بوريطة: المغرب لا يمكن أن يكون دركياً لأي جهة

نوه بمبادرة شبكة الصحافيات الأفريقيات لتغيير صورة الهجرة الأفريقية في الإعلام

TT

بوريطة: المغرب لا يمكن أن يكون دركياً لأي جهة

قال ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي، إن الهجرة لا تشكل قضية أمنية بقدر ما هي قضية مرتبطة بسلامة الأشخاص.
وذكر بوريطة، الذي كان يتحدث في افتتاح الدورة الثانية لمنتدى الصحافيات الأفريقيات (بان أفريكانز) أول من أمس بالدار البيضاء، أن بعض «الأفكار الخاطئة» المرتبطة بالهجرة يمكن أن تكتسي نوعاً من الخطورة، لافتاً إلى أن التعاون بين أفريقيا وأوروبا بشأن الهجرة لا يمكن أن يقتصر على البعد الأمني وحده، خصوصاً مع وجود أخطار لها صلة بمراقبة الحدود، وأوضح أن «المغرب لم يكن في الماضي ولا الحاضر، ولا يمكن أن يكون في المستقبل دركياً لأي جهة».
وحسب بوريطة، فإن المغرب، بعيداً عن «الحلول السهلة» المقترحة بشأن الهجرة، طرح مقاربة ذات بعد إنساني وتضامني، باعتماده منذ سنة 2014 سياسة رائدة على مستوى المنطقة تتعلق بالهجرة واللجوء. واعتبر أن سياسة الهجرة هذه، التي تضمن الاندماج المستدام للمهاجرين، تغطي في الوقت ذاته مجالات التربية والصحة والشغل، مع إيلاء أهمية خاصة للمرأة المهاجرة.
وتحدث بوريطة عن الدور المركزي الذي لعبه المغرب في إعداد الأجندة الأفريقية للهجرة، وإنشاء المرصد الأفريقي للهجرة باقتراح من العاهل المغربي، الذي يتخذ مقراً له في الرباط. كما أشار إلى المحطة «التاريخية» التي سيشكلها انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة حول الميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة، الذي سينعقد في مراكش يومي 10 و11 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مشيراً إلى أن هدف المؤتمر لن يكون التفاوض والمصادقة على الميثاق، وإنما وضع اللبنات الأولى لتطبيقه.
وبارتباط مع موضوع مؤتمر شبكة الصحافيات الأفريقيات المنعقد في الدار البيضاء، تحدث بوريطة عن الصورة النمطية السلبية للقارة الأفريقية في الإعلام الدولي، خصوصاً الأوروبي، التي تكون في الغالب محملة بالآيديولوجيات والأحكام المسبقة، ومع ذلك يتم استهلاكها في أفريقيا، من قبل الأفارقة أنفسهم. وقال في هذا الصدد: «ما دام أن القارة الأفريقية لا تتحدث عن نفسها ولا تكتب قصتها بنفسها، فستكون لدينا صورة محرفة عن هذه القارة».
ونوه بوريطة بفكرة إنشاء الشبكة الأفريقية للصحافيات، مشدداً على أهمية الموضوع الذي اختارته لدورتها الثانية في الدار البيضاء ودعمه له.
تجدر الإشارة إلى أن أشغال الدورة الثانية لمنتدى الصحافيات الأفريقيات تنظم على مدى يومين في الدار البيضاء، بمبادرة من راديو «دوزيم»، وبدعم من لجنة المناصفة والتنوع التابعة للقناة التلفزيونية الثانية، وتشارك فيها 200 صحافية أفريقية، يمثلن 50 محطة إذاعية، و16 وكالة أنباء، و35 قناة تلفزيونية، و70 وسيلة إعلام مكتوبة، و24 وسيلة إعلام رقمية من 54 بلداً أفريقياً. واختار المنتدى أن تتمحور أشغال دورته الثانية حول قضية الهجرة. وقالت فتحية العوني، مديرة إذاعة راديو «دوزيم» المغربي ورئيسة المنتدى، إن المشاركات سيشتغلن خلال هذه الدورة في إطار 7 ورش مغلقة يتم خلالها الاتفاق على مجموعة من المبادرات العملية التي ستشكل برنامج عمل المنتدى خلال العام الحالي، التي تهدف بالأساس إلى معالجة صورة الهجرة الأفريقية في الإعلام.
من جانبه، تحدث سليم الشيخ، مدير عام القناة الثانية المغربية (دوزيم)، عن المراحل التي قطعها مشروع إنشاء الشبكة الأفريقية للصحافيات، وكيف انتقلت في ظرف عام من 100 صحافية إلى 200 يمثلن سائر الدول الأفريقية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.