«حزب الله» يصرّ على توزير حزبيين من أعضائه رغم الضغوط الأميركية

الحريري يعلن قرب تشكيل الحكومة ويتعهد بحلحلة «عقبة صغيرة»

الرئيسان نبيه بري وسعد الحريري خلال اجتماعهما أمس (رئاسة مجلس النواب)
الرئيسان نبيه بري وسعد الحريري خلال اجتماعهما أمس (رئاسة مجلس النواب)
TT

«حزب الله» يصرّ على توزير حزبيين من أعضائه رغم الضغوط الأميركية

الرئيسان نبيه بري وسعد الحريري خلال اجتماعهما أمس (رئاسة مجلس النواب)
الرئيسان نبيه بري وسعد الحريري خلال اجتماعهما أمس (رئاسة مجلس النواب)

تفككت معظم العقد التي كانت تحول دون إعلان تشكيل الحكومة، وبقيت «عقبة صغيرة» سيعالجها الرئيس المكلف سعد الحريري بعد عودته من الأردن، قبل أن يعرض التشكيلة كاملة على الرئيس ميشال عون، في وقت تحدثت فيه مصادر لبنانية واسعة الاطلاع عن أن «حزب الله» سيكون له ثلاثة وزراء من أعضاء الحزب، رغم الضغوط الأميركية ضد تولي أعضاء منه حقائب وزارية، وتحديداً وزارة الصحة التي يتمسك بها الحزب.
وأعلن الحريري بعد لقائه الرئيس نبيه بري في عين التينة أمس، أن «تشكيل الحكومة خلال الأيام المقبلة»، كاشفاً أن عقبة صغيرة متبقية أمام هذا التشكيل «وستحل فور عودتي من الأردن»، حيث غادر أمس، ويتوقع أن يعود مساء اليوم. وقال: «الجميع ضحى لمصلحة البلد، وما يهمنا تشكيل حكومة وحدة وطنية». وتعهد الحريري بمتابعة الجهود في بداية الأسبوع المقبل، متمنياً «بث جو إيجابي».
وكان الحريري كثف مشاوراته أول من أمس، حيث التقى وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي، بعد لقاءاته مع وزير المال علي حسن خليل، ووزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال يوسف فنيانوس، والنائب وائل أبو فاعور.
وتوج الحريري مشاوراته الحكومية بلقاء بري أمس، حيث أتت زيارة الحريري في إطار إعادة توزيع بعض الحقائب التي قد يكون بري معنياً بها. وتحدثت أوساط متابعة لـ«الشرق الأوسط» عن تبديل بين القوى السياسية في الحقائب غير الوازنة التي كانت مطروحة في السابق وتداولها الإعلام. وأشارت الأوساط إلى أن العقبة الصغيرة المستمرة تمثلت في مطلب توزير وزير عن السنّة المستقلين المعروفين باسم «سنة 8 آذار»، وهو مطلب يرفضه «تيار المستقبل».
ومن غير الكشف عن التفاصيل، ظهر أن «القوات» أبدت مرونة إضافية، إذ اعتبر وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم الرياشي أنّ «الحكومة على وشك أن تتشكل والقوات اللبنانية لا تغويها مناصب ولا حقائب فهي أينما تكن وكيفما تكن تشبه نفسها، وهي موجودة لتحقق 3 أهداف أساسية في مشاركتها أو معارضتها أو في أي موقف تتخذه».
وأشار الرياشي إلى أنّه «إذا كانت الحكومة الجديدة كما يجب أو في الحد الأدنى كما يجب وساعد شكلها التشكيلي القوات لترغب في المشاركة، سنقدم لكم وزراء يعملون على حماية الإنجازات وتمثيل القوات واللبنانيين، كل اللبنانيين، خير تمثيل».
وتمسك معظم الفرقاء بمطالبهم بالحقائب الوازنة خلال الأسبوعين الأخيرين من مشاورات تأليف الحكومة، حيث تمسك «التيار الوطني الحر» بحقيبة «الطاقة»، كما تمسك رئيس الجمهورية بحقيبة «العدل»، فيما تمسك «المستقبل» بحقيبة «الاتصالات»، و«التقدمي الاشتراكي» بحقيبة «التربية»، و«المردة» بحقيبة الأشغال، كما تمسك «حزب الله» بحقيبة «الصحة» وأبلغ المعنيين أنه لن يتخلى عنها.
ورغم الاعتراضات الأميركية على تولي حزبيين من «حزب الله» مواقع حكومية بارزة مثل الصحة، قالت مصادر متابعة لمشاورات تشكيل الحكومة لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب «سمّى 3 وزراء للحكومة المقبلة من كوادره الحزبية»، مشيرة إلى أنه «بعد الأنباء عن ضغوط أميركية، ازداد إصرار الحزب الذي سمّى عضواً عاملاً في الحزب ليتولى حقيبة «الصحة». وقالت المصادر إن الوزيرين الآخرين من حصته «هما أيضاً من أعضاء الحزب».
ولفتت المصادر إلى «قرار اتخذه الحزب قبل تقديم الترشيحات للانتخابات النيابية الأخيرة بأن يكون ممثلوه في البرلمان والحكومة من كوادر الحزب، وبعضهم يتولى مسؤوليات فيه»، في إشارة إلى بعض النواب الذين يتولون مسؤوليات في الحزب.
وكان الحريري أعلن مطلع الشهر الحالي في حوار تلفزيوني أنه لا يمانع تولي «حزب الله» وزارة الصحة، لكنه لفت إلى إمكانية توقف المساعدات لأي وزارة يتولاها الحزب.
وبدا من المشاورات أمس أن الحكومة باتت على وشك الإعلان مطلع الأسبوع المقبل. وفيما أكدت بعض المعلومات أن «جو لقاء الحريري ووزير الإعلام أمس لم يكن سيئاً»، نُقل عن مصادر «القوات» قولها: «إنها تنتظر بعض التفاصيل التي ما زالت بحاجة إلى البحث». أما أوساط «التيار الوطني الحر» فقالت: «نعم هناك حكومة، ونحن نساعد بكل ما أمكن، ونعمل لحكومة وحدة وطنية»، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء «المركزية».
وبُثّت جرعات التفاؤل بقرب ولادة الحكومة، حيث أعلن رئيس حزب «الطاشناق» النائب هاغوب بقرادونيان، أن «الأجواء إيجابية فيما خص الحكومة، وأنها ستولد بين اليوم والغد إلا إذا جرت معوقات»، في وقت عبّر فيه النائب محمد خواجة عن تفاؤله بقرب ولادة الحكومة إذا لم يطرأ أي جديد في سياق التشكيل، فالوضع الاقتصادي اللبناني لم يعد يحتمل التأجيل.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».