضربها الفيضان. وتم عمل شعر تلك «العروسة» على شكل ضفيرة طويلة سوداء، وعلى جبهتها نقطة حمراء زاهية، لكنها لا تبتسم. وأصبح فستانها الطويل منثنياً ليكون على شكل قارب صغير مثل ذلك الذي كنّا نصنعه من الورق حين كنا صغاراً.
سوبها فيشواناث، مصممة أزياء مقيمة في مدينة كوتشي هي من كان وراء تصنيع تلك «العروسة». وتتحدّث عن «العروسة» بوميكا قائلة: «لقد أردت تصنيع (عروسة) قوية شجاعة. كثيراً ما يُصوّر النساء على أنهنّ ضعيفات ويتّسمن بالجبن، لكن على العكس من ذلك كانت النساء أثناء الفيضانات من سارعن لتقديم المساعدة».
ويمكن تعديل «العروسة» حسب الطلب؛ إذ تُرسل الطّلبات إلى صفحة «قرية النسّاجين» على موقع «فيسبوك» أو من خلال البريد الإلكتروني [email protected]، يمكن للمرء أيضاً شراء «العروسة» من «ستايل بلاس». ويوضح ديباك شيفاراجان، الرجل الذي صمم «العروسة»، قائلاً: «لقد تلقينا بالفعل طلباً بمائة (عروسة) من دبي. ومعنى بوميكا (ابنة الأرض)، وهي رمز الأمل في منطقة تحتاج إلى ذلك الأمل أكثر من أي وقت مضى. (العروسة) لا تبتسم لأنه لا يوجد ما يفرح حالياً في كيرالا، لكن النقطة الحمراء ترمز إلى الصمود الهادئ للسكان المحليين».
يأمل صنّاع «العروسة» في أن يُباع ما يكفي منها لجمع المال اللازم لشراء مواد وأدوات مثل أجهزة ترشيح للمياه، وألواح شمسية لمساعدة المناطق المتضرّرة من الفيضان في الولاية. وسوف يوظّفون الأموال خلال المرحلة المقبلة في توفير فرص تدريب مهني للنساء في أنحاء كيرالا.
ومن المعجبين بـ«العروسة» بوميكا نجوم من بوليوود، منهم النجمة كاترينا كيف، والنجم سيدهارث مالهوترا، ويقتني كل منهما واحدة في منزله.
وتوضح سوبها، أنه في الوقت الذي تمثل عرائس تشيكوتي مبادرة لن تتكرّر، سوف تصبح بوميكا مشروعاً مستداماً، وتقول عنه «إنه مبادرة طويلة الأجل لتوفير فرص عمل للنساء، ومساعدة ولاية كيرالا في تحقيق الاكتفاء الذاتي، وستكون بمثابة هدية صديقة للبيئة تساعد في إعادة إعمار الولاية».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».