رئيس الحكومة اليمنية يعد بمعالجة الاختلال الإداري والاقتصادي

ناقش مع سفراء غربيين الجهود المبذولة لإنجاح مساعي السلام

TT

رئيس الحكومة اليمنية يعد بمعالجة الاختلال الإداري والاقتصادي

كشف رئيس الحكومة اليمنية الجديد معين عبد الملك في تصريحات رسمية عن برنامج عمله خلال الفترة المقبلة، مؤكداً أن الأولويات ستكون لإصلاح الأداء الحكومي على الصعد الإدارية والاقتصادية وتفعيل الأجهزة الرقابية والعمل على تحسين الخدمات.
وجاءت تصريحاته التي بثتها قناة «اليمن» الحكومية، قبيل عودته إلى العاصمة السعودية الرياض بعد أن تفقد الأوضاع في محافظة المهرة بشرق اليمن واطلع على الأعمال الجارية لمعالجة آثار الإعصار المداري الذي كان ضرب مناطق واسعة في المحافظة وأدى إلى إحداث دمار كبير في البنية التحتية. وبحسب المصادر الرسمية جدد عبد الملك أمس خلال لقاءاته مع عدد من السفراء الغربيين في الرياض تمسك الشرعية بخيار السلام مع الميليشيات الحوثية وفق المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216.
ومن المتوقع وفقا لمصادر حكومية يمنية أن يتوجه رئيس مجلس الوزراء الجديد إلى العاصمة المؤقتة عدن لمباشرة مهام الحكومة منها مع بقية الوزراء، وسط تفاؤل بأن يتمكن رئيس الحكومة الجديد من السيطرة على زمام الأمور فيما يتعلق بالملفات الأمنية والاقتصادية وإعادة بناء المؤسسات بما يتناسب والأدوار المنوطة بها في ترسيخ سلطات الدولة.
وكشف عبد الملك عن أن حكومته ستركز عملها خلال الفترة القادمة على إصلاح المنظومة الإدارية والمالية والاقتصادية لمؤسسات الدولة، وتفعيل الأجهزة الرقابية في كل المؤسسات بما يساهم في استعادة أدوات الدولة خلال هذه الظروف الصعبة التي يعيشها اليمن. وقال «إن الحكومة ستقوم بترتيب الأولويات وفق متطلبات الواقع، حيث سيتم معالجة الاختلال الإداري والاقتصادي، وستكون الحكومة قريبة من المواطن وتؤدي واجباتها في توفير وتحسين الخدمات الأساسية والبنية التحتية». واعترف رئيس مجلس الوزراء اليمني بوجود «إشكالية كبيرة في البنية الاقتصادية، وانكماش في الناتج المحلي الذي وصل إلى 40 في المائة عما كان عليه سابقا، إضافة إلى انخفاض سعر الصرف، وانخفاض إنتاج النفط إلى 10 في المائة، كما اعترف بوجود خلل في مؤسسات الدولة من المستوى الأعلى إلى المستوى الأدنى».
ووعد عبد الملك بأن حكومته «ستقوم بضبط موضوع الإيرادات والنفقات في المرحلة القادمة، بهدف زيادة الإيرادات وفق الضوابط الاقتصادية والمصلحة العامة للدولة» مؤكدا أن المرحلة المقبلة «تتطلب الاستعانة بالكفاءات والخبرات الإدارية والاقتصادية» إلى جانب أنها تتطلب تقييم «أداء قيادات المؤسسة والوزارات والوكلاء ومدى كفاءتهم وقدراتهم في النجاح». وأشار رئيس الوزراء اليمني إلى أن بلاده في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها بحاجة إلى مراجعة ما تم تحقيقه ومدى توفر الإمكانيات، وهذا يتطلب - على حد قوله - تكاتف الجميع ورص الصفوف لخلف مناخ جيد للعمل وتغيير واقع المواطنين في المحافظات المحررة مثل توفير وتحسين الاحتياجات الأساسية من خدمات عامة وطرق وكهرباء ومياه وغيرها، مؤكدا أنه لا ينبغي أن تكون الحكومة منفصلة عن الواقع والناس.
وجدد اتهامه للميليشيات الحوثية بتدمير النظام المالي والاقتصادي في مؤسسات الدولة، وقال: «إن المتسبب في انهيار النظام المالي والاقتصادي هم الانقلابيون، الذين استغلوا موارد وإيرادات مؤسسات الدولة والموانئ في تمويل حربهم على الشعب اليمني»، مشيرا إلى أن الحكومة ومن مسؤوليتها الوطنية «كانت تقدم التنازلات أثناء الفترات السابقة حرصا منها على مصلحة المواطن والوطن».
وخلال لقائه أمس بالسفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر، أثنى رئيس الوزراء اليمني على المواقف الأميركية الداعمة للحكومة الشرعية، مثمناً الجهود التي تبذلها واشنطن في سبيل إنهاء الحرب والتوصل إلى عملية السلام، وفق المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن وخاصة القرار رقم 2216.
وشد على إيلاء الحكومة اهتمامها الأبرز لاستقرار الأوضاع الاقتصادية والخدمية، وتطبيع الأوضاع وإعادة إعمار ما خلفته الحرب بدعم من التحالف الداعم للشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، معبراً عن تطلعه إلى الدعم الذي تقدمه الحكومة الأميركية في هذا الجانب. وذكرت وكالة «سبأ» أن عبد الملك «أشار إلى أن احتياجات الحكومة تضاعفت خلال الأيام الأولى من عملها، إثر الأضرار الكبيرة التي خلفتها السيول الناجمة عن العاصفة المدارية «لبان» التي ضربت محافظة المهرة شرقي البلاد، الأسبوع المنصرم».
في السياق نفسه، ذكرت المصادر الرسمية أن رئيس الحكومة اليمنية ثمّن أمس خلال لقائه السفير الفرنسي لدى بلاده كريستيان تيستو «الجهود التي تبذلها باريس في سبيل إنهاء الحرب والتوصل إلى عملية السلام وفقاً للمرجعيات الأساسية الثلاث». وقال عبد الملك «إن الحكومة اليمنية تسعى ضمن أولوياتها إلى معالجة الاختلالات في الوضع الاقتصادي، وتوفير الخدمات لليمنيين في العاصمة المؤقتة عدن، والمحافظات المحررة من سيطرة ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران».
وعلى نحو متصل، التقى رئيس الوزراء اليمني أمس في الرياض سفيرة هولندا لدى اليمن ارما ماري فان ديورون، وبحث معها، بحسب المصادر الرسمية، آفاق التعاون المشترك وأثنى على الجهود التي تبذلها الحكومة الهولندية في التنمية المحلية والمتمثلة في دعم المشاريع المحلية والمبادرات الأهلية، مما يشكل خطوة في طريق إعادة الإعمار في اليمن. وأكد الدكتور معين عبد الملك أن حكومته «تعمل لتحقيق الاستقرار في الأوضاع الاقتصادية والخدمية، وتطبيع الأوضاع وإعادة إعمار ما خلفته حرب الميليشيات الحوثية إثر انقلابها على الشرعية وما تسببت به من أضرار كبيرة في البنية التحتية، معبراً عن تطلعه لدعم الحكومة الهولندية في هذا الجانب.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.