الكشف عن طرد دبلوماسي إيراني من باريس

العلاقات الفرنسية ـ الإيرانية مأزومة

TT

الكشف عن طرد دبلوماسي إيراني من باريس

في 2 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أصدر 3 من الوزراء الفرنسيين بياناً مشتركاً رداً على محاولة الاعتداء الإرهابية على اجتماع للمعارضة الإيرانية في ضاحية فيلبانت (شمال باريس) نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي، التي أجهضت بفضل التعاون الاستخباراتي بين فرنسا وبلجيكا وألمانيا. وجاء في البيان الثلاثي أن محاولة الاعتداء «تتسم بطابع بالغ الخطورة ولا يمكن أن تبقى دون رد». ووجه البيان أصابع الاتهام إلى «إدارة الأمن الداخلي» في وزارة الاستخبارات الإيرانية التي حمّلها مسؤولية المحاولة. وجاء أول الردود عن طريق اتخاذ وزارتي الداخلية والاقتصاد قراراً بتجميد الأموال العائدة للوزارة المذكورة ولشخصين إيرانيين؛ هما: أسد الله أسدي؛ الدبلوماسي الإيراني في فيينا الذي ألقي القبض عليه في ألمانيا، وسعيد هاشمي مقدم؛ وهو أحد مسؤولي جهاز المخابرات الإيرانية.
وفي السياق عينه، أعلن وزير الخارجية جان إيف لو دريان أن الاعتداء الذي أجهض «يؤكد الحاجة لنهج أكثر تشدداً في علاقاتنا مع إيران» التي درج على وصف سياستها الشرق أوسطية بأنها «مزعزعة للاستقرار». وبالمقابل، فإن زميله وزير الاقتصاد، شدد من جانبه على أهمية العمل على تجفيف منابع تمويل الإرهاب والعمل لذلك على المستويين الوطني والدولي.
وبالتوازي، داهمت قوى الأمن الفرنسية، في اليوم عينه، «مركز الزهراء» الديني الشيعي، شمال فرنسا، في إطار عملية وصفت بأنها لـ«التصدي للإرهاب». وطالت المداهمة مقر المركز ومنازل أبرز مسؤوليه، فيما أوقف 11 شخصا وأبقي 3 منهم رهن التحقيق. ثمة إشارة بالغة الدلالة؛ وهي أن البيان بالغ القوة جاء بعد لقاء بين الرئيس إيمانويل ماكرون ونظيره الإيراني حسن روحاني في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وخيبة الأول أن روحاني، وفق ما سبق أن قالته مصادر دبلوماسية فرنسية لـ«الشرق الأوسط»، لم يف بوعده الخاص بتوفير «العناصر الموضوعية» حول محاولة الاعتداء والتي من شأنها، كما يؤكد الجانب الإيراني، أن «تسهل بقاء العلاقات الفرنسية - الإيرانية على حالها».
حقيقة الأمر أن الرد الفرنسي لم يكن فقط عن طريق تجميد أموال الشخصين المذكورين وجهاز المخابرات؛ ذلك أن فرنسا، بحسب معلومات كشف النقاب عنها أمس في باريس، عمدت إلى طرد دبلوماسي إيراني دون الإعلان عن ذلك، ربما لتلافي توتير العلاقات مع طهران في الوقت الذي تجهد فيه لدفع طهران للبقاء داخل الاتفاق النووي المبرم في عام 2015. وخلال الصيف المنتهي، برزت عدة مؤشرات على تفاقم العلاقات بين الطرفين؛ أبرزها مذكرة من وزارة الخارجية الفرنسية تدعو الدبلوماسيين والرسميين إلى الامتناع، إلا عند الضرورة، عن السفر إلى إيران، كذلك فإن منصب السفير الفرنسي في طهران ما زال شاغرا؛ الأمر الذي يعد أيضا تعبيرا عن «نقمة» فرنسية على الجانب الإيراني. وفي المقابل، فإن إيران تأخذ على باريس «بطء» شرطتها في الاستجابة لنداءات سفارتها في العاصمة الفرنسية، نهاية أغسطس (آب) الماضي التي «هاجمتها» مجموعة من الأكراد احتجاجا على إعدام عدة أكراد إيرانيين. وعمد «المهاجمون» إلى رشق مبنى السفارة بالحجارة وبما توفر، ما أدى إلى تحطم بعض الزجاج، وكتابة شعارات على السور الخارجي. ومنذ سنوات، تشكو إيران من تمكن «مجاهدين خلق» من ممارسة نشاطهم على الأراضي الفرنسية وتطالب دوريا بمنعهم من ذلك.
اللافت أمس أنه لم ترد أي جهة رسمية فرنسية على استفسارات وكالات الأنباء الفرنسية والدولية والوسائل الإعلامية الأخرى؛ ومنها «الشرق الأوسط». كذلك، فإن المؤتمر الصحافي الإلكتروني الرئيسي الذي يعقد يوم الجمعة لم يأتِ على ذكر الحادثة. وبحسب وكالة «رويترز»، فإن عملية الطرد تمت «قبل نحو الشهر» أي بالتزامن مع صدور البيان الوزاري الثلاثي.
من جانبها، فإن طهران لم تكشف مطلقا عن طرد أحد دبلوماسييها الذي قال عنه مصدران دبلوماسيان فرنسيان للوكالة المذكورة إنه، في الواقع، رجل مخابرات تحت غطاء دبلوماسي.
وتفيد معلومات مؤكدة بأن التعاون الاستخباراتي الفرنسي - الألماني هو ما مكن باريس وبرلين وبروكسل من إجهاض محاولة الاعتداء؛ حيث ألقي القبض في فرنسا على 3 أشخاص أخلي سبيل اثنين منهم سريعا، فيما الثالث الذي فتح بحقه تحقيق قضائي تم تسليمه إلى القضاء البلجيكي أواسط يوليو (تموز) الماضي. كذلك فإن أسد الله أسدي، الدبلوماسي في فيينا، تحوم حوله ظنون بأنه مدبر العملية والشخص الذي سلم العبوة المتفجرة إلى زوجين إيرانيين يقيمان في بروكسل كانا على ما يبدو مكلفين بالعملية وقبض عليهما في بلجيكا والعبوة بحوزتهما. ومؤخرا، صدر قرار ألماني يأمر بتسليم الدبلوماسي إلى بلجيكا لأنه لا يتمتع بالحصانة الدبلوماسية خارج البلد المعتمد لديه.



ماكرون يدعو ترمب وزيلينسكي إلى «الهدوء والاحترام»

TT

ماكرون يدعو ترمب وزيلينسكي إلى «الهدوء والاحترام»

اجتماع سابق بين ماكرون وترمب وزيلينسكي في باريس (أ.ف.ب)
اجتماع سابق بين ماكرون وترمب وزيلينسكي في باريس (أ.ف.ب)

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيرَيْه الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى «الهدوء والاحترام»، عقب المشادة الكلامية في البيت الأبيض التي أثارت مخاوف من انسحاب الولايات المتحدة من الملف الأوكراني وحدوث قطيعة مع حلفائها الأوروبيين.

وقال الرئيس الفرنسي لصحيفة «لا تريبون ديمانش» الأسبوعية، وعدة صحف أخرى تصدر الأحد: «أرى أنه بغض النظر عن الغضب، فإن الجميع بحاجة إلى العودة للهدوء والاحترام والتقدير، حتى نتمكّن من المضي قدماً بشكل ملموس؛ لأن ما هو على المحك مهم للغاية».

وذكر قصر الإليزيه أن ماكرون تحدّث منذ مساء الجمعة مع الرئيسَيْن الأوكراني والأميركي، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وحذّر ماكرون من أنه إذا لم يتمّ إيقاف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فإنه «سيذهب بالتأكيد إلى مولدافيا، وربما أبعد من ذلك إلى رومانيا».

وقال ماكرون إن انسحاباً محتملاً للولايات المتحدة من الملف الأوكراني «ليس في مصلحة» واشنطن؛ لأن «ما تفعله الولايات المتحدة منذ ثلاث سنوات يتوافق تماماً مع تقاليدها الدبلوماسية والعسكرية».

وأضاف أنه إذا وافقت واشنطن على «توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار من دون أي ضمانات أمنية لأوكرانيا» فإن «قدرتها على الردع الجيواستراتيجي في مواجهة روسيا والصين وغيرهما سيتلاشى في اليوم نفسه».