مسؤول عسكري مصري: تهريب السلاح من ليبيا تقف وراءه دول

مخلفات وآثار المعتدين في الهجوم «الإرهابي» على نقطة الفرافرة بمصر (صفحة المتحدث العسكري المصري)
مخلفات وآثار المعتدين في الهجوم «الإرهابي» على نقطة الفرافرة بمصر (صفحة المتحدث العسكري المصري)
TT

مسؤول عسكري مصري: تهريب السلاح من ليبيا تقف وراءه دول

مخلفات وآثار المعتدين في الهجوم «الإرهابي» على نقطة الفرافرة بمصر (صفحة المتحدث العسكري المصري)
مخلفات وآثار المعتدين في الهجوم «الإرهابي» على نقطة الفرافرة بمصر (صفحة المتحدث العسكري المصري)

قال مسؤول عسكري مصري لـ«الشرق الأوسط» أمس إن تهريب السلاح من ليبيا «مفزع» وتقف وراءه دول، وأضاف أن سيارات دفع رباعي يقودها شبان صغار تخترق الدروب الصحراوية على جانبي الحدود المصرية - الليبية، وتنقل أسلحة وذخيرة ومخدرات، وإن ما ضبطته قوات حرس الحدود خلال الشهرين الماضيين فقط بلغ ملايين الدولارات.
وقلل المسؤول العسكري، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لأنه غير مخول التحدث للإعلام، من أهمية البيان الذي أصدره أمس تنظيم ما يعرف بـ«الدولة الإسلامية (داعش)» بشأن مسؤوليته عن قتل 22 من الجنود المصريين في نقطة أمنية بمنطقة الفرافرة قرب الحدود مع ليبيا، يوم السبت الماضي، لكنه أكد في الوقت نفسه صعوبة تأمين الحدود من الجانب المصري فقط.
من جانبه، قال المتحدث العسكري المصري، العميد محمد سمير، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أمس إن هجوم الفرافرة «تم بواسطة مجموعة إرهابية تتكون من 20 فردا يستقلون أربع سيارات دفع رباعي، إحداها تحمل براميل بها مواد شديدة الانفجار ومسلحين بأسلحة متطورة (بنادق قناصة - رشاشات كلاشنيكوف - بنادق آلية) وقذائف «RBJ» وقنابل يدوية».
وأضاف أن الجنود قاموا بـ«التعامل الفوري مع تلك العناصر عند اقترابها من النقطة من عدة جهات مما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من تلك العناصر وحال دون قيامهم باقتحام النقطة»، وتابع أن «العناصر الإرهابية استمرت في محاولة اقتحام النقطة وفشلوا في ذلك، حيث قاموا بإطلاق عدة قذائف «RBJ» أصابت إحداها أسطوانة غاز موجودة بالنقطة مما أدى إلى انفجارها واشتعال النيران بمخزن الذخيرة والنقطة، الأمر الذي أسفر عن استشهاد العدد الأكبر من قوة النقطة مع استمرار تمسك باقي العناصر بمواقعهم لمنع اقتحامها».
ومضى المتحدث قائلا إنه «بوصول عناصر الدعم للنقطة والتعامل مع الإرهابيين لاذوا بالفرار بالمناطق الجبلية بواسطة عدد سيارتين، تاركين بعض الأسلحة والمعدات والأجهزة خاصتهم وعدد سيارتين أخريين وجثمان أحد الإرهابيين»، وإنه «جاري استكمال باقي التحقيقات وفحص المضبوطات التي تمكننا من تحديد العناصر الإرهابية المتورطة في ارتكاب هذا الحادث الإجرامي لتقديمهم للعدالة».
وهذا ثاني حادث «إرهابي» خلال نحو شهرين بحق قوات الجيش قرب الحدود مع ليبيا التي تشهد فوضى أمنية منذ الإطاحة بالعقيد الراحل معمر القذافي. وتشكو دول الجوار الليبي من مشكلة عدم قدرة حكام طرابلس الجدد على بسط سلطان الدولة على الحدود، خاصة مع مصر ومناطق الجنوب الليبي. وتحدثت مصادر أمنية ليبية لـ«الشرق الأوسط» عن أن ما لا يقل عن 1500 من المقاتلين، معظمهم أجانب، بدأوا يتمركزون منذ نحو ثلاثة أشهر على الجانب الليبي من الحدود مع مصر. كما نقلت تقارير محلية عن مصادر أمنية أمس أن منفذي الهجوم على الجنود المصريين إرهابيون آتون من اليمن ودخلوا عبر الأراضي الليبية، لكن المسؤول العسكري المصري الذي رفض ذكر اسمه، علق قائلا: «لا أعرف من هو مصدر هذا الخبر، سواء في ما يتعلق بعدد من جرى القبض عليهم أو جنسياتهم، وليس لدينا أي معلومات بهذا الشأن».
وأضاف موضحا أنه «بالنسبة للقوات المسلحة هذا الخبر لا أساس له من الصحة إطلاقا»، وأكد أن قوات الجيش تقوم بتشديد الإجراءات لضبط الحدود مع ليبيا، «لكن المشكلة تكمن في طول هذه الحدود التي تبلغ 1050 كيلومترا، ومن الصعب أن نقوم بتأمينها من جانب واحد.. المشكلة أن الجانب الليبي لا يؤمن الجانب الآخر، وهذا يتطلب منا أن نقوم بالجهد المضاعف من أجل أن تؤمن هذه المساحة الرهيبة وهي تحتاج إلى جهد كبير جدا من خلال عدد قوات كبير جدا وتكلفة عالية جدا، لكن حرس الحدود يبذلون جهدا فوق طاقة البشر من أجل تغطية الحدود».
وتابع المسؤول المصري قائلا إن «الواقع على الأرض هو أن ضبط الحدود من جانبنا فقط، ولا توجد دولة في الدنيا تؤمن حدودها من جانبها دون جهد مشترك مع الطرف الآخر لكي يجعل الثغرات تصل لمرحلة التلاشي أو الحد الأدنى منها.. الأسلحة في ليبيا في يد العديد من التنظيمات». وأضاف: «لو تابعت ضبطيات حرس الحدود ستجد الرقم خرافيا، وكمية السلاح والذخيرة والمخدرات غير مسبوقة في التاريخ، ولو حولتها لأموال فهي تفوق طاقة الأفراد بكثير.. وتقف وراءها دول، ولا يمكن أن يكون أفراد معهم هذا الكم من الأموال، سواء من حيث النوعية أو الكمية، ونحن نقوم بالجهد هناك من أجل أن نؤمن بلدنا ضد كل هذه الأخطار ونعرف ما يحاك لنا، ونتصدى له».
وعما إذا كان يستطيع أن يعطي رقما تقريبيا لقيمة المضبوطات، اكتفى بالقول إنها «شيء مرعب ومفزع.. فوق ما يمكن أن يتصوره بشر، سواء أسلحة أو ذخيرة أو مخدرات، تقدر قيمتها بملايين الدولارات.. قيمة كل سيارة من سيارات الدفع الرباعي تبلغ على الأقل نحو نصف مليون جنيه. هذا الكم الخرافي من سيارات الدفع الرباعي التي تخترق الدروب الصحراوية ويقودها صبية (شبان صغار).. مثل هذه العمليات تقف وراءها دول وليس أفرادا».
وفيما يتعلق بمعلومات تتحدث عن وجود نحو 1500 من المقاتلين الأجانب المناصرين للمتشددين الإسلاميين في منطقتي العوينات والكفرة في ليبيا قرب الحدود مع مصر، وعما إذا كان هؤلاء المقاتلون يشكلون قلقا لمصر، قال: «من يقترب من حدود مصر فسيرى». وسخر مما يروج عن خطة «داعش» لغزو مصر من الغرب أو الجنوب. وأضاف: «هذا تزييف لوعي الناس.. من يدخل فسنفرمه، وليجربوا».
وعما إذا كان هذا يعني أن منفذي عملية الفرافرة لم يأتوا من ليبيا، قال إنه من الصعب قول ذلك لأن الحدود شاسعة وصعبة، وأضاف أن «الولايات المتحدة نفسها لا يمكنها ضبط حدودها مع المكسيك بشكل كامل حتى الآن، رغم وجود جهد مشترك بين الجانبين، ورغم تفوقها التكنولوجي الكاسح». وقال: «بالتالي لا أستطيع أن أجزم بأن منفذي العملية دخلوا من ليبيا. دعنا ننتظر نتائج التحقيقات. وقد تبين نتائج التحقيقات أنهم دخلوا من ثغرة معينة. كما لم يتبين بعد ما إذا كانوا إرهابيين أم مهربين، وما يذاع هو إشاعات وتخمين».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.