عبد المهدي يدعو إلى تأمين الحدود مع سوريا لتلافي خطر «داعش»

مؤشرات على تنامي نشاط التنظيم المتطرف

TT

عبد المهدي يدعو إلى تأمين الحدود مع سوريا لتلافي خطر «داعش»

حذر رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي من الخلايا الإرهابية التي لا تزال تنشط في كثير من المناطق الغربية والشمالية الغربية من البلاد، في وقت سقطت فيه بعض نقاط «قوات سوريا الديمقراطية» بيد تنظيم داعش في الجانب السوري من الحدود.
وقال بيان لمكتب عبد المهدي على أثر زيارته إلى قيادة العمليات المشتركة، أمس، إن «رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي عقد اجتماعا بالقيادات الأمنية والعسكرية، استمع من خلاله إلى عرض مفصّل عن الخطط الأمنية»، مؤكدا أن «الأعمال البطولية التي قامت بها القوات المسلحة في حربها ضد عصابات (داعش) الإرهابية تمثل دروسا كبيرة ومنهجا سيُدرس في الأكاديميات العسكرية، ونحن نفتخر بما حققتموه». وشدد على أهمية «استمرار الجهود والحيطة والحذر والاستمرار بتتبع الخلايا الإرهابية وتأمين الحدود باعتبار أن ساحة الإرهاب مع سوريا مشتركة بالنسبة للعدو»، لافتا إلى أهمية «تأمين حدودنا بشكل كامل». وكان عبد المهدي استهل عهده بالتركيز على الجهد الأمني عبر سلسلة زيارات قام بها إلى كل من وزارتي الدفاع والداخلية بالإضافة إلى قيادة العمليات المشتركة.
إلى ذلك، أعلنت «قيادة الحشد الشعبي لمحور غرب الأنبار» عن تعزيز وجودها على الحدود العراقية - السورية نتيجة سقوط بعض نقاط «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» بيد تنظيم «داعش» الإرهابي. وقال بيان عن إعلام «الحشد» إنه «خلال اليومين الماضيين ونتيجة لسوء الأحوال الجوية، تعرضت نقاط (الديمقراطي السوري) لهجوم من قبل عصابات (داعش) الإرهابية، وعلى أثره انسحبت تلك القوات إلى الخلف، مما سبب فراغا على الحدود السورية». وأشار إلى «وجود تنسيق كبير بين قوات الحدود والجيش تحسبا لأي أمر طارئ، ومن جانبنا اتخذنا الإجراءات اللازمة لتأمين الحدود العراقية 0 السورية من خلال إسناد قوات حرس الحدود العراقية من خلال توجيه القوة الصاروخية وكتيبة الإسناد بإسناد قوات حرس الحدود المرابطة على الحدود العراقية - السورية».
في السياق نفسه، حذر خبراء أمنيون واستراتيجيون من تنامي نشاط «داعش» في كثير من المناطق داخل العراق وصولا إلى الحدود السورية. ويقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك نشاطا واضحا لتنظيم داعش، خصوصا في سلسلة جبال حمرين ومرتفعات بادوش وحوض العظيم والمناطق الفاصلة بين ديالى وصلاح الدين، فضلا عن مناطق تابعة إلى الجانب الأيسر من الشرقاط». وأضاف أن «هناك نشاطا أيضا لتنظيم داعش في المناطق الغربية من صحارى نينوى مثل الحضر والقيروان وتلعفر»، مبينا أن «الحدود ليس مسيطرا عليها بشكل كامل، مما يسهل على التنظيم أن يتجول في بعض المناطق».
من جهته، أكد الخبير المختص بشؤون الجماعات المسلحة هشام الهاشمي أن «الخوف ينتشر على جانبي الطريق الدولي الذي يربط العراق بالأردن وسوريا وصولا إلى الحدود؛ حيث باتت تتوسع عمليات الأشباح الداعشية وعمليات الكواتم والعبوات اللاصقة والاغتيالات المتكررة». وقال الهاشمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «أبناء عشائر قرى الحدود هجروا من بيوتهم منذ شهور طويلة ويقضون معظم أوقاتهم في واجبات المرابطة على أطراف القرى التي تحيط بها الصحراء من كل الجهات؛ حيث أصبحت الحدود منطقة عسكرية لقوات متعددة الجنسيات بالإضافة إلى القوات العراقية بصنوفها كافة». وأضاف أن «العوائل التي رجعت من مخيمات ومناطق النزوح تعتقد أن نهاية التطرّف لا تزال بعيدة»، مبينا أن «للعراق حدودا مع سوريا على طول 605 كيلومترات في غرب نينوى والأنبار، وتجاورها مناطق صراع متعدد الجنسيات والثقافات في الشرق السوري، وهي الحدود الأكثر هشاشة. ومن جهة أخرى، قرى الحدود بين العراق وسوريا كانت ولا تزال مأوى لعدد من المقاتلين الأجانب، الغالبية العظمى منهم متطرفون تكفيريون قد جاءوا من 101 جنسية للعراق، ومن 64 جنسية في سوريا، وصنعوا من مناطق الحدود معسكرات ومقرات للتعليم ومراكز للقيادة والإدارة». وتابع الهاشمي أن «الحدود تاريخياً ارتبطت بنشأة (القاعدة) في العراق أيام أبو مصعب الزرقاوي، الذي كانت بداياته في جزيرة راوة، ومن ثم أبو حمزة المهاجر الذي اتخذ من الرمانة مقرا له، وأبو بكر البغدادي الذي جعل من البادية الغربية عاصمته السرية، وأيضاً كانت ملاذاً لكثير من التنظيمات المسلحة المتنوعة، كما تظهر اتساع المناطق الحدودية وتعقيد مناخها وتنوع تضاريسها وتعدد ثرواتها بوصفها هدفاً جاذب للتنظيمات المتطرفة». وأوضح الهاشمي أن «التحدي لا يزال قائما شمال نهر الفرات وفي صحراء الأنبار جنوب نهر الفرات؛ بل أخذ يتوسع ويرتفع إلى درجات عالية من الخطر، خصوصا بعد انسحاب (قوات سوريا الديمقراطية) من الحدود السورية وأصبح (داعش) من جديد على الحدود العراقية في تهديد جديد لمسافة 268 كلم».



مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

جدّدت مصر الحديث عن صعوبات مسار التفاوض مع إثيوبيا بشأن قضية «سد النهضة»، مؤكدة أنها «خاضت تجربة مريرة لمدة 13 عاماً»، ورهنت حدوث انفراجة في الملف بـ«توافر إرادة سياسية لدى أديس أبابا».

وجدَّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء تلفزيوني، مساء السبت، تأكيده «محورية حقوقها المائية من مياه النيل»، وقال إن بلاده «ترفض الممارسات الأحادية، من الجانب الإثيوبي، بشأن مشروع (السد)».

وتقيم إثيوبيا مشروع سد النهضة على رافد نهر النيل الرئيسي، منذ 2011، ويواجَه مشروع السد باعتراضات من دولتَي المصب مصر والسودان؛ للمطالبة باتفاق قانوني ينظم عمليات «تشغيل السد».

وشدد وزير الخارجية المصري على «ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم بشأن السد الإثيوبي»، وقال إن «بلاده لها تجربة مريرة امتدت إلى 13 عاماً دون التوصل إلى أي نتيجة بشأن (سد النهضة)»، مشيراً إلى أن «أديس أبابا ليست لديها الإرادة السياسية للوصول لاتفاق قانوني».

وعدّ عبد العاطي ملف المياه «قضية وجودية لمصر والسودان»، وقال إن «موقف الدولتين متطابق بشأن السد الإثيوبي».

وتنظر القاهرة لأمنها المائي بوصفه «قضية وجودية»، حيث تعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، وفق بيانات وزارة الري المصرية.

ورهن عبد العاطي الوصول لاتفاق بين الدول الثلاث بشأن السد بـ«ضرورة توافر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا؛ من أجل التوصل لاتفاق قانوني». وقال إن «ممارسات أديس أبابا الأحادية بملء بحيرة السد وتشغيله انتهاك لمبادئ القانون الدولي، باعتبار نهر النيل نهراً دولياً مشتركاً عابراً للحدود».

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، قرب «اكتمال بناء مشروع السد»، وقال، في شهر أغسطس (آب) الماضي، إن «إجمالي المياه في بحيرة السد ستصل إلى 70 مليار متر مكعب، نهاية عام 2024».

ويرى الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، السفير أحمد حجاج، أن «الحكومة الإثيوبية لم تلتزم باتفاقيات التعاون المبرَمة بينها وبين مصر والسودان، خصوصاً إعلان المبادئ الذي جرى توقيعه عام 2015، بين الدول الثلاث»، إلى جانب «مخالفة الاتفاقيات الدولية، المتعلقة بالأنهار العابرة للحدود، والتي تقضي بعدم إقامة أي مشروعات مائية، في دول المنابع، دون موافقة دول المصب»، منوهاً بأن «أديس أبابا لم تستشِر القاهرة والخرطوم بخصوص مشروع السد».

ووقَّعت مصر وإثيوبيا والسودان، في مارس (آذار) 2015، اتفاق «إعلان مبادئ» بشأن سد النهضة، تضمَّن ورقة تشمل 10 مبادئ وتعهدات تلتزم بها الدول الثلاث، من بينها التزام إثيوبيا «بعدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب».

وفي تقدير حجاج، فإن «الجانب الإثيوبي لم يشارك في مسارات التفاوض بشأن السد، بحسن نية». وقال إن «أديس أبابا أفشلت المفاوضات بسبب التعنت وغياب الإرادة السياسية لإبرام اتفاق قانوني بشأن السد»، ودلل على ذلك بـ«عدم التجاوب الإثيوبي مع توصيات مجلس الأمن بضرورة الوصول لاتفاق نهائي بشأن السد».

كان مجلس الأمن قد أصدر بياناً، في سبتمبر (أيلول) 2021، حثّ فيه مصر وإثيوبيا والسودان على «استئناف المفاوضات؛ بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزِم للأطراف بشأن ملء (السد) وتشغيله ضمن إطار زمني معقول».

بدوره، يعتقد خبير الشؤون الأفريقية المصري، رامي زهدي، أن «القاهرة واجهت صعوبات عدة في مسار مفاوضات سد النهضة؛ بسبب تعنت الجانب الإثيوبي». وقال إن «أديس أبابا لم تُثبت جديتها في جولات التفاوض على مدار 13 عاماً»، معتبراً أن ما يحرك الجانب الإثيوبي «المكايدة السياسية ضد القاهرة، وممارسة ضغوط جيوسياسية عليها».

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب إلى مجلس الأمن، نهاية أغسطس الماضي، من «تأثيرات خطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائيتين». وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنيّاتٍ صادقة». وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».