صورة ضبابية في سوق النفط قبل أيام من تطبيق العقوبات على إيران

ترقب لخطوات الهند والصين... وطهران بدأت بيع الخام لشركات خاصة

مخازن نفطية في ميناء تشوهاي الصيني (رويترز)
مخازن نفطية في ميناء تشوهاي الصيني (رويترز)
TT

صورة ضبابية في سوق النفط قبل أيام من تطبيق العقوبات على إيران

مخازن نفطية في ميناء تشوهاي الصيني (رويترز)
مخازن نفطية في ميناء تشوهاي الصيني (رويترز)

بعد فترة وجيزة من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مايو (أيار) أنه سيعيد فرض عقوبات على إيران، بدأت وزارة الخارجية الأميركية إبلاغ الدول في أنحاء العالم بأن الوقت يمر سريعاً لكي توقف تلك الدول مشترياتها النفطية من طهران.
وتهدف الاستراتيجية إلى شل اقتصاد إيران المعتمد على النفط وإجبار طهران، ليس فقط على التخلي عن طموحاتها النووية، ولكن أيضاً التخلي هذه المرة عن برنامجها للصواريخ الباليستية ونفوذها في سوريا.
ويسيطر الغموض والتذبذب على سوق النفط مع بقاء أيام فقط قبل أن تدخل العقوبات المجددة حيز التنفيذ في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث يشير الواقع إلى أن ثلاثة من أكبر خمسة زبائن لإيران، الهند والصين وتركيا، يرفضون دعوة واشنطن لوقف المشتريات بشكل تام بحجة أنه لا توجد إمدادات كافية عالمياً لتحل محلها وفقا لمصادر على دراية بالموضوع، بحسب «رويترز».
وإلى جانب المخاوف من حدوث قفزة في أسعار النفط تكون ذات أثر مدمر، يضع ذلك الضغط الموقف المتشدد لإدارة ترمب موضع الاختبار، ويثير احتمال إبرام اتفاقات ثنائية للسماح باستمرار بعض المشتريات وفقاً للمصادر.
وتسبب التوتر في انقسام الإدارة الأميركية إلى معسكرين، أحدهما يقوده مستشار الأمن القومي جون بولتون الذي يريد أقصى نهج متشدد ممكن، وآخر يقوده مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية الحريصون على الموازنة بين العقوبات ومنع حدوث قفزة في أسعار النفط قد تلحق الضرر بالولايات المتحدة وحلفائها، وفقا لمصدر إحاطه مسؤولون من الإدارة علما بهذا الأمر.
وارتفعت أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى ما يقل قليلا عن 87 دولارا للبرميل هذا الشهر، وهو أعلى مستوى في أربع سنوات. ونقلت «رويترز» عن المصدر قوله، إنه بسبب المخاوف من تلك المسألة، تدرس الإدارة منح إعفاءات محدودة لبعض عملاء النفط الإيراني حتى تضخ الدول المنتجة الكبرى إمدادات إضافية في العام القادم، مع الحد في الوقت ذاته مما يمكن أن تفعله طهران باستخدام تلك العوائد.
وقال المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، إن إيرادات المبيعات قد يتم حجزها لكي تستخدمها طهران بشكل حصري لأغراض إنسانية، وهي آلية أكثر تشدداً بالمقارنة مع آلية مماثلة جرى فرضها على مشتريات نفط إيران خلال الجولة السابقة من العقوبات في ظل حكم الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. وقال المصدر: «إذا كنت تتولى الإدارة، فسوف ترغب في ضمان ألا تحدث قفزة في الأسعار».
وقد تشكل تلك الإعفاءات معضلة للبيت الأبيض مع سعيه إلى شروط أكثر صرامة مقارنة مع تلك التي فُرضت إبان حكم أوباما، الذي فرض بجانب حلفائه الأوروبيين عقوبات أفضت إلى اتفاق كبح تطوير إيران لأسلحة نووية.
وامتنعت وزارة الخارجية الأميركية عن التعقيب على هذا التقرير، لكن الإدارة أكدت أن واشنطن تدرس إعفاءات. وأبلغ وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين «رويترز» أنه سيتعين على الدول أولا خفض مشترياتها من نفط إيران بأكثر من المستوى البالغ 20 في المائة الذي نفذته بموجب العقوبات السابقة.
*أمر غير قابل للتنبؤ إلى حد ما:
سافرت فرق من وزارتي الخزانة والخارجية الأميركيتين إلى ما يزيد على نحو عشرين دولة منذ أن انسحب ترمب من الاتفاق النووي في الثامن من مايو، لتحذر الشركات والدول من مخاطر القيام بأنشطة مع إيران. وقلصت اليابان وكوريا الجنوبية الحليفتان للولايات المتحدة استيراد الخام الإيراني بالفعل. لكن الموقف أقل وضوحا بين آخرين هم المشترون الأكبر.
واجتمع بريان هوك، الممثل الخاص لوزارة الخارجية الأميركية المعني بإيران، وفرانك فانون أكبر دبلوماسي أميركي معني بشؤون الطاقة لدى وزارة الخارجية، في الآونة الأخيرة مع مسؤولين من الهند، ثاني أكبر مشترٍ للنفط الإيراني، في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) بعد أن قال مصدر أميركي للمرة الأولى إن الإدارة تدرس بجدية الإعفاءات.
وقال مصدر حكومي هندي إن الهند أبلغت الوفد الأميركي بأن ارتفاع تكاليف الطاقة الناجم عن ضعف الروبية وصعود أسعار النفط ‬‬يعني أن وقف المشتريات من النفط الإيراني تماماً مستحيل حتى مارس (آذار) على الأقل. وقال المصدر: «أبلغنا الولايات المتحدة بهذا، وكذلك خلال زيارة بريان هوك... لا يمكننا وقف استيراد النفط من إيران في الوقت الذي تكون فيه البدائل مكلفة».
وأكد دبلوماسي أميركي المناقشات، قائلا إن منح إعفاءات محدودة للهند ودول أخرى محتمل.
وعادة ما تستورد الهند ما يزيد على 500 ألف برميل يوميا من النفط الإيراني، لكنها قلصت ذلك المستوى في الأشهر الأخيرة، وفقاً لبيانات رسمية.
والمناقشات جارية أيضا مع تركيا، رابع أكبر مشتر للنفط الإيراني، على الرغم من أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ووزراء أتراكا انتقدوا علنا العقوبات. وقال مصدر بالقطاع في تركيا مطلع على المناقشات لـ«رويترز» إن أنقرة خفضت وارداتها من النفط الإيراني بمقدار النصف بالفعل، وقد تصل إلى الصفر، لكنها تفضل استمرار بعض المشتريات.
ومنحت إدارة أوباما تركيا إعفاء مدته ستة أشهر، لكن تركيا تتوقع أن تفرض إدارة ترمب متطلبات أكثر صرامة للحصول على الإعفاءات التي من المحتمل أن تغطي فترات أقصر.
وقال المصدر: «قد تكون لثلاثة أشهر، أو ربما لا يحصلون على إعفاء على الإطلاق. كل هذا غير قابل للتنبؤ بعض الشيء هذه المرة، إذ إننا ندرك أن الكثير من الأمور بيد ترمب».
والموقف أقل وضوحا في الصين، أكبر زبون لإيران، والتي تطلب الشركات المملوكة للحكومة بها أيضا إعفاءات. وحصلت بكين على ما يتراوح بين 500 و800 ألف برميل يوميا في الأشهر القليلة الأخيرة، وهو نطاق معتاد.
وقال المصدران إن إشارات بكين إلى شركات التكرير بها كانت متباينة. وفي الأسبوع الماضي، ذكرت «رويترز» أن مجموعة سينوبك ومؤسسة البترول الوطنية الصينية (سي إن بي سي)، أكبر شركتي تكرير مملوكتين للحكومة في البلاد، لم تحجزا أي نفط إيراني للتحميل في نوفمبر بسبب المخاوف بشأن العقوبات.
وقال جو ماكمونيجل محلل الطاقة لدى هيدجآي في واشنطن إنه يتوقع أن تقبل الإدارة بأن تشتري الصين مستوى ما من النفط الإيراني، بالنظر إلى استهلاكها. وقال: «من بين كل دول، لا أظن أنهم يعتقدون أن الصين ستصل إلى الصفر».
ومن المقرر أن يسافر المسؤول بالخارجية الأميركية فانون إلى آسيا في الأيام المقبلة، مع اعتزامه إلقاء كلمة في سنغافورة في 30 أكتوبر. ولم يفصح مسؤول عما إذا كان فانون سيستغل رحلته لمناقشة مسألة إيران مع الصين.
‬وأول من أمس، ذكر موقع معلومات وزارة النفط الإيرانية (شانا)، أن إيران بدأت يوم الأحد بيع النفط الخام لشركات خاصة من أجل تصديره في إطار استراتيجية لمواجهة العقوبات الأميركية.
وتسيطر الدولة في إيران على تجارة النفط الخام. وقال مسؤولون إنه لم يكن بوسع شركات تكرير النفط الخاصة في وقت سابق شراء النفط الخام إلا من أجل تصدير المنتجات النفطية.
وقال موقع «شانا» إن من بين مليون برميل طرحت في بورصة الطاقة بيع 280 ألف برميل بسعر 74.85 دولار للبرميل.
وقالت إيران في يوليو (تموز) إنها ستبدأ في بيع النفط للشركات الخاصة في إطار جهودها لمواصلة تصدير النفط، وإنها ستتخذ إجراءات أخرى للتصدي للعقوبات بعد أن طلبت الولايات المتحدة من حلفائها وقف جميع واردات النفط الإيراني ابتداء من الرابع من نوفمبر. وقال الموقع إن مبيعات النفط الخام يوم الأحد جرت بزيادة قدرها 35 ألف برميل دون أن تذكر أسماء المشترين.



سندات لبنان الدولارية تعزز مكاسبها بعد انتخاب رئيس للجمهورية

نائب لبناني يدلي بصوته لانتخاب رئيس جديد للدولة في مبنى مجلس النواب وسط بيروت (أ.ب)
نائب لبناني يدلي بصوته لانتخاب رئيس جديد للدولة في مبنى مجلس النواب وسط بيروت (أ.ب)
TT

سندات لبنان الدولارية تعزز مكاسبها بعد انتخاب رئيس للجمهورية

نائب لبناني يدلي بصوته لانتخاب رئيس جديد للدولة في مبنى مجلس النواب وسط بيروت (أ.ب)
نائب لبناني يدلي بصوته لانتخاب رئيس جديد للدولة في مبنى مجلس النواب وسط بيروت (أ.ب)

واصلت سندات لبنان الدولارية مكاسبها بعد انتخاب قائد الجيش، العماد جوزيف عون، رئيساً للجمهورية بعد أكثر من عامين من الفراغ الرئاسي، في خطوة يعدّها كثيرون بداية للانفراج السياسي بالبلاد.

يأتي هذا التحول بعد 12 محاولة فاشلة لاختيار رئيس، مما عزز الأمل في أن لبنان قد يبدأ معالجة أزماته الاقتصادية العميقة.

ومنذ الإعلان عن فوز عون، شهدت «سندات لبنان الدولارية (اليوروباوندز)» ارتفاعاً ملحوظاً، مما يعكس التفاؤل الحذر حيال استقرار البلاد.

ومع ذلك، تبقى أسعار السندات اللبنانية من بين الأدنى عالمياً، في ظل التحديات الاقتصادية المستمرة التي يواجهها لبنان نتيجة الانهيار المالي الذي بدأ في عام 2019. وفي التفاصيل، انتعش معظم سندات لبنان الدولية، التي كانت متعثرة منذ عام 2020، بعد الإعلان عن فوز عون، لترتفع أكثر من 7 في المائة وبنحو 16.1 سنتاً على الدولار. منذ أواخر ديسمبر (كانون الأول)، كانت سندات لبنان الدولارية تسجل ارتفاعات بشكل ملحوظ.

وتأتي هذه الزيادة في قيمة السندات خلال وقت حساس، فلا يزال الاقتصاد اللبناني يترنح تحت وطأة تداعيات الانهيار المالي المدمر الذي بدأ في عام 2019. فقد أثرت هذه الأزمة بشكل عميق على القطاعات المختلفة، مما جعل من لبنان أحد أكثر البلدان عرضة للأزمات المالية في المنطقة.