الجزائر: نفوذ قايد صالح يتعزز منذ عزل مدير الاستخبارات

رئيس أركان الجيش يشرف على تمرين بالذخيرة الحيّة اليوم

TT

الجزائر: نفوذ قايد صالح يتعزز منذ عزل مدير الاستخبارات

يشرف رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد قايد صالح، اليوم، على تمرين عسكري بالذخيرة الحيّة بمنطقة عسكرية تعدّ مدخلاً للصحراء الكبرى. وتمكّن صالح (78 سنة) من تعزيز نفوذه بالمؤسسة العسكرية، وفرض نفسه كرقم فاعل في المشهد الأمني وحتى السياسي، منذ عزل مدير المخابرات الفريق محمد مدين، الشهير بـ«الجنرال توفيق»، في 15 سبتمبر (أيلول) 2015.
وأعلنت وزارة الدفاع عن «زيارة عمل» لرئيس أركان الجيش إلى «الناحية العسكرية الأولى» (وسط البلاد وتمتد إلى مدخل الصحراء). وأوضحت أن صالح، وهو في الوقت ذاته نائب وزير الدفاع، «سيشرف خلال هذه الزيارة على تمرين جوي، بالذخيرة الحية، تقوم بتنفيذه حوامات قتالية، يتبعه إنزال جوي» في منطقة حاسي بحبح. وتأتي هذه التمارين في سياق نشاط ميداني لافت للضابط الكبير القريب من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. فهو يلقي تقريباً خطاباً كل بضعة أيام، وهو ما يلتقى تفاعلاً في وسائل الإعلام المحلية.
وعزلت المؤسسة العسكرية خلال الشهرين الماضيين نحو 20 ضابطاً رفيعاً وسجنت 5 منهم بعد اتهامهم من طرف النيابة العسكرية بـ«استغلال الوظيفة العسكرية بغرض التربّح غير الشرعي». ويقول مراقبون إن التغييرات العميقة في الجيش، التي جاءت بأمر من الرئيس بوتفليقة، كانت على الأرجح من اقتراح صالح الذي وصل إلى قيادة الجيش عام 2004، على إثر عزل الراحل الفريق محمد العماري، الذي عارض ترشح بوتفليقة لولاية ثانية، في انتخابات جرت في العام نفسه.
ويعتقد بعض المراقبين أن صالح لديه رغبة في تولي رئاسة البلاد إذا قرر الرئيس بوتفليقة العزوف عن تمديد حكمه في انتخابات الرئاسة التي ستنظم بعد 5 أشهر. ويملك صالح أدوات قوية يمكن أن يوظفها لصالح ترشحه للرئاسة، وأهمها تهديدات الإرهاب على الحدود مع ليبيا، وكذلك مع مالي والنيجر وحتى مع تونس، بالإضافة إلى حالة التوتر المزمنة مع الجار الغربي، المغرب.
من جهة أخرى، ذكرت وزارة الدفاع على موقعها الإلكتروني أن مفرزة للجيش اكتشفت يوم 28 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري مخبأ بداخله أسلحة وذخيرة، وذلك بالشريط الحدودي ببرج باجي مختار بإقليم الناحية العسكرية السادسة، وتقع بأقصى جنوب البلاد على بعد 1900 كلم عن العاصمة. وأوضحت أن العملية «تمت في إطار مكافحة الإرهاب وبفضل الاستغلال الجيد للمعلومات».
وعثر الجيش في مخبأ الأسلحة، بحسب وزارة الدفاع، على رشاش ثقيل عيار 12.7 ميليمتر؛ و4 بنادق نصف آلية من نوع سيمينوف؛ بندقية تكرارية؛ و4 صواريخ مضادة للدبابات، وقنبلتين يدويتين وقاعدة رشاش 12.7 ميليمتر - بالإضافة إلى كمية كبيرة من الذخيرة تقدر بـ2984 طلقة من مختلف العيارات. ووصفت الوزارة مصادرة الأسلحة الحربية بـ«عملية (أمنية) نوعية تضاف إلى سلسلة النتائج المحققة ميدانياً، تؤكد اليقظة العالية والحرص الشديد لقوات الجيش الوطني الشعبي المرابطة على الحدود، من أجل الحفاظ على سلامة ترابنا الوطني وإحباط أي محاولة اختراق لها، أو تسريب للأسلحة أو المساس بأمن واستقرار البلاد».
ولم تذكر وزارة الدفاع لأي جماعة مسلحة أم لأي أشخاص، تتبع هذه الأسلحة. غير أن المنطقة التي شهدت مصادرة شحنة السلاح الحربي، هي مكان نشاط تنظيمات متطرفة عدة، بعضها ينشط بالجزائر وآخر في مالي. كما هي مرتع لتجار السلاح والمخدرات ومهربي السجائر، زيادة على انتشار شبكة الاتجار بالبشر والهجرة السرية.
وفي نفس السياق، أفادت وزارة الدفاع بأنه «في إطار محاربة الجريمة المنظمة»، أوقفت مفارز للجيش الوطني الشعبي، يوم 28 أكتوبر، إثر عمليات متفرقة بكل من تمنراست وعين قزام وبرج باجي مختار (جنوب)، 68 منقباً عن الذهب و5 مهربين، وحجزت 13 جهاز كشف عن المعادن، و38 مولداً كهربائياً، و62 مطرقة ضغط، و2.2 كيلوغرام من مادة TNT، و15 مفجراً، و3 آلات لتكسير الحجارة، بالإضافة إلى بندقية صيد، وطنين من المواد الغذائية، و3 مركبات رباعية الدفع و7 دراجات نارية.
وفي إطار نشاط الجيش، أوقفت مفارز عسكرية مشتركة بعنابة (شرق) وتلمسان (غرب)، أربعة تجار مخدرات وضبطت 23 كيلوغراماً من الكيف المعالج، فيما أوقف عناصر الدرك الوطني ثلاثة أشخاص بحوزتهم أقراص مهلوسة وممنوعات أخرى بكل من أم البواقي وسوق أهراس (شرق)، بحسب نفس المصدر، فيما تم إحباط محاولة هجرة غير شرعية لـ11 شخصاً بتيبازة (وسط غرب).



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».