«فلورال باي ليما»... نكهات البيرو في لندن

يتفنن بأطباق عاصمة الطعام في أميركا اللاتينية

أطباق شهية يدخل السمك في معظمها
أطباق شهية يدخل السمك في معظمها
TT

«فلورال باي ليما»... نكهات البيرو في لندن

أطباق شهية يدخل السمك في معظمها
أطباق شهية يدخل السمك في معظمها

تشير الكلمتان ذاتهما «ليما» و«فلورال» إلى الكثير من المشاعر، فهما يمثلان مزيجاً من الروائح والنكهات والطعام الغريب المتفرد من ليما، عاصمة البيرو، التي تعد العاصمة الجديدة للطعام في أميركا اللاتينية، والتي تغزو العالم تدريجياً من خلال تنوعها المذهل.
تحمل تجربة الذهاب إلى مطعم «فلورال باي ليما» في «كوفانت غاردن» كل ذلك، حيث تمثل بصمته الشخصية في عالم الطعام تجربة جديدة من طعام البيرو، لكن مع بعض المذاقات العصرية والأطباق ذات الألوان الزاهية. من المستحيل أن تكون في مطعم يقدم أصناف الطعام البيروفي دون تجربة طبق «السيفيتشي» الطازج والرائع دائماً المعدّ من السمك النيئ الأبيض المنقوع في عصير الليمون والمنهوت وذرة أنديان. مع ذلك لا يكفي طبق «السيفيتشي» وحده، ولحسن الحظ تقدم ليما مجموعة متنوعة كبيرة من الأسماك والسلمون والمأكولات البحرية. أهم ما يميز هذا المطعم الرائع ويجذب الناس إليه هو النكهات والابتكار، فهو يقدم مزيجاً من أصناف الطعام التقليدية في البيرو، وما يتجلى فيها من أثر آسيوي، إلى جانب النكهات الجديدة. من الواضح جداً أنهم لا يخشون التجريب في النكهات والملمس والألوان والمكونات. تم تأسيس المطعم عام 2014 على أيدي الطاهي البيروفي الشهير الموهوب فيرجيليو مارتينيز وشريكيه غابرييل وخوسيه لويس غونزاليز. التصميم الداخلي للمطعم بسيط وأنيق وتم تنفيذه بشكل جيد.
وأوضحت باتريشيا رويغ، كبيرة الطهاة، خلال مقابلة مع صحيفة «الشرق الأوسط»، مفهوم المطعم، وقدمت لنا بعض النصائح والتوصيات.
فقالت إن تركيب الطعام البيروفي يوضح جغرافيا البلاد من غابة وبحر وجبال. إنه يقدم مجموعة متنوعة كبيرة من النكهات والألوان والملمس مما ينتج عنه مجموعة ضخمة من الأطباق البيروفية.
منذ بضعة أعوام لم يكن الناس يعلمون بالطعام البيروفي، أما الآن بفضل طبيعته المتنوعة، انبهر العملاء بالنكهات الكثيرة وما يقدمه المطبخ البيروفي من أطباق طازجة تحتوي على ألوان عديدة. يزداد حب الناس للطعام البيروفي، وهذا أمر رائع.
وأضافت أن هناك الكثير من المكونات التي دخلت في إعداد أصناف الطعام البيروفي على مدى أجيال، لكنها مستخدمة بالأساس في الطهي بالمنزل. ويعود ذلك بشكل كبير إلى الفوائد الصحية الكبيرة التي تحتوي عليها تلك المكونات، مع تصادف تزايد الاهتمام بالصحة والسلامة. حبوب «الكينوا» من الأمثلة على ذلك، فقد ازداد حجم استيراد أوروبا لها بمقدار ثلاثة أمثال منذ عام 2012، وهو ما يوضح أثر المطبخ البيروفي على مستوى العالم. من الأمثلة الأخرى على ذلك نبات القطيفة وعشبة الماكا، فكل هذه الأشياء تقدم الجديد للسوق، سواء كان من حيث النكهة أو الملمس أو الغرابة. وكان هدف المطعم هو تقديم مكونات وأطباق جديدة لم يرها أحد في العاصمة من قبل. يتم النظر إلى المطعم بوصفه تطوراً لمطعم «ليما فيتزروفيا» الحاصل على نجوم «ميشلان» أكثر مما يُنظر إليه باعتباره تقليداً وامتداداً له. وتقول رويغ: «بصفتي كبيرة الطهاة ركزت على النكهات التقليدية على قائمة طعام تحثّ على اتباع نمط تناول طعام غير رسمي يتسم بالاسترخاء». تم إعداد الأطباق للعملاء بحيث يتشاركونها ويستمتعون بها معاً. يمكن لرواد المطعم طلب عدة أطباق صغيرة متوفرة لتجربة النكهات المختلفة والملمس المختلف لكل صنف يقدمه المطبخ البيروفي. كذلك أعاد المطعم مؤخراً تدشين مشربه وهو «لوست ألباكا». يقدم المشرب مجموعة متنوعة من مشروبات الكوكتيل التي تستعرض نكهات أميركا اللاتينية من خلال مشروبات كحولية خاصة تمثل الدول المختلفة بالقارة.
الطعام البيروفي التقليدي يمثل جوهر تجربة المطعم، حيث يتم استخدام الكثير من المكونات البيروفية قدر الإمكان. في ظل الفئات المتنوعة من الناس في لندن نريد بطبيعة الحال ضمان احتواء قائمة الطعام على أطباق تلقى قبول وإقبال عدد أكبر من العملاء، لذا نستعين ببعض اللمسات الآسيوية في أطباقنا مثل أرز «النيكي» والقنبيط الصيني. إضافة إلى أطباق «السيفيتشي»، هناك إقبال شديد على أطباق «التيراديتو» (السمك النيئ) شهيرة للغاية، خصوصاً النسخة التي تحتوي على البط والسلمون. كذلك يعد الطبق المكون من لحم الخنزير، الذي يتم طهيه على نار هادئة مع هريس الكرفس والمنهوت المقرمش، طبقاً مميزاً في المطعم.
ويتخصص المطعم في تقديم «السيفيتشي» ومجموعة متنوعة تتكون من سمك الدنيس، والتونة، والسلمون الساخن، والكرفس اللفتي، لذا يوجد ما يناسب الجميع. و«تراديتو» البط مع لبن النمور، والقنبيط مع مايوانيز الروكوتو والقريدس الكبير مع كعكة الذرة والفلفل الأحمر وحلوى «الفاجور» وآيس كريم «دولتشي دي ليتشي» المعدّ من خلال تسخينه ببطء.
- تم استقبال المطعم بفرعه في دبي بحفاوة وبشكل رائع حتى هذه اللحظة. وتقول الطاهية إن دبي تتسم بالانفتاح فيما يتعلق بتجربة تناول الطعام خارج المنزل، حيث يرغب الناس دوماً في تجربة مطابخ جديدة. ولدى الناس في دبي أيضاً قدرة كبيرة على التمييز بين ما يتم تقديمه لهم، لذا من المهم جداً تقديم منتجات ذات جودة عالية. ونحن نبذل جهداً كبيراً لتقديم أفضل المكونات. أعتقد أن ما يضيفه المطعم من تجربة جديدة إلى المشهد في الشرق الأوسط هو ما جعل «ليما دبي» يحقق نجاحاً كبيراً.


مقالات ذات صلة

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)
مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.